كرمها الرئيس السادات فى أول عيد للفن مع يوسف وهبى 1976

«أريد حلاً» يعدل قانون الأحوال الشخصية لصالح المرأة المصرية

 

تمر غداً الذكرى التاسعة لرحيل سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وهى بحق كانت وما زالت حالة فنية فريدة ومختلفة فى تاريخ السينما المصرية عبر تاريخها.

أستاذة فى التلقائية والبساطة تشعر بأنها لا تمثل.

كان لها حضور طاغ وكاريزما على الشاشة الفضية لمن لا يعلم تقول إن فاتن حمامة هى الفنانة الوحيدة التى تنبأ لها الجميع بمستقبل فنى غير مسبوق منذ ظهورها الأول على شاشة السينما 1940 فى فيلم يوم سعيد مع الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب وكان عمرها وقتها لا يتجاوز 6 سنوات فاجأت الجميع بأداء مبهر غير مسبوق فى التلقائية والبساطة.

لسنا بصدد عرض التاريخ الفنى والسينمائى لفاتن حمامة. الذى تجاور الـ75 عاماً وهو رقم قياسى بالنسبة لأى نجمة سينمائية على مدار التاريخ كانت ولا تزال الفنانة الأكثر تأثيراً على المجتمع لأنها غيرت فى معظم أفلامها أو جميعها تقريباً عن واقع الفتاة والسيدة المصرية فى مراحل وظروف اجتماعية.

ومن الصعب للغاية حصر إبداعات سيدة الشاشة العربية لأنها كثيرة للغاية سنحاول فقط القاء الضوء على بعض أفلامها التى حملت أبعاداً اجتماعية وسياسية أحياناً واستطاعت من خلالها أن تجسد ببراعة حال الفتاة والمرأة المصرية فى ظروف مختلفة.

فيلم «ابن النيل» 1950 مع شكرى سرحان ويحيى شاهين جسدت من خلاله دور الزوجة الشابة التى تعيش فى قلب الريف المصرى يهجرها زوجها إلى المدينة ويعود ليجدا الزوجة المخلصة فى انتظاره، رغم أن حجم دورها لم يكن كبيراً فى هذا الفيلم لكنها نجحت ببراعة فى تجسيد دور الفلاحة المستكينة التى تعيش تحت أى ظروف.

فيلم أيامنا الحلوة 1955 مع عمر الشريف وعبدالحليم حافظ وأحمد رمزى. التى جسدت من خلاله دور هدى الفتاة المسكينة التى تعيش حياة قاسية تقودها الظروف للسكن فى بيت يجاورها فيها ثلاثة شباب يقعون جميعاً فى حبها وتختار أحدهم للارتباط به. وعندما تبتسم لها الحياة تصاب بمرض خبيث يجعلها تعيش حياة كئيبة وتفضل الموت حتى لا تساهم فى المشقة لحببيها أحمد.

كانت نموذجاً للفتاة المضحية

فيلم موعد غرام 1956 مع عبدالحليم حافظ جسدت من خلاله شخصية الصحفية نوال التى تقع فى حب سمير وهو شاب مستهتر يهوى الغناء تجعله شخص آخر يسير فى طريق الشهرة والنجاح. ولكنها فجأة تصاب بالشلل وتقرر الابتعاد عنه حرصًا على مستقبله. لكنه يعلم الحقيقة فى النهاية ويسافر معها للخارج لعلاجها من مرض الشلل.

طريق الأمل 1957 مع شكرى سرحان ورشدى أباظة.

جسدت دور فتاة غانية لكنها تقرر الابتعاد عن تلك الحياة المنحرفة وتقع فى حب شاب مستقيم تحبه من قلبها يواجه هذا الحب العديد من العواصف حتى يكتب الله النهاية السعيدة لفتاة اختارت الحياة الكريمة النظيفة البعيدة عن الانحراف.

فيلم لا أنام إنتاج 1957 مع يحيى شاهين وعمر الشريف ومريم فخر الدين وهند رستم ورشدى أباظة.

جسدت للمرة الأولى والأخيرة دور الفتاة الشريرة التى تنجح فى التفريق بين أبيها وزوجته لكنها تدفع الثمن فى النهاية ويقرر والدها أن يسامحها.

لم يحقق هذا الفيلم النجاح المطلوب لأن الناس لم تتعود على فاتن حمامة الشريرة.

فيلم سيدة القصر 1958 مع عمر الشريف وفردوس محمد واستيفان روستى جسدت من خلاله شخصية فتاة بسيطة ورقيقة الحال. يقع فى حبها شاب ثرى لا يجد سوى الزواج للارتباط بها وبالفعل تتزوجه وتواجه مؤامرة من أصدقاؤه لدرجة أن زوجها اتهمها بالخيانة. لكنه يعلم الحقيقة فى النهاية لتنجح سيدة القصر فى تقويم الزوج والقضاء على أصدقائه المنحرفين.

فيلم دعاء الكروان 1959. أحد أروع الأفلام فى تاريخ فاتن حمامة مع أحمد مظهر وزهرة العلا وأمينة رزق قصة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين جسدت فيه شخصية أمنه الفتاة التى تعيش فى الصعيد تضطر بعد مقتل والدها لترك البلدة مع والدتها وشقيقتها الوحيدة لتعملان كخادمات عملت آمنة فى منزل المأمور وشقيقتها فى منزل المهندس.

