الصراع في البحر الأحمر.. إلى أين يقود الحوثي اليمن في مغامرته المجنونة
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
كانت التقارير تشير إلى التوصل لعملية تسوية وشيكة في الملف اليمني عقب مارثون من المفاوضات واللقاءات بين الوسيط العماني والطرف السعودي والمبعوث الأممي وقيادة مليشيا الحوثي.
مر من يناير 2024 نصفه، نحن في اليوم الخامس أو السادس عشر، خارطة الطريق تحولت لما يشبه اللغز كعادتها منذ 13 ديسمبر 2018 على الأقل آخر ورقة تعشم فيها اليمنيين وكانت بمثابة العُقدة في حبل الدلو.
من جديد استطاعت مليشيا الحوثي الذهاب بعيدًا وخوض معركة مختلفة، هذه المرة حملت بعدًا قومي، مرتبط بما يسمى "محور المقاومة" والذي يعني في جانب منه "القضية الفلسطينية".
ليست مليشيا الحوثي وحدها من تناور فهي مجرد مجموعة من التلاميذ في فصل من الفصول التي تديرها إيران بخبث وذكاءٍ معًا، فقد استطاعت هي الأخرى وبتواطؤ غربي أن تثير جلبة كبيرة في المنطقة العربية وفي أهم ممر بحري يغذي الشرق الأوسط الدول المطلة على الأبيض المتوسط والعمق الأوروبي وحتى كندا والأمريكيتين.
إضافة إلى ذلك اتهامها من قبل مراقبين ومخابرات بأنها من تقف وراء عملية "طوفان الأقصى"، دعما وتخطيطًا وهذا بأي حال لا يمحي مشروع المقاومة الفلسطينية بقدر ما يفتح الآفاق أمام جدلية سياسية جديدة وتبعات باهظة يدفع فاتورتها العرب المواطن بشكل أو بآخر والدم الفلسطيني.
خوض الحوثي معركة البحار
لم تكن مليشيا الحوثي بحاجة للدفاع عن فلسطين بالطريقة التي انتهجتها من خلال التقطع لسفن الشحن المحملة بالبضائع المرتبطة بإسرائيل حسب زعمها، لأن النتيجة محسوبة سلفا وهي تهديد كامل للممر الملاحي الذي تمر منه ما يقارب 20% من الصادرات العالمية.
تدرك المليشيا أن الداخل اليمني معني أكثر بخوض معارك سياسية واقتصادية واجتماعية من نوع مختلف، من أجل ترميم الصورة المهزوزة لدى المواطن والواقع الإنساني الذي يعد الأسوأ في العالم، لكن "الأجندات" المرتبطة بالمشروع الإيراني أقوى، لذا فقد خاضوا المعركة تحت غطاء الانتصار للشعب الفلسطيني.
الكثير ذهب معهم في هذا المنعطف وأعتقد أن ما تقوم به مليشيا الحوثي يرجح الكفة لصالح القضية الفلسطينية على اعتبار أن هناك واردات تصل إلى الكيان الصهيوني عبر باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس وصولا إلى ميناء ايلات الذي يعتبر الأهم بين الموانئ المحتلة؛ وان حركة الموانئ شلت بالكامل، وان صح ذلك فإن ما جري لا يساوي شيئا مقابل تضرر عشرات الدول ومن خلفهم رسوم وتكاليف باهظة تنعكس بشكل سلبي على المواطن.
حركة الملاحة
أظهرت صور الأقمار الصناعية تحول كبير لحركة السفن عبر رأس (الرجاء الصالح) في جنوب افريقيا وخلو البحر الأحمر بنسبة عالية من حركة السفن، وهو ما نفته هيئة إدارة قناة السويس وانه ليس بتلك الصورة التي تتحدث عنه بعض التقارير.
غير أن عدد الشركات الكبيرة بما فيها يابانية علقت عملها عبر باب المندب بشكل واضح تخوفا مما يحدث؛ تبعتها شركات عالمية وهو أمر بديهي حدوثه في اللحظة الراهنة.
