هيلين كيلر كاتبة أميركية كفيفة وصماء وبكماء، تعد من أبرز شخصيات القرن العشرين، أصيبت وهي عامها الثاني بمرض أفقدها حاستي السمع والبصر، فحصها المخترع غراهام بيل وأرسل معها معلمتها آن سوليفان التي رافقتها حتى وفاة الأخيرة.

كتبت كيلر 14 كتابا وأكثر من 475 خطابا ومقالا، وألهمت عدة شخصيات منهم مارك توين وألكسندر غراهام بيل ووينستون تشرشل، وحصلت على وسام الحرية الرئاسي من قبل ليندون جونسون عام 1964، تكريما لها على شجاعتها وإصرارها.

المولد والنشأة

ولدت هيلين آدامز كيلر في 27 يونيو/حزيران 1880، في مدينة توسكومبيا بولاية ألباما الأميركية، أمها كيت آدمز كلير، وأبوها العقيد آرثر كلير، ونشأت مع شقيقين يكبرانها.

كان والدها من نسل الكولونيل ألكسندر سبوتسوود الحاكم الاستعماري لفيرجينيا، لكنه فقد ثروته خلال الحرب الأهلية وعاشت أسرته في مستوى متواضع.

وكانت كيلر طفلة سليمة حتى أصيبت في سن 19 شهرا بمرض أفقدها السمع والبصر، ويرجح أن ذلك كان الحمى القرمزية، وفي سن السادسة عرضها والداها على طبيب متخصص يدعى جوليان تشي سولم الذي أوصى بعرضها على ألكسندر غراهام بيل، الذي اقترح عليهما الذهاب إلى معهد بيركنز للمكفوفين في بوسطن، فأرسل معها مدير المعهد إحدى خريجاته تدعى آن سوليفان.

وكانت كيلر في تلك المرحلة طفلة عصبية صعبة المراس، فمزاجها سيئ وغير منضبط لعجزها عن التواصل مع المحيط حولها، لكن سوليفان علمتها استشعار الأشياء.

ولم تكن سوليفان أكبر من هيلين إلا بـ 14 عاما، وكانت تعاني مشاكل في الرؤية وقد أجريت لها عدة عمليات من قبل لاستعادة بصرها جزئيا.

وفي 3 مارس/آذار 1887 ذهبت سوليفان إلى منزل كيلر في ألاباما، وبعد أسبوع حصلت سوليفان على الإذن للانفراد بهيلين في كوخ قريب خارج المنزل، ومكثتا في الكوخ لمدة أسبوعين، وبدأت تعليمها التهجئة على دمية أحضرتها من بيركنز.

وبعد أشهر تعلمت كيلر التعبير بإشارات الأصابع، وتعلمت الشعور بالأشياء ومسمياتها وتشكيل الحروف، كما تعلمت قراءة الحروف البارزة على الورق المقوى.

وفي الفترة ما بين عامي 1888 و1890، كانت تقضي الشتاء في تعلم لغة بريل في فترة بمعهد بيركنز، ثم بدأت رحلتها في تعلم قراءة الشفاه.

وكان ذلك بإشراف سارة فولر من مدرسة هوراس مان للصم، وتم من خلال وضع أصابعها على شفتي وحنجرة المتحدث، وتهجئة الكلمات لها في الوقت ذاته.

كيلر (يسار) ومعلمتها سوليفان فترة دراستها بكلية رادكليف (غيتي) التكوين العلمي

التحقت كيلر في سن 14 بمدرسة رايت هوماسون للصم في مدينة نيويورك.

وفي عمر 16، التحقت بمدرسة كامبريدج للسيدات الشابات بولاية ماساتشوستس، وتخرّجت منها بعد إتمامها 20 عاما، فالتحقت عام 1900 في كلية رادكليف (كلية الفنون المتحررة للمرأة).

وكانت كلية رادكليف مخصصة للإناث وتعد مثيلا لكلية هارفرد للذكور، وتخرّجت منها بامتياز عن تخصص الآداب عام 1904، لتكون بذلك أول خريجة كفيفة وصماء من رادكليف.

ورافقت المربية والمعلمة سوليفان كيلر في كل تلك المراحل، فكانت تشرح لها محاضرات الكلية، وتقرأ لها لعدة ساعات يوميا.

