الجزيرة:
2024-07-06@16:43:42 GMT

اتخاذ الخيارات في الفوضى الرقْمية

تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT

اتخاذ الخيارات في الفوضى الرقْمية

وكأن العالم قد أعلن عام 2024 عامًا انتخابيًّا؛ فالولايات المتحدة الأميركية، والهند، وتايوان، وإندونيسيا، وتركيا، وبنغلاديش، والمكسيك، وباكستان، وروسيا، ليست سوى بعض الدول التي ستُجرى فيها الانتخابات هذا العام.

وهناك نقاش حول ما يجب إجراؤه في هذه الانتخابات: فهل ستتأثر اختيارات الناخبين في ظل بيئة الفوضى الرقْمية؟

الفوضى الرقمية تؤثر على حياتنا وانتخاباتنا

لقد رأينا لأول مرة مثالًا على التلاعب الرقمي الذي يؤثر على الانتخابات، حيث إنه في الانتخابات الأميركية عام 2016؛ تم تسجيل هذا الحدث باسم: "فضيحة بيانات فيسبوك كامبريدج أناليتكا"، وتم الكشف عن أن الشركة حصلت بشكل غير قانوني على معلومات 50 مليون مستخدم من "فيسبوك"، وأثرت بطريقة ما على الناخبين.

وكانت المشكلة هنا هي أن "فيسبوك" باع معلومات المستخدمين للشركة دون موافقتهم، وأصبحت الفضيحة موضوع دعوى قضائية أدَّت إلى اعتذار "فيسبوك".

والآن؛ هناك المليارات من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والناخبين في البلدان التي ستجري الانتخابات، يتابعون حرفيًا جميع الأخبار والمعلومات من خلال هذه المنصات.

هل يمكن أن تحدث حالة مماثلة؟

يتناقص التواصل السياسي التقليدي وجهًا لوجه يومًا بعد يوم، ويتم الآن إنشاء العلاقات مع الناخبين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، وهذا يجعل من السهل التلاعب والتوجيه والتأثير؛ حيث يمكن لشركات التواصل الاجتماعي تحليل الأخبار التي تتأثر بها، وما هي ردود الفعل العاطفية التي تعطيها، وما هو الفعال في تغيير قرارات المستخدمين.

المنصات الرقْمية التي تعرف – حاليًا- بأنّها تؤثر عليك لبيع المنتجات، لا يعني هذا أنها لن تؤثر عليك سياسيًّا. والآن هناك خطر يجعلنا أكثر قلقًا بشأن هذه القضية: الذكاء الاصطناعي.

هل يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للتأثير على الانتخابات؟

إن استخدام الذكاء الاصطناعي، الذي تم تشبيهه بالقنبلة النووية، للتأثير على الناس في الانتخابات، تتم مناقشته بقلق؛ لأنه باستخدام الذكاء الاصطناعي، أصبح من الأسهل الآن اكتشاف سلوك الناخبين التصويتي وإحداث تأثير من شأنه أن يغير توجهاتهم الانتخابية.

ولهذا السبب، هناك مجالات غير محدودة للعمل في العالم الرقمي، من إنتاج مقاطع فيديو مزيفة تقلّد القادة بأساليب "التزييف العميق Deepfake" إلى إنتاج أخبار مزيفة. كما أنَّ مؤسسي ومديري شركة "أوبن إيه آي" التي أنشأت "شات جي بي"، أحد أقوى برامج الذكاء الاصطناعي في العالم، لا يعرفون بالضبط أيَّ حدود يمكن أن يصل إليها تطور هذا النظام في المستقبل.

لكن هناك تطورات تبرر مخاوفهم؛ فالذكاء الاصطناعي، الذي يتعلم التحدث مثل أي شخص من خلال مشاهدة مقاطع الفيديو والمحادثات والحركات الخاصة به، يمكنه أن يجعل هذا الشخص يتحدث بأي نصّ تريده.

وفي واقع الأمر؛ تم تداول مقاطع فيديو تقلد الرئيسَين الأميركيَّين السابقَين: أوباما، وترامب، والرئيس الأوكراني زيلينسكي، وبُذلت جهود لعدّة أيام لإثبات أنها كانت أكاذيب؛ فماذا سيحدث عندما يتم تداول الأخبار المزيفة التي ينتجها الذكاء الاصطناعي والتي يستحيل تمييزها عن الحقيقة؟

فجوة قانونية

تم رسم خريطة للتشريح الرقمي لـ 4.5 مليارات مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي: تبدأ من أي لون يحب، إلى أي وجهة نظر سياسية يقترب منها. كل هذه المعلومات في أيدي منصات التواصل الاجتماعي. والآن؛ ستقوم شركات الحملات بشراء هذه البيانات وإجراء تحليل لتوجهات الناخبين في البلدان التي تُجري انتخابات.

