الجزيرة:
2024-12-17@09:29:51 GMT

مصير مجهول لقارب مهاجرين مفقود بين لبنان وقبرص

تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT

مصير مجهول لقارب مهاجرين مفقود بين لبنان وقبرص

بيروت- قبل أكثر من شهر، لم يجد السوري وجدي رزق (26 عاما) سبيلا للهرب من الخدمة العسكرية بالجيش السوري إلا باللجوء لأحد المهربين السوريين، إذ سهّل له رحلة العبور من مدينته السويداء إلى لبنان، عبر واحد من مئات المعابر البرية غير الشرعية بين البلدين على امتداد نحو 340 كيلومترا.

كان لبنان مجرد محطة وصل إليها رزق، مثله مثل آلاف السوريين الذين يغريهم اللجوء غير النظامي من الساحل اللبناني إلى أوروبا على متن "قوارب الموت".

أوصل المهرب السوري وجدي إلى آخر لبناني تولى تجميع سوريين سرا في أحد منازل طرابلس (شمال لبنان) وكانوا ممن ركبوا قاربا ضمّ نحو 85 لاجئا انطلق يوم 12 ديسمبر/كانون الأول 2023 متجها إلى قبرص، لكن أهالي اللاجئين فقدوا الاتصال بهم منذ اليوم التالي ومصيرهم مجهول حتى اليوم.

يأس شديد

يقيم أحد أقارب وجدي (يتحفظ على ذكر اسمه) بقبرص ويقول للجزيرة نت "كان بحالة يأس شديد ومعه مبلغ صغير، ساعدته مع قريب آخر بجمع 3500 دولار كان يطلبها المهربون عن كل شخص".

ويضيف أنه تواصل معه عند الساعة 11 ليلا قبل انطلاقهم "ثم فقدت الاتصال به، كحال ذوي من كانوا بالقارب، ووصلنا منهم مقطع فيديو صغير لم يظهر فيه وجدي".

شهر و5 أيام تصفها معظم عائلات المفقودين بالجحيم. فهل غرقوا أم وصلوا إلى قبرص؟ هل تم احتجازهم أم ضلوا الطريق؟ هل وصلوا اليونان أو تركيا مثلا؟ كلها احتمالات واردة بلا رواية كاملة.

تلك الليلة، كان البحر هائجا والمياه مرتفعة بفعل رياح فصل الشتاء. ومع ذلك، يستبعد معظم الأهالي فرضية غرق القارب، لأنهم لم يعثروا على جثامين أو أي أثر، وهو ما لم تصرح به بعد أي جهة رسمية.

عام 2023 غادر 59 قارب هجرة غير نظامية لبنان تحمل على متنها نحو 3528 راكبا من بينهم 3298 سوريا (الأناضول)

ويوم 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي، راسل ذوو أحد الضحايا الخط الساخن لمنصة معنية بالإنذار حول قوارب المهاجرين (Alarm Phone) للإبلاغ عن فقدان القارب الذي يحمل 85 مهاجرا، بينهم 35 طفلا، وأفادوهم ببعض الأسماء.

اليوم التالي، راسلت المنصة الشرطة البحرية والقاعدة البريطانية بقبرص وخفري السواحل التركي واليوناني، ولكن من دون جدوى، في حين أبلغتهم الشرطة القبرصية بوصول قارب في اليوم عينه يضم نحو 84 لاجئا، ولا يتضمن أيا من الأسماء المبلغ عنها.

وأفاد بعض أهالي الضحايا، للجزيرة نت، بانطلاق قرابة 3 قوارب في اليوم نفسه، مما قد يعني أن لاجئين آخرين وصلوا هناك. ويقول قريب وجدي إنه جال مع آخرين على مخيمات حدودية بقبرص، ولم يعثروا على أثرهم. كما أفادهم ممن كانوا على قارب آخر بالتاريخ عينه، بأنهم شاهدوهم خلفهم حتى تجاوزوا المياه الإقليمية ثم اختفوا.

وكان رئيس مركز "سيدار" للدراسات القانونية، المحامي محمد صبلوح، قد جمع أسماء 75 لاجئا منهم. ولا يوجد بالقائمة لبنانيون، بل جميعهم سوريون وأغلبهم جاؤوا من سوريا مباشرة وتحديدا من إدلب ودرعا وريف حلب، وحمص، والحسكة، والقنيطرة.

مراسلة وشكوى

وراسل "سيدرا" يوم 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي السلطات القبرصية والدول المجاورة، وقدم في الثاني من يناير/كانون الثاني الجاري شكوى لوزارة الخارجية اللبنانية، ومكتب مفوضية اللاجئين ببيروت وبالنيابة العامة التمييزية.

ويقول صبلوح للجزيرة نت "أكد الأهالي انطلاق المركب من طرابلس نحو قبرص، وهم بين قبرص اليونانية أو التركية أو القاعدة البريطانية، والجهات الرسمية لا جواب لديها عنهم، ولم تظهر جثث بالبحر، مما يفاقم الغموض حول مصيرهم".

