سيناريوهات الحرب المحتملة في مقبل الأيام
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
سيناريوهات الحرب المحتملة في مقبل الأيام
بكري الجاك
السيناريو الأول هو توسع دائرة الحرب ووصولها إلى كل شبر وتحولها إلى حرب أهلية شاملة على أساس العرق والاثنية وربما دخول اطراف اقليمية ودولية فبها بشكل مباشر. العوامل الدافعة والمعززة لهذا السيناريو هي:-
1) رفض قيادة الجيش والمؤتمر الوطنى والاسلاميين إلى كافة أشكال الوساطة كما حدث فى جدة واخيرا رفض مبادرة الايقاد وبحجج تكاد تكون أشبه بالجنون على شاكلة “نرفض حضور قمة يوغندا الا بعد تنفيذ مخرجات قمة جيبوتي” حسب ما جاء فى بيان خارجية المؤتمر الوطنى وهى نفس قمة جيبوتى التى رفضوا مخرجاتها فى بيان سابق، الم اقل ان هذا التبرير اقرب إلى الجنون منه إلى العبث.
2) عدم استجابة قيادة القوات المسلحة إلى دعوة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) للحوار مباشرة مع تقدم أو الجلوس مباشرة مع قيادة الدعم السريع التى وافقت على وقف غير مشروط للعدائيات.
3) توجه البرهان إلى إيران فى محاولة للحصول على دعم عسكري ومحاولة تشكيل حلف من تركيا وإيران ومصر وربما قطر (التى يزعم انها تدعم الجيش ماليا بدفع المرتبات) لدعم موقف الجيش، بخلاف ان هذا الحلف من الصعب تشكله واستدامته فى ظل التعقيدات والتشابكات الدولية الا أن نتيجته المحتملة هى جر البلاد الى مواجهة مع الغرب وتحويلها إلى قبلة للداعشيين والمتطرفين من الاسلاميين من كل حدب وصوب ومحاولة تصوير الحرب من انها حرب حول السلطة والموارد بين بقايا نظام البشير إلى حرب لها بعد استراتيجي للمنطقة.
النتيجة المنطقية لهذا السيناريو هى جر البلاد الى مواجهة شاملة واقتتال وربما تدخلات دولية وما حدث فى رواندا ليس ببعيد فقد قتل ما يفوق المليون شخص فى غضون تسعة ايام. وبهذا السيناريو ستتحول حياة السودانيين إلى جحيم أينما كانوا و قد تعجز اي جهة حتى من اصدار أوراق ثبوتية وجوازات وقد تضطر دول الجوار إلى تشكيل اجهزة لإدارة شؤون السودانيين، وقد يتجاهل العالم السودان ويتركه فى جحيم الحرب والانتهاكات لسنوات إلى حين حدوث تغيير فى المعادلة الإقليمية والدولية لشحذ الارادة الدولية والإقليمية لاتخاذ تدابير جادة وصارمة لإنهاء العنف.
السيناريو الثانى هو الجلوس للتفاوض وهذا رهين بحدوث تغيير فى قيادة القوات المسلحة والمؤتمر الوطنى والاسلاميين، وهذا يتطلب مفاصلة ربما دموية يتم فيها تحميل البعض مسؤولية الدمار والفشل وخسارة الحرب، وقد تسعى القيادة الجديدة للوصول إلى تفاهمات مع الدعم السريع اولا لاقتسام ما تبقي من السلطة وغنائم الدولة، وقد يستغرب البعض من أن خطاب الإساءة بين الطرفين قد وصل مرحلة اللاعودة لمثل هذه المحاولة، ولكن ليس بمستبعد على من دمر البلاد بكاملها من أجل البقاء فى السلطة من السعى إلى اقتسام ما تبقي منها.