تقع شقيقتها فى الخطيئة مع المهندس، ويتم قتلها على يد خالها.

تقرر أمنة الانتقام من المهندس الذى تسبب فى مصرع شقيقتها لكنها تقع فى حبه وينتهى الفيلم بمقتل المهندس على يد خال آمنه الشرير الذى جسد دوره عبدالعليم خطاب.

يرى فاتن حمامة لأقصى درجة فى تجسيد شخصية آمنة. ويعتبر هذا الفيلم من كلاسيكيات السينما المصرية.

وفى نفس العام قدمت فيلماً بين الأطلال مع عماد حمدى. واحد من أروع الأفلام الرومانسية فى تاريخ السينما، جسدت من خلاله دور فتاة رومانسية تقع فى حب الأديب محمود المتزوج من سيدة مريضة تشتعل علاقة الحب والحرمان بينهما. بموت محمود فى حادث وتعيش على ذكراه وتتزوج بعد رحيله ويشاء القدر بعد سنوات تزوج ابنتها لابن محمود. 

فيلم لا وقت للحب إنتاج 1961 مع رشدى أباظة وصلاح شاهين جسدت لأول مرة دور فتاة مجاهدة ضد الاحتلال مع شاب بطل ومجاهد تساعده فى اخفاء السلاح وعمل كل شئ من أجل مقاومة الاحتلال بكل السبل.

فيم نهر الحب 1962. مع عمر الشريف وزكى رستم وعمر الحريرى وزهرة العلا واحد من أروع الأفلام فى تاريخ السينما.

جسدت من خلاله دور نوال التى تقرر الزواج من رجل سياسى يكبرها بأربعين عاماً من أجل مصلحة أخيها. وتعيش معه حياة جافة  وابنها الوحيد هانى. ولكنها تقع فى حب شاب وسيم يعمل ضابطاً وهى فى صراع بين ابنها الوحيد وحبيها خالد. ويقرر الزواج حرمانها من نجلها الوحيد وتلقى مصرعها فى النهاية، فى نهاية الفيلم قالت فاتن حمامة من أراد الحياة فليفتح في قلبه مجرى النهر من الحب.

فيلم الحرام 1965 مع عبدالله غيث وزكى رستم. قصة يوسف إدريس جسدت من خلاله شخصية الزوجة المقهورة التى تعانى بسبب عجز زوجه ومرضه وتتعرض للاغتصاب لتواجه أصعب الظروف نجحت فاتن حمامة فى هذا الفيلم فى تجسيد أقصى درجات المعاناة للفلاحة المصرية المقهورة.

فى النصف الثانى من الستينيات اضطرت فاتن حمامة لترك الوطن والسفر للخارج بسبب ظروف سياسية لا داعى لذكرها. وابتعدت عن السينما ربما لأول مرة منذ احترافها التمثيل.

وفى مطلع السبعينيات عادت إلى مصر أكثر نضجاً وتوهجاً واتجهت لأدوار مختلفة تماماً، حيث كانت البداية 1971 بفيلم الخيط الرفيع أمام النجم الشاب وقتها محمود يس حيث جسدت دور سيدة تعيش مع مهندس شاب تقف بجانبه حتى يتفوق فى عمله لكنه يتركها فى النهاية، كان دوراً مختلفاً تماماً لسيدة الشاشة فى تلك الفترة.

وفى عام 1972 قدمت فيلم إمبراطورية ميم. مع أحمد مظهر جسدت لأول مرة دور أم لستة أطفال تتولى رعايتهم بعد وفاة زوجها. وكانت تشغل منصب مرموق. لكنها نجحت فى تربية أولادها وتقرر عدم الزواج رغم حبها لرجل أعمال لكنها تضحى بكل شيء فى سبيل أولادها.

فى عام 1975 قدمت واحداً من أهم الأفلام فى تاريخ السينما المصرية. أريد حلاً مع رشدى أباظة وأمينة رزق، قصة حسن شاه إنتاج صلاح ذوالفقار.

جسدت شخصية معاناة سيدة فى طلب الطلاق عن زوجها الرجل المنحرف وتستمر القصة لمدة سنوات فى المحاكم بلا جدوى.

تسبب هذا الفيلم فى تغيير قانون الأحوال الشخصية فى مصر ليكون هذا التعديل بمثابة انفراجة فى حياة المرأة المصرية التى كانت تتعرض للظلم والقهر بسبب قوانين الأحوال الشخصية.

وفى عام 1976 تفوقت على نفسها فى فيلم أفواه وأرانب مع محمود يس جسدت شخصية نعمة التى تعمل لتربية أولاد أختها وتظهر فى حياة محمود رجل الأعمال وصاحب المزرعة التى تعمل بها يقرر أن تساعده فى كل شىء فى حياته ويقع فى حبها. وتتعرض لمشكلة حتى ينتهى الأمر بزواجها من محمود وعمل أولاد أختها فى المزرعة.

هذا الفيلم كان مسلسلاً إذاعياً قامت ببطولته فاتن حمامة ثم تحول لفيلم سينمائى.