ويدعو السلطات اللبنانية إلى تحمل مسؤوليتها قضائيا وأمنيا وإنسانيا "لأن من اختفوا انطلقوا من شواطئها".

وتتولى شعبة المعلومات التحقيق بالقضية، في حين يفيد مصدر أمني بالجيش اللبناني، للجزيرة نت، بأنه لم يرصد بتاريخ 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي انطلاق أي قارب هجرة غير شرعي من طرابلس.

ويوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2023، أنقذت بحرية الجيش 51 مهاجرا حين تعطل مركبهم على بعد أميال من شاطئ طرابلس، متجها إلى قبرص، وجميع ركابه سوريون باستثناء بعض الفلسطينيين، ثم رحّلتهم إلى سوريا.

أما قبطان القارب المفقود، حسب معلومات حصلت عليها الجزيرة نت، فهو لبناني الجنسية من محافظة عكار الشمالية، ويدعى ف. طالب (43 عاما). أما المهربون الثلاثة الأساسيون فهم لبنانيان وسوري ولديهم أسماء حركية، وأشاع بعضهم لأهالي المفقودين أن القارب أُلقي القبض عليه، وعلى القبطان أولا، ووجدوا فيه آلاف حبات الكبتاغون.

شكوك

لكن هذه الرواية محل تشكيك كبير، لأن هؤلاء المهربين، الذين يعملون بحرية، تلاعبوا بالأهالي وأخذوا شرائح وهواتف بعض اللاجئين لسبب غير معروف، وراسلوهم باليوم التالي معهم -عبر الواتساب- لإبلاغهم بأنهم وصلوا بخير إلى قبرص، ليكتشف الأهالي أن المتحدثين هم المهربون وليسوا أبناءهم، فوثقوا بعض المحادثات.

وتراودهم الشكوك بأنهم تعرضوا لفخ وخديعة من المهربين الذين حصدوا بهذه الرحلة نحو 250 ألف دولار، بمعدل 3 آلاف دولار عن الفرد.

وبعد محاولات عدة، تواصلت الجزيرة نت مع أحد أقارب القبطان الذي وصفه بالرجل "الفقير والدرويش" الذي يعمل بصيد السمك، ويتحدث البعض عن إغراء المهربين له ببعض آلاف الدولارات. وتعيش زوجته مع أطفالهما الأربعة في حيرة وخوف، وتخبرنا بأنه رحل من دون إبلاغها، مما يؤكد لها أنه كان ينوي العودة.

وتقول للجزيرة نت "أخبرني يومها هاتفيا أن لديه توصيلة طويلة، فظننت أنه سينقل ركابا بسيارة أجرة كما يفعل أحيانا، ولم يعد". وتفيد بإبلاغها عن قصة الحبوب المخدرة وبأنها لم تصدقها، وتخشى أن يكون البحر ابتلع القارب من دون أن يعلم به أحد.

وحسب منصة الإنذار، حققت مفوضية اللاجئين بقبرص، في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في المخيمات ومراكز الاحتجاز من دون العثور على المفقودين، ونقلت المعلومات لمكاتب المفوضية بلبنان وتركيا واليونان.

وتفيد الناطقة باسم المفوضية بلبنان دلال حرب، بأنهم في عام 2023 وحتى 28 ديسمبر/كانون الأول، تحققوا من مغادرة 59 قاربا من لبنان، تحمل نحو 3528 راكبا، منهم 3298 سوريا، و76 لبنانيا، و5 فلسطينيين، علما أن هذه الأرقام لا تعكس حقيقة من عبروا نحو أوروبا من دون رصدهم، وهم بالآلاف.

وتقول حرب، للجزيرة نت، إنهم رصدوا وصول 29 رحلة من هذه القوارب إلى قبرص بنجاح، وتمت لاحقا إعادة 3 قوارب منها، "كما أن المفوضية على علم بوجود 45 حركة إضافية لقوارب من مكان مغادرة غير مؤكد إما سوريا أو لبنان".

وقياسا لعام 2022، ارتفع عدد تحركات القوارب بنسبة 7.3%، بينما انخفض إجمالي عدد الركاب بنسبة 23.8%، وفق المتحدثة.

وفي تحقيق للجزيرة نت العام الماضي، تم الكشف عن تشابك عمليات الهجرة غير النظامية، برا (من سوريا للبنان) وبحرا (من لبنان إلى أوروبا)، وأن نحو 77% ممن أوقفهم الجيش اللبناني برحلات الهجرة بحرا يحملون الجنسية السورية بين 2019 و2022.

