بتاريخ 18 يناير، سيجتمع رؤساء دول وحكومات الهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد) في كمبالا بجمهورية أوغندا، ليناقشوا، من بين موضوعات أخرى الوضع الأمني في السودان. وأود بهذه المناسبة أن أؤكد التزام قوات الدعم السريع بالمفاوضات والحوار والسلام، بُغية رسم مستقبل أفضل للسودان. إن الأفكار التالية ستُشكّل مبادئ وأولويات ستوجه موقفنا بخصوص أية محادثات أو مفاوضات سلام مستقبلية.



في البدء، أود أن أؤكد أن طبيعة اجتماع رؤساء الإيقاد أو أي مفاوضات مقبلة، ليست مسألة تتعلق بالمصالح الشخصية، ولا ينبغي لها أن تدور حول أجندة أي مجموعة بعينها، ويجب أن تتم المفاوضات من أجل تحقيق مستقبل مستدام للسودان، وأن تؤدي إلى حل شامل يضم جميع السودانيين. فطبيعة هذا الحل واضحة:

أولاً، يجب على السودان أن ينتقل سريعاً نحو مستقبل ديمقراطي، من خلال إجراء انتخابات حقيقية حرة ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، وبناء حكومة ديمقراطية تمثل إرادة الشعب السوداني.

ثانياً، يجب كذلك أن يكون للسودان جيش موحد، تكون مهمته الأساسية الدفاع عن البلاد، بعيداً عن التدخل في السياسة والاقتصاد. نحن نرى أن بناء جيش مهني وموحد يشكل شرطاً أساسياً لإرساء دولة حديثة ومستقرة.

ثالثاً، يجب أن يكون هناك تمثيل متساوٍ لجميع السودانيين في هياكل الدولة والجيش والمؤسسات، دون أي تمييز.

