الوطن:
2024-07-08@12:56:32 GMT

د. أشرف الشرقاوي يكتب: انهيار الأساطير

تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT

د. أشرف الشرقاوي يكتب: انهيار الأساطير

رغم أن المجتمع الإسرائيلى وُلد من رحم الحرب، فإنه لم يشهد طوال سنوات وجوده التى بلغت ٧٥ سنة حرباً كطوفان الأقصى، حيث تعد هذه الحرب أطول الحروب منذ حرب ٤٨. فلم يسبق أن خاضت إسرائيل حرباً مستمرة فيها عمليات يومية، بل على مدار الساعة لفترة تجاوزت ١٠٠ يوم سوى هذه المرة. وحتى حرب الاستنزاف مع مصر رغم طولها، فإنها شهدت فترات هدوء استمرت لأسابيع.

حسب الإحصائيات الرسمية، قُتل نحو ٥٠٠ جندى خلال هذه الفترة، ولكن مصادر إسرائيلية تقدر عدد القتلى بنحو ٣٥٠٠ وعدد الجرحى بأكثر من ١٥ ألفاً منهم نحو ٩ آلاف ستترك الإصابة لديهم عاهات مستديمة، منهم ٣ آلاف لن يكونوا قادرين على العمل.

يترتب على هذا وجود أسر فقدت عائلها وزوجات ترملن وأبناء تيتموا، وكل هذه أمور لها آثار اجتماعية ونفسية بالغة، بل لها أيضاً آثار مادية؛ حيث سيكون على الحكومة صرف تعويضات ومعاشات لأسر القتلى والمصابين ومعاشات دائمة لمن فقدوا أعضاءهم، ولم تعد لديهم قدرة على العمل، وسيحتاجون لتأهيل نفسى وبدنى حتى يتمكنوا من الانخراط فى المجتمع من جديد.

كشفت الحرب طبيعة أسطورة الديمقراطية الإسرائيلية، ليتبين أنها ديمقراطية دعائية وليس أكثر. رغم صمت المجتمع الإسرائيلى وتوقف الاحتجاجات فى بداية الحرب ولمدة وصلت إلى شهر تقريباً، فإنه مع امتداد الحرب عادت الاحتجاجات إلى الظهور. فى البداية حاولت الحكومة منعها، إلا أن التيار كان قوياً فتقرر السماح للمتظاهرين بالتنفيس عن غضبهم بحدود.

حتى أسر الأسرى لا يسمح لهم بالاعتراض على الحرب علناً على النحو الذى يفعلونه بعيداً عن الإعلام.

كشفت الحرب أن الإعلام الإسرائيلى ليس حراً بالقدر الذى يدعيه. فى اليوم الأول للحرب صرح أحد الإعلاميين بأنه علم بأحداث ٧ أكتوبر، ولكن وردت إليه تعليمات ألا يذيع الخبر حتى إشعار آخر.

كشفت الحرب أيضاً أن أسطورة جيش الشعب التى يصف بها الجيش الإسرائيلى نفسه كانت كذبة كبيرة. حيث نشرت صحيفة هآرتس وتبعتها عدة صحف أن الجيش الإسرائيلى قصف بيوت المستوطنين وسياراتهم التى كانت تغادر حفلاً موسيقياً بصواريخ هيل فاير من مروحيات الجيش الإسرائيلى، حتى يلصق ذلك بحركة حماس، ويتعلل بحجم الدمار الذى سببته فى مهاجمة غزة. ورغم هذا الكشف لم يجرؤ أحد بعد مرور مائة يوم على مناقشة ما حدث. وهو ما يدلل على صرامة الرقابة العسكرية المفروضة على الإعلام.

تناقصت مساحة قبول الآخر فى المجتمع الإسرائيلى وفى السياسة الإسرائيلية. وأصبح كل من يرفع صوته بالمعارضة عامة وبمعارضة الحرب خاصة يوصم بالخيانة. حتى قضاة المحكمة العليا اتهمهم اليمين الإسرائيلى بالخيانة، لأنهم تجرأوا ومارسوا سلطتهم القانونية خلال الحرب وأبطلوا قانون اللامعقولية الذى أصدره الكنيست لتكميم القضاة وتحجيمهم، والذى تسبب فى مظاهرات لشهور قبل الحرب.

على المستوى الاقتصادى يتحمل الاقتصاد الإسرائيلى تكلفة أسبوعية مباشرة للحرب تقدر بنحو ١٠ مليارات دولار. يضاف إليها تكلفة استدعاء ٣٥٠ ألف جندى للخدمة فى الاحتياط.

تسببت الحرب بالتالى فى انهيار قطاعات اقتصادية عديدة نتيجة لغياب الأيدى العاملة فى الحرب.

كان على رأس القطاعات التى انهارت بوضوح قطاع السياحة الذى شهد توقفاً غير مسبوق.

تسببت الحرب فى ارتفاع العجز الموازنى من ١.١٪ إلى ٤٪ لعام ٢٠٢٣ مع توقع أن يكون ٣.٥٪ فى عامى ٢٠٢٤ و٢٠٢٥ بتأثير الحرب.

زاد العجز التجارى بشكل غير مسبوق نتيجة زيادة استهلاك النفط والغاز ووقود الطائرات لأغراض الحرب.

تسببت الحرب فى انخفاض إيرادات الدولة من الضرائب المحصلة، نظراً لاستدعاء الممولين للخدمة فى الجيش، ونظراً للضرر الواقع على قطاعات التصدير.