وبعد تخرجها عاشت مع معلمتها في مزرعة تطوّع بها رجل في ماساتشوستس، وعام 1905 تزوجت المعلمة سوليفان من جون ماسي الذي كان مدرسا في هارفارد وساعد هيلين في كتابة سيرتها الذاتية.

وعاشت هيلين مع سوليفان وماسي وكانا يوليانها اهتماما وعناية، لكنهما انفصلا عام 1913.

وعام 1914 انضمت إلى هيلين وسوليفان بولي طومسون السكرتيرة التي كانت عيناها متضررتان لإجهادهما بالقراءة الطويلة لهيلين.

وحلّت طومسون محل المعلمة الأولى لهيلين بعد وفاتها في أكتوبر/تشرين الأول عام 1936.

كيلر التقت الأديب المصري الكفيف طه حسين وزوجته وابنه وقالت وقتها "من أهم أيام حياتي" (غيتي) النشاط الاجتماعي والسياسي

خلال النصف الأول من القرن العشرين، تناولت كيلر العديد من القضايا الاجتماعية في محاضراتها، وكان لذوي الاحتياجات الخاصة النصيب الأكبر من اهتمامها.

وبمساعدة مترجم عام 1913، بدأت هيلين إلقاء محاضرات حول العمى، نيابة عن المؤسسة الأميركية للمكفوفين والتي أسست لها فيما بعد صندوق تبرعات بقيمة مليوني دولار.

وشاركت في حملات لرفع الوعي والدعم المادي للمكفوفين، وانضمت إلى منظمات لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة من محدودي الدخل، منها الصندوق الدائم للإغاثة العميقة للمكفوفين من الحرب، فكانت عضوا في مجلس إدارته الأول، والذي سمي فيما بعد بمطبعة برايل الأميركية.

وشاركت في تأسيس اتحاد الحريات المدنية الأميركية مع الناشط في مجال الحقوق المدنية روجر ناش بالدوين وآخرين.

وكان لجهودها في السعي لعلاج الصم والمكفوفين تأثير في إخراج المعاقين من المصحات، كما شجعت على تنظيم لجان للمكفوفين في 30 ولاية أميركية بحلول عام 1937.

وانضمت هيلين للمؤسسة الأميركية لحقوق المكفوفين "إيه إف بي" (AFB) عام 1924، وعملت فيها لأكثر من 40 عاما.

وزودتها المؤسسة بمنصة عالمية للدفاع عن احتياجات من يعانون من فقدان البصر، ولم تهدر أي فرصة، ونتيجة لرحلاتها في جميع أنحاء الولايات المتحدة، أنشأت لجانا حكومية للمكفوفين، وبنت مراكز لإعادة التأهيل.

وكانت كيلر عضوا في الحزب الاشتراكي، ويعزى ذلك إلى صداقتها مع جون ماسي الذي عاشت معه أثناء زواجه من معلمتها سوليفان الذي كان اشتراكيا هو الآخر.

وبصفتها اشتراكية ملتزمة، احتجت على مشاركة الولايات المتحدة في الحرب العالمية الأولى، وتبنت قضايا مثل حقوق العمال، ودافعت عن حقوق المرأة في التصويت.

وعندما بدأت جولاتها حول العالم نيابة عن المكفوفين، عينت كيلر مستشارة في العلاقات الدولية، وخاضت 7 رحلات بين عامي 1946 و1956، وزارت فيها 35 بلدا من 5 قارات، والتقت قادة عالميين منهم ورئيس وزراء المملكة المتحدة آنذاك ونستون تشرشل ورئيس وزراء الهند سابقا جواهر لال نهرو ورئيسة وزراء إسرائيل سابقا غولدا مئير.

كما ربطتها علاقات وصداقات بعدد من الشخصيات المهمة داخل الفضاء الأميركي وخارجه، منهم الرئيس جون كينيدي والعالم ألبرت آينشتاين وإيما غولدمان وتشارلي شابلن وغيرهم.

وكان كينيدي مجرد واحد في سلسلة طويلة من الرؤساء الذين التقتهم كيلر في حياتها، وقد التقت بجميع الرؤساء منذ غروفر كليفلاند.

