قس زيّف معجزات شفاء المرضى لعقود.. تحقيق يكشف الخدع التي استخدمها
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
كشف تحقيق استقصائي أجرته "بي بي سي" البريطانية، عن زيف "معجزات" الواعظ التلفزيوني النيجيري القس الراحل تي بي جوشوا، التي جذبت ملايين الأشخاص إلى كنيسته.
ولفت التحقيق الذي جرى بمشاركة أكثر من 25 من المطلعين على شؤون الكنائس من المملكة المتحدة ونيجيريا وغانا والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا وألمانيا، إلى ست طرق كان القس يخده من خلالها رواد الكنائس البحاثين عن "معجزاته"
وكان جوشو، وهو واعظ متهم بارتكاب انتهاكات وتعذيب على نطاق واسع على مدار ما يقرب من 20 عاما، أسس "كنيس كل الأمم" في لاغوس في نيجيريا منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وكان الصعود الصاروخي لشهرته مرتبطا بشدة بقوى إلهية وقدرات مفترضة على شفاء المرضى ادعى أنه يمتلكها، وذلك عبر تصوير عمليات العلاج الزائفة، التي تظهر معاقين يمشون وأحيانا تمادت لتظهره وكأنه يحيي أحد الموتى، إلى جانب شهادات الذين يزعم أنه عالجهم، وأُرسلت بعد ذلك على أشرطة (في أج أس) إلى الكنائس في جميع أنحاء العالم، وفقا للشبكة البريطانية.
ومع حظر هيئة البث النيجيرية المحطات من البث المباشر لمعجزات القساوسة المزعومة عبر شاشات التلفزيون الأرضي عام 2004، أطلق جوشوا الذي توفي عام 2021 عن عمر يناهز 57 عاما، قناة "إيمانويل تي في" عبر القمر الصناعي ثم عبر الإنترنت.
وأصبحت إمبراطوريته التلفزيونية العالمية وحساباته عبر وسائل التواصل الاجتماعي على مستوى العالم واحدة من أنجح الشبكات المسيحية في العالم. وبُثت معجزاته المزعومة إلى الملايين في جميع أنحاء أوروبا والأمريكيتين وجنوب شرق آسيا وأفريقيا، كما حصدت قناته على اليوتيوب مئات الملايين من المشاهدات.
وتاليا الخدع الست التي كشف عنها التحقيق الاستقصائي:
قسم الطوارئ
لفت التحقيق إلى وجود قسم خاص بكنيسة جوشوا يُسمى "قسم الطوارئ"، يضطلع بمسؤولية جعل ما يدعى بالمعجزات تبدو حقيقية.
وأوضح أن هذا القسم، كان هو المكان الذي يتم فيه فحص المرضى الذين يأتون طلبا للعلاج، وهناك أيضا يقرر فريق العمل من الذي يُصور ومن يصلي جوشوا من أجله.
ونقلت التحقيق عن أغوموه بول، الذي أشرف على ذلك القسم لعشر سنوات وكان يتلقى تعليمات مباشرة من جوشوا، قوله إن الفريق "تم تدريبه على يد أطباء".
وكان بول تابعا مخلصا سابقا لجوشوا وأحد أفراد صفوة التابعين المخلصين الذين عاشوا مع القس داخل مجمع "كنيس كل الأمم".
وقال التابع المخلص في تصريحاته لـ"بي بي سي": "كانوا يستبعدون كل حالات السرطان. ثم يحضرون أشخاصاً يعانون من جروح مفتوحة طبيعية يمكن أن تلتئم، ويدعون أنها سرطان".
وسُمح لمجموعة مختارة من التابعين الموثوقين فقط بالعمل في قسم الطوارئ. كانوا يكتبون لافتات يحملها أتباع الكنيسة توضح بالتفصيل الأمراض المزعومة أو المبالغ فيها. وعندما يحين وقت مقابلة جوشوا، كانوا يقفون في الطابور أمام الكاميرات ويتم "شفاؤهم".
وقال بول: "لقد كان نظاماً معقداً. ولم يكن جميع التابعين يعرفون ما كان يحدث. لقد كان سرا"
الأدوية
وفقا للتحقيق، فقد كان على كل زائر أجنبي يأتي إلى الكنيسة للعلاج أن يملأ استمارة تتضمن تقريرا طبياً بتفاصيل مرضه والأدوية الموصوفة له حاليا. كما كان يُطلب منهم التوقف عن تناول الأدوية، لكن جوشوا كان يأمر الصيادلة بشراء نفس الأدوية.
