لجريدة عمان:
2025-02-22@09:31:45 GMT

حديث ذاتي

تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT

إنَّ الفارق بين «الفعل» و«عدم الفعل» ضئيل جدًا، ومتى ما ظننا بأن الفعل وحده ما يحدد حياتنا مسيرها ومصيرها؛ فيجب أن نتأهب للعواقب عاجلًا أم آجلًا. وتمثل السلطة الخفية أحد أبرز العوامل في اختيارنا للفعل من عدمه، وهذه السلطة تتضمن العائلة والأصدقاء والأقرباء والمعارف، أو بالأحرى كل من نهتم لأمرهم ونظن بأنهم يتوقعون منا أفعالا معينة بطريقة معينة في حال معينة يكون لرأيهم تأثير علينا، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

الحرية الشخصية والوعي الحقيقي بالذات، يعدان أمران حيويان ومغيبان في الآن ذاته!؛ فالوعي بالذات يجعلنا نختار الصواب -يتحدد الصواب هنا بالقناعات التي نتبناها والمبادئ والأسس الأخلاقية لهذه القناعات- بمعزل عن السلطة الخفية وبوعي تام بوجودها، أي أن تلك السلطة تذوب تماما أمام ما اعتبرناه صوابًا. أما من يرزح تحت قيود السلطة الخفية تلك، فيظل مقيدا موجَّهَ الأفعال والتصرفات دون أن يدري!؛ وذلك لأن ما يقوم به يكون نتيجة ضغط لا يلزم بالضرورة أن يكون ضغطًا حقيقيًا، وإنما هو ضغط مُتَخَيَّلٌ يُلزِم الإنسان نفسه به ويعيش وفقًا له. وهذا ينطبق على الأمور الكبيرة والقرارات المصيرية وعلى الأمور اليومية الاعتيادية على السواء.

تنبري أمام الإنسان في لحظات الصفاء المطلق خياراته، ويصاب بالهلع أحيانًا جراء ما فعله، أو ما يعتقد أنه ينبغي عليه أن يفعله. وما بين اتخاذ القرار بوعي حقيقي، وبين اتخاذه بناء على ما سبق الإشارة إليه من سلطة وضغط غير حقيقيين؛ تكون النتائج النهائية حاسمة في تحديد مصير الإنسان. فإما أن يتطرف في اختياراته وينعزل انعزالًا كليًا عن المجتمع والحياة، أو أن يمارس حياته بوسطية تتيح له الانزواء في زاويته الخاصة في كوخه الصغير تارة، وممارسة حياته تحت أضواء المسرح تارة أخرى، ويظل محتفظًا بذاتيته الحقيقية ونقائها الذي يبذل جهده للحفاظ عليها.

الحياة طريق طويلة عسيرة، وللإنسان فيها الخيار الكامل والتام في كيفية سلوكها، ولكن هذه الطريق ذاتها هي ما تصقل المرء وتكشف معدنه؛ فإما أن يذوب في المُتَخيَّل والمُنتَظَر منه، أو أن يشق طريقه الخاص بقناعاته التي يبنيها ويهدمها منتقلا من طور إلى طور في سبيل تشييد كماله الإنساني. بعبارة أخرى، يمكن له أن يختار شلة أو جماعة أو فئة ينضوي تحتها ويعتقد معتقدها ويتبنى مواقفها الأخلاقية والثقافية والاجتماعية، أو أن يكون حرًا يختار صوابه بمعزل عن الانضواء تحت أي جماعة وتكون له آراؤه الخاصة الذاتية النابعة من قناعة صادقة وبحث متأن.

يردد المثقفون عبارة «الوعي مؤلم» ونحوها، وفي الحقيقة فإن الألم والصعوبة الحقيقيين يكمنان في الشجاعة بأن نكون نحن كما نؤمن بأنفسنا، لا كما يرانا الآخرون. أتذكر عبارة في هذا السياق لأحد الأصدقاء «بعض الناس يريدونك ضحيةً ويتجمعون حولك حين تكون ضحيةً، ويهاجمونك حين تتعافى». إن هذا السلوك لا يعدو كونه أمرًا إنسانيًا مكررًا، فالناس يحبون المسيح مصلوبا ولا يرون له قدسية أو رمزية دون ذلك الصلب!. وفي الثقافة، يكون المؤلف الشهيد أعلى قيمة من الحي؛ حتى وإن كان المؤلف الحي أكثر معرفة وأهم طرحا ومعرفة وإنتاجا. لا أحب التطرف حد القول بأن المثقف المسجون يكون رمزًا أكثر من المثقف الذي لم يذق السجن، ولكن الحياة الواقعية تفرض علينا بأن نعترف بأن هنالك مثقفين ذاقوا مرارة السجن ثمنًا لقناعاتهم الصادقة، وآخرون انتفعوا من السجن لتكوين صورة المناضل الحر وفي الحقيقة هم ينتفعون من تلك الصورة المزيفة.

