جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-19@17:34:10 GMT

إنسانية جنوب إفريقيا تنتصر لغزة

تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT

إنسانية جنوب إفريقيا تنتصر لغزة

 

 

حمد الحضرمي **

 

دولة جنوب إفريقيا لا يوجد بينها وبين دولة فلسطين رابط ديني أو عقائدي، ولا بينهما رابط حدودي، ولا يجمع بينهما رابط تجاري، ولكن رابط  الإنسانية هو الذي جعل رئيس جنوب إفريقيا يطلب من وزير العدل تشكيل فريق قانوني يضم المحامية عديلة هاشم لرفع دعوى جنائية على إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية على أهل غزة، وبتاريخ 29 ديسمبر 2023م، تقدمت جنوب إفريقيا بدعوى مكونة من 84 صفحة، وثقت بالأدلة القاطعة جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، مطالبة المحكمة بإصدار أمر فوري بوقف الحرب لحين البت في القضية.

وهذا حدث تاريخي؛ حيث للمرة الأولى تجد إسرائيل نفسها في مواجهة القانون الدولي، في محكمة الجنايات الدولية، وهي الجهاز الرئيسي للأمم المتحدة، والتي تتخذ من مدينة لاهاي الهولندية مقرًا لها، والتي تأسست سنة 1945م، ولها اختصاص عام إذ إنها تنظر في جميع القضايا التي تحيلها الأطراف إليها، وجميع المسائل المنصوص عليها بشكل خاص في الميثاق الأممي أو المعاهدات والاتفاقيات النافذة، وتتكون المحكمة من 15 قاضيًا تتقدمهم الأمريكية جوان دونوغير رئيسة المحكمة، والروسي كيريل غيفورغيان نائب الرئيس، ويوجد بالمحكمة 3 قضاة عرب هم: المغربي محمد بنونة، واللبناني نواف سلام، والصومالي عبدالقوي يوسف.

لقد أعدت جنوب إفريقيا طلبها على أسس قانونية سليمة من خلال الاستناد إلى الوقائع الثابتة وتكييفها تكييفًا قانونيًا صحيحًا، بوصفها أفعال إبادة جماعية، وذلك كله بالتأسيس على نصوص اتفاقيات الأمم المتحدة. وقد باشرت المحكمة جلساتها على مدار يومي 11 و12 يناير 2024، فعقدت جلستي استماع علنيتين في إطار بدء النظر بالدعوى، ومن المنتظر أن تصدر المحكمة خلال الشهر الجاري حكمًا بشأن قرار عاجل محتمل يأمر إسرائيل بوقف الحرب، لكنها لن تبت سريعًا في الاتهامات الموجهة لإسرائيل بالإبادة الجماعية، لأن هذه المسائل قد تستغرق سنوات. وقد قررت جنوب إفريقيا الانتصار للعدل والحق على حساب كل المصالح والحسابات، غير مكترثة بكل الانعكاسات التي سوف تترتب على موقفها مستقبلًا، لأن الكيان الصهيوني وأذرعه الطويلة في جميع أنحاء العالم لن تغفر لجنوب إفريقيا هذا الخطوة الجرئية، والتي نجحت فيها بفضح جرائم الكيان الصهيوني وكشفت عورته أمام العالم، لتكون هزيمته أمام طوفان الأقصى هزيمة عسكرية وقانونية وإنسانية.

 

لقد قدم الفريق القانوني لجنوب إفريقيا للمحكمة وقائع بالأدلة والبراهين ثبت بالدليل القاطع ثبوت ارتكاب الجيش الإسرائيلي إبادة جماعية بحق إخواننا وأهلنا في غزة، حيث تثبت الأدلة تصريحات موثقة صادرة من نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ورموز اليمين المتطرف والقادة العسكريين، وتم عرض أفلام لجنود إسرائيليين يرقصون ويغنون بإبادة الفلسطينيين، ولا يوجد أبرياء في غزة، وهذا دليل على قصدهم المعلن بتنفيذ جرائم ضد الإنسانية. وطوال أكثر من ثلاثة أشهر والكيان الصهيوني يرتكب جرائم حرب بشعة على الهواء مباشرة، ذهب ضحيتها أكثر من 80 ألف فلسطيني من الشهداء والجرحى، 70% منهم من الأطفال والنساء، وتم تهجير نحو مليوني فلسطيني من ديارهم وحرمانهم من الماء الصالح للشرب،،ومن الغذاء والدواء والعلاج، وتم قصف وتدمير المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس، واعتقال الفلسطينيين وتعريضهم للإهانة بنزع ملابسهم وتعذيبهم ونقلهم إلى معسكرات اعتقال غير قانونية في صحراء النقب.