وفي مايو/أيار 1952 التقت كيلر الأديب المصري الكفيف طه حسين وزوجته وابنه، وقالت عن يوم لقائه "من أهم الأيام في حياتي" كما زارت المتحف المصري وتحسست التماثيل الفرعونية، وزارت دمشق.

وفي عام 1948، أرسلها الجنرال دوغلاس ماك آرثر إلى اليابان، لتكون أول سفيرة للنوايا الحسنة للولايات المتحدة، وحققت زيارتها نجاحا كبيرا وخرجت جموع غفيرة من اليابانيين لرؤيتها.

وفي عام 1955، بدأت رحلة من أطول رحلاتها وعمرها آنذاك 75 عاما، واستمرت الرحلة لمدة خمسة أشهر عبر آسيا.

وشجعت كيلر عبر رحلاتها ملايين المكفوفين، وترجع العديد من الجهود المبذولة في تحسين حياتهم خارج الولايات المتحدة إلى جولاتها ومحاضراتها.

كيلر ومعلمتها سوليفان كانتا ملهمتين لإنتاج فيلم "العامل المعجزة " وحصل على جائزتي أوسكار (غيتي) الملهمة والكاتبة كيلر

انتشرت قصة كيلر، ولاحظ كل من مارك توين وألكسندر غراهام بيل قدراتها الاستثنائية، ومهارات سوليفان الفريدة في تعليمها.

وقال مارك توين ذات مرة "الشخصيتان الأكثر إثارة للاهتمام في القرن 19 هما نابليون وهيلين كيلر".

وأثناء دراستها في رادكليف، نشرت كيلر مقالات عن المكفوفين في مجلة "منزل السيدات" (Ladies ‘Home Journal) وكان ذلك محظورا تلك الفترة لتعلق العمى بأمراض تناسلية. وفي المجلة نفسها نشرت مقالات شكلت فيما بعد كتاب هيلين عن سيرتها الذاتية.

وأدى التقارب والمرافقة الطويلة بين سوليفان وكيلر وإلى اتهام الأخيرة بالسرقة الأدبية، وأن ما تكتبه أفكار معلمتها وليست أفكارها.

ودافع كل من توين وغراهام بيل عن كيلر وملكيتها الفكرية لكتاباتها، وقدمها توين إلى صديقه كاتب السيناريو والمخرج والممثل الفرنسي هنري روجر، المسؤول التنفيذي في شركة ستاندرد أويل. ولإعجابه بقدراتها تكفّل روجر بدفع تكاليف دراسة كيلر في كلية رادكليف.

وحصلت كيلر على مساهمات كبيرة من عدد من الأثرياء مثل هنري فورد وجون دي روكفلر، وقادة صناعة الأفلام السينمائية.

وعندما أنشأت مؤسسة "إيه إف بي" (AFB) فرعا للمكفوفين بالخارج، أطلق عليه اسم "هيلين كيلر العالمية" (Helen Keller International).

وكانت كيلر وسوليفان موضوع مسرحية حائزة على جائزة بوليتزر بعنوان "العامل المعجزة" (The Miracle Worker) من تأليف ويليام جيبسون، والتي افتتحت في نيويورك عام 1959 وأصبحت فيلما ناجحا في هوليود عام 1962.

كتابات كيلر

تحتوي أرشيفات كيلر على أكثر من 475 خطابا ومقالة كتبتها حول مواضيع مثل الإيمان، الوقاية من العمى، تحديد النسل، ظهور الفاشية في أوروبا، الطاقة الذرية.

واستخدمت هيلين آلة كاتبة بطريقة برايل لتحضير مخطوطاتها، ثم نسختها على آلة كاتبة عادية، ونشر أول كتاب لها عام 1903 بعنوان "قصة حياتي" وغطى حياتها من مرحلة الطفولة حتى سن 21 تقريبا، ومن كتاباتها أيضا:

