الإمارات تواصل جهودها في صون «لغة الضاد» وتكريس مكانتها العالمية
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
تمثل اللغة العربية ركيزة أساسية من ركائز الهوية الوطنية في دولة الإمارات، التي أخذت على عاتقها مهمة المحافظة على «لغة الضاد» والنهوض بها على المستويات كافة، وتكريس مكانتها في المجتمع الإماراتي، وعلى النطاق العالمي.
وتحتضن الإمارات سنويا العديد المبادرات والفعاليات التي تستهدف تطوير اللغة العربية، واستشراف التحديات التي تواجهها وتقديم المقترحات والحلول لها، وتعزيز مكانتها المستحقة بين لغات العالم، وإثبات قدرتها على مواكبة موجات التحديث في العصر الراهن.
ويتطلع مؤتمر اللغة العربية الدولي السابع، الذي انطلقت فعالياته الثلاثاء في الشارقة، إلى مناقشة القضايا والدراسات والأبحاث وأفضل الممارسات والتجارب العلمية والعملية ذات الصلة بواقع تعليم اللغة العربية وتعلمها، والتعريف بالجهود الفردية والمؤسساتية ودورها في هذا المجال.
ويتضمن برنامج المؤتمر، الذي يعقد حضورياً وعن بعد، مجموعة واسعة من الأنشطة والفعاليات من بينها 22 ندوة علمية، وأربع ندوات لأفضل الممارسات والتجارب، بمشاركة 110 خبراء وباحثين بإجمالي بحوث ودراسات بلغ عددها 82 بحثا ودراسة، وعدد من أفضل الممارسات بلغ 13 ممارسة متخصصة في تعليم اللغة العربية وتعلمها.
وتكمن أهمية المؤتمر في تشجيع الإبداع والمبدعين، وطرح حول للمشكلات التي تواجه تعليم اللغة العربية وتعلمها، ورؤى جديدة للتعامل معها، ووضع الحلول العلمية والعملية لمعالجة مواطن الصعوبة لفتح آفاق مستقبلية للبحث الجاد لتطوير وتوظيف المفاهيم والنظريات الحديثة في تعليم اللغة العربية وتعلمها، إضافة لتشجيع البحوث والدراسات الخاصة بخدمة اللغة العربية والسعي بجدية لوضع تصور واضح يعتمد على الأداء والمشاركة، لفائدة المعلمين والمشرفين التربويين، ومصممي المناهج، والباحثين وصناع القرار.
بدوره، تحول المؤتمر الدولي للّغة العربية الذي تستضيفه دبي سنويا إلى منصة تجمع العلماء والباحثين والمختصين والمهتمين والمعنيين والمسؤولين، والمؤسسات الحكومية والأهلية المهتمة باللغة العربية والمسؤولة عنها، بهدف تنسيق الجهود والتواصل ومناقشة جميع الموضوعات التي تتعلق باللغة العربية خاصّة التعليم، والتعريب، والترجمة.
وركز المؤتمر، خلال دورته التاسعة التي عقدت في نوفمبر الماضي، على محاور تطوير الخطط الدراسية في المدارس والجامعات، والتقنية والذكاء الاصطناعي واللغة العربية، ومبادرات ومشاريع الأفراد والمؤسسات الحكومية والأهلية، إضافة إلى موضوعات وقضايا تتعلق بواقع ومستقبل تعليم اللغة العربية في المدارس الحكومية الوطنية، ومهام ومسؤوليات مجامع اللغة العربية وعلاقتها بالمؤسسات الوطنية.
وشهد المؤتمر حضور نحو 1500 مشارك يمثلون أكثر من 80 دولة، وذلك للاطلاع على أحدث المستجدات والمبادرات والموضوعات في مجالات اللغة العربية وعلومها، وما يتعلق بها من تخصصات ومهن، وابتكارات، وصناعات، وتقنيات.
