رام الله- عرفت بلدة "إذنا" كواحدة من أبرز بؤر الضفة الغربية اشتعالا خلال "انتفاضة الحجارة"، التي انطلقت شرارتها أواخر 1987 وامتدت لعدة سنوات، لكن مشاركتها كانت أقل حدة في "انتفاضة الأقصى" عام 2000، وفي الهبات اللاحقة، إلى معركة طوفان الأقصى.

تقع البلدة غرب مدينة الخليل جنوبي الضفة، في مكان جغرافي حساس، مما قلل فرص مشاركتها في الفعاليات الشعبية المناهضة للاحتلال أسوة بمناطق أخرى ساخنة، فمن الناحية الغربية يقع جدار الفصل الإسرائيلي، وإلى الشمال منها يقع معبر ترقوميا، الذي يعتبر شريان حياة يربط الضفة مع الأراضي المحتلة عام 1948.

هذا الواقع جعل كثيرا من سكان البلدة يتجهون إلى العمل في إسرائيل، أو في تجارة الخردة (المعادن) وإعادة تدويرها وفصلها عن بعضها، وهو قطاع رائج بشكل كبير في البلدة.

والدة الشهـ.ـيد عدي أبو جحيشة من بلدة إذنا بالخليل: لم تهن عليه دماء أبناء وطنه، وكان يريد أن يصبح مثل إبـ.ـراهيـم النـ.ـابلسـي #حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/JQyHI7kdDm

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) January 13, 2024

واقع جديد ومقاومة مختلفة

تغير الحال في البلدة ذات الـ30 ألف نسمة يوم الجمعة 12 يناير/كانون الثاني الجاري، حين أعلن جيش الاحتلال تمكنه من قتل 3 شبان تمكنوا من التسلل إلى مستوطنة "أدورا" وإصابة جندي، ثم أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن الشبان هم: محمد عرفات أبو جحيشة (15 عاما)، عدي إسماعيل أبو جحيشة (17 عاما)، إسماعيل أحمد أبو جحيشة (19 عاما)، وجميعهم من بلدة إذنا.

على الفور، شرع الاحتلال -ضمن سلسلة عقوبات جماعية بحق سكان البلدة- "في حصار مشدد وخانق للبلدة من مختلف الجهات، واعتقالات واسعة، ومداهمة منازل ذوي الشهداء وتخريب محتوياتها والتهديد بهدمها، مع هدم 5 منشآت صناعية، ومصادرة شاحنات ومركبات" وفق ما صرح به للجزيرة نت رئيس البلدية جابر الطميزي.

#صورة | الشــ.ــهداء اسماعيل أبو جحيشة ومحمود أبو جحيشة وعدي أبو جحيشة من بلدة إذنا غربي الخليل الذين ارتقوا بعد تنفيذ عملية إطلاق نـار في مستــوطنة "أدورا" الليلة الماضية. pic.twitter.com/xLlALT9GVO

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) January 13, 2024

وغير بعيد عن بلدة إذنا وإلى الشرق منها، كانت بلدة دورا على موعد مع اقتحام إسرائيلي عنيف، أسفر عن استشهاد الشابة عهد محمود أولاد محمد (24 عاما) وهي أم لطفلة، بينما كانت تقف على سطح منزلها، والشاب محمد حسن إبراهيم أبو سباع (22 عاماً)، وأصيب 10 آخرون، وخرج في جنازتهما آلاف المشيعين رافعين أعلام الفصائل، في مشهد لم تألفه البلدة منذ سنوات.

أما إلى الشرق من مدينة الخليل، فخطفت الأنظار بلدة بني نعيم، إذ خرج منها منفذا عملية الطعن والدعس في مدينة "رعنانا" داخل الخط الأخضر، الاثنين، وهما أحمد محمد علي زيادات (25 عاما) وعمّه محمود علي سالم زيدات (44 عاما)، وقد اعتقلا في اليوم ذاته.

انقلبت حياة السكان بفعل العقوبات الجماعية، وأغلقت مداخل البلدة، وجرت مداهمة منزلي المنفذين والاعتداء على ذويهما، وأخذ قياسات المنزلين تمهيدا لهدمهما.

قوة من جنود الاحتلال تقتحم بلدة بني نعيم شرقي الخليل في الضفة الغربية pic.twitter.com/USttWfGSix

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) January 14, 2024

امتداد من الشمال إلى الجنوب

ما حدث في البلدات الثلاث جنوبي الضفة الغربية خلال أيام متقاربة، مثّل تسارعا واتساعا جديدا لرقعة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، فيما شكلت عملية "رعنانا" واقتحام مستوطنة "أدورا" تنوعا في أدوات المواجهة.