وأوضح بول، أن تلك الأدوية كانت "توضع للمرضى في عصائر الفاكهة بدون علمهم"، مؤكدا أنهم دائما ما كانوا يُشجعون على تناول العصائر التي باركها جوشوا.
وهذا يعني أنه أثناء إقامة الزوار في كنيسة "كنيس كل الأمم" لا يشعرون بأي توعك صحي أثناء الزيارة وبالتالي يؤمنون بقدرات الشفاء الإلهية التي يتمتع بها القس، وفقا للتحقيق.
ولفتت الشبكة البريطانية، إلى أنه في التسعينيات من القرن العشرين، عندما بلغ انتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة "أيدز" إلى حد الوباء في أجزاء من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، طلب جوشوا من زوار الكنيسة التوقف عن تناول الأدوية المضادة للفيروسات عند عودتهم إلى ديارهم.
وذكرت أن تابع سابق لجوشوا، طلب عدم ذكر اسمه، اعترف قائلا: "أعرف أن الكثيرين ماتوا بسبب التوقف عن تناول أدويتهم، ومن الصعب التعايش مع ذلك".
وطُلب من تاش فورد، 49 سنة، التوقف عن تناول الأدوية عندما ذهبت إلى لاغوس من جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا عام 2001 على أمل شفاء كليتها المتدهورة على يد القس النيجيري.
وقالت تاش لـ "بي بي سي": "تلقيت وعدا بالحصول على كلية جديدة بطريقة خارقة للطبيعة".
في ذلك الوقت، كانت المريضة قد أجرت بالفعل عمليتي زرع كلى. وأكدت فورد أن التابعين قالوا لها: "توقفي عن تناول أدويتك وآمني فقط".
وبالفعل صدقت المريضة أنها شفيت. لكن عندما عادت إلى المنزل، وبعد أربعة أسابيع من عدم تناول دوائها، أصيبت بالفشل الكلوي وتم إدخالها إلى المستشفى.
وتمكن الأطباء في البداية من إنقاذ كليتها، لكنها توقفت عن العمل بعد ذلك واضطرت إلى إجراء غسيل كلى لأكثر من ست سنوات قبل إجراء عملية زرع ثالثة عام 2011.
غسيل دماغ
نقل التحقيق عن فورد، قولها إنها عندما كانت في "كنيس كل الأمم" لم يكن لديها أدنى شك: "بكل صراحة، صدقت أننا نشاهد معجزات. لم أستطع حرفيا أن أصدق ما كنت أراه، إذ رأيت شخصا يمشي بعد أن نهض من كرسي متحرك مباشرة".
كما قالت تابعة سابقة لجوشوا، إنه بعد فحصهم، يُطلب من التابعين المختارين "المبالغة في إظهار مشاكلهم الصحية حتى يشفيهم الرب ويهبهم شفاء مفرطا"، وفقا لـ"بي بي سي".
وأضافت: "كان من الواضح أن الناس أنفسهم يتعرضون للتلاعب".
وذكر التحقيق أنه كان لدى الكنيسة مخزون جاهز من الكراسي المتحركة تم إقناع أتباعها باستخدامها. كما كانوا يتلقون تحذيرات من أنهم لن يُشفوا إلا إذا جلسوا على واحد منها عند لقاء جوشوا.
وقال بول: كنا نقول لهم: "إذا خرجتم إلى هناك سيرًا على الأقدام، فلن يصلي الأب من أجلكم. يجب أن تصرخوا: يا رجل الله، ساعدني، لا أستطيع المشي".
ورافقت تابعة مخلصة أخرى، تُدعى بيسولا التي قضت 14 سنة في خدمة كنيسة "كنيس كل الأمم"، جوشوا في حملته للشفاء الجماعي خارج نيجيريا في كنيسة "مخلِّصُنَا" في سنغافورة في 2006.
وقالت إنها شاهدت أشخاصاً على الكراسي المتحركة يحاولون الوقوف بعد أن قال القس للمصلين "إنه أطلق الإيمان إلى الملعب".