فيما خرجت قمة اللغة العربية في دورتها الأولى لعام 2023 التي عقدت في العاصمة أبوظبي، بتوصيات تؤكد على ضرورة تكريس استخدام جماليات اللغة العربية وروائعها الخالدة في الشعر والنثر والتركيز على اللهجات أيضا لما فيها من قيم لغوية وجمالية وروحية، وتدعو إلى تفعيل دور المؤسسات الإنتاجية في صناعة المحتوى المتخصص بالطفولة المبكرة ورياض الأطفال باللغة العربية وتفعيل دور المؤسسات الإعلامية في ترسيخ العربية في حيز المجتمع والهوية إلى جانب أهمية التخطيط لإثراء المحتوى والإنتاج التلفزيوني والدرامي العربي مع كل ما يرتبط بذلك من ورش كتابة وتدريب ومحتوى جاد وميزانيات تخلق أبطالا محبوبين عربيا وعالميا.
ودعت القمة في توصياتها إلى ضرورة كتابة التاريخ الإنساني المشترك منطلقا لوعي عربي ثقافي عام وتنمية مهارات التواصل والتعبير لدى الشباب والنشء بلغتهم الأم وتعزيز استخدامات الذكاء الاصطناعي في تعليم النحو والصرف وتوسيع مدارك الناشئة في اللغة العربية واللهجات العربية السائدة وتحفيز الحوار بين اللغات والأنماط العالمية في الخطوط والفنون، وضرورة تنظيم المعارض حول العالم لتعريفه بجماليات اللغة العربية والخط العربي.
وأكّدت التوصيات أهمية إطلاق البحوث العلمية والمعرفية لتقريب اللهجات العامية من الفصحى وتحفيز الدراسات في هوية اللغة وطبيعتها وضرورة إطلاق أعمال بحثية حول حضور الأدب العربي وأثره في الآداب واللغات العالمية.
وترجع جهود الإمارات في دعم اللغة العربية إلى زمن طويل اتخذت خلاله طابعا تحفيزيا خاصة لدى الفئات العمرية الصغيرة بهدف تكريس اعتزاز أبناء الإمارات والعالم العربي بهويتهم، وإرثهم الحضاري وتاريخهم المجيد.
وأقرت الإمارات اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية في جميع المؤسسات والهيئات الاتحادية في إمارات الدولة كافة، وتشكيل مجلس التنسيق والتكامل التعليمي على مستوى الدولة.
ويعد ميثاق اللغة العربية، الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في أبريل 2012، علامة فارقة في مسيرة الإمارات وجهودها لحماية اللغة العربية نظراً لحزمة المبادرات القيمة والعملية التي تضمنها ومن أبرزها: تشكيل المجلس الاستشاري للغة العربية، وتنظيم مسابقات مدرسية في المدارس الحكومية والخاصة لإبراز المبدعين والمتميزين في اللغة العربية من الطلبة ورعايتهم، وتأسيس معهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
كما تجسد جائزة محمد بن راشد للغة العربية، مدى التزام الإمارات بالحفاظ على اللغة العربية وتطويرها بشكل مستدام، وقد خصصت الجائزة في إطار رؤيتها وإستراتيجيتها لتعزيز حضور اللغة العربية وإثرائها، نحو 2.8 مليون درهم إماراتي (750 ألف دولار أمريكي)، توزع بواقع 257 ألف درهم إماراتي (70 ألف دولار) عن كل فئة من فئاتها.ولاقت الدورات السابقة للجائزة نجاحا لافتا ومشاركة واسعة من العديد من الأفراد والمؤسسات من أنحاء العالم المختلفة؛ إذ وصل إجمالي المشاركات على امتداد تاريخها إلى 8246 مشاركة، وبلغ عدد الفائزين الذين تم تتويجهم 49 فائزًا.
بدورها استقطبت مبادرة «تحدي القراءة» منذ إطلاقها في عام 2015 أكثر من 100 مليون طالب وطالبة، وأسهمت في تعزيز الإنتاج المعرفي وقيم الانفتاح الحضاري والتسامح والتواصل الفكري لدى الشباب العربي مع الثقافات المختلفة.