السودان ملك لجميع السودانيين، فلا يوجد مواطن درجة أولى وآخر درجة ثانية. إن تصرف البعض وكأنهم يملكون السودان، لا يحقق السلام والاستقرار في بلادنا، التي يجب أن نعيش فيها بعدالة ودون أي تمييز.
إننا ندخل هذه المفاوضات بحسن نية وعزيمة لإنجاحها. لأننا ندرك أن خسارة أي سوداني هي مأساة يجب أن نتحمل مسؤولية منع وقوعها، وإذا فشلنا في هذا المسعى، فسيحكم علينا التاريخ والشعب السوداني. ولذلك، فإنني أؤكد التزامي بالسلام والمفاوضات بهدف رسم مستقبل مشرق لبلادنا الحبيبة.
كما أكدت في العديد من المناسبات، فإن هدفنا الوحيد هو إقامة دولة سودانية ديمقراطية مستقرة تنعم بالسلام. ونحن على استعداد لتقديم أي تضحيات من أجل رؤية السودان الذي ينعم بالديمقراطية والسلام. إن همنا لا يتعلق بمسألة تقاسم السلطة؛ وإنما نسعى لإقامة سودان ديمقراطي تُجرى فيه الانتخابات بطريقة نزيهة وعادلة.
تهدف هذه المفاوضات إلى تحقيق هدف عظيم، ولا ينبغي أن تقتصر على محادثات بين شخصين محددين، يجب أن تشمل جميع السودانيين لتحقيق مطالبهم المشروعة في الحرية والسلام والعدالة. نتوقع من الطرف الآخر تقديم نفس المستوى من الالتزام. نحن لا نتفاوض من أجل مصالح شخصية، بل نتناقش حول مستقبل السودان. نعتقد أن أي شخص يحاول عرقلة هذه المفاوضات، أو يمنع عقد الاجتماعات لأي سبب كان، أو يغادر طاولة المفاوضات دون سبب مقنع، يقوم بخيانة الشعب السوداني. نحن ملتزمون بتحمل جميع المسؤوليات وتقديم التضحيات الضرورية.
لا يجب أن تُعتبر المحادثات مقتصرة فقط على الطرفين وتعكس جدول أعمالهما بشكل حصري. نتوقع مشاركة وإسهاماً من المؤسسات الوطنية المؤيدة للديمقراطية - سواء كانت منظمات المجتمع المدني، أو الجماعات الدينية، أو المنظمات الشبابية، أو الجمعيات المهنية، أو عامة الشعب السوداني. نحن ملتزمون بإحضار تطلعاتهم ومطالبهم ومخاوفهم إلى طاولة المفاوضات. فنحن ملتزمون بأن تكون تطلعاتهم ومطالبهم ومخاوفهم حاضرة في طاولة المفاوضات.
لقد ظلت بلادنا الحبيبة مسرحاً لصراع دامٍ، لم نقم باختياره ولم نكن نرغب فيه، بل فُرض علينا من قبل قيادة القوات المسلحة السودانية وحلفائها من قادة النظام البائد. هذا الصراع أسفر عن فقدان أرواح إخواننا وأخواتنا السودانيين الأعزاء، وتسبب في إراقة الدماء، ما يتنافى مع رؤية قوات الدعم السريع الملتزمة بمستقبل مستقر للسودان. بمشاركتنا في الاجتماع المقبل للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية وفي أي مفاوضات مقبلة، هدفنا هو طي هذا الفصل الأليم والعهد المظلم من تاريخ بلادنا، وإنهاء إراقة الدماء في السودان وتخفيف معاناة الشعب السوداني.
نتيجة لهذا الصراع، تداول البعض على مستويات إقليمية ودولية، وللأسف حتى على المستوى الوطني، أفكار حول تقسيم البلاد على أساس إقليمي كوسيلة للخروج من هذا الصراع. نحن نرفض هذه الفكرة تماماً. إننا نعارض بشكل قاطع أي محادثات أو مقترحات تشكك في وحدة السودان أرضاً وشعباً. بل سنعمل من خلال هذه المفاوضات لدحض مثل هذه الأفكار والدعوات.
نؤمن بأن الطريق إلى مستقبل مشرق لبلادنا الحبيبة يمر عبر الانتقال السياسي. هذا الانتقال يجب أن يكون ديمقراطياً، وواقعياً، ومستداماً بشكل واضح. نحن لا نرغب في تكرار أخطاء الماضي، وندرك أن هذا هو طموح شعبنا، وهو أيضاً طموحنا. نؤمن أنه يتعين علينا كقادة للسودان أن نحقق تطلعاتهم.
منذ 15 أبريل، وصفت بلادنا بأوصاف مؤسفة ولا تستحقها، لقد تم تصويرها على أنها منطقة أزمة وصراع، حتى تم وصفها بأنها منطقة حرب، واستخدمت لغة الكوارث الإنسانية بشكل واسع للإشارة إلى بلادنا. يجب أن نعمل على تغيير هذه الصورة السلبية عن بلدنا الحبيب، كما نطمح إلى جعلها مثالاً للسلام والازدهار والتنمية.
وفقًا لهذه الرؤية، نحن على قناعة بأن السودان سيكون مصدراً للسلام والتطور والازدهار، ونموذجاً للاستقرار والتنمية في منطقتنا، ومساهماً في تحقيق الأمن على مستوى العالم. نحن، كجهات فاعلة ومسؤولة، ملتزمون تماماً بعمليات المفاوضات وتعزيز السلام، سأشارك في اجتماع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، واضعين في الاعتبار هذه المبادئ والأهداف. سننجح في تحقيق السلام، والازدهار، وتعزيز الديمقراطية، والأمن.

قائد قوات الدعم السريع

الفريق أول/ محمد حمدان دقلو

16 يناير 2024

https://twitter.com/GeneralDagllo/status/1747304102931857714  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الشعب السودانی هذه المفاوضات یجب أن

إقرأ أيضاً:

ما بعد الأحزاب.. مستقبل السياسة في السودان

لهفي على السودان من دخلائه

لهفي على السودان من أحزابه

ليست الحرب وتداعياتها فقط ما يجب أن يخشاه السودانيون على مستقبلهم، فما الحرب إلا نتيجة لداء أعظم وأفدح، وما تداعياتها إلا عنوان فرعي لمحتوى مأساوي ومخيف. ما يجب أن يخيف السودانيين هو تفكك عُرى المؤسسات المعنية بالمحافظة على تماسك الوحدة الوطنية من ناحية، وعلى التخطيط المحكم للمستقبل من ناحية أخرى.

