المقصود هو اليوم الأخير من العدوان الصهيوني- الأمريكي على قطاع غزة، أما اليوم التالي فالذي يليه أو بداية المرحلة التي تليه.. وقد كثر الذين يركزون على اليوم التالي، وكان في حساب أغلبهم بأن اليوم الأخير سيكون بعد إنهاء قيادة المقاومة، أو بعد المساومة على إخراجها من قطاع غزة، كما حدث مع الشهيد ياسر عرفات عندما أُخرج من لبنان في اليوم الأخير من حرب 1982.
وتذكيرا، لقد خرج عرفات وفي يده كلاشينكوف، رمزا لعدم تخليه عن السلاح، وأطلق يده الأخرى وهو يرسم علامة النصر بإصبعيه (اشتهر رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل بهذه الإشارة على شكل حرف V بالإنكليزية، في الحرب العالمية الثانية).
طبعا التشبيه في حالتي حربي قطاع غزة 2023/2024 ولبنان 1982 غير وارد، كما التشبيه بين قيادتيهما غير وارد أكثر. فالذين يتصورون أن محمد الضيف (أبو خالد) ويحيى السنوار وإخوانهما يمكن أن يَخرجوا من قطاع غزة، كما خرج ياسر عرفات وإخوانه من لبنان، مخطئون وواهمون جدا، وذلك من جهة كيفية انتهاء اليوم الأخير من الحرب، حيث الانتصار العسكري في الحرب البريّة منذ بدايتها وحنى النهاية كان -وسيكون- من نصيب المقاومة وقيادتها، علما أن مشكلة آخر يوم من حرب 1982 لم تكن عسكرية، وإنما سياسية (لا علاقة هنا بما أشارت إليه هآرتس).
التركيز على اليوم التالي يحتاج إليه من يريدون شنّ حرب نفسية على الرأي العام؛ مثلا في مقدمهم وزير خارجية أمريكا الذي نفض يده من قدرة الجيش الصهيوني على كسب الحرب، وراح يبحث عن حلول تحقق للكيان الصهيوني، بالسياسة ومن خلال الوساطات، ما لم يتحقق بالعدوان، ليس على مستوى الحرب البريّة فحسب، وإنما أيضا على مستوى الصمود الشعبي الأسطوري في مواجهة حرب إبادة همجية، وتدمير شبه شامل
من هنا فإن التركيز على اليوم التالي يحتاج إليه من يريدون شنّ حرب نفسية على الرأي العام؛ مثلا في مقدمهم وزير خارجية أمريكا الذي نفض يده من قدرة الجيش الصهيوني على كسب الحرب، وراح يبحث عن حلول تحقق للكيان الصهيوني، بالسياسة ومن خلال الوساطات، ما لم يتحقق بالعدوان، ليس على مستوى الحرب البريّة فحسب، وإنما أيضا على مستوى الصمود الشعبي الأسطوري في مواجهة حرب إبادة همجية، وتدمير شبه شامل للأبنية ومرافق الحياة، حيث ينتصر الدم، لا سيما دماء الأطفال، على القصف الجوي الوحشي الإجرامي، كما لم يحدث من قبل. وهو انتصار ترجمه رأي عام عالمي أصبح يرى الكيان الصهيوني مجرم حرب، ومجرم إبادة للبشر والحجر، ومشروعا سقط أخلاقيا سقوطا نهائيا.
من هنا يجب أن تغلق الأبواب في وجه المساعي الأمريكية عربيا وإسلاميا وعالميا، فهي تحاول تحضير ترتيبات اليوم التالي للحرب، ولكن مع التأكيد بأن اليوم الذي سيسبقه، أي اليوم الأخير من العدوان، سوف تنتصر فيه المقاومة وينتصر الشعب. وقد أصبح تقرير مصير قطاع غزة، لليوم التالي، بيد أهل غزة ومقاومتها.
ثم بأيّ منطق يسعى بلينكن لفتح ملف اليوم التالي، وقد راح يغطي استمرار قتل الأطفال والعدوان، في محاولة تقرير مصير اليوم الأخير، ليس في قطاع غزة فحسب، وإنما أيضا مصير القدس والمسجد الأقصى والضفة الغربية، وهو الملف المفتوح أصلا حيث يُشنّ عدوان موازٍ تغطيه الولايات المتحدة كذلك؟
تتعرض الضفة الغربية لعدوان عسكري وحشي يمضي الجيش الصهيوني فيه، جنبا إلى جنب، مع العدوان على غزة، وإن لم يصل بعد إلى الإبادة البشرية والتدمير الواسع، كما هو الحال في قطاع غزة. ولكن ما تعرضت له جنين ومخيم جنين، ونابلس وطولكرم ونور شمس، وعدد كبير من المدن والقرى والمخيمات، وصل إلى مستويات لم تعرفها الضفة الغربية من قبل، منذ اقتحام جنين 2002.