فى عام 1977 قامت ببطولة فيلم ولا عزاء للسيدات وقل إنتاجها الفنى بشكل ملحوظ مع مطلع الثماينيات حيث قدمت فقط أفلام: ليلة القبض على فاطمة. يوم حلو ويوم مر. وأرض الأحلام فى مطلع التسعينيات، ثم قامت لأول مرة بالاتجاه للعمل فى التليفزيون بمسلسل ضمير أبلة حكمت مع أحمد مظهر وجميل راتب وسميرة عبدالعزيز ويوسف شعبان وصلاح قابيل وعدد كبير من النجوم جسدت من خلاله ببراعة شخصية أبلة حكمت مديرة المدرسة نور المعارف بالإسكندرية كنموذج مشرف للمرأة المصرية فى العصر الحديث التى تتمتع بقدرة فائقة على القيادة، ثم قدمت بعد ذلك مسلسل وجه القمر.

 كانت تلك مجرد إطلالة على إبداعات سيدة الشاشة العربية وما أكثرها.

نحن أمام حالة فنية نادرة لم تتكرر فى تاريخ السينما المصرية ووجه شديد البراءة وبراعة فائقة فى تجسيد كافة الشخصيات وأجمع المشاهدون على حبها والجلوس أمام الشاشة للاستمتاع بفن التمثيل، فلم تكن أبدًا فنانة عادية بل حالة نادرة للغاية.

كرمها الرئيس الراحل أنور السادات فى أول عيد للفن 1976 مع يوسف وهبى. وكأنه اعتراف بمكانة فاتن حمامة، وكرمها الرئيس السابق عدلى منصور قبل وفاتها بعام واحد.

موقف تاريخى لسيدة الشاشة العربية عام 2014 أثناء لقاء المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى بالفنانين أصر أن ينزل بنفسه لمصافحة سيدة الشاشة العربية اعترافاً منه بمكانتها الفنية الرفيعة التى لم تصل إليها أى فنانة فى تاريخ السينما، ومهما تعددت الآراء تبقى فاتن حمامة سيدة الشاشة العربية رغم أنف البعض وموهبة فذة قلما يجود بها الزمان. لم تدخل فى منافسة مع أى فنانة وظلت فى عالمها الخاص. كفنانة مبدعة.

مواقف إنسانية مع عبدالوهاب وأم كلثوم

سيدة الشاشة العربية كانت تربطها صداقة عميقة بكل من العملاقين أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب. فى عام 1967 كانت كوكب الشرق تحيى حفلاً فى باريس وعندما علمت بوجود فاتن حمامة فى المسرح. أمرت بإحضارها بشكل سريع عقب الحفل جلست مع فاتن حمامة لتطلب منها العودة لمصر وأنه لن يستطيع أى شخص فى الدولة مضايقتها. وستكون تحت حماية أم كلثوم نفسها. ألحت أم كلثوم فى هذا الطلب لكن فاتن رفضت ولم تعد لمصر إلا بعد وفاة الرئيس عبدالناصر.

عندما أعلن خبر وفاة عبدالحليم حافظ، سارعت فاتن حمامة للذهاب لمنزل محمد عبدالوهاب للوقوف بجانبه فى هذا الظرف العصيب وظلت بجانبه لعدة ساعات فى منزله حيث كان عبدالوهاب فى حالة انهيار تام بعد وفاة عبدالحليم. الصداقة استمرت بين عبدالوهاب وفاتن منذ فيلم يوم سعيد 1940 حتى رحيله 1991.

فيلم الخيط الرفيع

هذا الفيلم مر على إنتاجه أكثر من 50 عاماً وكانت مفاجأة الفيلم اختيار النجم الشاب محمود يس كبطل للفيلم أمام سيدة الشاشة.

تحدث الفنان الراحل محمود يس عن تشجيع فاتن حمامة له أثناء التصوير وكيف تخلص من الرهبة فى الوقوف أمام سيدة الشاشة. كان هذا الفيلم بداية انطلاق محمود يس نحو النجومية.

فيلم الحب الكبير

فيلم الحب الكبير.. الذى مر على إنتاجه ما يقرب من 58 عاماً.

الفيلم تم تصويره فى لبنان وشارك فى بطولة الفيلم مع سيدة الشاشة فريد الأطرش ويوسف وهبى.. ربما كان هذا الفيلم هو الفيلم الوحيد الذى رقصت فيه فاتن حمامة مع فرقة استعراضية فى لبنان فى أغنية فريد تؤمر على الراس والعين، كان مشهد شديد الروعة لفاتن حمامة، وهى ترقص الدبكة اللبنانية.

فيلم «أيامنا الحلوة»

فيلم أيامنا الحلوة مر على إنتاجه 70 عاماً شارك فى البطولة مع سيدة الشاشة النجوم الشباب عمر الشريف وعبدالحليم وأحمد رمزى.

هذا الفيلم كان بداية الشرارة فى علاقة الحب بين فاتن حمامة وعمر الشريف وأثناء التصوير لاحظ حليم ورمزى النظرات العاطفية الخاصة بين فاتن وعمر وحتى المشاهد الرومانسية كانت طبيعية.

