رسالة إلى السيد الرئيس "2"
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
إن ما تحتاجه مصر أساسًا إنما هو ثورة نفسية بمعنى ثورة على نفسها أولا، وعلى نفسيتها ثانيا، أي تغيير جذري في العقلية والمثل وأيدلوجية الحياة قبل أي تغيير حقيقي في حياتها وكيانها ومصيرها، ثورة في الشخصية المصرية وعلى الشخصية المصرية، ذلك هو الشرط المسبق للتغيير شخصية مصر وكيان مصر ومستقبل مصر، هذا ما ذكره المؤرخ الجغرافي الكبير جمال حمدان في كتاب" شخصية مصر.
ومن عبقرية المكان لجمال حمدان إلى عبقرية فأس الفلاح الذي كان بيد والدي المزارع البارع والفلاح العفي، وهو من نفس جيل جمال حمدان واللذين كانا يمثلان قوة دفع الهوية المصرية لهذا الجيل والتي شارفت علي الاندثار الآن، ففي أرضنا الزراعية التي كنت ملازما لوالدي في فلاحتها أثناء مراحل طفولتي إلي التحاقي بالجامعة، كانت هناك بقع من حشائش تسمي "النجيل" تلك الحشائش تمتد بجذورها العنقودية إلي عمق الأرض، وتتشعب وتتسع في الأسفل لتمتلك تشابكات التربة ووجودها خطير على الزراعات لأنها تمتص الأرض وتمنع جذور النبات من التغذية من المركبات والأسمدة المطلوبة، فإن نجح النبات في استكمال دورته الزراعية يكون ضعيفا ولونه أصفر مخنوق من الموت وتكون ثماره ضعيفة لا قيمة أو وزن له.
وبما أن فأس والدي رغم قوته لا يستطيع إلا تقطيع الظاهر من النجيل من حشائش على وجه الأرض وتبقى الجذور العنقودية تمتد وتتسمع لتبتلع الأرض وتجعلها غير صالحة للزراعة، فكان والدي رحمة الله عليه يأتي بمحراث كبير حجمه ضخم يصل إلى أبعد من عمق جذور النجيل ويقوم بتقليب الأرض بقوة ليستخرج عناقيد الجذور من العمق الي السطح ومن ثم يترك الأرض تتشمس حتى تنشف الجذور وتفقد ديمومة تواجدها ومن ثم يقوم بتجهيز الأرض للزراعة.
الذي فعله والدي بالتربة هو ما قصده جمال حمدان، فالنجيل ذات الجذور العنقودية تمثل حالة الاغتراب التي اخترقت الهوية المصرية والفساد الذي تجذر وتشعب أثناء عهد نظام حكم مبارك وأصبح واقعا مشرعنا ثقافيًا يحكم المؤسسة والفرد، والفلاح الممسك بالفأس هو المسئول الذي "لا حول ولا قوة له" وأصبح متعايشا ومستسلما لواقع التربة الفاسد وكل زرعه مخنوق من الموت ولا ثمار له، فالنظام الحاكم الحالي قد جهز سطح الأرض جيدًا وجاء بأنواع ممتازة من البذور وأسمدة ونظام ري قوي، وعندما زرع وانتظر الحصاد وجد النجيل "الفساد المتجذر" يخنق الزرع ولا يوجد ثمار، ويشاع الآن إن هناك تغييرا للحكومة وهذا ما تقوم به مصر منذ الستينيات وللأسف ما تحتاجه مصر تغيير سياسات وليس أشخاصا، والمطلوب فورًا هو تغيير كلي في سياسة الحكم عن طريق تكوين دائرة صناعة قرار من رجال دولة أصحاب كفاءة وتخصص تكون مهمتهم توليد جهاز إداري للدولة حديث بداخله عنصر بشري ابن للثورة الرقمية.
