موقع النيلين:
2025-10-30@07:26:47 GMT

حوكمة المياه كآلية لتحقيق الأمن المائي

تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT


يشكل الماء عنصرا طبيعيا هاما في الحياة البشرية وازدهارها الاقتصادي والاجتماعي وفي التوازن الإيكولوجي للمجال الطبيعي، وعليه فالنقص الحاد في المياه وما ينتج عن ذلك من جفاف أو فيضانات من شأنه أن يعرقل التنمية بعدد كبير من دول العالم، الشيء الذي قد يؤثر سلبا وبصفة مستديمة على السكان وعلى حياتهم الطبيعية وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية أيضا، كما هو الشأن بالنسبة لظاهرة تلويث المياه، فهي تهدد صحة الإنسان والتنمية الاقتصادية لهذا الجيل وللأجيال الموالية، لأن تداعيات فقدان الموارد المائية ستترتب عنه آثار وخيمة في السنوات القادمة، منها ما يتصل بالجانب البيئي؛ الجانب الصحي؛ الجانب الاقتصادي… وبدون إيجاد الحلول الملائمة وبشكل استعجالي لتجاوز أزمة المياه وإشكالية تدبيرها، سيعاني الكثيرون من تفشي الأمراض والفقر وحتى النزوح بسبب ندرة المياه.

ولا شك أن الانكباب كل من موقعه “مؤسسات حكومية – مجتمع مدني…” على محاولة إيجاد حلول تتناسب مع السياق الصعب الذي تطبعه حالة الطوارئ المائية، لمواجهة النقص الكبير في الثروة المائية بالموازاة مع التزايد المطرد للطلب عليها يشكل أهمية بالغة في إنجاح الجهود المبذولة وتحقيق الغايات المنشودة، ولئن كانت العوامل الطبيعية تتطلب دراسات وأبحاثا، لمواجهتها على المديين المتوسط والطويل، فإننا نعتقد أنه من الممكن إحداث تغيير على نحو أكثر فعالية وسرعة عبر التأثير في العوامل البشرية المسؤولة عن استنزاف الموارد الطبيعية غير المتجددة.

وما دام أن الأمن المائي يرتبط ارتباطا وثيقا بالأمن الغذائي، وهذا الأخير له اتصال بالجانب الاقتصادي إلا أنه يواجه العديد من التحديات الناجمة عن سوء تدبير الموارد المائية، الشيء الذي يستدعي الاستعانة بمبدأ الحوكمة كآلية من آليات تحقيق الأمن المائي، خاصة وأن كميات المياه المستعملة تزداد بوتيرة متوالية بسبب الزيادة في الكثافة السكانية وارتفاع مستوى المعيشة، وما صاحب ذلك من استخدام المياه في كافة الصناعات مما يساهم في زيادة الضغط على الموارد المائية المتاحة التي هي في الأصل ضئيلة، ويخلق وضعا بيئيا حرجا نتيجة زيادة مياه الصرف الصحي الملوثة.

وينطوي الأمن المائي المحافظة على الموارد المائية المتوفرة واستخدامها بالشكل الأفضل وعدم تلويثها وترشيد استخدامها في الشرب والري والصناعة، والسعي بكل السبل للبحث عن مصادر مائية جديدة وتطويرها ورفع طاقات استثمارها، من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الصناعي وخلق محطات لتحلية المياه المالحة عن طريق دعم وتشجيع الاستثمارات التي تروم العمل في هذا المجال لتأمين التوازن بين الموارد المائية المتاحة والطلب المتزايد عليها، ولهذا نجد الأمن المائي كهدف استراتيجي مثله في ذلك مثل الأمن العسكري والأمن الاقتصادي والغذائي.

وبناء عليه، ولتجاوز الصعوبات المتصلة بالإجهاد المائي يتوجب التعامل بحزم مع التدابير الواجب اتخاذها انطلاقا من حوكمة المياه باعتبارها مجموعة من النظم المؤثرة في عملية اتخاذ القرارات الخاصة بإدارة استخدام المياه وتطوير الموارد المائية وخدمة التزويد المائي، أو ببساطة هي تحديد من يحصل على المياه ومتى يحصل عليها وكيف ينبغي استغلالها…؟

وبرز مفهوم حوكمة المياه منذ العقد الأخير من القرن العشرين، وتزايدت أهميته منذ تبني المنتدى العالمي الثاني للمياه الذي عقد في لاهاي سنة 2000، والذي اتفقت فيه الأطراف المشاركة على أن مشكلة المياه في العالم هي مشكلة إدارة وليست مشكلة ندرة فقط، كما تعرف بكونها مجموعة من العمليات التي تشجع الناس على المشاركة في تصميم وتخطيط وتطبيق نشاطات تسيير إدارة المياه بالتوازي مع دعم قدرة المجتمعات المحلية على الابتكار والتكيف مع الظروف المتغيرة كالجفاف والفيضانات، وبالتالي تعتبر حوكمة المياه من بين الآليات الناجعة للتخفيف من ندرتها.

ومن تجليات ضعف حوكمة قطاع المياه نجد عدم استقرار القطاع الحكومي المشرف على تدبيره، وضعف الالتقائية بين المتدخلين مما يجعل الرؤى تتعدد بتعدد الفاعلين وتتغير بتغير الأشخاص، وتؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى غياب رؤية واضحة وبعيدة المدى لتدبير هذا القطاع على الرغم من وجود مخطط وطني للماء، والذي يعرف تنفيذه على أرض الواقع عدة تعثرات في ظل غياب تقييم موضوعي للوقوف على العراقيل التي تقف حائلا في وجه الأهداف المنشودة منه.

