سيناريوهات الحرب المحتملة في مقبل الأيام

بكري الجاك

السيناريو الأول هو توسع دائرة الحرب ووصولها إلى كل شبر وتحولها إلى حرب أهلية شاملة على أساس العرق والاثنية وربما دخول اطراف اقليمية ودولية فبها بشكل مباشر. العوامل الدافعة والمعززة لهذا السيناريو هي:-

1) رفض قيادة الجيش والمؤتمر الوطنى والاسلاميين إلى كافة أشكال الوساطة كما حدث فى جدة واخيرا رفض مبادرة الايقاد وبحجج تكاد تكون أشبه بالجنون على شاكلة “نرفض حضور قمة يوغندا الا بعد تنفيذ مخرجات قمة جيبوتي” حسب ما جاء فى بيان خارجية المؤتمر الوطنى وهى نفس قمة جيبوتى التى رفضوا مخرجاتها فى بيان سابق، الم اقل ان هذا التبرير اقرب إلى الجنون منه إلى العبث.

2) عدم استجابة قيادة القوات المسلحة إلى دعوة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) للحوار مباشرة مع تقدم أو الجلوس مباشرة مع قيادة الدعم السريع التى وافقت على وقف غير مشروط للعدائيات.

3) توجه البرهان إلى إيران فى محاولة للحصول على دعم عسكري ومحاولة تشكيل حلف من تركيا وإيران ومصر وربما قطر (التى يزعم انها تدعم الجيش ماليا بدفع المرتبات) لدعم موقف الجيش، بخلاف ان هذا الحلف من الصعب تشكله واستدامته فى ظل التعقيدات والتشابكات الدولية الا أن نتيجته المحتملة هى جر البلاد الى مواجهة مع الغرب وتحويلها إلى قبلة للداعشيين والمتطرفين من الاسلاميين من كل حدب وصوب ومحاولة تصوير الحرب من انها حرب حول السلطة والموارد بين بقايا نظام البشير إلى حرب لها بعد استراتيجي للمنطقة.

النتيجة المنطقية لهذا السيناريو هى جر البلاد الى مواجهة شاملة واقتتال وربما تدخلات دولية وما حدث فى رواندا ليس ببعيد فقد قتل ما يفوق المليون شخص فى غضون تسعة ايام. وبهذا السيناريو ستتحول حياة السودانيين إلى جحيم أينما كانوا و قد تعجز اي جهة حتى من اصدار أوراق ثبوتية وجوازات وقد تضطر دول الجوار إلى تشكيل اجهزة لإدارة شؤون السودانيين، وقد يتجاهل العالم السودان ويتركه فى جحيم الحرب والانتهاكات لسنوات إلى حين حدوث تغيير فى المعادلة الإقليمية والدولية لشحذ الارادة الدولية والإقليمية لاتخاذ تدابير جادة وصارمة لإنهاء العنف.

السيناريو الثانى هو الجلوس للتفاوض وهذا رهين بحدوث تغيير فى قيادة القوات المسلحة والمؤتمر الوطنى والاسلاميين، وهذا يتطلب مفاصلة ربما دموية يتم فيها تحميل البعض مسؤولية الدمار والفشل وخسارة الحرب، وقد تسعى القيادة الجديدة للوصول إلى تفاهمات مع الدعم السريع اولا لاقتسام ما تبقي من السلطة وغنائم الدولة، وقد يستغرب البعض من أن خطاب الإساءة بين الطرفين قد وصل مرحلة اللاعودة لمثل هذه المحاولة، ولكن ليس بمستبعد على من دمر البلاد بكاملها من أجل البقاء فى السلطة من السعى إلى اقتسام ما تبقي منها.

على مستوى الواقع المعاش الدعاية الاعلامية والبروباغاندا لا تجدي بالنسبة للاسلاميين ورهطهم فسردية الكرامة فشلت ودعوة الاستنفار فشلت، وبرغم ان انتهاكات الدعم السريع الواسعة ستبرر حجج “المقاومة الشعبية” الا اننى لا اعتقد ان الامور ستمضي كما يحلم بعض الحالمين من أن تنهض مقاومة شعبية عارمة تهزم الدعم السريع وتنهى سيطرة الجيش على الحياة السياسية، فالحشد العرقي والاثني نهايته اقتتال إثني وعرقى وليس تخلق مشروع ثوري نهضوي تقدمى كما يتخيل البعض، وهذا مبعث رفضنا لفكرة تسليح المدنيين من حيث المبدأ والمنهج.

ما العمل اذن إزاء هذه السينايوهات وتفاصيلها؟ اعتقد بكل تواضع ان على القوى المدنية الرافضة للحرب الاستمرار في عمل ثلاثة اشياء:

أولا رفض الحرب وسردياتها وعدم اكساب اي منها مشروعية وفى ظني هذا هو الموقف الصحيح ويمكن العمل مع الطرق الصوفية والادارات الأهلية والمكونات الاجتماعية وحثها على رفض الانخراط فى هذه المحارق، كما يجب الضغط على قوات الدعم السريع بالابتعاد عن المدن والقرى والتوقف عن دخول مناطق ليس بها جيش.

