بوابة الوفد:
2024-11-08@08:36:52 GMT

شىء من الخوف

تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT

فقر السعادة أخطر من فقر الاقتصاد، وعندما تصبح السعادة مثل الفاكهة المحرمة فنحن أمام خطر قومى.. ليس بالضرورة أن تكون غنيًا لكى تكون سعيدا، ولكن حين تنتقل الاحتياجات الفردية من حالة الخصوصية إلى فضاء العمومية فالأمر هنا ينذر بالخطر لأن المشكلة تصبح خطرا قوميا وليست همًا شخصيًا.. الكتابة فى هذا الموضوع ليست ترفًا شخصيًا ولا «فذلكة مثقفين» ولكن عندما لا يكون فى مقدور الملايين منا إلا النكش تحت تراب الأمانى فهنا تكون المهمة قومية مادام الجرح انتقل من دواخل النفوس إلى أرصفة الشوارع.

. علينا أن نشخص حالتنا بشكل جاد وموضوعى.. نحن نعيش لحظة معاصرة ليست من صنعنا ولكنها من صنع إنسان الشمال الأبيض وإنسان الشرق الأصفر.. امتلكنا الموبايل والدش والانترنت وانتشرنا فى شوارع الفيس بوك والتويتر والانستجرام، وآخر الليل وحين يتغطى كل فرد بهمومه الخاصة يشعر مباشرة بأن الامتلاك شيء والسعادة شىء آخر..

مسألة الامتلاك انسحبت على الحياة الزوجية لمعظم المصريين الذين يقبلون على الزواج وهم فى عز الشباب بدافع ظاهره الحب وباطنه الامتلاك.. نهر الحب يفيض فى حياتنا وعاداتنا شهرًا أطلقنا عليه «شهر العسل»، وبعده تبدأ مواسم الجفاف، وتتشقق قلوبنا من العطش العاطفى والإنسانى لأن معظمنا ببساطة كان مدفوعًا للزواج ليس عشقًا وإنما قفز اضطراري من مراكب الحرمان أملا فى سباحة تطول ببحار العسل.. المفاجأة – وهى ليست بالمفاجأة – أن القفزة لم تكن فى بحر العسل وإنما فى حمام سباحة جاف، والنتيجة ارتطام بأرضية الحمام والإصابة بحالة دوران وتوهان مزمنة بقية العمر.

كنا نشم ريحة الدنيا الحلوة بالمشى فى الشوارع والتنزه بالحدائق – وفى سنوات الجفاف العاطفى، من يريد مكانا هادئا وإنسانيا فاليكن قادرا على شراء فيللا فى كومباوند ولو كان متوسط الدخل، فليشترى شقة مليونية.. نعم مليونية! ويعيش على مقاس فقره.. كنا نصيف فى رأس البر وجمصة وبلطيم، وكان كِريمة القوم يقطنون بالشاليهات أم سقف خشب وجريد على البحر مباشرة.. عام 1971 وأنا ابن فلاح فصيح من بحرى وابن الـ 15 سنة كنت فى بلطيم مع شقيقى، وكانت الرحلة بالنسبة لى نقلة حضارية فلأول مرة أنتقل من العوم فى الترعة للسباحة بالبحر الكبير- والأهم أنه كان بالقرب منا وعلى بعد خمسين مترًا شاليه «يستأجره» الدكتور حافظ بدوى رئيس مجلس الأمة وأسرته – النواب الآن – وبجواره شاليه «تستأجره» الفنانة كريمة مختار وأسرتها رحمها الله.. النهاردة لم يتبق لجموع المصريين إلا أن يصطافوا على شواطئ الأحلام والأمانى لأن الساحل الشمالى كامل العدد ومحجوز لألف سنة مما تعدون.. الحكاية أن الأمن القومى لأى بلد ليس أرقامًا اقتصادية، وحدودًا آمنة فقط، ولكنه بالأساس حالة رضا وأمان وإقبال على الحياة، لا هروبًا منها.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: كامل عبدالفتاح

إقرأ أيضاً:

طايع: السودان ليست من أولويات الإدارة الأميركية

قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية د. محمد سالمان طايع بإن السودان ليست من أولويات الإدارة الأميركية.الشرق للأخبار – السودانإنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • حسين بابا: الخوف على الاتحاد من كثرة الإصابات.. فيديو
  • طايع: السودان ليست من أولويات الإدارة الأميركية
  • «رجع معايا في نعش» بكاء ليلى فوزي بسبب أنور وجدي.. ما علاقة حنان ترك؟
  • فوائد تناول العسل لصحة الأطفال
  • نصائح للعناية بالبشرة: ماسكات فعالة وإزالة الحبوب بشكل طبيعي
  • عزيز مرقة: الخوف من الفشل كان التحدي الأكبر في مشواري| خاص
  • كل ما تريدين معرفته عن استخدام زيت جوز الهند في ترطيب الشفاه
  • الخوف من الموساد يهيمن على الحوثيين.. اعتقالات وتحقيقات مكثفة داخل صفوف المليشيات
  • طرق استخدام الأقنعة الطبيعية للعناية بالبشرة
  • "هتخلي حياتك نكد".. متى تعرف أنك مصاب برهاب شيروفوبيا؟