تتطلب الحياة التي تموج بنا في هذه البحار الهائجة من النار والسم الذي نظنه عسلا، أن نتروى قليلا وننزوي في جبلنا أو مزرعتنا الروحيتين ونفكر في المسار الذي نسلكه والطريق الذي نشقه. وكما أن على الإنسان أن يعمل بجد، فعليه أن يرتاح قليلا ليلتقط أنفاسه؛ كي لا تتوقف عضلة القلب عن العمل بعد مجهود فاق قدرتها التشغيلية! وهذا ينطبق على طوفان الأقصى والإبادة التي يتعرض لها أشقاؤنا الفلسطينيون؛ فالانغماس الكلي في مشاهدة القتل وقراءة الأخبار السلبية وحدها يميت القلب ويصيب المرء باليأس، لكن «استراحة المحارب» وفرصة التقاط الأنفاس قبل العودة إلى ميدان النضال -الذي قد لا يتعدى النشر في مواقع التواصل الاجتماعي- مطلب مهم ليكون التأثير حقيقيًا وناجعًا في مواجهة طوفان الشر الاستعماري، وكذلك في مواجهة طوفان الزيف في الحياة. فمرة أخرى، تعلمنا من طوفان الأقصى أن الدعاية التي آمنا بها طورا ودافعنا عنها ذات مرة؛ تنحسر وتكشف عن حقيقتها عند المآسي الإنسانية، ويصبح متبني تلك الدعايات أمام مأزق حقيقي، مأزق لا يتيح له الذوبان والاختباء، بل يصبح مطالبا بقول إحدى الكلمتين «لا/نعم».

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

محافظ جدة يزور منشآت القطاع الخاص المدشّنة حديثًا بالمحافظة

المناطق_واس

زار صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن جلوي محافظ جدة, ومعالي وزير الصحة الأستاذ فهد بن عبد الرحمن الجلاجل، اليوم، عددًا من منشآت القطاع الصحي الخاص المدشّنة حديثًا في محافظة جدة، للتأكد من توفير أفضل الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين، بما يسهم في الارتقاء بالمنظومة الصحية، تجسيدًا لحرص القيادة الرشيدة على تقديم رعاية صحية عالية الكفاءة والجودة، كما تعكس التزام الوزارة بتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما يسهم في تحقيق مستهدفات برنامج التحول الصحي ضمن رؤية المملكة 2030، لبناء مجتمع حيوي يتمتع بحياة صحية عامرة.

وأكد وزير الصحة أن تعزيز جودة الرعاية الصحية هو التزام راسخ لتوفير خدمات شاملة ومتكاملة تلبي احتياجات المجتمع، مع التركيز على تبني أحدث التقنيات وأفضل الممارسات، لافتًا النظر إلى أن الاهتمام بالصحة النفسية وعلاج الإدمان جزءًا لا يتجزأ من جهود تعزيز جودة الحياة ورفاهية الأفراد، ووفق رؤية القيادة الرشيدة، مشيرًا إلى مواصلة تطوير منظومة صحية متكاملة تضمن سهولة الوصول إلى خدمات متميزة في جميع أنحاء المملكة.

أخبار قد تهمك محافظ جدة يحضر حفل القنصلية الكويتية بمناسبة اليوم الوطني 18 فبراير 2025 - 10:43 مساءً محافظ جدة يشهد ختام “هاكاثون جدة للسياحة” ويكرّم الفائزين 17 فبراير 2025 - 3:26 صباحًا

وشملت الزيارة مشاريع صحية مدشنة حديثًا بلغ إجمالي استثماراتها قرابة ملياري ريال، وتضمنت مستشفى كينقز كوليدج لندن المعروف عالميًا بريادته في مجال الرعاية الصحية بسعة 150 سريرًا واستثمارات تصل إلى 550 مليون ريال، ومستشفى الأندلسية، المجهز بأحدث التقنيات العصرية لتقديم خدمات طبية متطورة بسعة 130 سريرًا واستثمارات تتجاوز 600 مليون ريال، ومركز مسار للصحة النفسية وعلاج الإدمان، الذي يُعد أول مركز تأهيل خاص متكامل للصحة النفسية وعلاج الإدمان طوعًا في المملكة بسعة 150 سريرًا واستثمارات تبلغ 600 مليون ريال.

وتضم مستشفيات جدة أكثر من 9 آلاف سرير ليصل معدل الأسرة في المحافظة إلى 2.28 سرير لكل 1000 نسمة مرتفعًا بنسبة 30% خلال الخمس سنوات الماضية، وذلك ضمن جهود تطوير الخدمات الصحية وتعزيز القدرة الاستيعابية لتلبية احتياجات سكان المنطقة وزوارها.

وتأتي هذه الزيارة في إطار حرص وزارة الصحة على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص انطلاقًا من دوره المحوري في دعم وتطوير المنظومة الصحية، والارتقاء بالخدمات الصحية، إلى جانب تعزيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، بما يلبي احتياجات المستفيدين ويعزز من مستوى جاهزية المنشآت الصحية وفق أعلى معايير الجودة.

مقالات مشابهة

  • بعد النجاحات التي حققها.. العربي الأوربي لحقوق الإنسان يتحصل على صفة «مراقب»
  • ضغوط دولية أم حسابات السلطة؟.. دلالات الإفراج عن معتقلين سياسيين بتونس
  • «الصحة»: فحص 7.5 مليون طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع
  • الشيخ أبو اليسر عابدين.. حديث عن الطبيب والمفتي المنتخب
  • حبس 4 متهمين بواقعة إلقاء طفل حديث الولادة.. واستدعاء 3 أطباء بالفيوم
  • رمضان 2025.. عبير صبري: محمد رجب فنان حقيقي.. وأتمني نجاحنا يكون أكبر في «الحلانجي»
  • محافظ جدة يزور منشآت القطاع الخاص المدشّنة حديثًا بالمحافظة
  • استعدادًا للقمة.. بيسيرو يمنع لاعبيه من وسائل الإعلام وتدريبات قوية للزمالك في أول اختبار حقيقي
  • حديث الصور
  • الموارد المائية تحافظ على الخزين الجوفي وتغلق الآبار المتدفقة ذاتيًا في محافظتين