دراسة: الذكاء الاصطناعي يساعد في الكشف عن أمراض القلب الروماتيزمية
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
أظهرت دراسة رائدة أجراها باحثون في مستشفى الأطفال الوطني في واشنطن، إمكانات تقنيات الذكاء الاصطناعي، في الكشف عن أمراض القلب الروماتيزمية بنفس دقة طبيب القلب.
وسلطت الدراسة - التي نشرت نتائجها في عدد يناير من مجلة جمعية القلب الأمريكية - الضوء على كيفية تطبيق تكنولوجيا التعلم العميق المتقدمة لمعالجة عدم المساواة الصحية الكبيرة.
ويجمع نظام الذكاء الاصطناعي - المطور حديثا - بين تحقيقات الموجات فوق الصوتية الجديدة والأجهزة الإلكترونية المحمولة، فقد تم تجهيز هذه الأجهزة مع "خوارزميات" قادرة على تشخيص أمراض القلب الروماتيزمية (RHD) من خلال تخطيط صدى القلب، ويمكن لهذا الابتكار تمكين العاملين في مجال الرعاية الصحية - حتى أولئك الذين ليس لديهم شهادات طبية متخصصة - من اكتشاف أمراض الرئة في المناطق الموبوءة بشكل فعال.
ويمكن أن تؤدي أمراض القلب الروماتيزمية (RHD)، الذي يحدث غالبا بسبب الالتهابات البكتيرية المتكررة، إلى تلف شديد في القلب إذا لم يتم علاجه مبكرا، بينما تم القضاء عليه تقريبا في البلدان ذات الدخل المرتفع، لا يزال مرض إعادة التأهيل مصدر قلق كبيرا في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث يؤثر على 40 مليون شخص، ويسبب ما يقرب من 400 ألف حالة وفاة سنويا.
وأكد الدكتور كيلسى براون، أستاذ أمراض القلب في كلية الطب جامعة واشنطن، أن التحدي في تشخيص أمراض القلب الروماتيزمية (RHD) في يكمن في ضرورة وجود طبيب القلب والمدربين تدريبا عالميا لتفسير تخطيط صدى القلب، وفي العديد من البلدان الفقيرة، يكون الحصول على هذه الرعاية المتخصصة محدودا، مما يؤدي - في كثير من الأحيان - إلى حالات غير مكتشفة ومضاعفات خطيرة.
وتعالج "خوارزمية" الذكاء الإصطناعي - التي جرى تطويرها - هذه الفجوة من خلال تحديد "القلس التاجي"، وهو مؤشر رئيسي لأمراض الرئة، في ما يصل إلى 90% من الأطفال المصابين بهذه الحالة.
ويدمج هذا البرنامج، الذكاء الاصطناعي في عملية فحص للأطفال، باستخدام مسبار الموجات فوق الصوتية المحمول، وجهاز لوحي، وجهاز كمبيوتر محمول مزود بالخوارزمية الجديدة.
واستخدم فريق البحث في مؤسسة الأطفال الوطنية، بما في ذلك خبراء الذكاء الاصطناعي الدكتورة بونيه روشانيتابريزي، تقنيات التعلم الآلي والتعلم العميق لتطوير هذه الخوارزمية الجديدة، وتتم الاستعانة بالذكاء الاصطناعي على تفسير صور الموجات فوق الصوتية للقلب للكشف عن أمراض القلب الروماتيزمية، وتحليل الميزات غير المرئية للعين المجردة.
ومن المتوقع أن تعزز هذه الدقة بشكل كبير قدرات العاملين في مجال الرعاية الصحية في تشخيص أمراض الرئة بسرعة ودقة أكبر.
وبحسب الدراسة، واجه تطوير نظام الذكاء الاصطناعي هذا تحديات، مثل تعليم الذكاء الاصطناعي للتعامل مع الاختلافات السريرية في صور الموجات فوق الصوتية وتعقيدات تقييم مخطط صدى القلب دوبلر الملون.
ومع ذلك، قام الفريق بتعليم الآلة بنجاح لتعلم وتفسير هذه البيانات، والتي من المحتمل أن تكون أفضل من العين البشرية والدماغ.
