بابا الفاتيكان: الحروب المعاصرة لا تُخاض فقط على أرض المعركة
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان: “إننا نجد أمامنا اليوم عالما ممزقاً يتألم فيه ملايين الأشخاص، لاسيما بسبب الصراعات المستمرة والحروب، وما يزيد الطين بلة أن الحروب المعاصرة لا تُخاض فقط على أرض المعركة ولا تتعلق بالمقاتلين وحسب، إذ يبدو أنه لا يوجد اليوم تمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، ولا يوجد صراع لا يستهدف السكان المدنيين العزل".
وأضاف البابا فرنسيس خلال الكلمة التي بعث بها إلى المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي تستضيفه مدينة دافوس السويسرية وتستمر اعماله حتي التاسع عشر من الجاري، وقامت بنشرها الصفحة الرسمية للفاتيكان - منذ قليل - “أن السلام الذي تتوق إليه الشعوب ينبغي أن يكون ثمرة العدالة، لذا فهو لا يمكن أن يقتصر على التخلي عن أدوات الحرب، إذ لا بد من مواجهة الظلم الذي يكمن غالباً وراء الصراعات، لاسيما آفة الجوع التي ما تزال تعاني منها مناطق عديدة من العالم”.
ولفت إلى “أن استغلال الموارد الطبيعية ما يزال يعود بالفائدة على قلة من البشر، تاركاً الجزء الأكبر من السكان في حالة من الفقر والعوز، وتوقف أيضا عند مشكلة استغلال العديد من الرجال والنساء والأطفال الذين يجبرون على العمل مقابل أجر زهيد ويُحرمون من فرصة التقدّم الشخصي والنمو المهني”.
وأشار البابا فرنسيس إلي أن ظاهرة العولمة التي أظهرت بوضوح مدى اعتماد الأمم والشعوب على بعضها البعض، ولديها أيضا بعد خلقي لا بد أن يكون حاضراً في النقاشات الاقتصادية والثقافية والسياسية والدينية المتعلقة بمستقبل الجماعة الدولية. وكتب أنه في عالم مهدد من قبل العنف والاعتداءات والتفتت من الأهمية بمكان أن تعمل الدول والشركات على تطوير نماذج للعولمة بعيدة النظر وسليمة خلقياً، وتوجّه نحو الخير العام للعائلة البشرية، مولية اهتماما خاصاً بالفقراء ومن يعيشون في أوضاع من الهشاشة.
وشدد بابا الفاتيكان، على أهمية ألا يقود الشركاتِ منطقُ البحث عن الربح المادي وحسب إذ لا بد أن تتمتع بمعايير خلقية رفيعة، لاسيما فيما يتعلق بالبلدان الأقل نمواً، وأكد أن هذه المقاربة ضرورية من أجل التوصل إلى هدف التنمية البشرية المتكاملة في إطار التضامن.
وأشار بابا الفاتيكان إلي الحاجة إلى نشاط سياسي دولي يسعى إلى إحلال السلام العالمي والنمو الأصيل، لافتا إلى أن هذا الهدف يتطلب جهداً من قبل المنظمات الدولية لأنه يتخطى إمكانيات الدول منفردة، كما عليها أن تضمن حق الجميع في المشاركة في عملية النمو هذه.
واختتم البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، بتذكير المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي بالمسؤوليات الخلقية في التصدي لآفة الفقر، من خلال التوصل إلى نمو متكامل لجميع الأخوة والأخوات والتعايش السلمي بين الشعوب، وكتب أن هذا هو التحدي الأكبر المطروح اليوم أمامنا، متمنيا أن تتكلل أعمال المنتدى بالنجاح وابتهل لجميع المشاركين في الأعمال فيض البركات الإلهية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: البابا فرنسيس بابا الفاتيكان المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس دافوس السويسرية الحرب بابا الفاتیکان البابا فرنسیس
إقرأ أيضاً:
إرث البابا فرنسيس بأفريقيا.. وساطة وإصلاحات وصدامات عقائدية
سلّط تقرير نشره موقع "تي في 5 موند" الفرنسي الضوء على ما سماه الأثر العميق الذي تركه البابا فرنسيس في القارة الأفريقية من خلال زياراته الدبلوماسية المتعددة، ومواقفه تجاه القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وحسبما قال الموقع، فإن تحركات البابا في أفريقيا جاءت امتدادًا لرؤيته التي تمزج بين البعد الروحي والدور السياسي للكنيسة، حيث ركّز على ملفات السلام والعدالة والاستدامة البيئية، مع تأكيده على ضرورة أن يكون للكاثوليكية الأفريقية طابعها المستقل بعيدًا عن الهيمنة الغربية.