مقال "التفاؤل" عام 1903. "العالم الذي أعيش فيه" عام 1908. مجلة "هيلين كيلر" عام 1938. "الباب المفتوح" عام 1957. "أغنية الجدار الحجري". "الخروج من الظلام". "ديانتي". "منتصف الطريق". "حياتي اللاحقة". "هيلين كيلر في أسكتلندا". "دعونا نؤمن". "المعلمة آن سوليفان ميسي". كيلر أصيبت بسكتة دماغية عام 1960 وعاشت بهدوء في منزلها بولاية كونيتيكت حتى وفاتها (غيتي) الجوائز والتكريمات الدكتوراه الفخرية من جامعتي تمبل وهارفارد بالولايات المتحدة. الدكتوراه الفخرية من جامعات غلاسكو وبرلين بأوروبا، كما حصلت عليها من جامعة دلهي في الهند، وجامعة ويتواترسراند بجنوب أفريقيا. فيلم عن حياتها بعنوان "العامل المعجزة" (The Miracle Work) نالت خلاله آن بانكروفت وباتي ديوك جائزتي أوسكار عن دوري كيلر وسوليفان، وعرض عام 1962 سيرة درامية لكيلر ومعلمتها. جائزة الأوسكار الفخرية عام 1955، باعتبارها مصدر إلهام للفيلم الوثائقي عن حياتها. جائزة ليونز "Lions" الإنسانية عن خدماتها في دعم المكفوفين. نصب لها تمثال برونزي في مبنى الكابيتول بالولايات المتحدة وهي عند مضخة المياه في سن السابعة. تعالج مؤسسة تحمل اسمها منذ عام 1915 الأمراض المسببة للعمى وضعف البصر. وفاة كيلر

أصيبت بسكتة دماغية عام 1960، ومنذ عام 1961 عاشت بهدوء في منزلها بولاية كونيتيكت، وكان آخر ظهور علني لها في اجتماع لمؤسسة نادي ليونز، التي منحتها جائزة ليونز الإنسانية.

توفيت كيلر أول يونيو/حزيران 1968، قبل أسابيع قليلة من عيد ميلادها 88، ووضع رمادها بجانب رفيقتيها سوليفان وطومسون، في كنيسة سانت جوزيف بكاتدرائية واشنطن. وكتب في نعيها "كان يمكن أن ترى وتسمع بحدة استثنائية".

وقدم السناتور ليستر هيل من ألاباما كلمة خلال حفل التأبين العام قال فيها "ستعيش واحدة من القلائل، الأسماء الخالدة التي لم تولد لتموت، ستدوم روحها طالما يستطيع المرء القراءة، ويمكن سرد القصص عن المرأة التي أظهرت للعالم أنه لا حدود للشجاعة والإيمان".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الانسحاب الرسمي في يناير 2026.. أمريكا تهدد مناخ العالم وإفريقيا الخاسر الأكبر

انسحاب متوقع وجنون محتمل، سيعيشه العالم بسبب الانسحاب الأمريكى من اتفاقية «تغير المناخ» وهو الأمر الذى لم يكن مستبعدًا أن يتخذه رئيس يصف فكرة «الاحتباس الحراري العالمي» بالخدعة، و«اتفاقية باريس للمناخ»، بأنها غير عادلة ومنحازة.

فوجهة نظر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب «أن الولايات المتحدة لن تخرب صناعاتها بينما تطلق الصين العنان للتلوث مع الإفلات من العقاب» تلك هى العقيدة التى بموجبها قررت واشنطن الانسحاب من الاتفاقية، حيث تلقت الأمم المتحدة خطابًا رسميًا بأن الولايات المتحدة ستنسحب من اتفاق باريس للمناخ في 27 يناير 2026 وهو القرار الذى اتخذه ترامب بعد يوم واحد من يوم توليه منصبه.

وهو الانسحاب الذي يضع مرة أخرى أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، فى مواجهة المزيد من الكوارث التى سيواجهها العالم بعد انسحاب ثانى أكبر مصدر للانبعاثات الغازية، وهو ما عبر عنه سيمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بالأسف قائلا: "تجاهل طفرة الطاقة النظيفة لن يؤدي إلا إلى إرسال كل هذه الثروة الهائلة إلى الاقتصادات المنافسة، في حين تستمر الكوارث المناخية مثل الجفاف وحرائق الغابات والعواصف العاتية في التفاقم، وتدمير الممتلكات والشركات، وضرب إنتاج الغذاء على مستوى البلاد، ودفع التضخم في الأسعار على مستوى الاقتصاد بأكمله".

اتفاقية باريس:

اتفاقية باريس هى الإطار الأهم المنظم للتعامل مع التغيرات المناخية وهى الاتفاقية التى تم أعتمادها فى باريس ديسمبر 2015، حيث وقّعت على الاتفاقية 175 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وروسيا.