فقد تهاوت المنظومات السياسية والمؤسسات الاجتماعية التي بدأت في التشكل منذ فترة الحكم الثنائي الإنجليزي المصري (1898-1956)، تحت متوالية الفشل المستمر لكل أنظمة الحكم الوطني التي تعاقبت على السودان منذ فجر استقلاله الباكر، وإلى تاريخ الحرب الحالية التي تحكي مآسيها قمة فشل النخبة السياسية السودانية بجميع تياراتها المتصارعة (على اللاشيء).

وبالنظر المتعمق للراهن الوطني اليوم، تبرز الحقيقة المؤلمة أن السياسة في هذا البلد المنكوب قد وصلت إلى مرحلة الإفلاس الفكري التام، وتحطمت كل التجارب الفكرية يسارية ويمينية، قومية وإسلامية، طائفية وعسكرية دون أن تحقق المطلوب الوطني المتلخص في بناء نهضة شاملة تصون كرامة المواطن السوداني وتحقق طموحاته وأحلامه.

وما من خطر يهدد مستقبل الشعوب وراهنها إلا الوصول إلى مرحلة فقدان البوصلة نحو الأمام، وفراغ كنانتها من أي فكرة صالحة للتطبيق. وهل يجادل مجادل اليوم، وعلى وقع ما نعيشه، أننا استنفدنا طاقة التجريب لكل الأفكار ووصلنا إلى هذه النتيجة؟ نتيجة الانهيار الفكري الشامل والذي علامته غياب المشروع الفكري للدولة، وازدراء العقل وكل ما ينتج عنه من مواقف، وسيادة ثقافة التفاهة وتعظيم رموزها، وتناسل الكيانات الهلامية، والاستكانة للواقع المرير أو ما يمكن تسميته بالعجز المطلق.

إعلان

ولم يكن أمر الوصول لنقطة الفشل هذه غائبًا عن كل وطني مخلص، أو مثقف مستبصر، أو مواطن سليم الفطرة والنظر. ذلك أن جرثومة الفشل وُلدت باكرًا مع ميلاد الحركة الوطنية السودانية.

يقول غسان علي عثمان في كتابه عنف النخبة: "يصح لنا القول في هذه النقطة إن النخبة الأولى وعلى رأسها إسماعيل الأزهري هي من وضعت اللبنة الخبيثة في جسد الدولة السودانية عبر انتخاب أضعف الأهداف والتركيز على الهروب من الأسئلة المركزية".

ومع تمام الاتفاق مع غسان، نضيف أن هذه اللبنة الخبيثة سبقت تكوين مؤتمر الخريجين، إذ بذرت بذرتها مع ميلاد مجتمع المثقفين بعيد تأسيس كلية غوردون التذكارية التي بدأت في رفد الواقع السوداني بشريحة جديدة هي طبقة الأفندية، أو البروليتاريا الفكرية بحسب سبنسر تريمنغهام، الذي يصفهم بأنهم: "الذين تلقوا التعليم العصري ويرتدون الملابس الغربية، ويعانون التمزق الثقافي والحياة الدينية. كلهم تلقوا تعليمهم في السودان، إن أسلوب ومحتوى التدريب فيما عدا الدين هو الأسلوب والتدريب الغربي، وتأثيره تأثير ممزق، فضلًا عن كونه تأثيرًا موحدًا. لقد عرض عقولهم لدمار هائل وترك أرواحهم جائعة. لقد تعلموا كيفية أداء العمل الكتابي والفني ولكن ليس كيف يعيشون".

إذن، لقد كان لضعف التكوين الروحي والفكري للطبقة الجديدة دور كبير في طريقة تعاطيهم مع المعضلات الوطنية لاحقًا، وهو الذي انتهى بهم إلى الارتماء في أحضان الطائفية التي حاربوها ابتداءً، أو إلى التصالح مع فكرة الانقلابات العسكرية ورعايتها أو المشاركة فيها. وذلك بعد أن انهزمت دعوتهم لبناء كينونة مستقلة تجترح مسارًا وطنيًا بعيدًا عن الطائفية السياسية ورموزها التقليدية، من بعد ما "اكتشف المثقف السوداني أنه يعيش مرحلة تشكل وطني غير ناضج"، بحسب أبو القاسم حاج حمد، أو ضعيف الحيلة كما يعرفه غسان علي عثمان: "كثير الخطابة، عظيم الطلب، قليل الحيلة".