ومن خلال هذه التحليلات؛ سيتمكنون بسهولة من التعرف على ملفات الناخبين، وتحديد طرق الاتصال السياسي التي سيستخدمونها للتأثير عليهم، وهنا تبدأ المناقشات القانونية والأخلاقية؛ فهل يسمح مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام بياناتهم الشخصية، ومعلومات الاتصال الخاصة بهم في الحملات السياسية؟

بمعنى ما؛ هل تحصل "غوغل" أو "فيسبوك" أو "إكس" على هذا الإذن من كل مستخدم عن طريق النقر على زر "أوافق على جميع الشروط"، لكنني لا أعتقد أن ذلك يسمح باكتشاف الميول السياسية للمستخدم، ولكن باستخدام بيانات وسائل التواصل الاجتماعي؛ يستطيع الذكاء الاصطناعي اكتشاف ذلك وتحويله إلى مشروع سياسي دون إذن أحد، وهذا يظهر أيضًا كمشكلة أخلاقية.

جنون التلاعب

لقد تزايدت عمليات التلاعب والأخبار الكاذبة والصور الخيالية في العالم الرقمي بشكل كبير، حيث يتم الآن إنشاء وحدات خاصة لمكافحتها؛ فعلى سبيل المثال؛ أنشأت مديرية الاتصالات التابعة للرئاسة التركية وحدة خاصة تسمى: "مركز مكافحة التلاعب".

تقوم هذه الوحدة بتفكيك الأخبار والصور الكاذبة والمزيفة والتي لا أساس لها من الصحة والتي تم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي كل يوم وتحذير المواطنين من التعاطي معها، والقضية الأكثر اهتمامًا بهم هذه الأيام هي الأخبار الكاذبة التي تنتجها مصادر إسرائيلية فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية- الفلسطينية.

ويبدو لي أن هذا المركز سيكون لديه المزيد من العمل للقيام به في تركيا، التي ستجري الانتخابات البلدية في شهر مارس/آذار.، فخلال الحملات الانتخابية؛ تبذل الأحزاب السياسية جهودًا أكبر لتصحيح الأخبار الكاذبة الموجهة ضدها، بدلًا من توضيح موقفها؛ لأن سرعة انتشار الأخبار المزيفة أسرع بعدة مرات من الأخبار الحقيقية.

على وسائل التواصل الاجتماعي، يصدق الناس بشكل غريب كل الأخبار التي يصادفونها ويشاركونها، وهنا الخطر. ويمكن للذكاء الاصطناعي؛ الذي يعرف كافة الخصائص الشخصية للناخبين، أن يقدم لهم الأخبار/ المعلومات الخيالية بسهولة، الناس أيضًا يحبون هذا ويؤمنون بسهولة.

وهذه مشكلة معقدة للغاية وخطر يمكن أن يصيب العالم، وسنشهد هذا النقاش في الانتخابات المقرر إجراؤها في العديد من دول العالم عام 2024.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی الذکاء الاصطناعی من خلال

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي والأدب والترجمة في مناقشات صالون "مصر المحروسة" بروض الفرج

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهد قصر ثقافة روض الفرج لقاء بعنوان "الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الأدب والترجمة"، ضمن فعاليات الصالون الثقافي الشهري لمجلة مصر المحروسة الإلكترونية، التي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، والذي تحدث فيه الكاتب الدكتور زين عبد الهادي، أستاذ علم المعلومات وتاريخ المعرفة بجامعة حلوان. 

ولفت الصحفي محمد نبيل، الذي أدار النقاش إلى أنه من الممكن أن استثمار الذكاء الاصطناعي بشكل إيجابي، فمثلا مع انتشار الإنترنت في أغلب المدارس والبيوت المصرية مطلع الألفية الثالثة أحدث ضجة كبيرة ومخاوف مماثلة لتلك التي يحدثها الذكاء الاصطناعي.

 وأضاف: استطاع الإنسان المصري في نهاية المطاف استثماره بشكل جيد ليصبح أداة أساسية في حياته العملية، وبالمثل من الممكن أن نستخدم ونسخر الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسان بشكل مختلف، مثل أن نعزز به نمذجة الملاحم الروائية الطويلة والتصحيح اللغوى، وأيضا يمكن أن يفيدنا نقديا، فبدلاً من أن نقول على عمل ما أنه رديء فمن الممكن أن نقول إن هذا العمل مولد بالذكاء الاصطناعي؛ أي خال من أي لمسة إنسانية فريدة، وبذلك يصبح للمسة الإنسانية قيمة أكبر من الحياة قبل ظهور الذكاء الاصطناعي.

وتحدث الدكتور زين عبد الهادي موضحا أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أصبحت لدى البعض يمكن من خلالها الحصول على كم كبير من المعلومات والصور كما في بعض محركات البحث التي يمكن الاستعانة بها في كتابة مقال، أو قصص للأطفال أو كتابة سيناريو أو رواية، وحتى في مجال العلوم الإنسانية، ولكن هناك من ينظر لتلك التقنية بأنها تسبب الكثير من المخاطر.