وكان الشك فى محله، وتزوجا بعد 3 سنوات من هذا الفيلم، لتكون أشهر زيجة فى الوسط الفنى فى تلك المرحلة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: فاتن حمامة الشخصية فى تاریخ السینما السینما المصریة هذا الفیلم عمر الشریف فاتن حمامة التى تعیش لأول مرة مر على فى عام فى هذا

إقرأ أيضاً:

كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» بـذور التطـرف ( 2)

تنشر بوابة «الأسبوع» فصولًا من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» للكاتب الصحفي مصطفى بكري رئيس التحرير، والصادر عن دار كنوز للنشر والتوزيع. وفي الحلقة الأولى من الكتاب، رصد المؤلف تاريخ نتنياهو منذ الطفولة وعلاقته بوالده الذي لقنه الأفكار المتطرفة والمعادية للعرب والفلسطينيين، خاصة وأن جده كان من كبار دعاة الحركة الصهيونية. لقد رباه والده على كراهية أي يهودي يقبل بمصافحة العرب، وكان دائم الترديد على مسامعه «أن العربي إذا مد يده بالسلام، فانظر إلى يده الأخرى.. فإنك ستجد خنجرًا ممدودًا إليك» وإلى الحلقة الثانية

الحلقة الثانية

يحلم باحتلال سيناء وإعلانها عاصمة للدين اليهودى

كان يعاني عقدًا نفسية لازمته طوال حياته

سر الخلاف بينه وبين شقيقه «يوناثان»

يرى أن العرب يجب أن يعودوا إلى مهنة رعي الأغنام وتربية الماشية

فى الحلقة الثانية من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» الصادر عن دار «كنوز للنشر والتوزيع» يرصد الكاتب الصحفى مصطفى بكرى مراحل التطرف فى حياة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو من خلال قراءة مذكراته وأقواله وتصريحاته، ويتوقف الكاتب فى هذه الحلقة عند مقولة نتنياهو عن سيناء حيث يقول: «إنها المكان الذى جاءت فيه رسالة موسى الذى أرسل لبنى إسرائيل، ومن الطبيعى أن يكون لليهود عاصمتهم فى سيناء (كما يزعم).

ويحلم نتنياهو من خلال كتاباته بأن يبنى وسط سيناء المقر الرسمى للحكومة الإسرائيلية تحيط به المعابد اليهودية الكبرى، وأن تكون سيناء عاصمة للدين اليهودي.

ويتناول المؤلف مسيرة نتنياهو فى فترة الشباب وأسباب ارتباطه بالقدس وعقده النفسية التى نتجت من خلال تطرفه ومعاملة الآخرين له.

مثّل مقتل “جوناثان نتنياهو” شقيق بنيامين نتنياهو نقطة تحول خطيرة فى فكر بنيامين، حيث إن “بنيامين” كان يحب أخاه “جوناثان” الذى كان بدوره متشددًا ضد العرب، وكان يرى ضرورة العمل على تقوية دولة إسرائيل، حيث يرى أن ضعفها الأساسى هو فى قلة عدد سكانها، وأنه لابد من العمل على تجميع شتات اليهود فى داخل الدولة، وتوفير كل مقومات الحياة الآمنة لهم. كان “جوناثان” الأخ الكبير لبيبى، وأخوهم الثالث هو “عيدو”، يجلسون سويًا عندما تدور بينهم أحاديث مهمة فى الحديقة الكبيرة التى كانت تتوسط منزلهم الذى استقروا فيه فى الولايات المتحدة الكائن فى ضاحية وينكوت، وهى إحدى الضواحى الأمريكية القريبة من فيلادلفيا، وكان هذا المنزل الذى استقروا فيه منذ عام1963 مكونًا من طابقين، كان إيجاره زهيدًا، حصل عليه “تسيون نتنياهو” “الوالد” من خلال أحد أصدقائه الأمريكيين والذى رشح للعمل كمحاضر للتاريخ فى كلية درونسى، وهى من الكليات غير المشهورة بل كانوا يعتبرونها أشبه بمدرسة، إلا أن “تسيون” قرر أن يقبل العمل بهذه الكلية بعد الضغوط الشديدة التى تعرض لها داخل إسرائيل.

كان عمر “بنيامين” 13 عامًا، ويحكى عن هذه الفترة من خلال أوراقه الخاصة بقوله إنها “كانت فترة مفعمة بالحيوية والنشاط وتكوين الأفكار، ويقول: لقد أحببت إسرائيل جدًا وعندما علمت أننى سأغادرها إلى الولايات المتحدة لم أكن فرحًا مثل غيرى ممن يمكن أن يتلقوا هذا الخبر ومضيت أنا وأخى “جوناثان”، ومررنا على الشوارع والأزقة والمنازل فى القدس، ويضيف أتذكر ذلك اليوم جيدًا على الرغم من أننى كنت صغيرًا وكنت أبكى بشدة وجوناثان يهدئ من روعى، كنت أشعر بأن هناك رباطًا قويًا بينى وبين كل طوبة، وكل رجل وامرأة وطفل، وكان بداخلى إحساس بأننى لن أعود مرة أخرى، وأن هذا الإحساس كان يزيد معاناتى، إلا أننى أقسمت لنفسى أن أعود وأستقر فى هذه المناطق الجميلة، ويقول كانت الحديقة الكبرى فى منزلنا ببينكوت الأمريكية جميلة.. وكنت دائمًا أجلس مع أخواى “جوناثان” و”عيدو”، وعلى الرغم من صغر سننا إلا أننا كنا نتحدث فى مستقبل إسرائيل وكأننا حكومة إسرائيلية نخطط ونقرر وكنا نطلب من “عيدو” أن يكتب ما نقوله، وكان “جوناثان” أكثرنا صوابًا فى الرأى، ودراية بالمسائل والمشاكل التى تعوق نهضة دولة إسرائيل، وأتذكر أنه فى خلال حقبة الستينيات وقبل 1967، كان الرئيس المصرى جمال عبد الناصر يأخذ قدرًا كبيرًا من المناقشات وكانت لدينا رؤية مشتركة فى أن هذا الرجل يجب أن يقتل، وأعددنا خطة على الورق فى 1965 لذلك، وكنا نرى أن قتل جمال عبد الناصر قد يعطى بعض الأمان لإسرائيل لأنه كان شخصية كريهة يتشبث بأفكار كلها تدور ضد إسرائيل، وكان “جوناثان” يقول: إن هذا الرجل لا يمكن التفاوض معه لأنه يعتبر نفسه زعيمًا للعرب بمعاداته لإسرائيل وكان يرى أنه إذا تفاوض معه الإسرائيليون فإنه سيتخلى عن زعامته، كانت خطتنا التى أعددناها على الورق تقوم على أساس تفجير طائرة الرئيس المصرى فى إحدى زياراته الخارجية بوضع قنبلة فيها فى أى من المطارات الدولية، وخططنا لكيفية الاتفاق مع الشخص الذى سيضع القنبلة والذى يجب أن يكون من العاملين بالمطار، وكتبنا فى الخطة أيضًا جزءًا عن كيفية اختراق أى فرد يمثل عائقا أمنيا مفروضا على الطائرة.

