اﻻﻛﺗﺳﺎب ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻓطرﯾـﺔ وعفوية يصدرها الطفل في إطار غير رسمي من دون قصد أو اختيار، فيمكن لكل طفل اكتساب أية لغة إنسانية من لغات البشر بسهولة ويسر، وذلك بمجرد أن يعيش في مجتمع لغوي، لهذا لا يمكن وﻗــف ﺗطور اﻟﻠﻐـﺔ أو ﻛﺑـتهـﺎ، كونها ﻘــدرة ﻛﺎﻣﻧـﺔ ﻋﻧــد اﻟطﻔل، ﺗﻣﻛﻧﻪ ﻣن اﻛﺗﺳﺎب اﻟﻠﻐـﺔ بشكل قوي ﻟدرﺟـﺔ أﻧﻬـﺎ ﺗﺗطـور ﻓـﻲ وﺟـﻪ أكبر اﻟﺻـﻌوﺑﺎت وذﻟـك ﻷن ﻛـل طﻔـل ﯾوﻟـد ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋـﺔ ﯾﻛﺗﺳب ﻋﺎداﺗﻬـﺎ اﻟﻛﻼﻣﯾـﺔ واﺳــﺗﺟﺎﺑﺎﺗﻬﺎ ﻓـﻲ اﻟﺳــﻧﯾن اﻷوﻟـﻰ ﻣـن ﺣﯾﺎﺗﻪ.

فالطفل كائن متفرد في قدرته على اكتساب النظام اللغوي الثري لأنه يمارس اكتسابه للغة دون وعي بقواعدها ، فهو قادر على اكتساب اللغة دون وصفها، لأن وصف اللغة يحتاج إلى إدراك لقواعد اللغة، وهذا ما لا يملكه بالمرحلة المبكرة من عمره، وعملية اكتساب اللغة من الناحية النفسية تشبه عملية اكتساب العادات، ويؤكد ذلك ابن فارس بقوله: تؤخذ اللغة اعتيادا ﻛﺎﻟﺻﺑﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ﯾﺳﻣﻊ أﺑوﯾﻪ وﻏﯾرﻫﻣﺎ، فهو يأخذ اللغة عنهم على مر الأوقات.

ويعد اكتساب اللغة من أبرز المواضيع التي يدرسها علم اللغة النفسي من قبل باحثين مختصين سلوكيين ومعرفيين وغيرهم ممن كانت لهم إسهامات ودراسات أثرت الموضوع، ومن المؤكد أن اكتساب اللغة يعد علامة على أن الطفل أخذ يتبوأ مكانة في مجتمعه، كما أنه دليل واضح على أن بنية الطفل العقلية التي تتطور من التركز حول الذات إلى الموضوعية، ومن الإدراك السطحي إلى إدراك العلاقات القائمة بين الأشياء.

وفي أثناء هذه الظاهرة تبدأ اللغة عند الطفل كردة فعل أو تعبير عن انفعالاته وحاجاته لمن حوله من أجل تلبية هذه الاحتياجات، وتتمثل في الحاجات البيولوجية من الطعام والشراب والإخراج، فالكلام في هذه المرحلة هو امتداد لتعبير الانفعال لديه للمحافظة على أمنه وسلامته، وعند ميلاد الطفل يصرخ صرخته الأولى التي يسميها البعض صدمة الميلاد.

وللاكتساب اللغوي عاملان أساسيان مهمان يرتكز عليهما، وهما العامل العضوي والعامل في المحيط فالعامل العضوي هو الذي يتكون من حاسة السمع والجهاز الفموي والصوتي اللذان يعملان من خلال أوامر الجهاز العصي، أما العامل الثاني في المحيط، أي الوسط الاجتماعي خاصة الاسرة التي تحقق شروط استعمال الجهاز الصوتي للتكلم بلغة معينة لما توفره من تشجيع للنشاط اللغوي، فالطفل يحاول التحكم بمحيطه بواسطة التلفظ بالكلمات. فيتجاوب الأهل مع كلماته، ويتم اكسابه المعاني والقواعد التركيبية عندما يتعلم الترتيب الصحيح للكلمات في الجمل، وهكذا إلى أن ترقى لغته إلى مستوى لغة الراشدين.

ومن أبرز طرق اكتساب المفاهيم اللغوية للطفل: تدريبه على الاهتمام بما يعرض عليه من أحاديث بطريقة مشوقة، و مناقشة الطفل للوصول إلى المفاهيم والحقائق العلمية، كأن تجعل الطفل يستمع لقصة أو حكاية ثم تناقشه فيها.إضافة إلى تعويد الطفل على الانطلاق في الحديث وتشجيعه على طرح الأسئلة لتنمية محصوله اللغوي وطلاقة لسانه.و تصحيح أخطاء الطفل اللغوية وتعويده على النطق الصحيح للكلمات والتركيب النحوي السليم للجمل.