على مستوى الواقع المعاش الدعاية الاعلامية والبروباغاندا لا تجدي بالنسبة للاسلاميين ورهطهم فسردية الكرامة فشلت ودعوة الاستنفار فشلت، وبرغم ان انتهاكات الدعم السريع الواسعة ستبرر حجج “المقاومة الشعبية” الا اننى لا اعتقد ان الامور ستمضي كما يحلم بعض الحالمين من أن تنهض مقاومة شعبية عارمة تهزم الدعم السريع وتنهى سيطرة الجيش على الحياة السياسية، فالحشد العرقي والاثني نهايته اقتتال إثني وعرقى وليس تخلق مشروع ثوري نهضوي تقدمى كما يتخيل البعض، وهذا مبعث رفضنا لفكرة تسليح المدنيين من حيث المبدأ والمنهج.
ما العمل اذن إزاء هذه السينايوهات وتفاصيلها؟ اعتقد بكل تواضع ان على القوى المدنية الرافضة للحرب الاستمرار في عمل ثلاثة اشياء:
أولا رفض الحرب وسردياتها وعدم اكساب اي منها مشروعية وفى ظني هذا هو الموقف الصحيح ويمكن العمل مع الطرق الصوفية والادارات الأهلية والمكونات الاجتماعية وحثها على رفض الانخراط فى هذه المحارق، كما يجب الضغط على قوات الدعم السريع بالابتعاد عن المدن والقرى والتوقف عن دخول مناطق ليس بها جيش.
ثانيا، التواصل مع قيادة القوات المسلحة وقيادة الدعم السريع بشكل مستمر و حثهما (بلا ملل) انه مازالت هنالك فرص لإنهاء الام السودانيين بالجلوس و التفاوض وسماع صوت العقل حكمة أهلنا البسطاء فى كل انحاء البلاد.
ثالثا، الاستمرار فى التواصل مع دول الاقليم والدول المؤثرة فى الملف السودانى والمنظمات الإقليمية والدولية والمطالبة بالضغط الدبلوماسي على قيادة القوات المسلحة بالجلوس للتفاوض والعمل عاجلا لايجاد صيغة لحماية المدنيين بتشكيل مناطق آمنة قرب الحدود مع بعض دول الجوار وحمايتها بواسطة قوات من دول المنطقة الى حين الوصول إلى وقف كامل للعدائيات، فليس من المنطقي ان ينزح 35 مليون سودانى اذ ليس هنالك دولة تستطيع استقبالهم.
ختاما، هذه الحرب بدأت كصراع سياسي ولا يمكن ان تحسم بالسلاح والاجدى للجميع القبول بالادوات السياسية لانهائها، الدعاية الكاذبة وتشويه صورة المدنيين الرافضين للحرب لا تحدث تقدم ميدانى ولا تغير من الواقع العملياتى على الأرض وبدلا من المزايدة بادانة انتهاكات الدعم السريع، التى لا ينكرها طوب الارض، الاجدى التفكير فى إنهاء الشروط الموضوعية (الحرب وغياب سلطة القانون) التى تجعلها أمر يومى ومتكرر.
16 يناير 2024
الوسومالإسلاميين الاستنفار البروباغندا الجيش الحرب الدعم السريع السودان المؤتمر الوطني المقاومة الشعبية بكري الجاكالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإسلاميين الاستنفار البروباغندا الجيش الحرب الدعم السريع السودان المؤتمر الوطني المقاومة الشعبية قیادة القوات المسلحة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
سيناريوهات العلاقات الأمريكية الصينية فى الفترة المقبلة.. بكين تستطيع التمسك بحزم ضد تصاعد التعريفات الجمركية والتخفيضات فى الواردات الأمريكية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قبل ثمانى سنوات، عندما انتخب دونالد ترامب وعد بتطبيق صلاحيات المكتب البيضاوي لبدء حرب تجارية مع الصين، وكان ينظر إلى هدف غضبه على نطاق واسع على أنه عملاق.
كانت الصين أرضية المصنع التى لا غنى عنها للعالم وسوقا سريعة النمو للسلع والخدمات.