ويتذكر “بنيامين” أن والده “تسيون” أطلع على بعض هذه الأوراق وأعجب بخطة قتل الرئيس المصرى، ويومها قال: إنه لو كان هناك جهاز استخبارات قوى فى إسرائيل لكان من الممكن أن ينفذ مثل هذه الخطة و ألقى باللوم على حكومة إسرائيل وسياستها واستخباراتها فى عدم التخلص من جمال عبد الناصر، أيًا كان الأمر فإن “جوناثان” فى جلساته مع “بنيامين” فى المدينة الكبيرة- على حد ما يرى بنيامين نفسه- كان يفكر فى أن تكون إسرائيل دولة عظيمة وكبيرة وأن عظمتها تكمن فى زيادة سكانها وحدودها وأن يكون لها امتداد جغرافى يمكن حمايته فى أى وقت وبأيسر السبل الممكنة، ويقول: كان لدينا تخطيط جيد على ضرورة أن يتجمع كل يهود العالم فى إسرائيل، كنا نحلم بأن تكون إسرائيل العاصمة السياسية والدينية ليهود العالم وأن تكون هناك ثلاثة أيام فى العام يتجمع فيها كل اليهود من أرجاء العالم ليحجوا إلى القدس وزيارة الأماكن الدينية، وأن يعقد مؤتمر قومى ودولى شامل يتم فيه اتخاذ قرارات جوهرية بشأن مستقبل دولة إسرائيل العظمى، ورأينا أن الوسيلة المثلى لذلك هى إنشاء صندوق لجمع التبرعات وأن تكون هناك نسب مقننة ومحددة فى دخل أى شخص يهودى يجب أن تذهب لهذا الصندوق، وأن تكون له فروع فى الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ومن الفروع تنشأ إدارات فى المدن والأحياء والضواحى الأمريكية والأوروبية، ثم يتم تسليم هذه الأموال فى كل عام قبل بداية أعمال المؤتمر الشامل إلى سفراء إسرائيل وقناصلها والذين بدورهم ينقلونها إلى الخزانة الإسرائيلية وكانت فكرة “بنيامين”، أن الوظيفة الأولى لهذه الأموال هى إنشاء المستوطنات والمنازل وتشييد دولة عصرية اقتصاديًا.

ولا شك فإن هذه الفترة من حياة بنيامين، وما ورد فى أوراقه توضح أمرين أساسيين: أولهما كرهه الشديد للرئيس عبد الناصر وسنرى بعد ذلك أنه يكن كراهية أيضًا للرئيس السادات، لأنه فى ظنه ضحك على بيجين “كما يرى” وحصل على سيناء وأن هذا الكره متوارث للرؤساء المصريين الذى تشكل فى عقيدة بنيامين منذ صغره وتحديدًا منذ أن كان يبلغ من العمر 13عامًا وهذا يفسر العديد من السياسات التى يتبعها بنيامين حاليًا وأن أكثر شيء يخشاه هو ما عبر عنه فى أكثر من مناسبة وبخاصة فى لقائه مع المستوطنين- هو أن تتوحد المصالح العربية سياسيًا واقتصاديًا وهذا يمثل خطر على إسرائيل.

لقد أكد ذلك فى اجتماع مع بعض المستوطنين فى16 من فبراير1996، حيث أشار فى هذا الاجتماع إلى أن هناك ثلاثة أنواع من السياسات الأولى: سياسات مصيرية ولا يمكن التراجع عنها أو تغيير الموقف بشأنها واعتبر أن سياسات الاستيطان من السياسات المصيرية وأمن إسرائيل وحماية حدودها وأمنها.

الثانى: سياسات إستراتيجية، وهى أيضًا من الصعب تعديلها أو تغييرها مثل رفض الانسحاب من الجولان أو القدس أو إقامة الدولة الفلسطينية.