عوامل تعطل الاكتساب اللغوي عند الأطفال

ومن العوامل المؤثرة في الاكتساب اللغوي للطفل هي "التعدد اللغوي"، وتعدد اللغات الأجنبية في بيئة، حيث تتميز معظم الدول العربية بتعدد لغوي، فمثلا في سلطنة عمان نجد استخدام لغات مثل الإنجليزية والسواحيلية و الاوردية وغيرها ، ونتج هذا التّعدد جراء ظروف تاريخية، وتظهر آثار هذا التّعدد اللغوي في المحيط المدرسي للطّفل، حيث يجد الطّفل نفسه أمام لغات جديدة مختلفة عن لغته الأم، ويمكن أن تشكل ظاهرة التّعددية اللغوية عقدة تعيق نمو الطّفل ثقافيا ولغويا، ولهذا حاولت بعض المدارس اللسانية التّصدي لها، فقد نادت المدرسة التوليدية بالاعتماد على اللغة الأم في تعّلم اللغة الثانية، ونادت المدرسة البنيوية بضرورة عزل اللغة الأم عن اللغة الثانية؛ لأنّها تعرقل عملية تعلمها.

ويهتم علم الأرطوفونيا (Orthophonie ) بتصحيح اضطرابات النطق، وباستعادة التلفظ السليم للكلمات والجمل شفاهيا وكتابيا، والطبيب الأرطوفوني يهتم بتصحيح الأخطاء النطقية والكتابية التي يقع فيها الطفل؛ لأهميته في عملية الاكتساب اللغوي، ومن أبرز معيقات الاكتساب اللغوي، عسر الكلام، ونعني به تلك الاضطرابات الكبيرة والعميقة ضمن تنظيم عملية الفكر المتصلة باللغة، منها اضطرابات مرتبطة بالحركية الفولسانية، أو مرتبطة بالحس السمعي، أو مرتبطة بعملية الفهم، أو مرتبطة بالصعوبة في التّلفّظ بلغة سليمة.

أما الخرس المكتسب فهو تلك الاضطرابات التي تصيب نظام اللغة المنطوقة لدى الطّفل، وقد يكون نظام اللغة المختزنة في دماغ الطفل وذاكرته سليما، إلا أن الاضطراب يصيب عملية النّطق، والتّجسيد الكلامي والفعلي لّلغة، وهناك عدة أسباب تؤدي إلى هذه العّلة؛ منها عاطفية انفعالية، ومنها أسباب مرتبطة بالمحيط، وربما أسباب أخطر متعّلقة بشخصية الأم؛ كالرعاية المفرطة، أو الهجران المفرط، والإهمال.

وقد يصاب الطفل بالتأتأة، التي تعرف بأنها اضطراب يصيب عملية التواصل، ونظام واتزان الكلام والنّطق، وقد تكون التأتأة وراثية، ويمكننا التّعرف على ظهور التأتأة بداية من المرحلة الأولى للطفولة من خلال أعراض وعلامات حسية معينة كوجود اختلالات في مسار الكلام وسيولته وتقطّعات في جريانه.

وأخيرًا، الحبسة الوراثية ، وتسمى انعقاد اللسان، وهي فقدان القدرة على التعبير بالكلام أو الكتابة، أو عدم القدرة على فهم معنى الكلمات المنطوق بها، وتظهر هذه الحبسة في عدة حالات منها التأخّر الملحوظ في القدرة على التعبير بالكلام وعلى فهم معاني الكلمات المنطوق به،والخلل الوظيفي في مستوى الإدراك العام مما يضر بعمليات استقبال وتضمين وتنظيم وتخزين المعلومة، وبعملية بناء المعنى وبالاستجابة التفاضلية ، والقصور على مستوى الإدراك السمعي.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

علماء: تقلبات الحرارة المفاجئة تؤثر على العدد الأكبر من البشر بحلول نهاية القرن

الثورة نت/..

