هل سنتخلى عن الوقود الأحفوري في الوقت المناسب؟
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
هنالك مهدِّد وشيك يتضاءل إزاءه أي تحدٍّ اقتصادي أو سياسي آخر يواجه البشرية. إنه التغير المناخي. فهل سنتخلى عن الوقود الأحفوري في وقت قريب بما يكفي لتلافي عواقبه التي لا يمكن التخلص منها؟
لكي نكون واضحين. السؤال هو: متى (وليس هل) تنتقل الولايات المتحدة من الوقود الأحفوري إلى أشكال الطاقة المتجددة والأقل إطلاقا للكربون؟
يمكن للساسة تسريع هذا الانتقال أو إبطاؤه.
فبفضل الإنجازات التقنية التي تحققت بأسرع من المتوقع والدعومات المالية الأكثر سخاء أصبحت طاقة الشمس والرياح منافسة باطراد لموارد الطاقة التقليدية في تكلفتها. وفي الحقيقة صار بناء وتشغيل محطات جديدة تماما لتوليد الكهرباء بواسطة الرياح أو أشعة الشمس في معظم مناطق الولايات المتحدة أرخص من الاستمرار في تشغيل محطات موجودة تستخدم الفحم الحجري.
ربما ليس مفاجئا أن إجمالي طاقة الكهرباء المنتجة بواسطة الرياح والشمس سيتجاوز بقدر كبير الكهرباء المنتجة بواسطة الفحم الحجري في وقت ما خلال هذا العام، حسب توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية المستقلة.
لتوضيح حجم تطوير الموارد المتجددة الذي تقف وراءه عوامل اقتصادية واقعية وليس عواطف ومواقف سياسية أو حروب ثقافية ينبغي ملاحظة أن تكساس هي الولاية التي تنتج معظم الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة.
لكن تظل هنالك تحديات من بينها كيفية تخزين الطاقة المتجددة الجديدة بحيث يمكن للناس ضمان الحصول على الكهرباء في الأيام الغائمة أو التي لاتهب فيها الرياح.
حقا، تتحسن تقنية البطاريات. لكنها لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب. إضافة إلى ذلك نحن بحاجة إلى بناء المزيد من مستلزمات البنية الأساسية (خطوط نقل الكهرباء ومحطات تعبئة السيارات الكهربائية) بحيث يصبح من الممكن نقل الكهرباء من أماكن توليدها إلى أماكن الحاجة إليها. وتسريع هذه الأشياء يحتاج إلى دفعة.
لحسن الحظ في العام الماضي سنَّت الولايات المتحدة استثمارا قياسيا في حجمه لتطوير الموارد المتجددة والبطاريات من خلال قانون خفض التضخم. لكن الاستخدام الفعال لهذا المال موضوع آخر.
لأسباب سياسية يستخدم القانون أساسا الجزرة وليس العصا. بمعنى أنه يدفع أموالا للناس لكي يتبنّوا الطاقة النظيفة بدلا عن فرض ضريبة أو الحد من استخدام الطاقة الأحفورية التي تطلق انبعاثات كثيفة من الكربون. هذه الاستراتيجية الأخيرة والتي اعتمدها الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى مرغوبة بقدر أقل ولكنها أكثر فعالية.
أثقلت الولايات المتحدة أيضا كاهل برنامجها المناخي بأهداف لا صلة لها به كالحمائية وإجراءات حسنة المقاصد تتعلق بالعدالة اجتماعية (على سبيل المثال تخصيص الأولوية في تشييد محطات تعبئة السيارات الكهربائية للأحياء التي تقطنها العائلات منخفضة الدخل على الرغم من ضعف احتمال شرائها سيارات كهربائية جديدة.)
ومهما كان شعورك تجاه هذه الأهداف إلا أنها تعني أننا (في الولايات المتحدة) لا نركز على المعايير التي تساعد على تصميم وإنتاج تقنية أفضل وتبنيها بسرعة.
كما فشلنا أيضا في إزالة العقبات غير المالية التي تعرقل تطوير الموارد المتجددة مثل عملية الترخيص المعقدة.
فاقمت الولايات والمقاطعات الأمريكية هذه المشكلة بتعمدها إبطاء أو حتى حظر تشييد توربينات الرياح ومصفوفات ألواح الخلايا الضوئية وخطوط الكهرباء المطلوبة لنقل الطاقة إلى أرجاء البلاد.