وما تجدر الإشارة إليه هو أن معظم دول العالم يعانون من مشكلة الأمن المائي، ولكن حدة المشكلة تظهر بوضوح في الدول النامية وبصفة خاصة في الوطن العربي الذي تتفاوت فيه آثار هذه المشكلة من قطر لآخر، وللتخفيف من حدة هذه المشكلة وآثارها الوخيمة التي تهدد الإنسانية جمعاء نوصي بما يلي:

+ دعم وتشجيع الاستثمارات الهادفة لترشيد وعقلنة المياه أو تحلية المياه أو معالجتها؛

+ التعامل مع البحث العلمي كخيار استراتيجي ينبغي أن يراهن عليه المغرب لتطوير قدراته في المجالات الحيوية، من قبيل تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي إلى جانب تطوير تقنيات الري؛

+ إشراك المؤسسات الجامعية والمعاهد الكبرى والمؤسسات ذات الصلة في إعداد وتنفيذ السياسة المائية؛

+ تفعيل المخطط الوطني للماء، وإخضاعه للتقييم وفتحه للنقاش المجتمعي وإشراك كل الفاعلين فيه، مع تفعيل المقتضيات القانونية المضمنة في القانون 36-15 وتحيينه ليواكب التسارع الذي يعرفه استنزاف الموارد المائية للبلاد؛

+ ترشيد السلوك الاستهلاكي للأفراد بما يضمن التعامل مع الموارد المائية بحكمة؛

+ التفكير في التدابير والإجراءات الكفيلة بتغيير السلوك الاستهلاكي للماء عبر تصحيح فكرة العلاقة بين ثمن الماء وقيمته الحقيقية التي لا تقدر بثمن، استحضار لقوله تعالى “وجعلنا من الماء كل شيء حي”؛

+ مكافحة تلوث المياه عبر تعميم قنوات الصرف الصحي ومعالجة المياه العادمة، والضرب بيد من حديد كل من سولت له نفسه إلقاء النفايات -الصناعية- في الطبيعة أو في مجاري المياه؛

+ تسريع وتيرة إتمام مشاريع بناء محطات خاصة بتحلية المياه ومعالجتها، مع ضمان توزيعها مجاليا لتغطية العجز المائي؛

+ اعتماد سياسات مائية مستدامة قائمة على ضمان الحق في الماء لكل الأجيال القادمة وفق رؤية استراتيجية بعيدة المدى لتدبير الموارد المائية.

أحمد الدشري – هسبريس المغربية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الموارد المائیة الأمن المائی

إقرأ أيضاً:

انطلاق المرحلة الثانية من مشروع تحسين الأمن المائي عبر الطاقة المتجددة في عدن

انضم إلى قناتنا على واتساب

شمسان بوست / عدن:

دشن اليوم، بالعاصمة عدن، المرحلة الثانية من مشروع تعزيز الأمن المائي باستخدام الطاقة المتجددة في حقل بئر أحمد، والمنفذ بمساهمة ثنائية من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، ومؤسسة صلة للتنمية.

وتشمل المرحلة الثانية، توريد وتركيب محطة طاقة شمسية بقدرة 600 كيلو واط لتشغيل الآبار وربطها بنظام إدارة وتشغيل ذكي (SCADA)، بالإضافة إلى إنشاء مبنى لإدارة الحقل وملحقاته للمساهمة في رفع القدرة الإنتاجية للمياه وضمان استمرارية الخدمة في محافظة عدن.

وأكد مدير عام المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بعدن المهندس باخبيرة، على أهمية المشروع في تعزيز القدرة الإنتاجية للمياه وضمان استمرارية الخدمة لمختلف مناطق المحافظة..مشدداً على أن محطة الطاقة الشمسية ستسهم بشكل كبير في تحسين خدمات المياه وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية للطاقة بما يضمن استدامة التشغيل.

وأشاد باخبيرة، بدور البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، ومؤسسة صلة للتنمية في دعم المشاريع الحيوية وتدخلاتهم المتواصلة في قطاع المياه بما يُساهم في تحسين الخدمات الأساسية ورفع كفاءة البنية التحتية.

وتضمنت المرحلة الأولى من المشروع، حفر 10 آبار جديدة بأعماق فعلية بلغت 354 متراً، إلى جانب استكمال أعمال الحفر والتغليف والتجهيز والضخ التجريبي، تمهيدًا لمرحلة التشغيل وربطها بمحطة الطاقة الشمسية.

مقالات مشابهة

  • "المياه" تطلق مشروع الشعيبة 6 لتعزيز الأمن المائي في مكة والمشاعر المقدسة
  • ”المقنن المائي“ و”رخصة المصدر“.. دليل جديد لمصطلحات قطاع المياه
  • بحث سُبل حل مشكلة المواصلات التي تواجه طلبة البلقاء التطبيقية
  • وزير الري يبحث مع سفير هولندا بالقاهرة مجالات التعاون المشترك في مجال الموارد المائية
  • وزير الري يبحث مع سفير هولندا بالقاهرة مجالات التعاون المشترك فى الموارد المائية
  • فرعا الموارد المائية ومياه الريف في ذمار يحييان ذكرى سنوية الشهيد
  • انطلاق المرحلة الثانية من مشروع تحسين الأمن المائي عبر الطاقة المتجددة في عدن
  • قالوا عن المتحف المصري الكبير.. وزير الموارد المائية والري في مقال لوكالة أنباء الشرق الأوسط
  • شراقي: منظومة مصر المائية أحبطت أزمة فيضان سد النهضة وحافظت على أمننا المائي
  • تعزيز التعاون بين مصر والإمارات في وزارة الموارد المائية