تتحمل جنوب أفريقيا وإسرائيل صدمة تاريخ أوروبا الطويل من التفوق العنصري، ولكن كلا منهما استخلص دروسا نقيضة تماما، ولا ينبغي أن يفاجأ أحد أن معركة الفوز بالجائزة من أجل سيادة القانون الدولي قد حرضت إسرائيل وجنوب أفريقيا ضد بعضهما البعض في محكمة العدل الدولية في لاهاي.

وفي هذا السياق، يقول جوناثان كوك، صحفي مستقل ومؤلف 3 كتب عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إن العالم منقسم بين أولئك الذين صاغوا نظاما عالميا وإقليميا يخدم مصالحهم ويضمن لهم الإفلات من العقاب مهما كانت جرائمهم، وأولئك الذين يدفعون ضريبة ذلك الترتيب.

والآن يقاوم الضحايا القدامى أمام المحكمة العالمية.

ويوضح الكاتب، في مقال بموقع ميدل إيست آي البريطاني، أن إسرائيل نفذت سياسة إبادة جماعية في غزة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهو ما يوصف في عرف القانون الدولي بأنها قضية يمكن البت فيها بسهولة لأن الحقائق واضحة جدا، قتلت فيها أو أصابت حتى الآن نحو 100 ألف فلسطيني، أي بمعدل واحد لكل 20 ساكنا.

كما ألحقت إسرائيل أضرارا أو دمرت أكثر من 60% من المباني السكنية. وقصفت المناطق الآمنة الصغيرة التي أمرت نحو مليوني فلسطيني بالفرار إليها. وعرضتهم للمجاعة والأمراض الفتاكة من خلال قطع المساعدات والمياه.

الدول العنصرية والقمعية

وفي الوقت نفسه، أعرب كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين علنا -وبشكل متكرر- عن نية الإبادة الجماعية، كما توثقه مذكرة جنوب أفريقيا بعناية شديدة.

وأردف الكاتب أنه بالرغم من كثرة الأدلة ضد إسرائيل، فقد يستغرق الأمر سنوات قبل أن تتوصل المحكمة لحكم نهائي. وبحلول ذلك الوقت، إذا استمرت الأمور كما هي، فقد لا يكون هناك عدد كبير باق من السكان الفلسطينيين لحمايتهم. ولذلك طلبت جنوب أفريقيا أيضا وبشكل عاجل إصدار أمر مؤقت يلزم إسرائيل فعليا بوقف هجومها.

ولفت إلى أن إسرائيل ربت مواطنيها على الاعتقاد بأن اليهود يجب أن ينضموا إلى الدول العنصرية والقمعية، وأن يتبنوا نهج "القوة تصنع الحق" تجاه الدول المجاورة. وتعتبر الدولة اليهودية المنطقة ساحة معركة الانتصار فيها للهيمنة والوحشية.

وبالتالي، كان حتميا أن تتسبب إسرائيل نهاية المطاف في ظهور خصوم مسلحين، مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجماعة حزب الله اللبنانية، ينظرون إلى صراعهم مع إسرائيل بالطريقة نفسها.

الالتزام الأخلاقي

وأشار الكاتب إلى أن قضية جنوب أفريقيا تحظى أيضا بالدعم من جانب قسم كبير مما يسمى "العالم النامي" الذي كثيرا ما شعر بوطأة الاستعمار الغربي والعنصرية على وجهه.

وكما هي الحال دائما، ليس الغرب هو ما يمكن للعالم أن يتطلع إليه من أجل قيادة جادة في أخطر الأزمات التي يواجهها أو للجهود الرامية لوقف تصعيد الصراع.

والجهات الفاعلة الوحيدة التي تظهر أي ميل إلى تطبيق الالتزام الأخلاقي -الذي ينبغي أن يقع على عاتق الدول للتدخل لوقف الإبادة الجماعية- هي "الإرهابيون" كما يصفهم الغرب.

فهذا حزب الله يمارس الضغوط على إسرائيل بفتح جبهة ثانية تدريجيا بالشمال، في حين يرتجل الحوثيون في اليمن شكلا خاصا بهم من العقوبات الاقتصادية على الشحن الدولي المار عبر البحر الأحمر.

وختم الكاتب مقاله بأن رواية الغرب أن أي شخص خارج ناديه -من جنوب أفريقيا والصين إلى حزب الله والحوثيين- هو العدو، ويهدد "النظام القائم على القواعد" في واشنطن.

لكن هذا النظام بالذات هو الذي يبدو بشكل متزايد أنه يخدم مصالحه الذاتية ويفقد مصداقيته، وهو الأساس للإبادة الجماعية التي تُرتكب -في وضح النهار- بحق الفلسطينيين في غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: جنوب أفریقیا

إقرأ أيضاً:

رئيس جنوب أفريقيا: الحكومة ستبدأ موجة ثانية من الإصلاحات خلال العام المقبل

أكد رئيس جنوب أفريقيا، أن الحكومة ستبدأ موجة ثانية من الإصلاحات خلال العام المقبل، وفقا لما ذكرته فضائية “القاهرة الإخبارية” في نبأ عاجل.

