حدثني التاريخ فقال!
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
يناير 17, 2024آخر تحديث: يناير 17, 2024
د. عامر ممدوح
كاتب وأكاديمي
كنتُ وقتها مبعثراً.. تحملني أمواج الضياع مثل الملايين! اركض لاهثاً، باحثاً عن ملاذ آمن.
تائهٌ وسط صحراء الحياة، متعثرة خطواتي تحت سياط شمسها اللاهبة.. صارخاً ـ مثل جبرا ـ في ليلٍ طويل.
ووسط طوفان التيه العميق، لاح لي من بعيد، بهيئته الوقور، وعصاه الثابتة الأركان، ووجهه العطوف الذي افتقدته منذ زمن.
مسح على رأسي، ساكباً الطمأنينة في روحي، وأجلسني تجاهه..
من أنت أيها العم؟ سألته.
ألا تعرفني؟ كان هو الجواب!
أنا الماضي السحيق، والأفق البعيد، مدرسة العبر، والفوائد والفرائد والدرر!
أنا التاريخ يا ولدي، وجئتك من الماضي بالنبأ اليقين!
قلت: هات ما عندك فقد اتعبني اقتفاء الأثر!
……………………………
……………………………
حدثني التاريخ، فقال:
بضاعتك هي الأمل، وهواء حياتك هي العزيمة، والاصرار هو سلاحك، وكل الطموح مشروع ما لم يكن اثماً، واليأس هو عدو النجاح، فليبقى عدوا!.
لا تنكسر مهما جابهت من عقبات، فمن للحياة وانت وقودها، وصانع حاضرها، ومؤسس مستقبلها؟!.
ثم أمسك بيدي مستدركاً وقال:
ولكني يا ولدي لا أريد لك ان تستعجل قطف الثمار، فالنجاح أساسه وضوح الطريق، وتدرج الخطوات، ومشوار الألف طموح يبدأ بخطوة، والتحليق في عوالم الخيال مصيره السقوط السريع، فلا أريدك ان تُلقى سريعاً في بئر الندم، او مراكب الموت المجانية…
لا أريد لنبضك أن يتوقف!
حياتك بناءٌ، فاعرف كيف تؤسس له، والنجاح هو بصمتك وتأثيرك في مسارات الحياة، لا في كسبٍ سريع من مال وشهرة كذوب فليست هي الأساس.
ولا تصدق كل ما يقال، ولا يخدعنك المخادعون، اذ سحروا أعين الناس!
ولا تنسى خمساً وتجنب خمس:
لا تنسى: الأمل والعمل والطموح والعزيمة والايمان.
وتجنب اليأس والكره والغضب والبناء في غير ارضك والذوبان.
وتذكر:
أنه لا قيمة لأي نجاح دون ان تكون لك هوية، ومبدأ، ورؤية، ومشروع.
دون أي يكون لك وطن..
فلتكن أنت الوطن!
……………………………….
……………………………….
ثم غاب فجأة وصدى صوته يردد قول دنقل:
“هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى”.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
أمل من تحت ركام مخيم اليرموك
وسط ركام الحرب وذكريات الألم في شوارع مخيم اليرموك في العاصمة السورية دمشق، يقف سعيد محمود غانم كحكاية أمل متجددة بين الجدران المدمرة يبحث سعيد عن بقايا منزله الذي لم يسكنه سوى 4 أيام قبل أن تدمره قذيفة، ليصبح حلم البيت الجديد مجرد ذكرى مؤلمة، لكن سعيد لم يستسلم للدمار بل قرر أن يحول هذا الألم إلى قوة وأن يزرع بذور الأمل بين الأنقاض.
مع انتهاء حكم بشار الأسد وعودة السكان تدريجيا إلى المخيم، يرى سعيد في كل لوحة يصنعها تجسيدا لصمود شعبه وإصراره على حياة كريمة، وفي ركن صغير من منزل والدته الذي أصبح ملاذه الوحيد بعد دمار بيته يجلس سعيد تحت ضوء شمعة وحيدة يصنع بإصرار لوحات فنية من الحطام والركام، يجمع قطعا متناثرة من المنازل المدمرة ويعيد تشكيلها، ليحكي قصصا عن فلسطين والعودة والحنين، كل عمل فني بالنسبة لسعيد هو طفل يخلقه من قلبه ومن وجعه، كل قطعة تحمل روحا وذكرى، كل لمسة من يديه تشبه نبض قلب مليء بالأمل.
في مشروعه الذي أسماه "الأمل من تحت الركام" يثبت سعيد أن الجمال يمكن أن يولد حتى من بين الخراب، وأن الروح الإنسانية قادرة على تجاوز المحن، يحكي بابتسامة مليئة بالألم عن صنبور ماء صغير وجده تحت أنقاض منزله احتفظ به وصنع منه لوحة تخبر العالم أن الذكريات الصغيرة قادرة على أن تبقي الروح حية.
رغم انقطاع الكهرباء ونقص الموارد يقف سعيد شامخا كرمز للصمود الفلسطيني يشعل شمعة ويذيب الغراء ويضع قطع الحطام واحدة تلو الأخرى كما لو أنه يعيد بناء حياته وأحلامه التي دمرتها الحرب، يرى في كل لوحة بصيص أمل وفي كل لمسة رسالة تقول "نحن شعب لا يموت".
بينما يعود أهل المخيم تدريجيا بعد سنوات من النزوح يشعر سعيد بأن الحياة بدأت تدب من جديد في المكان يتحدث بفخر عن أمله في العودة يوما إلى فلسطين وعن إرادة شعبه التي لا تقهر، يقول سعيد نحن لا نصنع فنا فقط بل نصنع حياة وذاكرة نعيد الأمل إلى القلوب المكسورة ونرسم طريقا نحو الغد الأفضل.
إعلانكما يقول سعيد "أنا أعتبر كل لوحة أخلقها طفلا من أطفالي، وكل قطعة تحمل قصة وذكرى، تذكّرنا بأننا شعب لا يموت".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الرابحون والخاسرون في لبنان بعد سقوط الأسدlist 2 of 2وزير المخابرات الأشهر في جنوب أفريقيا: حماس كانت مهتمة بتجربتنا في الكفاحend of list