وفي قراءته لمسار المواجهة بالضفة، يقول المحلل السياسي سامر عنبتاوي "صحيح أن المقاومة الشعبية كانت محصورة قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في بعض نقاط الاشتباك بالضفة، وكانت المقاومة المسلحة محصورة في بعض المخيمات شمالا، لكن الجانب الإسرائيلي سعى إلى تصعيد الوضع الميداني".

وأضاف عنبتاوي -في حديثه للجزيرة نت- أن "سياسية الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، وعضوية الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، هي التصعيد، وكان ذلك واضحا تجاه الأسرى والمسجد الأقصى والاستيطان".

وعن الاختلاف بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أضاف المحلل "أخذ الوضع الميداني بالتصاعد أكثر، مئات الشهداء، وآلاف الجرحى في 100 يوم بالضفة، نتيجة اجتياحات الجيش الإسرائيلي، في حين بدأت مظاهر المقاومة تمتد إلى مناطق جديدة كأريحا وقلقيلية والخليل وطولكرم، بعد أن كانت محصورة في مخيم جنين ونابلس القديمة وبعض القرى والمخيمات".

كما وثق مركز المعلومات الفلسطيني غير الحكومي "معطى" 567 عملا فلسطينيا مقاوما في أنحاء مختلفة في الضفة الغربية، بين 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي و11 يناير/كانون الثاني الجاري، بينها 140 عملية إطلاق نار، طالت تقريبا معظم محافظات الضفة الغربية.

وحتى يوم الأربعاء، أدى التصعيد الإسرائيلي في الضفة إلى استشهاد 360 فلسطينيا، وإصابة قرابة 2200 بجروح وفق وزارة الصحة الفلسطينية، واعتقال نحو 6 آلاف وفق نادي الأسير الفلسطيني.

اتساع بدل الردع

ويعتبر المحلل السياسي عنبتاوي أن "التعامل مع الضفة رهين صراع بين توجهين في إسرائيل، أحدهما تيار حاكم يشن حربا عدوانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، والآخر تيار معارض يحذر من انفجار الوضع".

وأضاف "صحيح أن محور الحرب هو القتل والتدمير في قطاع غزة، لكن هناك حربا غير معلنة على الضفة، متمثلة بقمع واجتثاث المقاومة منها قبل تطورها، لتحقيق الردع من جهة، وفرض العقوبات على الشعب الفلسطيني من جهة ثانية، ونشاهد ذلك في التدمير الممنهج للمباني والسيارات والاستهداف بالطائرات والتنكيل بالأسرى وتقطيع أوصال المناطق".

وأضاف المحلل السياسي أن "الاتجاه الثاني في إسرائيل يحذر من انفجار الوضع، نتيجة احتجاز أموال السلطة وزيادة القمع، ومنع وصول العمال إلى أماكن عملهم، وبالتالي فتح جبهة جديدة".

ويرى عنبتاوي أن "الغلبة هي للاتجاه المتطرف الذي يسعى للتصعيد في الضفة"، فهو لم يحقق الردع الذي يبحث عنه، ويوضح "ما نشاهده اليوم مواجهات مستمرة تزداد بشكل أكبر، بل تمتد لمناطق أوسع".

ويشير المحلل الفلسطيني إلى أن "هناك تلاحما يحاول الاحتلال تدميره دون أن ينجح، فما حصل في القطاع كان استجابة لما كان يحصل في الضفة، بالتالي الضفة تتلاحم وتتلاءم بشكل كامل مع قطاع غزة، دون أن ينال ذلك من عزيمة الشعب الفلسطيني".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الضفة الغربیة فی الضفة

إقرأ أيضاً:

شهيدان في جنين والضفة تحيي يوم الأسير الفلسطيني

استُشهد فلسطينيان ظهر اليوم الأربعاء، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي جنوب جنين، في حين شهدت عدة مدن وقفات ومسيرات إحياء لـ"يوم الأسير" في الضفة الغربية المحتلة.

وقالت وزارة الصحة، إن الهيئة العامة للشؤون المدنية أبلغتها باستشهاد الشابين محمد عمر زكارنة (23 عاما)، ومروح ياسر خزيمية (19 عاما)، برصاص الاحتلال بين قرية مسلية وبلدة قباطية جنوب جنين.

وكانت قوات الاحتلال قد حاصرت صباح اليوم مغارة في منطقة محاجر بين قباطية ومسلية، وأطلقت تجاهها قنابل الأنيرجا والرصاص الحي بشكل كثيف، ثم شرعت جرافات الاحتلال بتجريف الموقع.

