الجزيرة:
2025-04-29@18:13:57 GMT

فوضى وطوارئ بعد هروب أخطر زعيم مافيا بالإكوادور

تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT

فوضى وطوارئ بعد هروب أخطر زعيم مافيا بالإكوادور

ساو باولو- أعادت عملية هروب زعيم مافيا "لوس تشورينوس" -الأكبر من بين 22 مافيا أخرى في الإكوادور– خوسيه أدولفو ماسياس فيجامار "فيتو" في 7 يناير/كانون الثاني الجاري والمعتقل في سجن غواياكيل منذ العام 2008 تسليط الأضواء على دور هذه العصابات في زعزعة أمن البلاد.

واقتحم أنصار فيجامار إحدى محطات التلفزة المحلية واعتقلوا بعض العاملين والضيوف فيها على الهواء مباشرة، ثم اقتحموا إحدى جامعات مدينة غواياكيل واختطفوا بعض المواطنين من أماكن مختلفة، مما دفع الرئيس دانيال نوبوا إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد وتكليف الجيش بإنهاء حالة الفوضى.

وأصدرت دول عدة في أميركا اللاتينية بيانات تضامن مع الإكوادور، منددة بإجرام عصابات المافيا، من بينها الحكومة البرازيلية التي عبرت عن استعدادها لإرسال شرطتها الفدرالية إلى الإكوادور للمساعدة على إعادة الأمن والاستقرار.

أزمة أمنية

بدوره، يقول فرانكلين سارنيرتو سانشيز -وهو قانوني يرأس مركز "إسكويلا بوبولار" للتدريب السياسي المتخصص في الدفاع عن الحركات والمنظمات الاجتماعية- إن هذه الحادثة "شكلت أزمة أمنية كبيرة، إذ ارتفعت في السنوات الأخيرة نسب القتل العنيف بالبلاد، ففي عام 2023 قُتل 8008 أشخاص، وهو ضعف الرقم المسجل عام 2022 بنحو 4500 شخص".

ويضيف سانشيز للجزيرة نت أنه نتج عن هذا التمرد احتجاز حراس السجن والموظفين الإداريين كرهائن، وبدء موجة أعمال عنف في المدن الرئيسية، ولا سيما في كيتو وغواياكيل وإزميرالداس وماتشالا وكوينكا.

كما تم إحراق سيارات والتهديد باستخدام القنابل، مما أثار الخوف والرعب بين السكان، والإعلان اللاحق عن بدء النزاع المسلح الداخلي في الإكوادور من قبل الحكومة الوطنية، مما يعني ضمنا الاعتراف بـ22 عصابة إجرامية باعتبارها إرهابية، وهو ما أدى إلى تعبئة القوات المسلحة وإعلان حالة الطوارئ.

وبشأن العلاقات التي نسجتها هذه العصابات مع أجهزة الدولة الإكوادورية، يقول سانشيز "يُظهر هذا الهروب بوضوح الارتباط بين تجار المخدرات والعصابات مع أجهزة الشرطة والجيش في البلاد".

ويتابع "ومن المعروف أن من يمسك بالسجون من الداخل هي عصابات مختلفة: تشورينوس، ولوبوس، وتيغيرونيس، وأغيلاس، ومافيا 18، ومافيا تريبول، وتشوني كيلير وغيرها، وقد أعطتها الحكومة الآن وضعا سياسيا، أي اعترافا من خلال إعلانها أهدافا في الحرب الداخلية".

وإلى حد بعيد، تتشابه الأوضاع في أغلب دول أميركا اللاتينية التي كانت تراقب ما يحدث في الإكوادور من ناحية الانفلات الأمني وانتشار عصابات الاتجار بالمخدرات، وإن بنسب مختلفة.

رومان لازكانو يؤكد ضرورة انتهاج سياسة جديدة لمكافحة المخدرات في القارة الأميركية (مواقع التواصل) تداعيات

من جهته، يقول الخبير القانوني والباحث في مجال التاريخ السياسي البرازيلي سيرو غارسيا للجزيرة نت "ما نراه في الإكوادور يشبه ما نراه في دول أميركا اللاتينية الأخرى، بما فيها البرازيل التي تصر على سياسة أمنية عامة فاشلة تسميها "الحرب على المخدرات".

ويضيف "تركز هذه السياسة على الحبس الجماعي الذي يؤدي في النهاية إلى سيطرة الفصائل الإجرامية المرتبطة بالاتجار بالمخدرات على السجون وتصبح القوة الحقيقية داخلها".

ويوضح غارسيا "أما رد الحكومة الإكوادورية وإعلان حالة الطوارئ فكان مناورة وقائية لتجريم الحركات الاجتماعية والشرائح الغارقة في الفقر، ولا سيما حركات الشعوب الأصلية (الهنود الحمر)، لا يمكننا أن نغفل حقيقة أن الإكوادور تمر بعملية مستمرة من التعبئة الشعبية ضد الخطط الاقتصادية التي تؤدي كل يوم إلى تدهور أوضاع الفئات الأكثر ضعفا".