وفي السياق ذاته، لا بدّ من الإشارة إلى «المعجم التاريخي للغة العربية»، وهو المشروع اللغوي الكبير الذي يرعاه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والذي يؤرخ للمرة الأولى لمفردات لغة الضاد وتحولات استخدامها عبر 17 قرناً ماضية.
وأطلق صاحب السمو حاكم الشارقة، في أكتوبر الماضي، 31 مجلداً جديداً من المعجم تغطي 6 أحرف هي «الراء والزاي والسين والشين والصاد والضاد»، ليصبح العدد الكلي للحروف التي تمّ تحريرها إلى الآن 15 حرفاً، من الهمزة إلى الضاد، وليرتفع بذلك عدد المجلدات المنجزة من المشروع إلى 67 مجلداً، تم إصدارها من منشورات القاسمي بالشارقة.
وشهدت الدورة ال 22 لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، التي أقيمت في «إكسبو 2020 دبي»، إطلاق «إعلان الإمارات للغة العربية» الذي يمثل خارطة طريق شاملة تغطي جميع المجالات المرتبطة باللغة العربية.
ويعد الإعلان مرجعاً للمسؤولين في الدول العربية لإطلاق المبادرات والمشاريع التي تحفظ اللغة العربية، وتعزز حضورها لدى الأجيال القادمة، وتستشرف في الوقت نفسه مستقبلها في الفضاء الرقمي والعوالم الجديدة والصناعات المرتبطة باللغة العربية، وتوظيف تكنولوجيا العصر في تعليمها ونشرها؛ لتغدو لغة للحاضر والمستقبل.
(وام)
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات اللغة العربية باللغة العربیة فی تعلیم
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء خلال احتفالية "يوم التفوق" بهيئة قناة السويس: تحول جذري في أنشطة وخدمات القناة يعزز مكانتها العالمية
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم الأربعاء، احتفالية هيئة قناة السويس بيوم التفوق، والتي أقيمت على ضفاف قناة السويس الجديدة بالإسماعيلية، بحضور لفيف من الوزراء والمحافظين، إلى جانب عدد من كبار الشخصيات المحلية والدولية، من بينهم الفريق أسامة ربيع، رئيس الهيئة، وقائد الجيش الثاني الميداني، ورئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى مصر، وسفراء دول الاتحاد الأوروبي، وممثلو البعثات الدبلوماسية، والأمين العام لغرفة الملاحة الدولية، وعدد من قيادات التوكيلات الملاحية العالمية.
وفي كلمته، رحّب رئيس الوزراء بالحضور، مشيرًا إلى أهمية موقع الحدث في واحدة من أهم النقاط الاستراتيجية عالميًا، حيث التقت مياه البحر الأحمر بالبحر المتوسط عند افتتاح قناة السويس الجديدة في أغسطس 2015، لتُصبح شريانًا حيويًا جديدًا يعزز الاستدامة في سلاسل الإمداد العالمية، ويؤسس لرؤية متطورة لإدارة الممر الملاحي الأهم على مستوى العالم.
مدبولي يشهد احتفالية "يوم التفوق" بقناة السويس ويُطلق خدمة جديدة لإزالة مخلفات السفن مدبولي يتفقد أعمال إنشاء السوق الحضرية بحي أول الإسماعيلية: مشروع متكامل للقضاء على العشوائيات ودعم التجارة المحلية تطورات غير مسبوقة في مشروعات تطوير القناةأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن هيئة قناة السويس شهدت منذ عام 2015 جهودًا متواصلة لتطوير المجرى الملاحي، أبرزها تعميق مناطق الانتظار شمالًا وجنوبًا، وإنشاء جراجات للطوارئ، وتثبيت شمعات رباط عملاقة، فضلًا عن تنفيذ مشروع تطوير القطاع الجنوبي، الذي لم يشهد تطويرًا منذ عام 1990، نظرًا لصعوبة التربة الصخرية بتلك المنطقة.