 

سفير مصر لدى جنوب أفريقيا يستضيف رموز الجالية المصرية جنوب أفريقيا ترحب بقرار الجنائية الدولية بحق نتنياهو وجالانت

وفي إطار آخر، اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأحد، جنوب إفريقيا بـ"مصادرة" أراض و"معاملة فئات معينة من الأشخاص بشكل سيئ جدا"، معلنا قطع أي تمويل مستقبلي للبلاد في انتظار تحقيق.

وأصدر رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا في يناير الماضي قانونا يسمح للحكومة في ظروف معينة بمصادرة أراض من أجل المصلحة العامة بدون تقديم أي تعويض على الإطلاق.

وتعد قضية الأراضي في جنوب إفريقيا مثيرة للانقسام، حيث تثير الجهود المبذولة لمعالجة عدم المساواة الموروثة من نظام الفصل العنصري انتقادات من المحافظين ولا سيما إيلون ماسك، الملياردير المولود في جنوب إفريقيا وهو من أقرب مستشاري ترامب.

وفي إطار آخر، أبدت وزارة الخارجية الروسية، في بيانٍ لها اليوم الخميس، رفضها لمُقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إقراغ غزة من اهلها.

وقالت الوزارة الروسية عن مُقترح ترامب إنه حديث شعبوي، واضافت مُشددةًَ على أن موسكو تعتبره اقتراحاً غير بناء يزيد التوتر.

وأضاف بيان الخارجية الروسية :"نأمل الالتزام التام والصارم بما تم التوصل إليه من اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة".

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أثار جدلاً كبيراً حينما اقترح تفريغ أرض غزة من سُكانها الأصليين وإرسالهم إلى مصر والأردن.

واضاف ترامب قائلاً إنه يرغب في تحويل قطاع غزة إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، والتي ستفتح أبوابها أمام الجميع، على حد قوله.

وكان إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، قد قال إن مُقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير مُواطني غزة لا يبدو خيارًا منطقيًا، واصفًا إياه بـ"الخيالي".

وقال باراك، في تصريحاتٍ صحفية لإذاعة الجيش الإسرائيلي،: "هذه لا تبدو خطة درسها أي شخص بجدية، يبدو أنها مثل بالون اختبار، أو ربما في مُحاولة لإظهار الدعم لدولة الاحتلال".

يُذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان أثار الجدل بمُقترحه بشأن تهجير أهالي غزة إلى الأردن ومصر، وذلك بغيةً إفراغ الأرض من أهلها.

وواصل ترامب مُقترحه بالإشارة إلى خطته بشأن تحويل القطاع إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، التي ستفتح أبوابها أمام جميع الجنسيات، على حد قوله.

وتُعتبر قضية فلسطين قضية عادلة لأنها تتعلق بحقوق شعب تعرض للتهجير القسري والاحتلال العسكري لأرضه، وهو ما يتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية، منذ نكبة عام 1948، تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين قسرًا، وتمت مصادرة أراضيهم دون وجه حق، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.

وتؤكد قرارات الأمم المتحدة، مثل القرار 194 الذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، والقرار 242 الذي يطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967، على أن للفلسطينيين حقًا مشروعًا في تقرير مصيرهم. كما أن استمرار بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية يمثل انتهاكًا للقانون الدولي، ويؤكد أن القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع سياسي، بل هي قضية عدالة وحقوق أساسية.

مقالات مشابهة

  • رئيس جنوب أفريقيا: الحكومة ستبدأ موجة ثانية من الإصلاحات خلال العام المقبل
  • العلمي: برلمانات أفريقيا متحمسة للشروع في تنزيل المبادرة الملكية الأطلسية
  • الاتحاد البرلماني العربي يستنكر “التصريحات العنصرية” التي تدعو إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة
  • اتحاد غرف الإمارات يناقش دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة مع جنوب أفريقيا
  • روبيو يهاجم جنوب أفريقيا ويعلن مقاطعته لاجتماعات مجموعة العشرين
  • عمرو خليل: الإبادة الجماعية للفلسطينيين هدف حكومة الاحتلال الإسرائيلي
  • “فورين بوليسي”: جنوب أفريقيا تتحدى ترامب
  • “مجموعة لاهاي” تحرص على معاقبة إسرائيل وحكامها على المجازر التي ترتكبها في حق الشعب الفلسطيني
  • والد إيلون ماسك يعلق على إشعال ابنه أزمة مع جنوب أفريقيا
  • لافروف: التجارة الروسية مع أفريقيا تواصل النمو وندعم مكافحة الإرهاب والأمن الغذائي