ويعد هذا النهج القائم على الذكاء الاصطناعي بتحسين التوزيع العالمي للخبرات الطبية، لا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل التي يوجد بها عدد أقل من أطباء القلب، كما أنه يدل على خطوة كبيرة نحو تحقيق العدالة في الطب، مما يسمح بإكتشاف واسع النطاق ودقيق ومبكر لأمراض الرئة، وفي النهاية إنقاذ أرواح لا حصر لها.
نصم - ك ف
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي أمراض القلب دراسة أمريكية أمراض القلب الروماتيزمية الموجات فوق الصوتیة الذکاء الاصطناعی أمراض الرئة
إقرأ أيضاً:
يساعدك في اتخاذ القرار.. كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صورة الإنسان عن نفسه؟
يشهد العالم المعاصر تحوّلًا غير مسبوق في تاريخ الوجود البشري، تقوده التكنولوجيا بصفتها القوة الأكثر تأثيرًا في تشكيل ملامح الحياة الحديثة.
لم تعد التكنولوجيا مجرد أدوات أو منصات مساعدة، بل أصبحت بحد ذاتها بيئةً كلية نعيش فيها، وعاملًا حيويًا يُعيد صياغة مفاهيم الإنسان عن ذاته، وعن العالم، وعن الآخرين من حوله. وفي قلب هذا التحول تقف الأجيال الجديدة لا كمتلقٍّ سلبي، بل كنتاجٍ حيّ لهذا العصر الرقمي بكل تعقيداته وتناقضاته.
نتحدث هنا تحديدًا عن جيل Z (المولود بين 1997 و2012)، وجيل ألفا (المولود بعد 2013)، وهما جيلان نشآ في ظل تحوّل تكنولوجي عميق بدأ مع الثورة الرقمية في نهاية القرن العشرين، وتفاقم مع دخول الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والميتافيرس والبيانات الضخمة إلى صلب الحياة اليومية.
جيل Z يمثل الجسر بين عالمين: عالم ما قبل الثورة الرقمية، وعالم أصبحت فيه الخوارزميات هي "العقل الجمعي" الجديد.
لقد عاش هذا الجيل مراحل الانتقال الكبرى: من الكتب الورقية إلى الشاشات، من الاتصالات الهاتفية إلى الرسائل الفورية، من الصفوف المدرسية إلى التعليم عن بُعد. أما جيل ألفا، فهو الجيل الذي لم يعرف سوى الرقمية منذ لحظة الميلاد، إذ تفتحت حواسه الأولى على شاشة، وتكوّنت مهاراته اللغوية من خلال مساعد صوتي، وتعلّم المفاهيم الأولى عن طريق تطبيقات ذكية وخوارزميات دقيقة تستجيب لسلوك المستخدم لحظيًا.
إعلانإننا لا نتحدث عن تغيّر في أنماط الحياة فقط، بل عن إعادة تشكيل حقيقية للذات الإنسانية. ففي السابق، كانت الهوية تُبنى عبر التفاعل مع الأسرة، والمدرسة، والثقافة المحلية، وكانت تنشأ ضمن سياق اجتماعي واضح المعالم.
أما اليوم، فالأجيال الرقمية تبني صورها الذاتية في فضاءات افتراضية عالمية، تتخطى الحواجز اللغوية والثقافية والجغرافية. إنها هوية "مُفلترة"، تُنتجها الصور والمنشورات والتفاعلات المرسومة وفق خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، وتُقاس بكمية "الإعجابات" والمشاهدات، لا بتجربة الذات العميقة.
هذا التحول لا يخلو من مفارقات. فعلى الرغم من الكمّ الهائل من التواصل الرقمي، تشير دراسات عديدة إلى تصاعد مشاعر الوحدة والعزلة، خصوصًا بين المراهقين والشباب.
وقد ربطت تقارير صحية بين الإفراط في استخدام التكنولوجيا وبين ارتفاع معدلات القلق، واضطرابات النوم، وضعف التركيز، وتراجع المهارات الاجتماعية.