كتاب نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى «الرؤية والتخطيط»

والثالث: سياسات تكتيكية، وهى نوع من السياسات التى نرفضها فى البداية إلا أننا على استعداد لأن نقبل بها أو نكون مخططين للقبول بها ولكن بعد أن نحصل على ما نريد من العرب، وأن السياسات التكتيكية هى التى يقع فى نطاقها العديد من مسائل عملية السلام أو غالبية الخطط الإسرائيلية فى السلام، وأنه من الممكن إذا رأينا أن السياسات التكتكية فاشلة ولم تحقق أيًا من أهدافها فإننا نسقط بعض السياسات الإستراتيجية ونجعلها تكتيكية، إلا أننا فى النهاية لن نقبل بأى شيء يضر بأمننا أو يغير من نظرتنا إلى المستقبل، وهو يرى هنا أن السياسات التكتيكية لها فوائد كبيرة وأن أهم فائدة يمكن توقعها هو عدم السماح للعرب باتخاذ موقف موحد ضد إسرائيل.

ويرى “بنيامين” أن إسرائيل يجب أن تكون مستعدة اقتصاديًا للتعامل مع الدول العربية، وأن ما يهمه هو تقوية علاقاته الاقتصادية مع الدول الخليجية وأنه لا يهمه أن يكون له علاقات اقتصادية قوية مع المصريين أو المغاربة، ويتوقع أن مسألة التعاون الاقتصادى مع دول الخليج يمكن أن تشكل بداية لنهضة كبيرة فى الاقتصاد الإسرائيلى وأن دخول إسرائيل اقتصاديًا فى مشروعات مع هذه الدول سيجعل إمكانية الاندماج لاقتصاديات الخليج مع اقتصاديات الدول العربية صعبًا الأمر الآخر: أن نتنياهو استقرت فى عقيدته منذ الصغر سياسات الاستيطان والتوسع فى الأراضى العربية وأن فكرة الحدود الآمنة أساسية وضرورية، مضت الأيام ثقيلة فى الولايات المتحدة خاصة بعد أن تقرر نقل تسيون نتنياهو من كلية درونسى إلى جامعة كورنيل، وكان تسيون هو الذى سعى إلى إتمام هذا النقل وبخاصة أنه كان يريد الانتقال إلى جامعة معروفة بالإضافة إلى الانتقال إلى نيويورك، حيث اليهود ذوو النفوذ والمال، وكان تسيون لدية رغبة فى أن ينخرط وسط هذه المجموعة حيث بدأ بعد إقامته فى ضاحية وينكوف يهتم بجمع الأموال وكان يريد أن يؤمن مستقبل أولاده الثلاثة وبخاصة أن محاضراته فى كلية درونسى التى كانت المصدر الوحيد للدخل لم تكن تشعر أولاده الثلاثة بأنهم يعيشون حياة جيدة ومرفهة ولقد كانت لديهم تطلعات مثل أصدقائهم الذين كانوا يتفاخرون بالدولارات والسيارات والأشياء غالية الثمن، وكان بنيامين يرى فى نفسه أنه ليس أقل من هؤلاء، ويقول عنهم: “لقد كانوا أغبياء وكنت أذكى منهم كثيرًا وكان لدى طموح بأننى من خلال ذكائى أستطيع أن أجمع المال وأن أكون أكثر قوة من هؤلاء الأغبياء، وكنت دائمًا أرى أن والدى يجب أن يكون من الأغنياء لأنه مفكر وقادر على ان يكون منظرًا لفلسفات وسياسات إسرائيل أو حتى الولايات المتحدة، إلا أن احدًا لم يهتم بوالدى كمفكر، ويرى أن السبب فى ذلك قد يعود إلى تشدده فى آرائه وأفكاره وأنه على استعداد لأن يدافع عنها حتى الموت، وهو يرى صواب والده فى ذلك وأنه كان يجب أن يكون محل احترام من الآخرين الذين كانوا يحقدون عليه وكان يجب أن يصفوه بأنه رجل مبادئ ورجل فكر، إلا أن العكس هو الذى حدث، حيث أدى ذلك إلى مطالبتهم له بأن يغير افكاره القديمة ويساير ركب الأفكار الجديدة، وكانت جامعة كورنيل التى تقع فى بلدة إيثاكا الأمريكية فى شمال نيويورك من الجامعات المرموقة التى حصل فيها على دخل كبير استشعر معه بأنه من خلال هذا الدخل يمكن أن يعوض أولاده سنوات الحرمان أو سنوات الكفاح كما يطلق عليها، وعلى الرغم من الحياة الجديدة التى انتقل إليها “بنيامين” إلا أنه كان هناك شيء ما فى شخصيته، حيث كان يلازمه شعور الغربة دائمًا حتى فى ظل حياته الجديدة التى انتقل إليها، لم يكن فرحًا بحياة أكثر راحة وأكثر تألقًا لأن حياته الأساسية كانت القدس كما يقول، كتب ذات مرة إلى أحد أصدقائه فى القدس يقول: “إن الهواء الذى نتنفسه يا صديقى لن تجد له مثيلًا فى أمريكا أو غيرها، إن روعة المكان الذى تسكن فيه أروع من البيت الأبيض، ولو أن الأمر بيدى لأتيت إليك فورًا، وأرجو أن تقبَّل الجدران نيابة عنى حتى أعود، لا تدع رجلك ترتفع من على الأرض الطيبة التى تسير عليها” وطلب إلى صديقه أن يدعو له فى صلواته ليرحمه من الاختناق وأن يعود سريعًا إلى موطنه وأهله، لقد كان هذا الشعور بالغربة واضحًا فى الحياة المدرسية، حيث إن بنيامين وفق ما يصفه مدرسوه و زملاؤه فى المدرسة كان إنسانًا غير مفهوم لكل الآخرين، دائمًا شارد الذهن إلا أنه حاد الذكاء، يفكر فى شيء ويتكلم مع الآخرين فى شيء آخر، كان إنطوائيًا، لا يحب الدخول فى جدال مع الآخرين حول أمر غير مقتنع به، وبالنسبة إلى الأفكار التى تصادف ولو قبولًا غير مؤكد من الآخرين فإنه يعمل على أن يزيدها قوة، ولكنه أيضًا كان حاد الطبع، وكثير المناقشات مع المدرسين، وأنه كان يهوى لعبة الشطرنج، وكان يرى أنها لعبة التخطيط والذكاء، وكان يعتقد أن من لا يعرف الشطرنج فقد خسر نصف عقله، وكان يبدو ماكرًا فى هذه اللعبة، حيث إنه كان يحرص فى البداية على أن يخدع الشخص بأنه يمكنه الفوز، إلا أنه يأخذ زمام المبادرة فى لحظات، ويقول عنه مدرسوه أيضًا: إن أهم ما يميزه أنه سريع التفكير، وأن القرار الذى يتخذه كان لا يعلن عنه، ولكنه يجرى مشاورات مع كل زملائه الذين يعرفونه ليستطلع وجهة نظرهم، إلا أنه لم يكن على استعداد لأن يتنازل عن قراره بعد هذه المشاورات، كان من الممكن أن يحصل على نقاط إضافية تدعم قراره.. وكان زملاؤه لا يثقون به كثيرًا، فقد كان لديهم اعتقاد بأن بيبى يخطط للإيقاع بهم، وأنه ربما يدبر مؤامرات ضدهم وبخاصة أنه كان يهوى تشكيل حركات غريبة فى المدارس التى التحق بها، وكانت لديه القدرة على أن يكوِّن حركة من عدد محدود من التلاميذ، وكانت هذه الحركات تكتسب شهرة واسعة فى المدارس المحيطة، على الرغم من أن شخصيته الانطوائية كانت لا تنم عن قيادته لهذه الحركات، وكان له صديق يدعى “هاشومير هاتسير” كان أيضًا عضوًا فى الحركات اليهودية مثل حركة الفتى الحارس.. وكان هاشومير شخصية مؤثرة فيمن حوله، إلا أنه لم يكن مؤثرًا فى بيبى الذى أثر بدوره على هاشومير.

