لبنان ٢٤:
2024-12-26@22:58:17 GMT

المصرف المركزيّ ودوره الفاعل

تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT

المصرف المركزيّ ودوره الفاعل

بقلم البروفيسور ندى الملّاح البستانيّ

كيف للبنان النهوض من أزمته الاقتصاديّة والماليّة في غياب مصرفٍ مركزيّ ذي سيادة واستقلاليّة وفعاليّة؟ لذلك يحرص المسؤولون على إنعاش هذه المؤسّسة الحيويّة، سواء بإصدار بعض القرارات، والتأكيد على غيرها، بُغية ضبط عمليّة الأموال بالتدقيق في مصادرها، والامتثال إلى القواعد الضابطة.


تُعدّ البنوك المركزيّة في الاقتصاد العالميّ أساسًا لا يمكن الاستغناء عنه، إذ تحافظ على الاستقرار النقديّ وسلامة الأنظمة الماليّة، وقيَم العملات الأجنبيّة، وأسعار الفائدة، وتراقب الإمداد النقديّ. كذلك، تنظّم القطاع المصرفيّ وتقوم بأبحاث اقتصاديّة مكثّفة. وعلاوة على ما ذُكِر، تُصيغ السياسات النقديّة.
في البلدان النامية، ومنها لبنان، تؤدّي البنوك المركزيّة دورًا حيويًّا في ضمان الاستقرار الاقتصاديّ عن طريق التغلّب على التضخّم والانكماش، وتعزيز النموّ المستدام. لذلك، فإنّ التحدّيات التي تواجهها هذه البلاد، تؤكّد أهمّيّة السياسات النقديّة الحكيمة، والحوكمة الفعّالة للبنك المركزيّ، عن طريق تعديل أسعار الفائدة، والتدخّل في عمليات السوق المفتوحة.
من ناحية أُخرى، وفي أوقات الأزمات الماليّة أو نقص السيولة، تتدخّل البنوك المركزيّة لتمثّل ملاذًا أخيرًا للإقراض، بتوسيع التمويل الطارئ للمؤسَّسات الماليّة المتعثّرة، فهي تمنع الانهيارات المحتملة بتعزيزها الثقة في النظام المصرفيّ المحلّيّ، كما تضع المعايير الوقائيّة لحماية مصالح المودعين، وضمان متانة القطاع المصرفيّ.
كذلك تؤدّي دورًا مهمًّا في عمليّة الاندماج الماليّ وشموليّته، فعليها تقع مهمّة تسهيل الوصول إلى الخدمات الماليّة الرسميّة للمواطنين المحرومين، ممّا يساهم في الحدّ من الفقر وتحقيق التنميّة الاقتصاديّة، من خلال توفير التمويل والتسهيلات الائتمانيّة الموجّهة للقطاعات الرئيسيّة.
في الآونة الأخيرة، اجتهد مصرف لبنان في الحفاظ على استقرار سعر الصرف للعملات الأجنبيّة، وهو أمرٌ بالغ الأهميّة للتجارة الدوليّة، وجذب الاستثمارات الأجنبيّة. فتدخّل في أسواق الصرف الأجنبيّة، ولو بطريقة غير واضحة، لإدارة تقلّبات العملة وضمان القدرة التنافسيّة. كما يسعى لإطلاق منصّة "بلومبرغ" العالميّة في لبنان، كبديل لمنصّة "صيرفة"، وعدًا منه في بذل قُصارى جهوده بالتدخّل للجم الارتفاع الكبير في سعر العملات الأجنبيّة، وتعدد أسعار صرفها، وتحقيق أعلى مستويات الشفافيّة.
هذا ما يفرض على مصرف لبنان أن يتراجع عن الخطوات الّتي أودت بلبنان إلى ذروة أزمته... التي كشفت نقاط ضعف في الإطار التنظيميّ والرقابة على القطاع الماليّ فيه، ممّا سمح بممارسات محفوفة بالمخاطر، وهروب رؤوس الأموال إلى خارج البلد. كذلك تمثّلت هذه الأخطاء في السياسات النقديّة غير المستدامة، سواء بالتدخّلات القويّة في سوق العملات، أو برفع أسعار الفائدة، ممّا أدى إلى نقص حادّ في احتياطيات النقد الأجنبيّ، وانخفاض سريع في قيمة الليرة اللبنانيّة.
من ناحية أُخرى، لا يمكن للبلد أن يستسلم للظروف الراهنة والانهيار الاقتصاديّ التامّ. فيجب على الدولة اللبنانيّة ضمان استقلالية مصرفها المركزيّ عن التأثير السياسيّ، وهذه خطوة جوهريّة. إذ يمكن للبنك المركزيّ المستقلّ اتّخاذ قرارات محايدة بناءً على الأسس الاقتصاديّة والاستقرار طويل الأجل، والمصلحة العامّة لا الخاصّة. وأن يتبنّى سياسات نقديّة حكيمة تراعي ظروفه الاقتصاديّة الفريدة.
ختامًا، نأمل أن تكشف الأيّام المقبلة عن إجراءات تُعيد إلى مصرف لبنان تعافيه، وإعادة ثقة المواطنين والمستثمرين الدوليّين الّتي حرّكها الافتقار إلى الشفافيّة، ممّا يقود إلى إعاقة الاستثمارات طويلة الأجل. وتخطّي الانكماش الاقتصاديّ وتبعاته الكبيرة على الناتج المحليّ الإجماليّ، وارتفاع معدّلات البطالة، ممّا يفاقم المصاعب الاجتماعيّة والاقتصاديّة. فهنا تكمن الحاجة إلى مصرف مركزيّ "قويّ"، فغايتنا أن يعيش اللبنانيّ في أمانٍ ماليّ واقتصاديّ واجتماعيّ، وينعم بالاستقرار والنموّ المستدام، لا المؤقّت.





المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الاقتصادی ة الأجنبی ة المالی ة

إقرأ أيضاً:

البنك المركزي: تراجع رصيد التسهيلات الائتمانية بالنقد الأجنبي لـ721.3 مليار جنيه في يوليو الماضي

تراجعت جملة أرصدة التسهيلات الائتمانية الممنوحة لعملاء البنوك بالعملة الأجنبية بنهاية يوليو الماضي إلي 721.3 مليار جنيه بعد أن كانت 726.811 مليار جنيه في يونيو السابق له ومقارنة بنحو 718.64 مليار جنيه في أغسطس السابق .

وفقا لتقرير صادر عن البنك المركزي المصري وصلت جملة التسهيلات الائتمانية الممنوحة لعملاء البنوك في قطاع الزراعة بالعملة الأجنبية نحو 7.994 مليار جنيه في يوليو الماضي مقابل 7.83 مليار جنيه في يونيو 2024 ومقارنة بنحو 7.8 مليار جنيه في أغسطس السابق له.

بنك نكست يشارك في فعاليات مبادرة البنك المركزي لليوم العالمي لذوي الهمم

وبلغت جملة التسهيلات الائتمانية الممنوحة للعملاء في قطاع الصناعة بالعملة الأجنبية نحو 414.5 مليار جنيه في يوليو الماضي مقابل 411.915 مليار جنيه ومقارنة بنحو 413.07 مليار جنيه في مايو السابق لهما.

ووصلت جملة التسهيلات الائتمانية الممنوحة للعملاء بالعملة الأجنبية في قطاع التجارة نحو 44.802 مليار جنيه في يوليو السابق ومقابل 45.962 مليار جنيه في يونيو 2024 ومقارنة بنحو 44.9 مليار جنيه في مايو من نفس العام.

وبلغت أرصدة جملة التسهيلات الائتمانية الممنوحة لقطاع الخدمات نحو 272.3 مليار جنيه في يوليو الماضي مقابل 234.6 مليار جنيه في يونيو السابق ومقارنة بنحو 226.33 مليار جنيه في مايو السابق. 

وبلغت أرصدة التسهيلات بالقطاعات غير الموزعة بالعملة الأجنبية نحو 26.74 مليار جنيه في يوليو السابق مقابل 26.544 مليار جنيه في يونيو السابق ومقارنة بنحو 26.6 مليار جنيه في مايو السابق.

مقالات مشابهة

  • المركزي ينشر آخر إحصائيات «خدمات الدفع الفوري»
  • “حماد”يعقد اجتماعا تشاوريا في المصرف المركزي لإعداد مقترح الميزانية العامة الموحدة
  • المركزي ينشر آخر بيانات «طلبات فتح الاعتمادات المستندية»
  • ليبيا المركزي: النقد الأجنبي متاح للجميع من 1 يناير
  • البنك المركزي: تراجع رصيد التسهيلات الائتمانية بالنقد الأجنبي لـ721.3 مليار جنيه في يوليو الماضي
  • المركزي للأحرار: نستعد لاستئناف بيع النقد الأجنبي بداية يناير
  • سوريا.. قرار هام من المصرف المركزي بخصوص الدولار
  • المركزي يطلق حملة جديدة للتثقيف المالي
  • دراسة بحثية: قطاع السياحة أحد أهم موارد النقد الأجنبي وزيادة معدلات النمو الاقتصادي لمصر
  • أخبار سوريا اليوم.. تعميم هام من المصرف المركزي