إن هذه الأفعال تشكل دليلًا قاطعًا على ارتكاب جريمة تصنف من أفعال الإبادة الجماعية، كما نصت عليها اتفاقية منع الإبادة الجماعية التي تعرف هذه الأفعال بأنها جريمة يدينها العالم المتمدن. إن الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية، تضع إسرائيل في دائرة الإتهام، وتضع القانون الدولي والنظام العالمي أمام امتحان حقيقي يحدد مستقبل العالم، فالعدالة الدولية اليوم أمام مفترق طرق كبير، إما أن تنتصر للحق أو أن تضر بنزاهة ولايتها وبمصداقيتها وشرعيتها. وإننا كعرب نستغرب ونتعجب لماذا لم تبادر أي دولة عربية بالتقدم بدعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، تتهمها بالإبادة الجماعية بحق أهل غزة، ولماذا انتظرت الدول العربية دولة جنوب إفريقيا لتتقدم بهذه الدعوى، التي جعلت الدول العربية في حرج كبير، أو ربما رفعت عنهم الحرج حتى لا تزعل عليهم الدول العظمى!

شكرًا لرئيس جنوب إفريقيا الذي قال: لم أشعر بفخر كهذا من قبل، متمسكون بمبادئنا، ولن نكون أحرارًا حقًا ما لم يتحرر الشعب الفلسطيني، وشكرًا لوزير العدل الذي قال: واثقون مما قدمناه في المحكمة، فهناك هجمات يتضح منها نية الإبادة، وإسرائيل غير قادرة على دحض وإدانة ما يقوم به جنودها وما يكرره مسؤولوها في خطاباتهم، وشكرًا للفريق القانوني وللمحامية عديلة هاشم صاحبة المرافعة التاريخية أمام محكمة العدل الدولية، إننا كعرب ومسلمين يفترض بنا أن لا ننسى لجنوب إفريقيا هذا الموقف الإنساني الشجاع المشرف، حيث سحبت كل دبلوماسيها من دولة الكيان الصهيوني، واليوم ترفع دعوى جنائية على إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية لتنتصر لغزة العربية المسلمة، والعرب والمسلمون في سبات عميق.

ويبقى الأمل الكبير في أن تنتصر العدالة القانونية للحق، لأنها اليوم أمام اختبار حاسم وتحد كبير لإثبات نزاهتها ومصداقيتها حتى لا تتحول إلى مجرد أداة سياسية في أيدي الدول العظمى تطبق أحكامها فقط على الدول الضعيفة.

** محامٍ ومستشار قانوني

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزيرة الصحة الفلسطينية السابقة: مصر حريصة على إدخال المساعدات لغزة.. والعائق الحقيقي إسرائيل

وجهت مي الكيلة، وزيرة الصحة الفلسطينية السابقة الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي وللحكومة والشعب المصري على دعمه ومساندته للقضية الفلسطينية وتقديم المساعدات لأهالي غزة قبل وأثناء الحرب الإسرائيلية على القطاع، مشيرة إلى أن مصر دائما وأبدا الداعم الرئيس للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وخصوصا في ظل الأزمة والكارثة الإنسانية الراهنة في غزة.

وأكدت الكيلة، في تصريح خاص لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، على هامش المؤتمر الإقليمي الثامن للشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية "امفنت" المنعقد بالأردن، أن مصر تولي اهتماما كبيرا بتقديم ودخول المساعدات الطبية والإنسانية إلى قطاع غزة، وحريصة على ذلك، ولكن العائق الحقيقي هو الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أنها شاهدت حجم وكمية المساعدات الموجودة على معبر رفح من الجانب المصري ولكن الاحتلال الإسرائيلي يعرقل دخولها.