الحديث عن اليوم التالي في قطاع غزة لا يشكل الخطورة التي يشكلها بالنسبة إلى المسجد الأقصى والقدس والضفة الغربية، لأن اليوم التالي معروف المصير في قطاع غزة على ضوء ما ستحققه المقاومة في اليوم الأخير للعدوان. أما بالنسبة إلى الضفة الغربية والقدس والمسجد الأقصى، فإن اليوم التالي هو الأكثر خطورة وإلحاحا، بعد اليوم الأخير من العدوان على قطاع غزة
لقد أصبح واضحا أن ما يُبّيت لقطاع غزة يُبيّت للقدس والضفة العربية، وحتى لمناطق الـ48، هذا ناهيك عما يتعرض له المسجد الأقصى من احتلال الجيش الصهيوني، ومن اقتحامات وانتهاكات، بما يخالف "الستاتيكو" (الواقع القائم للأماكن المقدسة في القانون الدولي) من جهة، وما يُخطط له من اقتسام الصلاة فيه، كما هو حادث في المسجد الإبراهيمي في الخليل، من جهة أخرى.
من هنا فإن الحديث عن اليوم التالي في قطاع غزة لا يشكل الخطورة التي يشكلها بالنسبة إلى المسجد الأقصى والقدس والضفة الغربية، لأن اليوم التالي معروف المصير في قطاع غزة على ضوء ما ستحققه المقاومة في اليوم الأخير للعدوان. أما بالنسبة إلى الضفة الغربية والقدس والمسجد الأقصى، فإن اليوم التالي هو الأكثر خطورة وإلحاحا، بعد اليوم الأخير من العدوان على قطاع غزة.
الوضع في الضفة الغربية من حيث تصعيد الهجمات والاقتحامات، والاعتقالات والاغتيالات (الإعدامات)، هو ما يجب أن تُحشد له الحشود بعد ذلك اليوم التالي، لدعم المقاومة والشعب فيه، لمواجهة العدوان الوحشي الذي يستهدف ضرب المقاومة، والمضيّ في سياسات الاستيطان وتهويد القدس، واقتحامات المسجد الأقصى.
وهذا مع التركيز على سياسات التهجير التي لا يستطيع الكيان الصهيوني التخلي عنها، لأنها جزء من حرب الوجود بالنسبة إلى كيان قام على الغزو الاستعماري، والهجرة تحت حراب الاستعمار البريطاني، ومن ثم اعتمد استراتيجية الاقتلاع لثلثي الشعب الفلسطيني من أراضيهم، ودورهم وديارهم، وإحلال مئات الألوف، بل ملايين المستوطنين مكانهم، وهذه سردية القرن الماضي حتى اليوم.
نعيش مرحلة بداية النهاية للمشروع الصهيوني، وقد أخذت تتنامى فيه ظاهرة الهجرة المعاكسة منه، بعد أن مالت موازين القوى الفلسطينية والإقليمية والعالمية لتمضي في غير مصلحته. لقد فقدَ تفوقه العسكري الاستراتيجي، كما كان عليه الحال طوال النصف الثاني من القرن العشرين من دون منازع، بل بعربدة عسكرية وسياسية وجبروتية متواصلة
إننا اليوم، ولا سيما ما بعد طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وبعد دحر العدوان عن قطاع غزة، نعيش مرحلة بداية النهاية للمشروع الصهيوني، وقد أخذت تتنامى فيه ظاهرة الهجرة المعاكسة منه، بعد أن مالت موازين القوى الفلسطينية والإقليمية والعالمية لتمضي في غير مصلحته. لقد فقدَ تفوقه العسكري الاستراتيجي، كما كان عليه الحال طوال النصف الثاني من القرن العشرين من دون منازع، بل بعربدة عسكرية وسياسية وجبروتية متواصلة.
فمع العقدين الأولين من القرن العشرين، ولا سيما بعد طوفان الأقصى، وما سجلته وقائع السنة الأخيرة، يمكن القول إن مستوطني الكيان الصهيوني بدأوا مرحلة الرحيل من أرضٍ جاؤوها مغتصبين، وبلا أيّ حق، أو أدنى شرعية، ولم يعرفوا كيف يتعايشون مع أهلها، ومع العرب والمسلمين، وأرادوها علاقة اقتلاع وإحلال وعنصرية وسيطرة، وصولا إلى حرب الإبادة، والمضيّ بها إلى النهاية، وذلك بسبب طبيعتهم، وطبيعة المشروع الصهيوني الاقتلاعي الإحلالي الاستيطاني الذي يهدف إلى تهجير كل الفلسطينيين، واغتصاب كل فلسطين، ولهذا جعلوا مستقبلهم إما رحيلنا وإما رحيلهم.