لكن كالعادة اختلقت أمريكا الأسباب وانسحبت رسميًا من الاتفاقية في4 نوفمبر 2019 وقت حكم ترامب وهو نفس ما فعلته إيران وليبيا واليمن لكن أمريكا عادت مجددا للاتفاقية مع تولى الرئيس السابق جو بايدن فى فبراير 2021 ثم جاء الانسحاب للمرة الثانية مع ترامب الذى يرفض أى حديث عن التعويضات والخسائر التى تسببها الدول الكبرى للدول النامية، بل وعين وزيرًا للطاقة من أكبر المشككين فى قضية تغير المناخ.

ومن المتوقع أن يعيد كل الاهتمامات بالطاقة النظيفة الى المربع صفر كما فعل فى ولايته السابقة والتى حصرتها مؤسسة بروكينجز فقد اتخذت إدارة ترامب فى عام 2020 ما يصل الى 74 إجراءً أضعف حماية البيئة في الولايات المتحدة، منها إعادة فتح مناجم الفحم، وإزالة القيود المفروضة على التنقيب عن النفط والحفر، والحد من اللوائح المناخية والبيئية.

خلاصة التدمير:

ما سيفعله الانسحاب الأمريكى من الاتفاقية الأهم لمواجهة تغير المناخ، حددته التقارير فى 12 إجراء ستتخذه ادارة ترامب وسيؤدى إلى كوارث على أمريكا والعالم فى آن واحد ومن هذه الاجراءات الانسحاب من الاتفاقية الذى سيشجع دولا أخرى على الانسحاب أبرزها الأرجنتين. كما أن الانسحاب سيضعف الالتزامات المالية تجاه المناخ، كما سيؤدى الانسحاب وتجاهل المناخ الى التوسع فى عمليات التنقيب والبحث عن النفط والغاز ما يعنى مزيدا من التدمير لخليج المكسيك وتهديدا للحياة البرية فى ألاسكا الى جانب زيادة الانبعاثات.

كذلك سيؤدى نهج ترامب إلى إلغاء رسوم الميثان والعقوبات المفروضة على شركات النفط وزيادة انبعاثات هذا الغاز الذى يزيد خطره عن ثانى أكسيد الكربون، كما سيتم إلغاء دعم الطاقة النظيفة وتقليص حجم المناطق المحمية والسماح بنشاط التعدين كما سيؤدى سلوك حكومة ترامب إلى إلغاء مبادرة العدالة البيئية التى تهدف الى تخصيص 40% من الاستثمارات لصالح المجتمعات المتضررة بيئيا.

العالم يدفع الثمن:

العالم سيدفع الثمن وأولهم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها التى شهدت حرائق غير مسبوقة مؤخرا فى عدد من ولاياتها، هذا إضافة إلى التأثير المتزايد للكوارث المرتبطة بالمناخ والتي كلفت الولايات المتحدة 2.785 تريليون دولار وأودت بحياة ما يقرب من 17 ألف شخص منذ عام 1980 ومع ذلك يصر ترامب على الانسحاب وعدم الاعتراف بالطاقة النظيفة وهو ما عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش فى عديد المناسبات بأن عدم استغلال الفرصة الأخيرة للكوكب سيدفع ثمنها الجميع مؤكدًا ضرورة أن تكون الخطط متسقة مع الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية ورسم مسار إلى صافي الصفر بحلول عام 2050 وأكد أنه لم يعد هناك وقت سوى للعمل من أجل حل المشكلة ومواجهة ارتفاع درجة الحرارة التى وصلت إلى رقم غير مسبوق.

ولعل ما يقوله جوتيريش يؤكده الواقع الذى رصدته تقارير اللجنة الدولية للتغيرات المناخية والتى أكدت أن عام 2024 شهد 41 يومًا إضافياً من الحرارة الشديدة بسبب تغير المناخ، وبحسب تقرير أممى فإن الكوكب يسير بسرعة نحو ارتفاع بأكثر من ثلاث درجات مئوية بحلول نهاية القرن وهو مؤشر كارثى لما سيكون عليه كوكب الأرض.