وأضافت أنها قامت بزيارة معبر رفح برفقة الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة والسكان، وشاهدت حجم المساعدات والقوافل المصرية الموجودة عند المعبر تنتظر الدخول إلى قطاع غزة ولكن الإجراءات الإسرائيلية تحول دون ذلك.

وبشأن انتشار شلل الأطفال في قطاع غزة، أشارت إلى أن شلل الأطفال خلل في الصحة العامة التي تعد نتيجة مباشرة لوجود وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وخصوصا في غزة، مشيرة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد تدمير البنية التحتية الفلسطينية في قطاع الصحة وغيره سواء في غزة أو الضفة الغربية المحتلة.

وأوضحت أن فلسطين كانت خالية من شلل الأطفال منذ عام 1988، إلا أنه ونتيجة لهذه الانتهاكات الإسرائيلية وما نتج عنها من خراب وتدمير للمياه والبنية التحتية الصحية مما أوجد هذه الحالات من شلل الأطفال في القطاع، مؤكدة أن هناك كارثة حقيقية في غزة بسبب الخلل في قطاع الصحة العامة والذي يعتبر في خطر حقيقي نتيجة لجرائم الاحتلال.

ونوهت إلى أنه تم السماح مؤخرا بإدخال تطعيمات شلل الأطفال إلى غزة عقب تحذيرات وتدخلات من قبل منظمة الصحة العامة، موجهة الشكر لمسئولي منظمة الصحة العالمية ولكل من تدخل لإنقاذ أطفال فلسطين وخصوصا في غزة.

وحذرت من عدم السماح بإدخال الجرعة الثانية لتطعيم الأطفال عقب النجاح في تطعيم حوالي 90% من الأطفال في غزة ضد شلل الأطفال، مشددة على ضرورة أن يتحرك المجتمع الدولي لإنقاذ أطفال غزة من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ووقف الحرب فورا.

يأتي ذلك فيما قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، أمس الاثنين، إن نسبة التغطية التي حققتها حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة، بلغت 90 بالمئة.

وأضاف لازاريني في منشور عبر حسابه على منصة "إكس"، أن "التحدي التالي هو تزويد الأطفال بالجرعة الثانية نهاية سبتمبر الجاري"، مشيرا إلى أن هناك أخبارا إيجابية نادرة من غزة، الجولة الأولى من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال انتهت بنجاح".

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثرمن 346 يوما، عدوانه على قطاع غزة، فيما أدى العدوان المستمر إلى استشهاد أكثر من 41 ألفا و 226 شهيدا، وإصابة 95 ألفا و413 آخرين، ونزوح 90% من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.

اقرأ أيضاًطيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف منزلًا في مدينة غزة

بريطانيا وإيطاليا تؤكدان دعمهما لوقف إطلاق النار في غزة

ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان على غزة إلى 41226 شهيدًا و95413 مصابًا

مقالات مشابهة

  • «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل منعت وصول 33 شاحنة مساعدات إنسانية إلى غزة
  • ما هي الدول التي صوتت ضد قرار إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية؟
  • عاجل.. قرار صادم ينتظر رمضان صبحي من المحكمة الدولية
  • 3 جبهات مفتوحة وخلافات داخلية.. أزمات تواجه إسرائيل في شهر واحد
  • الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول 66 مهمة إنسانية بقطاع غزة خلال الشهر الجاري
  • وزيرة الصحة الفلسطينية السابقة: مصر حريصة على إدخال المساعدات لغزة.. والعائق الحقيقي إسرائيل
  • أول دولة عربية أمام مجلس الأمن في مهاجمة إسرائيل
  • بالمستندات.. رد التوأم على هجوم المصري والتهديد بالشكوى في المحكمة الدولية
  • عمرو خليل: إسرائيل في أزمة كبرى أمام العالم ولا يوجد ما يبرر جرائمها
  • بالمستندات.. رد حسام وإبراهيم حسن على هجوم المصري والتهديد بالشكوى في المحكمة الدولية