يزداد تردد الشباب في الصين على تأسيس عائلات، نتيجة وضع اقتصادي يثير لديهم قلق تفاقمه التقاليد الاجتماعية الصارمة المرتبطة بالإنجاب، وإن كانت الحكومة تحاول جاهدة الدفع باتّجاه زيادة معدلات الولادة وتجنّب أزمة ديموغرافية. وقد تسارع تراجع عدد السكان في الصين عام 2023، وفق ما أظهرت بيانات نشرت أمس، إذ انخفض بأكثر من مليونَي نسمة.
ووسط قلقها حيال تراجع معدلات الخصوبة، خففت الحكومة في السنوات الأخيرة القيود ضمن سياسة الطفل الواحد التي فرضتها على مدى عقود، لتسمح بثلاثة أطفال لكل عائلة، بموازاة إقرار تدابير دعم وحضّ النساء على تأسيس عائلات. لكنّ الحوافز والمناشدات لا تغيّر كثيرا ما يصفه خبراء الديموغرافيا بأزمة اقتصادية تتشكّل، فيما يتراجع عدد البالغين الذي يعملون، ويضغط تزايد عدد المتقاعدين على صناديق الضمان الاجتماعي. ويأتي الإنجاب في الصين عادة بعد عملية مكلّفة للغاية تقضي بشراء منزل والعثور على زوج أو زوجة وتغطية تكاليف حفل زفاف باذخ، علما بأن الحكومة تعاقب على الإنجاب خارج إطار الزواج، رغم تحرّكات في بعض المناطق أخيرا لدعم الأمّهات غير المتزوجات. ويسارع الوالدان بعد ذلك لضمان تحقيق أطفالهم نتائج متميّزة في المدارس والجامعات للنجاح في سوق توظيف يشهد منافسة حادة. وبينما تعدّ رسوم التعليم في القطاع الحكومي ميسورة الكلفة نسبيا في الصين، إلا أن المدارس المرموقة تمنح أولوية لقبول الأطفال الذين يقطنون على مسافة قريبة، مما يؤدي إلى ارتفاع كبير في تكاليف المساكن المكتظة والقديمة الواقعة في مناطق قريبة من تلك المدارس. وقد وصل معدل كلفة تربية طفل في الصين من الولادة حتى سن الـ 18 إلى 485 ألف يوان (68 ألف دولار) عام 2019، وفق مركز يو وا للأبحاث السكانية، ومقره بكين. وبلغ هذا الرقم 7 أضعاف إجمالي الناتج الداخلي للفرد في ذلك العام، وهي نسبة تتجاوز بشكل كبير تلك المسجلة في الولايات
المتحدة (4.11) أو أستراليا (2.08). ولا يشمل المبلغ الشقة التي يُتوقع من الآباء عادة مساعدة أبنائهم على شرائها، ليتمكنوا من العثور على زوجة. لا زواج… لا أطفال وأوضح الخبير الصيني المستقل المتخصص في الديموغرافيا، هي يافو، أن «الجيل الأصغر سنا بدّل بشكل جوهري مفهومه للخصوبة، ولا يرغب بالمجمل في إنجاب مزيد من الأطفال». ويتباهى عدد متزايد من الشباب على وسائل التواصل بأنماط الحياة التي يعيشونها من دون أطفال. ويحظى موضوع تحت عنوان «لا زواج، لا أطفال» بشعبية واسعة على موقع دوبان، حيث يتبادل آلاف المستخدمين وجهات النظر، ويسعون للحصول على تطمينات بشأن اختيارهم العيش من دون أطفال. وسألت إحداهم أخيرا: «هل يمكن لك حقا أن تقدّمي كل هذه التضحيات فقط لتسمعي شخصا ما يناديك أمي؟». النساء العاملات وعام 2021، حصل 63.7 في المئة من الأطفال الصينيين تحت سن الثالثة على الرعاية بشكل أساسي من أمهاتهم خلال فترات النهار، وفق تقرير للأمم المتحدة. وكرّست النساء العاملات ضعف الوقت الذي كرّسه الرجال لأفراد العائلة. ورغم الجهود الحكومية لزيادة مشاركة الآباء في رعاية الأطفال، تبلغ مدة إجازة الأبوة على الصعيد الوطني حوالي أسبوعين، فيما تبلغ إجازة الأمومة 3 أشهر. ولفت شياوبنغ إلى أن العديد من النساء يصطحبن أطفالهن معهن إلى أماكن عملهنّ. وتؤكد شيانغ (28 عاما) التي كانت في زيارة مع زوجها إلى مستشفى في شنغهاي فيما تنتظر مولودها الأول أن الحمل «مرهق». وتفكّر في توظيف مربية دائمة لديها أو حتى الانتقال إلى فندق مخصص لهذا الغرض بعد الولادة خلال فترة 30 يوما يتوقع خلالها أن تحصل الأمّهات على وجبات ورعاية خاصة بعد الإنجاب، في تقليد يمكن أن يكلف عشرات آلاف الدولارات في كل ولادة. إعادة التوحيد في سياق آخر، شدد المتحدث باسم مكتب شؤون تايوان، التابع لمجلس الدولة الصيني، تشن بين هوا، أمس، على عزم بكين دفع إعادة التوحيد مع تايوان بثبات، معتبراً أن نتائج الانتخابات الرئاسية التايوانية، التي فاز بها مرشح الحزب الديموقراطي التقدمي المؤيد للاستقلال، لاي تشينغ تي، «لا يمكن أن تزعزع حقيقة أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، وأن تغير المشهد الأساسي واتجاه تنمية علاقات عبر المضيق، وتعوق الاتجاه الحتمي المتمثل في إعادة توحيد الصين». ودعا المسؤول الصيني الولايات المتحدة إلى «الالتزام بمبدأ صين واحدة، والتوقف عن إرسال إشارات خاطئة للقوى الانفصالية»، فيما احتج السفير الصيني لدى استراليا على بيان أصدرته وزارة خارجيتها للتهنئة بنتيجة الانتخابات التايوانية في أحدث تحدٍ لتحسُّن العلاقات مع أستراليا. التجارة عبر المضيق في المقابل، حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، من أن «العالم بأسره سيتأثر بتعطيل التجارة عبر مضيق تايوان بسبب أهميته للتجارة العالمية». وقال بلينكن، أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، «هذا آخر شيء نحتاجه» حاليا، وهذا سبب ملموس جدا» للحفاظ على السلام، لأن «تايوان تؤدي دورا غير متناسب» مع حجمها بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي. وقال بلينكن إن «مصلحتنا» هي «ضمان الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان»، وأن «يتم حلّ أي خلاف بين تايوان والصين سلميا». الفلبين إلى ذلك، كشف وزير الدفاع الفلبيني، جيلبرتو جونيور، أمس، عن خطط للقيام بأنشطة عسكرية «أكثر قوة» مع الولايات المتحدة وحلفائها، في مواجهة الصين «الأكثر عدوانية». وقال جونيور، لوكالة بلومبرغ في مكتبه بمانيلا: «إن التحالف مع الولايات المتحدة قوي للغاية، ونرغب في أن نبني قدراتنا حتى نكون مساهمين أكثر فعالية في الاستقرار الإقليمي». يُذكر أن الفلبين تعمل على تحقيق شراكة أقوى مع الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس فرديناند ماركوس الابن، ولتطوير وتوسيع نطاق العلاقات مع «الحلفاء الآخرين والدول ذات التفكير المماثل»، التي تشمل أستراليا واليابان والمملكة المتحدة وكندا، وسط تهديدات بـ «هيمنة» الصين على بحر الصين الجنوبي. وبينما تتجه الولايات المتحدة إلى إجراء انتخابات حاسمة في نوفمبر المقبل، يأمل تيودورو في عدم تأرجح استراتيجية واشنطن الدفاعية بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية:
الولایات المتحدة
فی الصین
إقرأ أيضاً:
"أونروا": إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة السكان
أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن ما تسمح إسرائيل بإدخاله عبر المعابر، من مساعدات إنسانية لا يلبي 6% من حاجة السكان، الأمر الذي تسبب بأزمة حادة.
وذكرت "أونروا" أن أكثر من مليوني نازح في قطاع غزة، يحاصرهم الجوع والعطش والمرض والخوف، وأن الحصول على وجبات الطعام أصبح مهمة مستحيلة للأسر في القطاع.
وأشارت إلى أن أوضاع النازحين في خيام النزوح ومراكز الإيواء مأساوية، في ظل الجوع والبرد، وعدم قدرة المنظمات الدولية على تلبية حاجات النازحين، إثر شح الطعام والغذاء.
وطالبت بفتح كامل للمعابر، وإدخال ما يحتاجه السكان للحد من المجاعة التي فاقمت حالات سوء التغذية والأمراض المتعددة.
ونفت "أونروا" ادعاءات إسرائيل مرارا حول تعاونها مع حركة "حماس"، وأكدت الأمم المتحدة أن الوكالة تلتزم الحياد وتركز حصرا على دعم اللاجئين، وشددت على أنه لا يمكن لمنظمة أخرى القيام بمهام "أونروا".
وكانت إسرائيل قد أصدرت قرارا يحظر أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأمر الذي حذر مسؤولون أمميون وعرب من تداعياته، في ظل تعاظم اعتماد الفلسطينيين على الوكالة منذ بدء الحرب الإسرائيلية بدعم أمريكي على غزة في 7 أكتوبر 2023.
وأسفرت الحرب عن مقتل وجرح أكثر من 147 ألف فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم قاطبة.