وكان بيبى أو بنيامين يعد مخططًا لحركة الفتى الحارس دون أن يظهر على السطح، حيث إنه كان يبلغ هاشومير بالمضامين الأساسية لهذه الأفكار والمخططات، وكان الأخير يتولى الدفاع عنها فى الحركة، ويقول عنه مدرسوه أيضًا “إن هناك وقتًا كبيرًا قضاه بنيامين فى الظل، ولكن عرفوا مؤخرًا أنه كان وراء تحريك أحداث مهمة فى المدرسة” وكان الاعتقاد أن زملاءه هم أبطال هذه الحوادث، ويقولون عنه أيضًا: إن رغبته فى أن يكون فى الظل ليست رغبة مستمرة ولكن يجب أن يهيئ الأحداث قبل أن يظهر، فإذا جاءت توقعاته مطابقة لخططه وأفكاره فإنه يعلن عن نفسه، وإذا كان هناك فارقًا ما فإنه ينسب الفشل لغيره، ومع ذلك فإن العديد من أفكاره التى كان يشيعها فى المدرسة، وبخاصة المتطرفة التى كانت تؤدى إلى خلافات ومشاجرات بين التلاميذ وبعضهم، وأحيانًا مع المدرسين، كانت تنتقل بسرعة إلى العديد من زملائه.

تحدث عنه أحد أصدقائه فى برنامج تليفزيونى إسرائيلى وهو أمريكى الأصل قائلًا: لقد كنت مع بيبى فى المدرسة، وكنا أصحابًا، وكان دائمًا يحدثنى عن إسرائيل، ولكن الشيئ الأساسى فى حياته هو كرهه الشديد للحكام العرب، وكان يلعب الشطرنج لفترات طويلة، إلا أنه فجأة قرر أن يلعب كرة القدم، ولما سألته عن السبب فى ذلك قال إن كرة القدم هى الممارسة العملية للعبة الشطرنج، وكان بنيانه قويًا، وفى خلال فترة قصيرة من التدريب والمواظبة على هذه اللعبة استطاع أن يكون من اللاعبين الجيدين جدًا، وأنه حاز إعجاب مدرب فريق النمور لكرة القدم، وكان يشغل مركز الجناح الأيسر وأحيانًا كان يحب اللعب فى خط الوسط، إذا أدرك أن الفريق الذى يلعب أمامه قوى ومتمرس، حيث إنه كان يجيد اللعب أمام الفرق القوية، وكان يدرك أنه يجب أن يكون عقل الفريق، وأداته المفكرة.