والآن مصر قد انضمت إلى مجموعة دول البريكس في قرار تاريخي ونافذة إنقاذ لها مما يحاك بها من مؤامرات يستخدم فيها الجانب الاقتصادي وعملة الدولار ضدها كضغط شديد لتركعيها وإخراجها من معادلة الوجود والتأثير في الشرق الأوسط، ولذا فلا بد من وجود جهاز إداري حديث للدولة داخل دائرة الرقمنة، متضمن عنصرا بشريا عصريا، لكي تستطيع مصر الاندماج مع مكونات بريكس، وبناء علاقات مصالح متبادلة نستطيع التعاطي معها بندية، لأن الاستمرار في التعاطي مع العلاقات داخل بريكس من خلال جهاز الدولة الحالي هو نوع من الانتحار، ولذا ندعو دائمًا لصياغة دائرة صناعة قرار من رجال دولة حقيقيين، لرسم استراتيجية المستقبل ولجم سعار تمدد الحاضر القاتل.
*كاتب معني بالشأن العام
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مصر جمال حمدان
إقرأ أيضاً:
«المصريين»: رسالة الرئيس بشأن تهجير الفلسطينيين تعكس موقف مصر الثابت من القضية
أكد المستشار حسين أبو العطا، رئيس حزب المصريين، عضو المكتب التنفيذي لتحالف الأحزاب المصرية، أن رسائل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جموع الشعب المصري حول ما يتردد بشأن تهجير الفلسطينيين تعكس الموقف الثابت للدولة المصرية في دعم الحقوق الفلسطينية ورفض أي حلول تأتي على حساب الأمن القومي المصري، مشددًا على أن تصريحات الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الكيني بقصر الاتحادية، والتي أكد فيها رفض مصر القاطع لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، تحمل دلالات واضحة على التزام الدولة المصرية بحماية أراضيها ودعم الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة.
وقال «أبو العطا»، في بيان اليوم الأربعاء، إن الرئيس السيسي بعث برسائل طمأنة واضحة للشعب المصري، مفادها أن الدولة المصرية لا يمكن أن تتهاون أو تسمح بأي مساس بأمنها القومي، وأنها لن تقبل بأي مخطط يهدف إلى تهجير الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية، مؤكدًا أن هذا الرفض يأتي في إطار التزام مصر التاريخي بالقضية الفلسطينية، وحرصها على الحفاظ على استقرار المنطقة.
وأشار رئيس حزب المصريين إلى أن تصريحات الرئيس السيسي جاءت في توقيت بالغ الحساسية، حيث تحاول بعض الأطراف الدولية تمرير مشاريع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال فرض حلول غير عادلة، مثل تهجير السكان من قطاع غزة، مؤكدًا أن هذا الطرح مرفوض تمامًا من قبل الدولة المصرية، التي تدعم الحل القائم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف عضو المكتب التنفيذي لتحالف الأحزاب المصرية، أن الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسي تعمل على عدة محاور دبلوماسية وسياسية لحشد الدعم الدولي الرافض لعمليات التهجير القسري للفلسطينيين، موضحًا أن مصر تبذل جهودًا كبيرة لمنع أي محاولة لفرض واقع جديد في الأراضي الفلسطينية، وهو ما يظهر جليًا في التحركات الدبلوماسية المصرية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
وشدد على أن الموقف المصري يحظى بدعم عربي واسع، حيث أجمعت الدول العربية على رفض أي مخطط يؤدي إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وأكدت الجامعة العربية مرارًا أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هو تطبيق قرارات الشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية المصرية لم تتخل يومًا عن مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية، بل كانت دائمًا داعمًا رئيسيًا للحقوق الفلسطينية المشروعة.
وتابع أن مصر قدمت تضحيات كبيرة من أجل فلسطين، وستظل على موقفها الرافض لأي محاولة لتصفية القضية، وحزب المصريين إلى جانب الأحزاب الوطنية الأخرى يدعم موقف الدولة المصرية والقيادة السياسية في مواجهة أي محاولة للمساس بسيادتها أو استخدام أراضيها لحل القضية الفلسطينية بطريقة غير عادلة، ورسائل الرئيس السيسي بعثت برسالة واضحة للعالم بأن مصر لن تسمح بأي مخطط يهدد استقرارها، ولن تقبل بأي حل للقضية الفلسطينية يكون على حساب أمنها القومي.