أصيب القطاع الزراعى بانهيار كامل نتيجة للحرب، نظراً للاستدعاءات لخدمة الاحتياط وهروب العمال الأجانب خوفاً من الحرب. لم تتمكن إسرائيل من الوفاء بالتزاماتها التصديرية، بل اضطرت إلى استيراد المواد الغذائية لتوفير الطعام سواء للجيش أو للمدنيين.

كانت هذه الحرب سبباً فى انهيار كل الأساطير السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية التى روَّج لها الإعلام الإسرائيلى، وكلما امتدت الحرب سنشهد المزيد.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: غزة قطاع غزة فلسطين إسرائيل

إقرأ أيضاً:

التغيير وارتياح الشارع ‏

بعد طول انتظار جاء التغيير الكبير الذى طال معظم الوزراء والمحافظين ولن يقتصر الأمر على ذلك، بل سيكون ‏هناك تغيير كبير فى الصفوف الأخرى من المسئولين، ذلك التغيير لن يهدف إلى تغير فى الأشخاص بل هو ‏فى السياسات الذى طالب بها الشعب كثيرا ومن هنا كان التركيز على السمات والصفات الشخصية القادرة على ‏تحجيم السياسات القائمة ووضع سياسات جديدة تناسب حالة الرقمنة والحوكمة، وهى خطة الدولة خلال ‏السنوات القادمة والتى يرى فيها الشعب الطريق الأمثل للتخلص من الجهاز الإدارى المترهل للدولة الموروث ‏منذ ستينيات القرن الماضى والمحمل بكل أمراض مزمنة ومستوطنة داخل العقل الجمعى للإدارة المصرية.‏

فجاء طرح الثقة فى بعض الوزراء بناء على مطلب شعبى صامت، فكان وجود وزير الداخلية السيد اللواء ‏محمود توفيق رد فعل لحالة الأمن والاستقرار التى يتمتع بها المواطن المصرى، والدور الكبير لرجال الداخلية فى ‏ملاحقة الجريمة والقضاء على الإرهاب والعلاقة التى أصبحت رائعة ما بين رجل الأمن والمواطن، وتجسد ذلك ‏فى الانتخابات الرئاسية السابقة التى شهدت اكبر خروج نسبة تصويت فى تاريخ الانتخابات تحت إشراف وزارة ‏الداخلية، وجاء تكليف السيد الفريق كامل الوزير كنائب لرئيس الوزراء ووزيرا للنقل والصناعة كمطلب شعبى ‏أيضا للدور الكبير الذى قام به فى وزارة النقل والوصول بها إلى مرتبة متقدمة جدا على مستوى التصنيف ‏العالمى وتحويلها من الخسارة إلى المكسب بعد ان قضى على بؤر الفساد وأعاد هيكلة المهام بها، وهذا ما تعول عليه الدولة ‏ومعها الشعب فى قطاع الصناعة الذى يمثل عصب الاقتصاد المصرى، ومع تجديد الثقة فى الدكتور اشرف ‏صبحى لما يتمتع به من قبول وسمعة طيبة فى الأوساط الرياضية والشارع المصرى.‏

وجاء تعيين الوزراء الجدد مشمولا برؤية تهدف إلى التغيير فى السياسات وتجسد ذلك فى تعيين الدكتورة ‏منال عوض، وتعد أول سيدة تتولى منصب وزير التنمية المحلية تلك الوزارة التى تمثل المجرى الذى يغذى كل ‏مؤسسات الدولة بالبيروقراطية، ويعنى ذلك ان هناك رؤية من القيادة السياسية فيما تمتلكه تلك السيدة من ‏مقومات تساهم فى تغير السياسات والتعاطى مع الوضع القائم بحزم وقوة للجم سعار تمدده، وكان لتعيين ‏فضيلة الشيخ أسامة الأزهرى رد فعل شعبى إيجابى كبير لما يتمتع به هذا الرجل من حب وتقدير من كل فئات ‏الشعب مسلمين وأقباط، وعلى الجانب الأخر كان تعيين السيد المستشار محمود فوزى وزيرا للشئون النيابية ‏والقانونية والتواصل السياسى، لما يمتلكه من معطيات عمل تجعله مرتكزا كبيرا لصناعة السياسات داخل تلك الوزارة التى كانت تحتاجها ‏مصر فهذا الرجل يمتلك كل المقدرات المهنية والإنسانية التى تجعله جديرا بتلك المكانة، أما باقى التغييرات ‏فكانت مناسبة طبقا للسيرة الذاتية لكل مسئول والتى تتمحور حول قدرته بالمساهمة فى تغيير السياسات فى ‏وزارته والدخول بها دائرة الرقمنة والحوكمة والتى هى خطة الدولة لما هو قادم.‏

 

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: الألقاب العلمية المغتصبة !!
  • د. نادر مصطفى يكتب: حكومة مقرها الشارع
  • الصهاينة.. يأجوج هذا الزمان يأكلون الأخضر واليابس
  • التغيير وارتياح الشارع ‏
  • الدكتور يسري الشرقاوي يكتب: على أبواب مرحلة اقتصادية جديدة
  • د. أحمد عبد العال يكتب: عهد مشرق للاعلام المصري
  • «حمدوك» لـ«الوطن»: نسعى لوقف الحرب لحقن دماء السودانيين
  • دفتر أحوال وطن «278»
  • المجلس الوطني الفلسطيني يدين اغتيالات الاحتلال الإسرائيلي في جنين
  • المجلس الوطنى الفلسطينى يدين اغتيالات الاحتلال الإسرائيلى فى جنين