يمكن التقليل من بعض هذه العقبات الإجرائية وتلك المتعلقة بإصدار التراخيص بواسطة الكونجرس الذي لم يحرك ساكنا حتى الآن. وتحتاج إزالة عقبات أخرى إلى إقناع المجتمعات المحلية مثلا بأن مزارع الرياح أو خطوط نقل الكهرباء الكئيبة المنظر تخدم أفضل مصالحها. وهذه مشكلة اقتصاد سياسي تشكل تحديا. فمنافع تشييد البنية الأساسية للموارد النظيفة مُشاعة فيما تتركز تكاليفها (وجمالياتها أو قبحها) على مناطق محددة.
ثم بالطبع هنالك باقي العالم. فالمحافظون الذين يُقِرُّون بحقيقة التغير المناخي يشيرون أحيانا إلى أنه بدون تعاون كبار الملوثين الأجانب سيفرض العمل على تسريع التخلي عن الوقود الأحفوري تكاليف على الأمريكيين دون أن يحدَّ بقدر كاف من التغير المناخي.
ذلك صحيح. لكنه لا يعني أننا لا يجب أن نحاول ذلك. نحن بحاجة إلى حوكمة حاذقة سياسيا وعلاقات دبلوماسية قوية واستراتيجية حقيقية لمواءمة الحوافز الدولية. أما مقاربة العمل المنعزل والفردي الذي لا يأبه بالآخرين وهي المقاربة التي يقدمها اليمين المتطرف (من بين جهات أخرى) فتضعف قدرتنا على حل مشكلة العمل الجماعي الصعبة.
هنالك أسباب ذاتية عديدة أخرى يجب أن تحفزنا نحن (كأمريكيين وكبشر) على تسريع هذه العملية. السبب الواضح من بينها ظهور موجات الحر والجفاف والمجاعة والأعاصير والفيضانات والأمراض المعدية. وهي موجات مميتة وباهظة التكلفة. هذا إلى جانب الهجرة الجماعية المقوِّضة للاستقرار والمترافقة مع التغير المناخي. لقد بدأ الأمريكيون في مواجهة عواقب الركون إلى السلبية وعدم الفعل في الداخل وأيضا على طول الحدود.
إلى ذلك تشييد البنية الأساسية لطاقة الموارد المتجددة سيجعل الولايات المتحدة أقل تأثرا بأمزجة منتجي النفط.
في الأثناء يحتدم السباق بين التغير المناخي والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري. وبدون تطبيق سياسات حكومية شاملة ومؤثرة سيكون الكوكب في طريقه إلى تجاوز العتبة الكارثية لارتفاع درجات الحرارة خلال العقد القادم، حسب توقعات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي.
أملي أن تساعد براعة البشر وغريزة حفظ الذات على تحقيق أهدافنا المناخية في موعدها المحدد.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الموارد المتجددة الوقود الأحفوری البنیة الأساسیة التغیر المناخی
إقرأ أيضاً:
العراق يرفض مقترح “COP29”: لن نتخلص من الوقود الأحفوري فهو أساس اقتصادنا
الاقتصاد نيوز - بغداد
أكد رئيس لجنة الصحة النيابية، ماجد شنكالي، أن العراق يرفض فكرة التخلص من الوقود الأحفوري التي كانت عنواناً بارزاً في مؤتمر المناخ “COP29″، معللاً ذلك بأن الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل رئيسي على الوقود الأحفوري، لافتاً إلى دور العراق القوي في مؤتمر، سيما أنه سيترأس قمة الـ”G7 Plus” مع الصين في الدورة المقبلة.
وتعلو أصوات عالمية ومطالبات بالتخلص التدريجي من عمليات الوقود الأحفوري ومشاريع النفط والغاز في الدول النفطية، جراء التلوث الذي تسببه، واستبدالها بمصادر الطاقة البديلة مثل (الشمسية – الهوائية – المائية – الحرارية).
وقال شنكالي في تصريح للوكالة الرسمية تابعته "الاقتصاد نيوز"، إن “مشاركة الوفد النيابي في مؤتمر COP29 جاء لمتابعة عمل الوفد التفاوضي ومواكبة آخر المستجدات في المؤتمر”، مبيناً أن “مؤتمر المناخ ركز على قضايا مهمة، أبرزها التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وهو أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد العراقي، وهو ما نرفضه تماماً”.
وتابع شنكالي، “هناك اقتراح من أذربيجان لدعم الدول النامية من قبل الدول النفطية، لكن هذا الاقتراح رُفض، لأن معظم الدول المنتجة للنفط هي نفسها دول نامية”.
ولفت إلى، أن “الحضور السياسي الفاعل من قبل رئيس الجمهورية ووكلاء الوزارات والجهات التنفيذية، بالإضافة إلى الدعم التشريعي من البرلمان العراقي، يعزز من موقف العراق في هذه المؤتمرات، خاصةً وأنه سيتولى رئاسة قمة الـG7 Plus مع الصين في الدورة المقبلة”.