وأضاف أن هذه التطورات جاءت رغم التحديات الكبرى التي واجهت القناة، مشيرًا إلى أن الدعم المستمر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى جانب الكفاءات البشرية والفنية الموجودة بالهيئة، كان لهما الدور الأكبر في تجاوز الأزمات وتحقيق النجاح المستدام.
الأزمة في البحر الأحمر وتأثيرها على حركة الملاحةوفي السياق ذاته، تناول رئيس الوزراء الأزمة الأمنية التي تشهدها منطقة البحر الأحمر حاليًا، والتي أثّرت سلبًا على حجم حركة الملاحة في القناة، وتسببت في تراجع الإيرادات، على الرغم من أن القناة ليست طرفًا في مسببات الأزمة.
وأكد أن هذا الوضع يشكّل عبئًا على الاقتصاد الوطني، لا سيما وأن قناة السويس تُعد أحد أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر.
وأوضح أن الدولة تعاملت مع الأزمة منذ بدايتها بفهم عميق لتداعياتها السياسية والاقتصادية، دون اتخاذ أي إجراءات تتعارض مع دورها الإقليمي، بل سعت إلى معالجتها جذريًا، بالتوازي مع تعزيز الاستثمارات، وتوطين الصناعات الثقيلة، والتوسع في الطاقة النظيفة، وتنشيط السياحة، في إطار خطة وطنية متكاملة تتصدرها قناة السويس والمنطقة الاقتصادية التابعة لها.
تحول نوعي في دور الهيئة وتوسيع أنشطتهاأوضح رئيس الوزراء أن هيئة قناة السويس تشهد حاليًا تحولًا جذريًا من مجرد مرفق ملاحي إلى كيان متعدد الأنشطة، يشمل تقديم خدمات بحرية ولوجيستية متكاملة، مثل صيانة وإصلاح السفن، خدمات الإسعاف البحري، تبديل الأطقم، وجمع المخلفات بطريقة آمنة ومستدامة، بما يدعم رؤية الهيئة للتحول إلى هيئة خضراء بحلول 2030.
وأشار إلى توقيع اتفاقية مع شركة "آنتيبوليوشن" اليونانية لتقديم خدمة جمع المخلفات من السفن العابرة، والتي بدأت بالفعل بأيادٍ مصرية وبتقنيات صديقة للبيئة، معربًا عن فخره بشهود هذا التحول الهام في تاريخ القناة.
دعوة للاستثمار العالمي وتعزيز التعاون الأوروبيوأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن هذه الشراكات تمثل فرصة حقيقية لدعوة الشركات الأوروبية والعالمية للاستثمار في الخدمات البحرية واللوجيستية في قناة السويس والمنطقة الاقتصادية التابعة لها، بما يعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي للخدمات اللوجيستية والبحرية.
وأشار كذلك إلى الجهود المبذولة لتوطين صناعة الوحدات البحرية واليخوت السياحية من خلال مصنع "مصر للقاطرات"، وشركة "قناة السويس للقوارب الحديثة" في المنطقة الحرة بسفاجا، بالشراكة مع شركة ترسانة جنوب البحر الأحمر.
تحية تقدير لرجال قناة السويسوعبّر رئيس الوزراء عن سعادته بالمشاركة في احتفالات يوم التفوق بهيئة قناة السويس، مؤكدًا أن القناة كانت وستظل رمزًا للإلهام الوطني والعطاء المتجدد، حتى في أصعب الأوقات.
ووجّه مدبولي تحية شكر واعتزاز إلى كل العاملين بهيئة قناة السويس على جهودهم الوطنية، مؤكدًا استمرار الدعم الحكومي الكامل للقناة، كي تبقى دائمًا شريانًا للرخاء ومصدرًا للفخر القومي، وأمانة تتوارثها الأجيال المصرية على مر العصور.