دوره في المصالحة بأفريقيا الوسطىفي عام 2015، زار البابا فرنسيس جمهورية أفريقيا الوسطى في خضم حرب أهلية طاحنة بين الجماعات المسيحية والمسلمة والأنيمية.
ورغم المخاطر الأمنية، زار العاصمة بانغي، حيث صلّى في كاتدرائيتها، كما توجّه إلى مسجد في حي بي كي 5، أحد أكثر المناطق تضررًا بالعنف الطائفي.
كان لهذه الزيارة أثر ملموس في تهدئة التوترات، إذ أعقبها بفترة قصيرة تنظيم انتخابات، في خطوة شكلت بداية لمسار المصالحة الوطنية.
ولم يكتفِ البابا بإطلاق دعوات عامة للسلام، بل انخرط فعليًا في جهود الوساطة الميدانية بين الأطراف المتنازعة.
تحذيراته من العنف بالكونغو الديمقراطيةلم تتوقف جهود البابا عند جمهورية أفريقيا الوسطى، بل امتدت إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث حذّر بشدة من تصاعد العنف في شرق البلاد.
إعلانبحسب تقرير الموقع، كان البابا فرنسيس أكثر انخراطًا في القضايا السياسية والاجتماعية الأفريقية مقارنة بسلفه بنديكيت السادس عشر (2005-2013)، ويمكن مقارنته في هذا الصدد بالبابا يوحنا بولس الثاني، الذي كان له أيضًا تأثير بارز في القارة.
غير أن فرنسيس ركّز بشكل خاص على الملفات الاقتصادية والاجتماعية، متحدثًا بلغة قريبة من خطاب منظمات المجتمع المدني، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا تجارة الأسلحة ونهب الموارد الطبيعية.
تعزيز دور أفريقيا في الكنيسة الكاثوليكيةضمن إستراتيجيته لتعزيز الحضور الأفريقي داخل الكنيسة الكاثوليكية، قام البابا فرنسيس بتعيين اثنين من الكرادلة الأفارقة: الكاردينال فريدولين أمبونغو من الكونغو الديمقراطية، والكاردينال ديودوني نزابالينغا من جمهورية أفريقيا الوسطى.
يعكس هذا التوجه إدراك الفاتيكان المتزايد لأهمية أفريقيا داخل الكنيسة، التي لم تعد محصورة في أوروبا، بل باتت تمتد بشكل متزايد في أفريقيا وأميركا اللاتينية.
سعى البابا فرنسيس إلى تعزيز نموذج كاثوليكي أكثر انفتاحًا على الهويات المحلية، منح الكنائس الأفريقية استقلالية أكبر عن النمط الغربي.
غير أن هذا التوجه واجه تحديات، لا سيما في القضايا العقائدية الحساسة.
فعندما طرح البابا إمكانية تقديم بركة للأزواج من الجنس نفسه، قوبل هذا الاقتراح برفض واسع من الأسقفيات الأفريقية التي تمسّكت بقيمها الثقافية المحلية المناهضة لهذه التوجهات.
يعكس هذا التباين التوتر القائم بين السعي لترسيخ كاثوليكية عالمية من جهة، والاعتراف بخصوصيات الكنائس المحلية من جهة أخرى، مما قد يشكل أحد أكبر التحديات التي تواجه الكنيسة في أفريقيا خلال السنوات المقبلة.