وسواء تأثرت القناة أم لم تتأثر، فإن الثابت قدرة إيران على خلط الكثير من الأوراق في "الشرق الأوسط"، ولعب دور الشرطي الذي يحمل مجموعة من البالونات في كف وفي الأخرى دبوسا صغيرًا، عبر أذرعه المتواجدة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
المواطن اليمني الذي يعيش أزمات متلاحقة سيتحمل كثير من تبعات الهجوم على السفن، ودخول دول عربية وأجنبية في إطار حلف جديد، والقيام بضربات محدودة على مواقع تابعة لمليشيا الحوثي في الحديدة وحجة وصنعاء وتعز وذمار؛ يعيد السيادة المنتهكة منذ إدراج اليمن تحت البند السابع 2014 إلى الواجهة.
حلول لمواجهة القرصنة
يَفترض الخبراء أن ما يحدث في البحر الأحمر عملية قرصنة واضحة من قبل مجاميع تقدم نفسها بأنها سلطة قائمة بكامل مقوماتها، بالمقابل يقول ملايين اليمنيين نحن لم نفوض أي طرف القيام بمثل هذه العمليات مع وقوفنا الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني.
ما لم يكن هناك إجماع على تقويض وضرب مكامن الخطر الذي يتهدد حركة الملاحة البحرية، ودعم الطرف الشرعي داخل البلاد بكل الطرق؛ فإن المناوشات سوف تستمر على حساب الأمن والاستقرار الاقتصادي، ليس على مستوى اليمن وحسب، بل على دول الخليج ومصر ودول البحر الأبيض المتوسط.
ما يفتح شهية الإيرانيين إلى توسعة اللعبة بما يخدم محور المقاومة التي تقوده ويدعم الملف النووي ويرفع عنها كثير من الضغوط، ويزيد من حضورها الفكري والعقائدي في العواصم التي أسقطتها وصدرت اليها الخبراء والسلاح.
المكيال الأمريكي
تلعب امريكا دورا يصفه المراقبون بالمتناقض ويدفع باتجاه تأزيم الأوضاع في المنطقة، ليس ذلك وحسب، هناك مآخذ كبيرة يتحمل مسؤوليتها الرئيس بايدن وحكومته الحالية، فقد أظهر التعاطي الإيجابي مع طهران والحوثيين في المشاورات الأخيرة جانب من الغموض وعدم جدية امريكا في إدانة الأعمال التي تضر بعملية السلام عموما.
فتح الأمريكان الخزانة لإيران؛ فقد تم الإفراج عن ما يقارب 10 مليار دولار من الأموال المجمدة، ومنح الحوثيين فرصا متتالية بعدم إدراجهم ضمن المنظمات الإرهابية ربما لحاجة التعامل معهم فيما يخص الملف الإنساني حسب المراقبين، وهو سبب غير كاف في نظر آخرين بعد أن قوضت جميع فرص السلام.
أيضا عدم إدانة مليشيا الحوثي بشكل واضح ومنحها جملة من الترضيات، فيما يخص الانتهاكات التي تمارسها بحق المواطن اليمني، والثابتة في التقارير منذ انقلابها على النظام أواخر 2014 وعدم إصدار أي قرار مزمن وملزم بحق الجماعة.
فقد زرعت ما يقارب ال2 مليون لغم وذخيرة واجسام غير منفجرة، إلى جانب قيامها بتجنيد آلاف الأطفال واعتقال آلاف الناشطين والسياسيين، واستخدام الاخفاء القسري وتنفيذ عمليات إعدام دون محاكمات عادلة.
هذا التناقض وغيره من القرارات كان كافيا لانفجار الوضع في البحر الأحمر، وتعطيل كافة الجهود الرامية إلى تسوية الملف اليمني اليمني، واستعادة الاستقرار والتفرغ لعملية البناء المستدامة.
خلاصة
تعد الحالة التي عليها الملف اليمني والمشاورات بين مليشيا الحوثي استثنائية، إذ تبدو تقديرات المواقف وتقييم النتائج أمر مخيب للآمال، فلا اتفاقية (استكهولم) تحقق منها شيء ولا ملف الأسرى والمعتقلين كان ناجعا مع كل ما يحمل من أوجاع إنسانية وابتزاز في الوقت نفسه.