بينما يستعد ترامب الآن لمهمته الثانية فى البيت الأبيض، فإنه يتعهد بتكثيف الأعمال العدائية التجارية مع الصين من خلال فرض تعريفات إضافية بنسبة ٦٠٪ أو أكثر على جميع الواردات الصينية. إنه يضغط على بلد تم تأديبه بمزيج قوى من القوى المتداخلة: النهاية الكارثية لشراهة الاستثمار العقاري، والخسائر التى لا تحصى فى النظام المصرفي، وأزمة ديون الحكومة المحلية، وإبلاغ النمو الاقتصادى وانخفاض الأسعار بشكل مزمن، وهو نذير محتمل للركود على المدى الطويل.
وجعل انخفاض الثروات فى الداخل الشركات الصينية تركز بشكل خاص على المبيعات فى الخارج. وهذا يجعل البلاد عرضة لأى تهديد لنمو صادراتها، وهو ضعف من شأنه أن يعزز الضغط المتوقع من إدارة ترامب لأنها تخطط للبحث عن صفقة من شأنها زيادة المشتريات الصينية للسلع الأمريكية.
وعلى الفور، تمتلك الحكومة الصينية موارد هائلة لإثارة الاقتصاد المحلي. بعد رفض طويل لتخفيف الائتمان خوفا من إحياء الاستثمار فى العقارات، وخفض البنك المركزى الصينى هذا العام تكاليف الاقتراض لأصحاب المنازل والشركات.
ووافقت الحكومة على خطة إنقاذ بقيمة ١.٤ تريليون دولار من شأنها أن تسمح للحكومات المحلية بإعادة تمويل الديون الحالية بأسعار فائدة أقل.
وفى الوقت نفسه، حولت استراتيجية تقودها الحكومة لتعزيز البراعة الصناعية فى البلاد الصين إلى المورد المهيمن للسيارات الكهربائية وغيرها من تقنيات الطاقة النظيفة.
ويمنح ذلك الشركات الصينية تعليقا على الأسواق سريعة النمو للسلع الحرجة بغض النظر عن التعريفات الجمركية الأمريكية. فى عصر القلق المتزايد بشأن تغير المناخ، يمكن للعالم إما استخدام المعدات الصينية الصنع للحد من انبعاثات الكربون أو تجنب الصناعة الصينية. على الأقل فى الوقت الحالي، تكافح من أجل القيام بالأمرين.
فيما تعتمد الصين على الوصول إلى الأسواق الأمريكية بشكل أقل مما كانت عليه فى المرة الأخيرة التى رفع فيها ترامب التعريفات الجمركية.
غطت موجة رسوم الاستيراد الأمريكية التى فرضتها إدارة ترامب، بدءا من عام ٢٠١٨ واستمرت فى ظل إدارة بايدن، فى نهاية المطاف حوالى ٤٠٠ مليار دولار من السلع الصينية. وتتطلع المصانع الصينية بدورها إلى جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية للعملاء.
وعلى مدى السنوات الست الماضية، انخفضت حصة الصين من الواردات الأمريكية إلى ١٣٪ من ٢٠٪، وفقا لشركة TS Lombard، وهى شركة أبحاث استثمارية فى لندن، على الرغم من أن بعض هذا التحول يعكس السلع التى ينتهى بها المطاف فى الولايات المتحدة بعد توجيهها عبر بلدان مثل المكسيك وفيتنام من أجل تجنب التعريفات الجمركية الأمريكية.
نظرا لأن أوروبا أضافت مؤخرا تعريفاتها الخاصة إلى السيارات الكهربائية الصينية الصنع، فقد سرعت الصين من دفعها لتوسيع المبيعات فى مناطق أخرى.
فيما اتخذ قادة الصين نهجا مماثلا تجاه السلع مثل السلع الزراعية، حيث حولوا بعض مشتريات فول الصويا من المزارعين الأمريكيين إلى الموردين فى البرازيل والأرجنتين.
وقد تمنح هذه التجربة بكين الثقة فى أنها تستطيع التمسك بحزم ضد تصاعد التعريفات الجمركية والانتقام مع التخفيضات فى الواردات الأمريكية، وخاصة المنتجات الزراعية. يمكن للصين أيضا زيادة تقييد صادراتها من المعادن الحيوية.