وأظهرت مقاطع فيديو تنكيل جرافات الاحتلال وجنوده بجثماني الشهيدين، بعد انتشالهما من المغارة.

من جهتها، نعت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الشهيدين زكارنة وخزيمة، اللذين استشهدا خلال اشتباك مسلح مع قوة إسرائيلية خاصة حاصرتهم لساعات جنوب جنين.

يُذكر أن عدد الشهداء في بلدة قباطية وصل إلى 34 منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع استمرار العدوان المتواصل لقوات الاحتلال، وحملات الاعتقال المتكررة.

وقد تعرضت البلدة منذ نهاية 2024 وحتى اليوم لـ4 اقتحامات كبيرة، شاركت فيها جرافات عسكرية، ما أدى إلى تدمير واسع في البنية التحتية والممتلكات، ووصلت الخسائر بحسب وزارة الأشغال إلى قرابة 8 ملايين شيكل.

إعلان

يأتي ذلك بينما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه اقتحاماتهم لمدن الخليل والقدس، تزامنا مع العدوان على مخيمات شمال الضفة الغربية، ما أسفر عن شهداء وجرحى واعتقالات، ونزوح نحو 40 ألف فلسطيني، وتدميرا واسعا في مخيمات جنين، وطولكرم، ونور شمس.

تواصل قوات الاحتلال عدوانها على مدن وبلدات ومخيمات الضفة الغربية (الجزيرة) يوم الأسير

في الوقت ذاته، شهدت عدة مدن في الضفة الغربية المحتلة اليوم الأربعاء وقفات ومسيرات وفعاليات إحياء لـ"يوم الأسير الفلسطيني" الموافق لـ17 أبريل/نيسان من كل عام.

وشارك العشرات في فعالية مركزية بميدان المنارة وسط مدينة رام الله وسط الضفة، بدعوة من القوى والفصائل الوطنية.

ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، وصورا للأسرى ولافتات منددة بالجرائم الإسرائيلية بحقهم، وعقب الوقفة انطلقت مسيرة جابت عدة شوارع بالمدينة.

وقال رائد أبو الحمص رئيس هيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير في كلمة له، إن الأسرى يذبحون في السجون الإسرائيلية، ويتعرضون لحرب إبادة صامتة.

وشدد أبو الحمص على أن الشعب الفلسطيني موحد في التضامن مع الأسرى.

كما نظمت مسيرات ووقفات مماثلة في مدن نابلس وقلقيلية وطوباس شمالي الضفة، وبيت لحم (جنوب).

وفي جميع المسيرات والفعاليات أكد المشاركون دعمهم للمعتقلين في السجون الإسرائيلية، وطالبوا بالإفراج عنهم.

ومن المفترض أن تنظم غدا الخميس، مسيرات ووقفات مماثلة في مدن وبلدات الضفة الغربية.

ومنذ 1974، يحيي الفلسطينيون في 17 أبريل/نيسان من كل عام، "يوم الأسير الفلسطيني"، من خلال سلسلة من الفعاليات.

دبابات إسرائيلية تشارك في العدوان على جنين (الفرنسية)

وحتى مطلع أبريل/نيسان 2025 تجاوز عدد الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية 9900 أسير، من بينهم 3498 معتقلا إداريا يُحتجزون من دون تهمة أو محاكمة، وما لا يقل عن 400 طفل، و27 أسيرة، بحسب نادي الأسير الفلسطيني.

إعلان

ويحيي الفلسطينيون هذا العام يوم الأسير بينما تواصل إسرائيل بدعم أميركي إبادتها الجماعية في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مخلفة أكثر من 167 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

وبالتوازي صعّد جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 950 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف، واعتقال 16 ألفا و400 فلسطيني وفق معطيات فلسطينية رسمية.

مقالات مشابهة

  • قوات الاحتلال تقتحم بلدة قباطية جنوب جنين بـ الضفة الغربية
  • الاحتلال شن حملة اعتقالات شمال الضفة الغربية
  • الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة بلدات بالضفة الغربية
  • شهيدان في جنين والضفة تحيي يوم الأسير الفلسطيني
  • استشهاد مقاومين فلسطينيين في اشتباك مع قوات العدو الصهيوني في جنين شمالي الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال تقتحم مدينة الخليل بالضفة الغربية
  • قوات الاحتلال تشن عملية عسكرية في مناطق من جنين بالضفة الغربية
  • قوات الاحتلال تقتحم مدنا وقرى في الضفة الغربية
  • سقوط شهداء وجرحى.. قصف إسرائيلي يستهدف عدة مناطق في مدينة غزة
  • قوات الاحتلال تقتحم قرية ترمسعيا شمال رام الله بالضفة الغربية