وإلى حين انكشاف مصير ركاب القارب المفقود، يبدو أن هذه النسبة مرشحة للتصاعد، مع توسع نشاط شبكات التهريب بين لبنان وسوريا، وتفاقم أعداد السوريين الذين يقعون بمصيدتهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دیسمبر کانون الأول الماضی للجزیرة نت إلى قبرص من دون

إقرأ أيضاً:

تقرير أميركي.. هذا مصير حزب الله بعد إسقاط الأسد

قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إنّ "حزب الله لم يستطع حماية حليفه القديم الرئيس السوري السابق بشار الأسد من التمرّد السريع الذي أطاح به".   ويقول التقرير الذي ترجمه "لبنان24" إن "إسرائيل وجهات ضربات قاسية لحزب الله خلال حربها الأخيرة معه، فيما أدى رحيل الأسد من سوريا والذي كانت له علاقات وثيقة مع إيران، إلى شلّ قدرة الحزب على التعافي من خلال قطع طريق تهريب الأسلحة الحيوية عبر سوريا".    واعتبر التقرير نقلاً خبراء، أن "إضعاف حزب الله ستكون له عواقب وخيمة في لبنان خصوصاً أنه كان لاعباً سياسياً رئيسياً"، وتابع: "كذلك، فإنّ ضعف الحزب سيؤثر على إيران التي اعتمدت عليه لتوسيع نوفذها في الشرق الأوسط".    ويلفت التقرير إلى أن "عائلة الأسد، التي حكمت سوريا لمدة نصف قرن بقبضة من حديد، لعبت دوراً حاسماً في تمكين حزب الله، الذي تأسس في أوائل الثمانينات على يد مستشارين إيرانيين جاؤوا عبر سوريا"، وأضاف: "إلى جانب كونها قناة لنقل الأسلحة الإيرانية، كانت سوريا أيضًا مكانًا قام فيه حزب الله بتدريب مقاتليه وتصنيع أسلحته".   ويُردف: "عندما اجتاح المتمردون سوريا في أوائل كانون الأول واستولوا على مدينة حمص - على مسافة قريبة من بلدة حدودية سورية حيث كان لحزب الله وجود - توقع الكثيرون أن يخوض الحزب قتالاً شرساً مثلما حصل قبل أكثر من 10 سنوات حينما قاتل الحزب إلى جانب الجيش السوري. أما هذه المرة، فقد كان حزب الله في حالة من الفوضى، وقُتل العديد من كبار قادته، بما في ذلك أمينه العام السيد حسن نصرالله. كذلك، دمرت إسرائيل معظم البنية التحتية العسكرية للحزب".    وقال المقدم فارس البيوش ، المنشق عن الجيش السوري والذي شارك في الحرب الأهلية ضد قوات الأسد وحزب الله حتى عام 2017، إن "سقوط النظام يمثل نهاية الذراع الإيرانية في سوريا ولبنان".    بدوره، قال فراس مقصد من معهد الشرق الأوسط، بحسب صحيفة واشنطن بوست: "مع سقوط النظام السوري، يواجه حزب الله في لبنان واقعاً جديداً تماماً. العديد من القادة اللبنانيين لم يستوعبوا بعد حجم التغيير الذي حد،. حتى أن بعض حلفاء حزب الله السابقين في البرلمان بدأوا ينأون بأنفسهم عن المنظمة".   وبحسب التقرير، فإنه "مع سقوط الأسد، فقدت إيران السيطرة على ممر بري يمتد عبر العراق وسوريا إلى البحر الأبيض المتوسط، مما منحها طريقا مفتوحا لإمداد حزب الله".   وفي السياق، قال آرون لوند ، الخبير في شؤون سوريا من معهد نيويورك سينشري الدولي: "قد يكون الإيرانيون قادرين على نقل بعض الأشياء جواً وتهريب بعض الأشياء لحزب الله، لكن الأمر لن يكون على نفس النطاق كما السابق".   مع هذا، تعتبر الصحيفة أن سقوط نظام الأسد في سوريا شكّل نقطة تحول تاريخية في الشرق الأوسط،، وضيف: "هذا الحدث الدراماتيكي، إلى جانب الضربة القاسية التي تعرض لها حزب الله في الحرب ضد إسرائيل، يخلق واقعاً جديداً في المنطقة، فإيران تخسر ممر نفوذها القاري، ويجد حزب الله نفسه عند نقطة ضعف غير مسبوقة، في وقت يواجه فيه لبنان إمكانية تغيير جذري في توازن القوى الداخلي". المصدر: ترجمة "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • الرئيس القبرصي: أحمل لبنان في قلبي وعقلي في الاتحاد الأوروبي
  • حظك اليوم الأربعاء 18 كانون الأول/ ديسمبر 2024
  • مصير مجهول لأحد أبناء حريب مأرب في عدن وسط اتهامات للانتقالي باختطافه
  • مصير اللاجئين السوريين في لبنان
  • حظك اليوم الثلاثاء 17 كانون الأول/ ديسمبر 2024
  • حظك اليوم الإثنين 16 كانون الأول/ ديسمبر 2024
  • تقرير أميركي.. هذا مصير حزب الله بعد إسقاط الأسد
  • مدير الأرصاد: أمطار متوقعة في الثلث الأخير من كانون الأول
  • خلف: في 9 كانون الثاني اما أن نتحمل المسؤولية فننتخب رئيسا والا فعلى لبنان وعلينا السلام
  • حاصباني أكد التعاطي بجدية تامة مع جلسة 9 كانون الثاني