ويضيف: أن بيبى مولع بالتحدى وبخاصة تحدى الأقوياء، وأنه على استعداد لأن يلعب فترة طويلة إذا كان خصمه قويًا، حيث إنه لا يحب الهزيمة، وإذا شعر بأن الفريق الخصم ضعيف، ولا يتساهل أن يكون عقلًا مفكرًا للفريق، كان يلعب فى الجناح الأيسر وكان من أمهر اللاعبين فى إحراز الأهداف، وكان مراوغًا جيدًا، ويقول عنه خبراء النفس: إن نتنياهو معتز بشخصيته وبنفسه وبخاصة عقله، وأنه يعتبر نفسه أذكى من الآخرين، وأنه يمكنه الايقاع بهم إذا دخل معهم فى مناقشات، إلا انه من المهم عدم اليأس فى استكمال هذه المناقشات وألا يخالج الآخرين الشعور بالضيق من المناقشة.

وقد أحب لعبتى الشطرنج وكرة القدم لأن هاتين اللعبتين بهما العديد من الخطط، ولم يكن يهوى أى نشاط اجتماعى مع بقية التلاميذ الأمريكيين حيث كان يرفض فى مرات كثيرة الانضمام إلى الرحلات أو الألعاب الأخرى، وكان قليلًا ما يستجيب لهذه الأنشطة وبخاصة الرحلات إذا وافقت على مشاركته فى الرحلة زميلته اليهودية “هاتحياه”، وعلى الرغم من أن هاتحياه كانت عنيفة فى حديثها مع الآخرين، وأن زملاءها كانوا يتجنبون النقاش معها لفترة طويلة، إلا أنها كانت ضعيفة الشخصية مع بيبى، وكان بيبى قد عرفها على صديقه “هاشوير” أحد رواد الحركة اليهودية المتطرفة “الفتى الحارس” وكان الثلاثة دائمًا يذهبون إلى دور السينما، وكان بيبى يهوى مشاهدة أفلام العنف، وكان يحرص بعد عودته على أن يروى تفاصيل هذه الأفلام لأخويه، وكانت “هاتحياه” يهودية متطرفة مثل “هاشومير”، وكان الثلاثة مع بيبى يشكلون فريق عمل مشترك واطلقوا على حركتهم اسم حركة “الأم” إلا أن “هاتحياه” على الرغم من حبها الشديد لبيبى، انقلبت عليه فجأة، حيث اكتشفت أن بيبى بدأ يعشق فتاة أخرى، وهى زميلته فى الفصل الدراسى وهى “زيلداه راين”، وكانت “زيلداه” تستمع كثيرًا إلى بيبى ولا تتحدث إلا قليلًا، وكانت “هاتحياه” تريد إنهاء علاقة بيبى مع “زيلداه”، إلا أن بيبى كان يرى أن “زيلداه” بها شيء غامض، وأنه يريد البحث عن هذا الشيء، وإن كان أحد أصدقائه قد قال: إن بيبى نفسه كان غامضًا، وكان لا يحب أن يكون الآخرون غامضين عليه، وكان من الممكن أن يؤرقه، ويذهب عنه النوم ليلًا إلى أن يكتشف الغموض فى شخصية ما، وأنه كان يهوى تحليل الشخصيات التى أمامه، ويرى أن أفضل دراسة لأى شخص هو جعله يتكلم والنظر من بعيد إلى حديثه جيدًا، وكان بيبى يجيد هذه الطريقة فى التعرف على أصدقائه، حيث تقول عنه صديقته زيلداه: إن بيبى كان يدرك شيئًا واحدًا هو أن إسرائيل دولة الأحلام، وكان على الجميع أن يحلم بالرخاء والازدهار فى دولة إسرائيل، وكان بيبى على غير وفاق مع عدد كبير من التلاميذ الأمريكيين لأنه يتكلم بحماس عن إسرائيل، ومعاركها مع الفلسطينيين والعرب، إلا انهم لم يكونوا متحمسين لسماع هذه القصص، وكانوا أحيانًا يسخرون منه، لذلك فضل أن يكون أصدقاؤه من اليهود، وكان دائمًا يطلب من الآخرين أن يحافظوا على ترابطهم القوى وأن تكون لهم هويتهم التى تميزهم عن غيرهم، وأنه من العار على العالم أن يفكر فى إقامة وطن قومى لليهود، فى حين أن هذا ليس حقًا، بل إنه واجب وهدف، يجب أن يكون العالم على استعداد للحفاظ عليه، لأنهم يدركون أن اليهود هم قادة هذا العالم!!

مقالات مشابهة

  • عزاء الراحل إحسان ترك بالبحر الأعظم| فيديو وصور
  • غياب الفنانين عن عزاء الراحل الفنان إحسان ترك بمسجد الخلفاء الراشدين
  • هواتف تعاني من مشكلة الخط الأخضر.. هل هاتفك منها؟
  • موعد ومكان عزاء الفنان إحسان الترك اليوم
  • الصعيد.. و"ناسه"
  • الديموقراطية نبراس الحقيقة
  • كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» بـذور التطـرف ( 2)
  • بمميزات مذهلة.. تعرف على أفضل شاشة ألعاب في الأسواق
  • أطعمة تعالج نزلات البرد والإنفلونزا .. اكتشفها
  • تعرف على عروض قصر السينما حتى نهاية شهر رمضان 2025