اكتشفت دراسة علمية جديدة أجراها فريق دولي من علماء المناخ أن سرعة حدوث موجات الدفء والبرودة المفاجئة وحجمها وعدد ضحاياها قد ازدادت بشكل مطرد خلال النصف الأخير من القرن الماضي.
ويشير ذلك إلى تأثير متزايد للاحتباس الحراري على شذوذات الطقس هذه.
وتوصل علماء المناخ إلى أن وتيرة التقلبات الحادة في درجات الحرارة ارتفعت بشكل كبير في 60% من مناطق الأرض خلال الخمسين عاما الماضية، مع توقُّع زيادة شدتها بنسبة 6-8% بحلول نهاية القرن في حال استمرار ارتفاع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ونتيجة لذلك، سيتضاعف عدد الأشخاص الذين يتأثرون بانتظام بهذه التقلبات.
وجاء في الدراسة أن “موجات الدفء والبرد المفاجئة لها تأثيرات سلبية على حياة الإنسان والطبيعة على حدٍّ سواء، لأنها لا تترك وقتا كافيا للتكيُّف مع درجات الحرارة أو البرودة القصوى. لذلك، ستزيد هذه التقلبات من حدّة الظواهر الجوية المتطرّفة. وتُظْهِر حساباتنا أن عدد المعرّضين لهذه التقلبات قد يتضاعف بحلول عام 2100 إذا لم نُخَفِّض انبعاثات الغازات الدفيئة”.
وقد توصّلت إلى هذه الاستنتاجات مجموعة من علماء المناخ من الولايات المتحدة والصين وكندا، بقيادة البروفيسور “لو مين” من جامعة “صن يات صن” الصينية، خلال دراسة تكرار حدوث التقلبات الحادة في درجات الحرارة عالميا خلال الفترة الماضية. وقد سبّبت هذه الموجات المفاجئة من الدفء والبرودة خلال العقدين الماضيين خسائر فادحة في المحاصيل الزراعية بالولايات المتحدة ودول أوروبا، بالإضافة إلى أضرار لحقت بالبنية التحتية وخسائر اقتصادية أخرى.
وركّز فريق البروفيسور “لو مين” على دراسة احتمالية تفاقم هذه الظواهر مع ازدياد انبعاثات الغازات الدفيئة واشتداد ظاهرة الاحتباس الحراري. ولتحقيق ذلك، حلّلوا التغيرات في درجات الحرارة اليومية عبر جميع قارات العالم للفترة بين عامي 1961 و2023، مستخدمين هذه البيانات في بناء نموذج حاسوبي للمناخ العالمي.
أظهرت النتائج أن وتيرة حدوث موجات الدفء والبرد المفاجئة، إلى جانب حجمها وعدد ضحاياها، قد ازدادت بشكل مطرد خلال النصف الأخير من القرن الماضي، مما يؤكد تأثير الاحتباس الحراري المتزايد على هذه الظواهر. كما توقع الباحثون أن يؤدي استمرار ارتفاع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى:
زيادة تكرار التقلبات الحادة بنسبة 6-8%
ارتفاع شدتها بنسبة 7%
تضاعف عدد المتأثرين بها بشكل منتظم.
توصل العلماء إلى أن هذه الزيادة ستؤثر على مناطق العالم بشكل غير متكافئ، حيث ستتحمل البلدان النامية والمنخفضة الدخل العبء الأكبر من الآثار السلبية. وتشير التقديرات إلى أن دول إفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية ستشهد تفاقما في هذه التقلبات المناخية بمعدل يتراوح بين 4 إلى 6 أضعاف المستويات الحالية بحلول نهاية القرن الحالي (2100). وأكد الفريق البحثي على الأهمية البالغة لمراعاة هذه النتائج عند صياغة استراتيجيات التكيف مع الظواهر الجوية المتطرفة.
 

مقالات مشابهة

  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُشارك في معرض تونس الدولي للكتاب
  • علماء: تقلبات الحرارة المفاجئة تؤثر على العدد الأكبر من البشر بحلول نهاية القرن
  • خبراء النوم : القيلولة بعد الثالثة عصرًا تؤثر على النوم ليلاً
  • هشام الحلبي: الحرب على غزة تؤثر على اقتصاد الولايات المتحدة
  • كلية الألسن بالأقصر تختتم فعاليات مؤتمرها الدولي الرابع حول التواصل اللغوي والثقافي في عصر الرقمنة
  • برنامج ثقافيّ متكامل لـ«أبوظبي للغة العربية» في «أفينيون» المسرحي الدولي»
  • إطلاق سياسة حماية الطفل في الحضانات بالتنيق بين وزارة الصحة واليونيسف
  • مع موجات الحر الشديدة.. تأثير درجات الحرارة العالية على القلب والرئتين.. وطرق الوقاية
  • الأمم المتحدة تحيي اليوم العالمي للغة الإسبانية
  • ملتقى المرأة بالأزهر يناقش طرق تأهيل التأخر اللغوي لدى الأطفال ذوي الهمم