فمَن جذوره في الأرض، ومن يمتلك العدالة، ومَن وراءه أمّة عظيمة؛ لا يرحل، ولا يمكن ترحيله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة الضفة الغربية امريكا غزة الضفة الغربية الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش الصهیونی الضفة الغربیة المسجد الأقصى الیوم التالی بالنسبة إلى فی قطاع غزة على مستوى
إقرأ أيضاً:
23 شهيدا بغارات إسرائيلية على غزة منذ فجر اليوم
استشهد 23 شخصا، وأصيب عدد آخر بجروح منذ فجر اليوم الثلاثاء جراء سلسلة غارات شنها الجيش الإسرائيلي على وسط وجنوب قطاع غزة، مستهدفا منازل وخياما تؤوي نازحين، ضمن تصعيد استأنفته إسرائيل منذ 18 مارس/ آذار الجاري.
ففي خان يونس جنوبي قطاع غزة، استشهد فلسطينيان أحدهما طفل، وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي على منزل بمنطقة قيزان النجار.
وفي مدينة حمد شمالي مدينة خان يونس، استشهد ثلاثة فلسطينيين بينهم طفل إثر قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين.
وسبق ذلك، سقوط إصابات بقصف منزل في منطقة مصبح في مدينة رفح جنوب القطاع.
كما أصيب فلسطيني في قصف طال شرق عبسان الكبيرة إضافة لخمسة شهداء وأكثر من 20 مصابا في استهداف مربع سكني بمخيم البريج وسط القطاع وشارع النخيل بدير البلح.
وفي منطقة الزوايدة استهدفت الطائرات الحربية منزلا يضم عددا من العائلات النازحة ما أسفر عن إصابات عدة.
كما شن الطيران الإسرائيلي 3 غارات على أهداف في مدينة غزة، إحداها استهدفت مركبة جيب فارغة بمنطقة الطيران.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم منذ تجدد الحرب في غزة أكثر من 100 مركبة تستخدمها حركة حماس في عملياتها.
وأضاف أنهم "مستمرون في العمل ضد التنظيمات المسلحة في غزة لإزالة كل تهديد على مواطني إسرائيل".
إعلان
الاحتلال يقر بقصف مقر للصليب
وفي تطور آخر، أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس الاثنين، بإطلاقه النار على مبنى للصليب الأحمر الدولي في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، فيما أعلنت الأمم المتحدة أن القصف الذي طال مجمعا تابعا لها في غزة الأسبوع الماضي، مصدره دبابة إسرائيلية.
وقال جيش الاحتلال، في بيان له، إن قواته التي تعمل في رفح جنوب قطاع غزة أطلقت في وقت سابق اليوم النار تجاه مبنى، بعد أن رصدت فيه مشتبهين وشعرت بوجود تهديد على القوة، ولم تقع إصابات، وتم تسجيل أضرار طفيفة في المبنى.
وأضاف البيان "في أعقاب الفحص، تبيّن أن الرصد كان خاطئا وأن المبنى تابع للصليب الأحمر، وسيتم التحقيق في الحادث.
وأعنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن أحد مكاتبها في رفح جنوب قطاع غزة تعرض لأضرار جراء قذيفة اليوم الاثنين، لكن دون وقوع إصابات.
وقالت اللجنة الدولية، في بيان لها، إنها "تندد بشدة بالهجوم على مقرها"، مضيفة أن الهجوم يؤثر بشكل مباشر على قدرتها على العمل، لكن اللجنة لم تحمل أي طرف مسؤولية الهجوم.
السرايا تقصف غلاف غزة
من جانب آخر، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أنها قصفت سديروت ونتيف هعسراه وزيكيم ومستوطنات غلاف قطاع غزة برشقة صاروخية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض صاروخين أُطلقا من قطاع غزة.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة ارتفاع عدد الشهداء من الأطفال إلى 15 ألفا و613 منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأوضحت الوزارة أن من بين الأطفال الشهداء 825 رضيعا تقل أعمارهم عن عام، ولفتت في السياق ذاته إلى أن عدد الشهداء الأطفال يمثل 31% من إجمالي الشهداء في غزة.