إعلان

ومن رحم ذلك الفقر في الرؤية، وانعدام الاستشراف المستنير للمستقبل، وُلدت الأحزاب السياسية بمخاض استبق تاريخ الاستقلال بسنوات قلائل. ومع بدايات فترات الحكم الوطني، استبان أن النخبة الوطنية التي وُلدت من رحم المؤسسات الاستعمارية لا تمتلك الحس التاريخي الكافي للتعامل مع وطن بحجم السودان، متعدد الأعراق والثقافات، متباين الديانات والأفكار.

بدأ الفشل حين عجزت هذه النخبة عن بناء مؤسسات وطنية مستقلة ومحايدة تكون ترياقًا للفساد والتسييس المُضر. عوضًا عن ذلك، تمسكت النخبة بما ورثته دون أي تطوير يضفي عليه روح الاستقلال الوطني، أو كما يقول وائل حلاق وهو يصف حال النخبة في البلاد العربية: "حافظت على هياكل القوة التي ورثتها من التجربة الاستعمارية التي حاربتها أثناء الحقبة الاستعمارية بعدما نالت بلادها ما يُطلق عليه اسم الاستقلال".

تجربة الحكم الوطني

تراوحت تجربة الحكم الوطني بين ثلاث حكومات ديمقراطية وثلاث حكومات عسكرية. كانت تجارب الحكم الديمقراطي من نصيب الأحزاب التقليدية: (حزب الأمة وطائفة الأنصار، والحزب الديمقراطي وطائفة الختمية).

كان العامل المشترك لحكم الأحزاب هو الانغماس في الخلافات الصغيرة، واتباع التكتيكات والمناورات (والانقسام على أسس شخصية وأيديولوجية)، كما لخّص روبرت كولينز صراعات الحزب الشيوعي. انسحب هذا الأمر على عدم قدرة هذه الأحزاب على المحافظة على الديمقراطية أولًا، وعلى عدم تقديم أي مشروع إستراتيجي للتنمية ثانيًا.

تحت هذا الفشل المتواصل من ناحية، وفي ظل التضييق الذي تعرضت له جراء الانقلابات العسكرية من ناحية أخرى، تحولت الأحزاب الطائفية إلى ما يشبه (الملكية الأسرية)، حيث ضاقت قياداتها التاريخية بالآراء الحرة وبالدعوات من أجل التجديد والانفتاح.

ومن المعلوم أن كبت الحريات داخل الأحزاب لا بد أن يؤدي إلى الانفجار والانقسام، وهو ما حدث بالفعل. حيث انتهى حزب الأمة إلى أكثر من خمسة أحزاب تحمل نفس الاسم وتتكئ على ذات الشريحة الاجتماعية التي ناصرت الحزب أول أمره بعد الاستقلال.

إعلان

أما صنوه، الحزب الاتحادي الديمقراطي، فلا يقل انقسامًا وتشظيًا عن خصمه التاريخي. هذا الواقع المتشظي انتهى بهذه الأحزاب إلى ما يشبه الشلل التام، والعجز عن إطلاق أي مبادرة ذات قيمة وطنية.

أما الحزب الشيوعي السوداني، الذي كان ذات يوم أقوى الأحزاب الشيوعية في أفريقيا، فيبدو أنه قد استقال من الأدوار الوطنية البناءة متأثرًا بتداعيات انقلاب هاشم العطا بداية السبعينيات (والمقتلة التي قام بها النميري ضد قياداته). حيث أصبحت مواقفه دائمًا مبنية على الرفض المطلق لكل الحلول، بينما يقوم بالتعاون مع الحركات المسلحة ذات الصبغة اليسارية مكتفيًا في ذلك بدور المؤازرة والاحتجاج.

أما عن إنتاجه الفكري، فإنه في ظل تمسكه العنيد بسلفيته اليسارية العتيدة غادرته جموع مثقفيه الحائرين بين الليبرالية الجديدة والحنين إلى الاشتراكية المستحيلة. أما الحزب، فقد استبدل الأفكار بالأشعار، وأراح نفسه من الديالكتيك غير المنتج بأطروحة التغيير الجذري الغامضة والمبهمة.