أما الباحث في القانون الدستوري ومنسق "منتدى الدستوريين" في المكسيك رومان لازكانو فرنانديز فيقول "رسميا، لم تتخذ الدولة المكسيكية أي موقف من عملية الهروب، لكن على المستوى الشعبي هناك قلق بشأن سياسة مكافحة المخدرات المتبعة في أميركا اللاتينية والروابط الواضحة بين الكارتلات في المكسيك وفي أميركا اللاتينية".

ويضيف "أعتقد أنه من الأهمية بمكان انتهاج سياسة جديدة لمكافحة المخدرات في القارة الأميركية تشارك فيها جميع البلدان، ويتم وضع السياسات المناسبة للحد من قدرات الجماعات الإجرامية في أميركا اللاتينية والقضاء عليها".

أما من الجانب الإكوادوري فيقول القانوني فرانكلين سانشيز "قبل فترة وجيزة وقعت الإكوادور اتفاقية مع الولايات المتحدة للحصول على دعم استخباراتي واستجلاب قوات عسكرية لمواجهة هذه الظاهرة، مما قد يعني أنها ستصبح جيبا أميركيا جديدا للسيطرة الجيوسياسية على المنطقة، علما بأن حكومات فنزويلا وكولومبيا وبوليفيا والبرازيل غير متوافقة مع سياسات أميركا الشمالية".

ويضيف أن شروط الاتفاقية تنص على إفلات الجيش الأميركي من العقاب على الأراضي الإكوادورية، حيث يتم منحه حصانة للمحاكمة في الولايات المتحدة.

سيرو غارسيا: الإكوادور تصر على سياسة أمنية عامة فاشلة تسميها الحرب على المخدرات (الصحافة البرازيلية) "برنامج فاشل"

لكن، كيف يمكن معالجة ظاهرة العنف المرتبطة بعصابات الاتجار بالمخدرات؟ يجيب رومان فرنانديز "في المكسيك، من الواضح أن برنامج "العناق لا الرصاص" الذي وضعه الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور لم يحقق النتيجة المتوقعة منه بالنظر إلى أن هذه الإدارة ستنتهي ولايتها حاليا بأكثر من 200 ألف قتيل في الاقتتال المحلي بين مجموعات الجريمة المنظمة".

ويضيف "ونظرا لهذه الظروف لا بد من انتهاج سياسة جديدة لمكافحة جماعات تهريب المخدرات من خلال إجراءات يمكن أن تجمع بين مواجهة هذه العصابات، وزيادة نسب النمو قبل أن تستفحل هذه الظاهرة وتصبح مشكلة عالمية".

ويقول سيرو غارسيا "إن ما تسمى "الحرب على المخدرات" ليست أكثر من سياسة تجريم الفقر، وتشجيع الإبادة الجماعية ضد المواطنين ذوي البشرة السوداء، خاصة الشباب في الأحياء الفقيرة والضواحي، بالإضافة إلى السجن الجماعي للشباب السود، إنها سياسة فاشلة تغذي تهريب الأسلحة والمخدرات".

ويؤكد أنها "سياسة تلحق الضرر بالأطفال الأبرياء والعمال والفئات المهمشة بشكل يومي، يجب وضع حد لهذه الكارثة، نحن بحاجة إلى تجريم المخدرات لأنها قضية تتعلق بالصحة العامة وليس بالسلامة العامة، وإلى حظر العمليات العسكرية في الأحياء الفقيرة وضمان التعليم العام والصحة المجانية، وتوفير فرص العمل لمن يعيشون في الأحياء الفقيرة والضواحي".

أما فرانكلين سانشيز فيرى أن مشكلة الأمن وتهريب المخدرات هيكلية ويمكن علاجها عبر توزيع الثروة والاستثمار وخلق فرص العمل، لكنه يضيف أن هذه الحكومة وسابقاتها "تسير في الاتجاه المعاكس، وتقترح فقط مواجهة ومكافحة الآلاف من الشباب الذين تم إغراؤهم من قبل تجار المخدرات والعصابات بالعنف بسبب قلة الفرص".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی أمیرکا اللاتینیة فی الإکوادور

إقرأ أيضاً:

بين فوضى السلاح وتيه العقل السياسي

يعيش السودان مرحلة من أكثر مراحله تعقيدًا في تاريخه الحديث، حيث تتداخل خيبات الماضي مع انسداد الأفق الحاضر، وتتضاعف معاناة الناس اليومية أمام عجز النخب السياسية عن تقديم بديل واقعي. السؤال اليوم لم يعد "من يحكم السودان؟" بل "كيف نخرجه من هذه العتمة المتواصلة؟".
منذ انقلاب الفريق إبراهيم عبود في 1958، مرورًا بنميري والبشير، وحتى انقلاب البرهان في 2021، ظل الجيش يتدخل في السياسة تحت شعارات مختلفة، لكن النتيجة دائمًا واحدة: تعطيل المسار المدني، وتآكل مؤسسات الدولة. في كل مرة يُطرح الجيش كمنقذ، لكنه سرعان ما يصبح جزءًا من الأزمة، إن لم يكن جوهرها.
غير أن المشكلة لا تكمن في العسكر وحدهم؛ فالقوى المدنية بدورها أظهرت هشاشة واضحة، وانقسامات عميقة، وغياب مشروع وطني متماسك. بعد ثورة ديسمبر المجيدة، تضاءلت آمال الناس بسبب صراعات النخب، وتعطيل العدالة الانتقالية، والضعف التنفيذي الذي مهّد لانقلاب جديد.
وتزداد الصورة قتامة حين نضيف إلى المعادلة الدور الذي لعبه الإسلاميون منذ 1989، حيث بنوا نظامًا شموليًا قائمًا على التمكين وتفكيك مؤسسات الدولة. وحتى بعد سقوطهم، ظل تأثيرهم ممتدًا في شكل تحالفات خفية ومقاومة لأي تحوّل ديمقراطي، ما عمّق أزمة الانتقال
أما التفكير السائد داخل المؤسسة العسكرية، فقد تشكّل على مدار عقود في بيئة ترى نفسها وصية على الدولة، لا خادمة لها. العقل العسكري في السودان اعتاد النظر إلى المدنيين كمصدر للفوضى، وإلى نفسه كضامن وحيد للاستقرار، مما جعله يرفض التنازل عن السلطة الحقيقية حتى في ظل أنظمة انتقالية. هذا النمط من التفكير يعكس تراكماً تاريخيًا من التداخل بين النفوذ السياسي والمصالح الاقتصادية، وهو ما يفسّر إصرار الجيش على البقاء في المشهد وعدم قبوله الخضوع الكامل للسلطة المدنية.
ويبدو أن أحد أخطر مظاهر الأزمة هو تغلغل "الأنا السياسية" داخل العقل القيادي في السودان، حيث باتت المصالح الذاتية والأجندات الحزبية تتقدّم على المصلحة الوطنية. هذا النوع من التفكير تغذّيه ثقافة تقوم على الشخصنة والولاء الضيق، وتكريس الزعامة الفردية على حساب المؤسسات. كما أن ضعف التربية الديمقراطية، وانعدام آليات المحاسبة، وفشل النخب في بناء دولة قانون ومواطنة، كلها عوامل ساهمت في تعميق هذا النهج الأناني.
لكن، رغم هذا الواقع المعقد، فإن باب الأمل لم يُغلق. يمكن للعقلين العسكري والمدني أن يلتقيا في منتصف الطريق إذا توفرت الإرادة الحقيقية، وتقدم كل طرف بتنازلات شجاعة. المطلوب إعادة تعريف دور الجيش بوضوح، وجعل مهامه الأمنية تحت مظلة مدنية دستورية. كما أن القوى المدنية مطالبة ببناء كتلة سياسية موحدة ذات برامج واضحة وقيادات مؤهلة، قادرة على نيل ثقة الشارع أولًا ثم المؤسسة العسكرية ثانيًا. يجب تجاوز منطق المحاصصة، والانخراط في تسوية تضمن تفكيك النفوذ السياسي والاقتصادي للمؤسسة العسكرية تدريجيًا، ومن جهة أخرى، لا بد من إصلاح الحياة الحزبية، وتوسيع قاعدة المشاركة، وفتح حوار وطني واسع يشمل الجميع بلا إقصاء.
السودان لن يخرج من عتمته الحالية إلا إذا ارتفع الجميع فوق جراحهم وطموحاتهم الخاصة، وقدموا مصلحة الوطن على كل ما عداها. النور ممكن، لكنه لن يأتي إلا بالاعتراف، والتنازل، والتفكير خارج الصندوق.

بقلم: محمد الأمين حامد

rivernile20004@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • وداعًا لآخر كُتّاب «الطفرة الأدبية» في أمريكا اللاتينية
  • “صور ملاحية” تظهر هروب “ترومان” وتغيير وجهتها
  • وزارة الخارجية تتسلم نسخة من أوراق اعتماد سفير الإكوادور لدى الدولة
  • أحمد موسى: فوضى تعم شوارع أوروبا بسبب انقطاع الكهرباء
  • تفاصيل هروب جماعي جديد لمسافرين مغاربة فور نزول طائرة تركية بمطار إيطالي
  • وزارة الخارجية تتسلم نسخة من أوراق اعتماد سفير جمهورية الإكوادور لدى الدولة
  • بين فوضى السلاح وتيه العقل السياسي
  • المعارضة في الإكوادور تطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية
  • زلزال قوي يضرب شمال غرب الإكوادور مخلفًا عشرات الإصابات وأضرارًا جسيمة
  • سياسة واقتصاد في صلب لقاءات عون بالفاتيكان