وأضاف عبد الهادي: هناك استخدامات مهمة للذكاء الاصطناعي ولا ننكر ذلك، خاصة أن العالم يتقدم بسرعة هائلة، فبعد أن كان يستخدم في تشخيص بعض الأمراض كما حدث خلال في القرن العشرين باستخدام تطبيق مايسين "mycin"، أصبح يتم الاعتماد عليه في إجراء العملية الجراحية بشكل كامل، على الرغم من رفض البعض تشخيص مرضهم من خلال برنامج أو ما يسمى "بالتطبيق".

وأوضح أستاذ علم المعلومات وتاريخ المعرفة أن الذكاء الاصطناعي يساعد في إنجاز الكثير من المهام كما الحال في بعض المكتبات التي تستخدم تطبيقات للرد على أسئلة الرواد "عن بعد" فيما يخص موضوعات وقضايا معينة.

وعن استخدام محركات البحث في عملية الترجمة، قال: “ظهرت الكثير من المحركات والأدوات التي يمكن من خلالها ترجمة النصوص لأكثر من لغة، ولكنها تقدم ترجمة حرفية بمحتوى غير سليم وغريب عن المنطق الإنساني، وفي بعض الأحيان يرد بها أخطاء تحتاج إلى التصحيح من قِبل مدقق لغوي، وأجرى الغرب الكثير من الأبحاث مؤخرا لإعطاء الذكاء الاصطناعي نفس الروح الإنسانية والإبداعية، ونجحوا في ذلك بشكل كبير، ولكنهم اكتشفوا فى نهاية الأمر أنهم بحاجة إلى زرع جزء بشري، وبالتالي يمكننا القول إن برامج الذكاء الاصطناعي ما هي إلا مجرد أدوات تخضع لأفكار المستخدمين، وصُنعت لمساعدة الإنسان وليس لتحل محله”.

وأشار إلى ضرورة الانتباه للمحتوى المقدم، واستخدام تلك التطبيقات كقواعد بيانات وليس كأدوات، لأنها غير محايدة وتخضع لسياسات معينة.

 وأوضح أن هناك مشكلة في التشريع فيما يتعلق بجزئية حماية الملكية الفكرية أو الهوية، ويمكن الاستعانة بتلك التقنية في العمل الإبداعي ولكن سيظل التفكير المرئي للشخص، والذي يعتمد على المعالجة المرئية للحصيلة اللغوية والصور والتعبير عنها بالكلمات هو الأفضل.

 

من جهتها أشارت د. هويدا صالح رئيس تحرير المجلة أن استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي فى الأدب والترجمة أصبحت ظاهرة تؤرق العالم بأكمله وليس لدى الشعراء والكتاب فقط، خاصة بعد تصور بعض الكتاب الغرب أن الذكاء الاصطناعي سيحول العملية الإبداعية إلى آلية، مضيفة أنه يمكن القول في نهاية الأمر إنه طالما للإنسان حصيلة ومخزون لغوي لا يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل العنصر البشري خاصة في المجال الأدبي.

واختتمت حديثها قائلة: الأمر نفسه بالنسبة للترجمة، فالمترجم يعتمد على الطريقة الكلاسيكية كالاستعانة بالقواميس الورقية أو الرقمية، كونها أفضل بكثير من ترجمة محركات البحث التي تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتقدم ترجمة حرفية لا تمكننا من الوصول إلى روح النص.

"مصر المحروسة" مجلة ثقافية إلكترونية أسبوعية، تعني بالآداب والفنون، وهي تابعة للإدارة المركزية للوسائط التكنولوجية برئاسة د. إسلام زكي، ودشنت المجلة في مارس الماضي صالونا ثقافيا لمناقشة القضايا الفكرية والنقدية، باستضافة الكاتبتين الروائيتين نهى محمود وهبة عبد العليم، وحلّ د. محمد حمدي ضيفا في صالونها السابق للحديث عن مشروع "رسم مصر".

مقالات مشابهة

  • آبل تتجه لدمج جيمينى لنظام التشغيل iOS 18
  • «الذكاء الاصطناعي» يدخل عصر «الروبوتات القاتلة»
  • الصين تتصدر براءات الإختراع في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي عالميًا
  • الذكاء الاصطناعي والأدب والترجمة في مناقشات صالون "مصر المحروسة" بروض الفرج
  • صناعة الأوهام.. كيف تستغل الدول الذكاء الاصطناعي في أجندتها الإعلامية؟
  • قراصنة يخترقون الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يُهدد النساء ويعرضها لخطر الابتزاز الإلكتروني
  • باحث: الخيارات تضيق أمام حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة نتنياهو.. والفوضى تزيد
  • باحث سياسي: نتنياهو يريد المحتجزين دون إبرام صفقة تبادل
  • البرازيل تمنع Meta من استخدام منشورات البرازيليين على وسائل التواصل الاجتماعي.. ما القصة؟