لم يتبقَ من قوة مؤثرة في المشهد إلا (الإسلاميون)، الذين يتفوقون على كل هذه القوى السياسية بالحضور الجماهيري في القطاعين التقليدي والحديث. على أن رؤيتهم الكلية ومشروعهم الفكري لمستقبل البلاد بحاجة لمراجعات عميقة وإصلاحات جذرية، خاصة بعد خروجهم من تجربة الحكم الممتدة ثلاثين عامًا، وتعرض المشروعية الأخلاقية لأطروحة الحكم الإسلامي المستندة إلى فكر الصحوة الإسلامية لتحديات كبيرة، من حيث تصالحها مع المتغيرات الفكرية العالمية، وقدرتها على مخاطبة المخاوف المحلية والدولية، والتعايش مع واقع تتباين حقائقه مع جوهر النظرية التي تقوم عليها دعائم فكر الحركة الإسلامية الحديثة.

أما الشواغل الخاصة بالإسلاميين، فتتمثل في قدرتهم على تجاوز ما أفرزته تجربة سقوط الحكم على وحدتهم والمحافظة على فاعلية التيار الإسلامي، توظيفًا لقدراته البشرية فيما ينفع الوطن ويتجنب تجارب الأحزاب السودانية النزّاعة للانقسام (على أسس شخصية وذاتية).

إعلان

وعلى الرغم من وجودهم المؤثر في مشهد معركة الكرامة، فإن (حجم التشويه الذي تعرض له التيار الإسلامي وعظم الضغوط الإقليمية) قيّدت طلاقته الوطنية الجهيرة وكبّلت قدرته على إطلاق مبادرات وطنية توازي حجم تأثيره المجتمعي.

يزيد هذا المشهد الحزبي المتداعي خطورة ظهور عامل جديد في السياسة السودانية، وهو (عسكرة العمل السياسي)، حيث صعدت إلى الواجهة حركات مسلحة تمارس السياسة، لا هي أحزاب بالمفهوم التقليدي للحزب ولا هي جيش نظامي يحتكر العنف لصالح الدولة كما ينادي ماكس فيبر. وبالتأكيد، لا يُنتظر منها رؤية لمشروع وطني للنهضة والازدهار.

يبقى أن نقول إن الأحزاب السياسية استنفدت طاقتها خلال المسيرة الطويلة، والمشهد بحاجة ماسّة لتأسيس جديد تقوم دعائمه على توافق وطني واسع وعريض يتفق على أن المسيرة السابقة قد أوصلتنا إلى (حافة الإفلاس). نحن بحاجة إلى تواضع جماعي نقر فيه بأخطائنا المشتركة، وإلى تصالح مع الذات يمنحنا القدرة على مراجعة مسلماتنا الفكرية التي ظننا أنها فوق النقد والمراجعة.

إن التطور الفكري في المجال السياسي أثبت أن الأيديولوجيات الصماء المنغلقة على نفسها قد تهاوت وتجاوزها الزمن، وأنه لا مناص من إعادة بناء المشهد السياسي على أسس علمية راسخة، وتشييد مؤسسات وطنية قوية مستقلة ومحايدة تتولى أمر التخطيط لمستقبل الدولة وصيانة وحدتها وقوتها.

أما الأحزاب السياسية، فإنها بحاجة إلى دراسة الظاهرة الشعبوية التي اجتاحت العالم وتجاوزت الدور القديم للأحزاب. وإن لم تفعل عاجلًا، فإنها لن تحافظ على الماضي ولن تبلغ المستقبل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • التفاوض أم التصعيد: أي مصير ينتظر السودان في 2025؟
  • حمدان بن محمد: نبارك لكل المحتفلين في الإمارات والعالم بمناسبة عيد الميلاد المجيد
  • حمدان بن محمد: نبارك لكل المحتفلين في الإمارات والعالم بعيد الميلاد المجيد
  • حمدان بن محمد يهنئ المحتفلين في الإمارات وحول العالم بمناسبة عيد الميلاد المجيد
  • إيران: مستقبل سوريا مليء بالغموض عقب سقوط بشار
  • وزير الزراعة ونظيره الأردني يتفقدان مشروعات جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة
  • ما بعد الأحزاب.. مستقبل السياسة في السودان
  • المنظمة العربية للتنمية الزراعية تقدم أجهزة متطورة لدعم إدارة الحجر الزراعي في السودان
  • تعزيز التعاون العربي في الزراعة والتنمية المستدامة: لقاء رفيع المستوى بين مصر والأردن والعربية للتنمية الزراعية
  • جامعة حلوان تنظم الملتقى الكشفي الرابع والأربعين