ملف (خزان صافر) هو الآخر لا ملامح على أنه انتهى للأبد وتم حل الأشكال بصورة جذرية، (مرتبات الموظفين) الحلقة الأضعف رغم أنه على لسان كافة الوسطاء وهو الحاضر ضمن الملف الاقتصادي الذي يعتقد مراقبون انه سينعش آمال المليشيا أكثر من أي ملف آخر وأنه الوحيد الذي سيتم إنجازه، برغم إصرار الشرعية والجانب السعودي والتشديد على أن يتم الصرف لموظفي ما قبل 2014.
ملفات كثيرة مجزأة ومواعيد كلما اقتربت على الورق وفي الإعلام تباعدت أميال على أرض الواقع وهو ما يوحي بأن الأرض لا تزال موعودة بمعارك مختلف لا يمكن تصور شكلها تماما.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
اليمن: «الحوثي» يسعى إلى طمس الهوية بشكل ممنهج
عبدالله أبوضيف (عدن، القاهرة)
أخبار ذات صلة الأمم المتحدة تتلقى تمويلاً إضافياً لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بدعم السلام في اليمنأكدت الحكومة اليمنية أن ميليشيات الحوثي تسعى بشكل ممنهج إلى طمس الهوية اليمنية، من خلال نهب وتهريب الآثار وتدمير المواقع التاريخية، في محاولة لطمس معالم الحضارة اليمنية.
وشدد وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، خلال لقاء عقده أمس، في وزارة الخارجية الأميركية، ونقلته وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، على أهمية تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة تهريب الآثار، خاصة وأن بعض عمليات التهريب تسهم في تمويل الجماعات الإرهابية مثل ميليشيات الحوثي.
وشدد على أن ميليشيات الحوثي تسعى بشكل ممنهج إلى طمس الهوية اليمنية، من خلال نهب وتهريب الآثار وتدمير المواقع التاريخية، في محاولة لطمس معالم الحضارة اليمنية.
وأكد الارياني، على أهمية التعاون الدولي في التصدي لهذه الجرائم، وتعزيز الجهود المشتركة لحماية التراث اليمني، داعياً المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود لوقف عمليات تهريب الآثار، وتجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية.
وفي ظل تصاعد الاعتداءات الحوثية على المدنيين والبنية التحتية في اليمن، تتزايد التساؤلات حول جدوى إدانات مجلس الأمن وتأثيرها على أرض الواقع.
ورغم التصريحات الدولية الشديدة اللهجة، يبرز غياب الخطوات العملية كعامل رئيس يُعزز استمرار هذه الانتهاكات، ما يفاقم من معاناة الشعب اليمني ويزيد من التحديات الإنسانية التي تواجه البلاد.
وقال الحقوقي اليمني، رياض الدبغي، إن الإدانات الأخيرة الصادرة عن مجلس الأمن بشأن هجمات الحوثيين المتكررة على المدنيين والبنية التحتية في اليمن تثير تساؤلات ملحة حول جدواها ومدى تأثيرها على أرض الواقع، فرغم التصريحات الشديدة اللهجة، يظل غياب الخطوات العملية لتنفيذ الردع.
وأوضح الدبغي لـ«الاتحاد» أن استمرار هذه الهجمات يعكس تحدياً واضحاً للمجتمع الدولي وقراراته، ويكشف عن غياب الضغط الفعّال لوقف الانتهاكات، فيما يتضرر الشعب اليمني بشكل مباشر من الاعتداءات، ويتزايد أعداد الضحايا المدنيين، وتتفاقم معاناة النازحين نتيجة تدمير منازلهم واستهداف المناطق السكنية.
وأشار إلى أن الوضع لم يعد يحتمل المزيد من الاعتماد على الإدانة وحدها، والمطلوب الآن خطوات ملموسة تُرغم الحوثيين على التوقف عن هذه الممارسات العدوانية، يجب تعزيز العقوبات الاقتصادية على قيادات الجماعة، ومنع تدفق التمويل والأسلحة إليهم، مع دعم الحكومة اليمنية الشرعية لحماية المدنيين، كما أن المجتمع الدولي مطالب بتفعيل قراراته السابقة، وفرض آليات رقابة صارمة لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
وقال الدبغي إن الاكتفاء بالإدانة اللفظية يبعث برسالة خاطئة ويؤدي إلى استمرار معاناة اليمنيين، لذا، يجب على الدول الكبرى والمجتمع الدولي تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية لوضع حد لهذه المأساة الإنسانية الممتدة.