إفريقيا أكثر المتضررين:

وتعد القارة السمراء أقل المسببين للانبعاثات المسببة لتغير المناخ، هى الأكثر تضررًا حيث تواجه تهديدات مثل الأحداث الجوية المتطرفة وارتفاع درجات الحرارة وانعدام الأمن الغذائي، وبالفعل حذرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أنه بدون جهود عالمية كبيرة للحد من الانبعاثات، قد تشهد إفريقيا موجات جفاف شديدة وفيضانات وموجات حر تهدد سبل العيش وتفاقم الفقر.

ولا يخفى على أحد أن اعتماد القارة على الزراعة يجعلها عرضة بشكل خاص لتقلبات المناخ، فعلى سبيل المثال، واجهت دول مثل إثيوبيا والسودان حالات جفاف متكررة أدت إلى فشل المحاصيل ونقص الغذاء.

ووفقاً لتقرير اللجنة الاقتصادية لإفريقيا لعام 2023، فإن التأثير السلبي لتغير المناخ، وخاصة في قطاعات كالزراعة والطاقة والمياه والنقل والنظم الإيكولوجية، من المتوقع أن يكلف البلدان الإفريقية ما يقرب من 5٪ من ناتجها المحلي الإجمالي سنوياً.

وتشير هذه التقارير أيضاً إلى أن التكلفة الإجمالية للتكيف مع تغير المناخ قد تتجاوز 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، وبحسب التقارير العلمية فالعالم عليه أن يتوقف عن الانبعاثات لتجنب المزيد من الظواهر المناخية المتطرفة والمدمرة، بعد أن تجاوزت درجة حرارة الكوكب 1.5 درجة مئوية خلال فترة العام الماضى.

فيما تؤكد التقارير أن الارتفاع الذى يمضى فيه العالم إذا وصل الى درجتين سيحدث تضاعف الأيام الحارة الشديدة في المتوسط بمقدار 4 درجات مئوية وسيرتفع مستوى سطح البحر للأعلى بمقدار 0.1 متر، مما يعرض نحو 10 ملايين شخص إضافي لأحداث مناخية، قد تشمل المزيد من الفيضانات.

سيؤدى ذلك إلى فقدان أكثر من 99% من الشعاب المرجانية وسيتعرض ضعف عدد النباتات والفقاريات (الحيوانات ذات العمود الفقري) لظروف مناخية غير مناسبة في أكثر من نصف المنطقة الجغرافية التي توجد فيها، وقد يتعرض مئات الملايين من الأشخاص للمخاطر المرتبطة بالمناخ ويصبحون عرضة للفقر بحلول عام 2050.

وهو ما يشرحه الدكتور مجدى علام خبير البيئة العالمية بأن درجات حرارة الأرض زادت عن المتوقع وعن الرقم الذى حذر منه خبراء البيئة، والعالم يمضى - للأسف - فى اتجاه زيادة درجة الحرارة درجتين وهو أمر لو حدث سيؤدى إلى سيول وجفاف وزحف الرمال والكثبان الرملية، وظاهرة النينو فى الماء فى المناطق الساحلية حيث يحدث تسخين فى سطح المسطحات المائية، فلا تخرج الحرارة من الغلاف الجوى، ولكنها تبقى على سطح الكرة الأرضية وتتسبب فى تسخينها، وهو ما جعلنا نرى درجات حرارة غير مسبوقة فى الأعوام الماضية.

مقالات مشابهة

  • الانسحاب الرسمي في يناير 2026.. أمريكا تهدد مناخ العالم وإفريقيا الخاسر الأكبر
  • أكبر 5 شركات اتصالات في العالم.. تحول رقمي وذكاء اصطناعي
  • منتخب الناشئين يفوز بذهبية كأس العالم لسيف المبارزة
  • المسلماني: يتكون نظام عالمي جديد مع تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة
  • سباق الذكاء الاصطناعي.. دول تسعى للحاق بالولايات المتحدة والصين
  • فتحي سند يطرح سؤالا مهما لجماهير الأهلي
  • الكشف عن الكرة الرسمية لكأس العالم للأندية
  • عمرو الدردير: كوتيسا يرفض الانضمام للأهلي
  • العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب
  • كاتبة صحفية: الصحافة الإسرائيلية تُستخدم لوضع رسائل مبطنة لمصر والوطن العربي