ثانيا، التواصل مع قيادة القوات المسلحة وقيادة الدعم السريع بشكل مستمر و حثهما (بلا ملل) انه مازالت هنالك فرص لإنهاء الام السودانيين بالجلوس و التفاوض وسماع صوت العقل حكمة أهلنا البسطاء فى كل انحاء البلاد.

ثالثا، الاستمرار فى التواصل مع دول الاقليم والدول المؤثرة فى الملف السودانى والمنظمات الإقليمية والدولية والمطالبة بالضغط الدبلوماسي على قيادة القوات المسلحة بالجلوس للتفاوض والعمل عاجلا لايجاد صيغة لحماية المدنيين بتشكيل مناطق آمنة قرب الحدود مع بعض دول الجوار وحمايتها بواسطة قوات من دول المنطقة الى حين الوصول إلى وقف كامل للعدائيات، فليس من المنطقي ان ينزح 35 مليون سودانى اذ ليس هنالك دولة تستطيع استقبالهم.

ختاما، هذه الحرب بدأت كصراع سياسي ولا يمكن ان تحسم بالسلاح والاجدى للجميع القبول بالادوات السياسية لانهائها، الدعاية الكاذبة وتشويه صورة المدنيين الرافضين للحرب لا تحدث تقدم ميدانى ولا تغير من الواقع العملياتى على الأرض وبدلا من المزايدة بادانة انتهاكات الدعم السريع، التى لا ينكرها طوب الارض، الاجدى التفكير فى إنهاء الشروط الموضوعية (الحرب وغياب سلطة القانون) التى تجعلها أمر يومى ومتكرر.

16 يناير 2024

الوسومالإسلاميين الاستنفار البروباغندا الجيش الحرب الدعم السريع السودان المؤتمر الوطني المقاومة الشعبية بكري الجاك

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الإسلاميين الاستنفار البروباغندا الجيش الحرب الدعم السريع السودان المؤتمر الوطني المقاومة الشعبية قیادة القوات المسلحة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

شاهد.. خلال بث مباشر تابعه المئات.. أحد أفراد الدعم السريع يتهم قادتهم بالخيانة وببكي بحرقة: (بالظهر المشتركة تطلع ميتينا وبالعصر الجيش وبالليل العمل الخاص نقعد وين ونعيش كيف؟)

اتهم أحد أفراد الدعم السريع, قادتهم بالخيانة بسبب التقدم الكبير للجيش في كل المحاور بعدد كبير من المدن.

وبحسب رصد ومتابعة محرر موقع النيلين, فقد ظهر فرد الدعم السريع, في بث مباشر متداول بصورة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

https://www.facebook.com/reel/632754159276751

“الدعامي” بنبرة حزينة وتعابير صوته تشير للبكاء, حيث قال في حديثه: (بالظهر المشتركة تطلع ميتينا وبالعصر الجيش يطلع ميتينا وبالليل العمل الخاص نقعد وين ونعيش كيف؟).

محمد عثمان _ الخرطوم

النيلين

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شهود عيان: الجيش السوداني شن هجوما على مواقع تابعة لميليشيا الدعم السريع
  • بعد تقارير عن موافقة الجيش.. السودان يرد على دعوة أممية بشأن مفاوضات مع الدعم السريع في جنيف
  • شاهد.. خلال بث مباشر تابعه المئات.. أحد أفراد الدعم السريع يتهم قادتهم بالخيانة وببكي بحرقة: (بالظهر المشتركة تطلع ميتينا وبالعصر الجيش وبالليل العمل الخاص نقعد وين ونعيش كيف؟)
  • سيناريوهات الخراب.. الجيوش العربية ضحية الفوضى.. إسرائيل تستغل سقوط النظام فى الإجهاز على القوات السورية.. الناتو يقضى على الجيش الليبى.. والغزو الأمريكى يحل الجيش العراقى
  • ترتيب أممي لمحادثات غير مباشرة بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في جنيف
  • مستشار لقائد الدعم السريع يرحب بالمبادرة التركية وفق شروط محددة
  • قوش وصبير وعثمان عمليات وكرشوم .. الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على أربع شخصيات من الجيش والدعم السريع
  • "كلهم اغتصبوني.. كانوا ستة"! شهادات مروعة عن جرائم قوات الدعم السريع في السودان
  • الجيش السوداني: ارتفاع ضحايا الهجوم على الفاشر وتدمير مركبات عسكرية للدعم السريع
  • تصعيد ميداني بين الجيش و الدعم السريع و تحشيد كبير حول الفاشر ومدني