جيل Z، برغم إتقانه المذهل للتكنولوجيا، يواجه صعوبة متزايدة في بناء علاقات واقعية مستقرة. أما جيل ألفا، فيُظهر مبكرًا قدرة رقمية خارقة، لكنها تقترن أحيانًا بضعف في التطور اللغوي والعاطفي، وكأن المهارات الإنسانية الكلاسيكية باتت تُستبدل تدريجيًا بكفاءات رقمية جديدة.
هذا لا يعني أن الأجيال الرقمية "أقل إنسانية"، بل إنها مختلفة في تركيبها المعرفي والعاطفي والاجتماعي. إنها أجيال تعيش فيما يمكن تسميته "الواقع الموسّع"، حيث تتداخل فيه الذات البيولوجية بالذات الرقمية، ويذوب فيه الخط الفاصل بين ما هو واقعي وما هو افتراضي.
وهذه الحالة تطرح سؤالًا وجوديًا جوهريًا: من أنا في عالم يُعاد فيه تشكيل الذات بواسطة أدوات لا أتحكم بها بالكامل؟ من يوجّهني فعلًا: أنا، أم البرمجية التي تختار لي ما أقرأ وأشاهد وأرغب؟
في هذا السياق، تتزايد الحاجة إلى تفكيك العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا من جديد. فنحن لم نعد فقط نستخدم التكنولوجيا، بل يُعاد تشكيلنا من خلالها، وقد أصبح الذكاء الاصطناعي شريكًا خفيًا في اتخاذ القرارات، وتوجيه السلوك، وحتى في تكوين القيم وتصورات العالم. منصات مثل تيك توك ويوتيوب وإنستغرام لم تعد وسائط ترفيهية فحسب، بل منصات لإنتاج الثقافة والهوية والسلوك الاستهلاكي.
إعلانولعل المفارقة الكبرى تكمن في أن هذه التكنولوجيا التي وُعدنا بها كوسيلة لتحرير الإنسان، باتت تخلق أشكالًا جديدة من التبعية. فمن جهة، تسهّل الحياة وتختصر الوقت، لكنها من جهة أخرى تُعيد تشكي إدراكنا بطريقة غير مرئية. إنها "القوة الناعمة" الأشد تأثيرًا في تاريخ البشرية.
في ظل هذا الواقع، لا يكفي أن نُحمّل الأفراد مسؤولية التكيف. المطلوب هو تفكير جماعي لإعادة توجيه العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا. المؤسسات التعليمية مطالبة بأن تراجع مناهجها، لا فقط لتُدخل التقنية، بل لتُعيد التوازن بين ما هو رقمي وما هو إنساني.
الأسرة، بدورها، لم تعد فقط مصدرًا للقيم، بل أصبحت "ساحة مقاومة" للحفاظ على الحميمية في وجه التمدد الرقمي. أما صانعو السياسات، فعليهم مسؤولية أخلاقية وتشريعية للحدّ من تغوّل التكنولوجيا في تفاصيل الحياة اليومية، ووضع ضوابط تحمي الأجيال من فقدان الجوهر الإنساني.
ينبغي ألا يكون السؤال: كيف نُقلل من استخدام التكنولوجيا؟ بل: كيف نستخدمها بطريقة تحافظ على إنسانيتنا؟ كيف نُدرّب أبناءنا على التفكير النقدي، والقدرة على التأمل، والانفتاح العاطفي، لا فقط على البرمجة والتصميم؟
نحن نعيش لحظة مفصلية، لحظة يُعاد فيها تعريف الإنسان، لا بالمعنى البيولوجي، بل بالمعنى الوجودي. وإذا لم نُحسن إدارة هذا التحوّل، فإننا قد نخسر القدرة على أن نكون ذاتًا فاعلة حرة في عالم تتزايد فيه السيطرة غير المرئية للأنظمة الذكية.
المستقبل لا تصنعه الآلات، بل الإنسان الذي يعرف كيف يتعامل معها. ولهذا، فإن المعركة الأهم ليست بين الأجيال والتكنولوجيا، بل بين الإنسان وإنسانيته.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline