القس أرميا عبده: «الغطاس» عيد مصري وله طقوس دينية خاصة
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
يحتفل الأقباط في مصر بعيد الغطاس والذي يوافق السبت 20 يناير الجاري، وتحتفل فيه الكنيسة الأرثوذكسية بعيد الظهور الإلهي، ويطلق عليه شعبيًا «الغطاس»، ويُعد عيدًا مصريًا.
سبب تسمية العيد بـ«الغطاس»وقال القس أرميا عبده، مسؤول لجنة الأزمات والحوادث بمطرانية بني سويف، إن سبب تسمية عيد الظهور الإلهي بعيد الغطاس، يرجع إلى أن المعمودية تتم بالتغطيس ليولد الأنسان الولادة الجديدة، وهو عيد مصري يرتبط بالكنيسة الأرثوذكسية، ويحمل الهوية المصرية، لأن ذلك العيد مرتبط منذ قديم الأول في مصر بالاحتفال حول نهر النيل.
وتابع: «عيد الغطاس، والذي تحتفل به الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم السبت المقبل، هو تذكار لمعمودية السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان في نهر الأردن، والمعمودية حسب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تتم بالتغطيس ليولد الانسان الولادة الجديدة، ونحن في عيد الغطاس نتذكر عماد السيد المسيح في نهر الأردن».
أطعمة وفاكهة مرتبطة بعيد الغطاسوأشار القس أرميا، إلى أن الكنيسة الأرثوذكسية لها أبعاد روحية للعيد، وأبعاد طقسية في العبادة، حيث يرتبط هذا العيد من قديم الأزل في مصر بالاحتفال حول نهر النيل، وبالفاكهة المصرية مثل البرتقال الذي كان يزين بالأنوار والشموع وأعواد القصب، لافتًا إلى أن الأعياد فرصة ليلتقي الأنسان بالله مصدر الفرح، ويتقدم بقلب تائب، فالتوبة هي مفتاح الفرج وجلب الخير للبشرية، وسبب عناء وعار الشعوب الخطية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: عيد الغطاس مطرانية بني سويف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إيبارشية بني سويف عید الغطاس فی مصر
إقرأ أيضاً:
سليمان شفيق يكتب: أربعاء أيوب.. طقوس الشفاء وميراث المحبة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مع اقتراب عيد القيامة المجيد وشم النسيم، يطل علينا أسبوع الآلام محملاً بالذكريات والرموز، التي تمتزج فيها الروحانية بالموروث الشعبي، وتنعكس من خلالها ملامح الشخصية المصرية التي تتوارث الفرح والمحنة بنفس السلاسة.
في صغري، كنت أعيش هذه الأيام في مسقط رأسي بالمنيا، حيث كانت شوارع المدينة تستقبل صباح "أربعاء أيوب" بنداءات الباعة: "رعرع أيوب بالشفا يا ناس"، بينما يردد الصبية بحماس: "رعرع أيوب يشفي من المرض ويغفر الذنوب". كنت أراقب المشهد باندهاش، طفولتي تجري أمامي، والوجوه تضيء بالأمل.
سألت أحد الأطفال عن اسمه، فقال: "محمود، ابن أحمد العجلاتي"، وأخبرني بأنه يشتري نبات الرعرع لوالده المريض. مشهد بسيط، لكنه يعكس إيمانًا شعبيًا راسخًا، توثقه كتب التراث الشعبي، ومنها "مقدمة في الفولكلور القبطي" للراحل عصام ستاتي، الذي فسّر هذه العادة بأنها مستوحاة من قصة النبي أيوب، الذي شُفي بعد أن اغتسل ودلّك جسده بنبات أخضر، فأصبح ذلك اليوم، الأربعاء، مناسبة يتطهر فيها الناس من عللهم، الجسدية والروحية.
وفي الطقوس القبطية، يُقرأ في صلوات هذا اليوم قصة أيوب كرمز للمعاناة والصبر والنهاية المنتصرة، كأن الجماعة القبطية، من خلال هذا الطقس، تُعيد تمثيل قصة الألم والتطهر، لا للشفاء الجسدي فقط، بل كنوع من التخلص من الأثقال الروحية أيضًا.
لكن الجمال لا يقف هنا، بل يمتد إلى روح المشاركة. ففي خميس العهد والجمعة العظيمة، كانت زوجة أخي تُعد أكياس الفول والطعمية، ويذهب ابن أخي لتوزيعها على أصدقائنا من المسلمين. وفي سبت النور يردون التحية بأطباق الترمس واللحم، ويتبادلون معنا البيض الملون في شم النسيم. وتبقى ذاكرتي مدينة لأمي، رحمها الله، التي أورثتنا هذه القيم الرفيعة في تبادل التهاني والطعام والمودة، في كل مناسبة، دون تفرقة.
وفي يوم القيامة، يزدحم المنزل بالمهنئين، معظمهم من إخوتنا المسلمين، تُشعرنا تهانيهم بصدق المشاعر لا بمجرد المجاملة. كل يد تُمد، وكل كلمة طيبة تُقال، هي فعل مقاومة ضد كل صوت متشدد يرفض التهاني ويقصي الآخر.
المفارقة أن من يُحرّمون علينا التهاني لا يجهلون فقط طبيعة المجتمع المصري، بل يجهلون جوهر الأديان نفسها. هؤلاء غابت عنهم الفطرة السليمة التي فُطرنا عليها كمصريين، حيث لا نرى في الاختلاف العقائدي حاجزًا، بل نراه جزءًا من لوحة الوطن، التي لا تكتمل ألوانها إلا بتنوعها.
القيامة بالنسبة للمصريين ليست فقط ذكرى دينية، بل رمزا للانتصار على الموت، على الحزن، على الظلم. وهي فرصة لتأكيد أن هذا الوطن لا يقوم إلا بالمحبة، ولا يُبعث إلا حين تنتصر الروح على خطاب الكراهية.
هكذا يعيش المصريون أعيادهم.. لا كطقوس فردية، بل كاحتفالات جماعية بالإنسان، بالأمل، وبالوطن الذي لا يعرف التفرقة. وكل عام وأنتم بخير.