كما تعرض العاملون في قسم الطوارئ أنفسهم للتلاعب ومروا بمحن مروعة، بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجسدي والتعذيب، وعاشوا وفقا لمجموعة صارمة من القواعد، ممنوعين من النوم لأكثر من بضع ساعات في المرة الواحدة.
وهم الآن يجدون صعوبة بالغة من أجل اكتشاف كيف ولماذا استمروا في اتباع أوامر ذلك القس، وفقا للتحقيق.
وأضاف بول: قال لي تي بي جوشوا: "لا تقلق، نحن نستخدم هذا الشيء لبناء إيمان الناس بالمسيح. ولم يكن في ذهني أنني كنت أرتكب أي أخطاء. اعتقدت أنني كنت أقوم بأشياء من شأنها أن تساعد في بناء إيمان الناس في الكنيسة".
وبالنسبة لتجربة فورد، فقد أشار التحقيق إلى أن ذلك كان يعني أنها فقدت كل الثقة في المؤسسات الدينية، إذ قالت: "أتمنى لو كنا نعرف أن كل ذلك كان مسرحية هزلية، ولم يكن حقيقيا. لقد تلاعبوا بي حتى أصدق أن ما كان يفعله (النبي) كان خارقا للطبيعة، ومعجزات، وعجائب، وآيات".
رشاوى
أشار التحقيق إلى أن بعض تابعي جوشوا، زعموا بأنهم كانوا يبحثون عن الفقراء الذين يحتاجون إلى المال ويقنعونهم بالتظاهر بالمرض مقابل المال. وذكروا أيضا أنهم أثناء حملات العلاج خارج نيجيريا، كانوا يذهبون إلى المناطق الفقيرة في المدن التي يستهدفونها بحثا عن هؤلاء الذين يعانون من الفقر.
وقالت تابعة سابقة لـ "بي بي سي": "كنا نقول: نريد منك أن تمثل هذا المشهد تحديدا وسندفع لك مقابل ذلك". وأضافت: "نستقبلهم في الفنادق وننظفهم. فيأتون معنا ويفعلون ما يفعلون ثم نعطيهم أموالهم ويتحول الأمر كله إلى تاريخ".
وأشارت إلى أنهم كانوا يخبرون جوشوا بالصفوف التي زرعوا فيها هؤلاء الأشخاص، وماذا يرتدون قبل بدء القداس حتى يتسنى له معرفة الأشخاص الذين يحقق فيهم معجزاته المزعومة، مؤكدة أن هؤلاء الناس كانوا يُحضرون إلى تلك التجمعات فقط للتظاهر بأن شفاءهم تحقق.
شهادات طبية مزيفة
تضمنت "معجزات الشفاء" التي بثت للملايين بانتظام تقارير طبية تفيد بشفاء الأشخاص من الإيدز وأمراض مثل السرطان. كما أُجريت مقابلات مع أطباء أمام الكاميرا ليؤكدوا الشفاء من هذه الأمراض.
وفي عام 2000، ذكر الصحفي النيجيري أديجوون سوينكا أن هذه الشهادات الطبية كانت مزورة، لكن جوشوا ألغى تحقيقه ولم يصل إلى أي مكان.
ولفت التحقيق إلى أنه وحتى يوم الناس هذا، يعتقد البعض أنهم شُفوا، لكن المطلعين على الأمر يرون أن الأمر كله كان مجرد تمثيل من جانب الواعظ الراحل.
فيديوهات التضليل
ذكر التقرير أن "المعجزات" صورت وعولجت ليبدو الأمر كما لو أن الشفاء المزعوم قد تحقق بالفعل، ثم دمجت اللقطات قبل وبعد العلاج المزعوم معًا لإظهار القوى الإعجازية المزعومة للقس، لكن الحقيقة هي أن هناك مدة زمنية فاصلة بين تلك اللقطات تقدر بما يتراوح من شهر إلى سنة.
وقالت بيسولا، التي تولت الإشراف على وحدة معالجة الفيديوهات في "كنيس كل الأمم" لخمس سنوات وعملت أيضا في قناة "إيمانويل تي في": "كل ما تراه على شاشة التلفزيون هو ما قبل وما بعد الشفاء دون أن تعرف المدة الزمنية الفاصلة بينهما"، وفقا للشبكة البريطانية.
ومثل غيرها من المطلعين على حقيقة الأمر الذين أجرت "بي بي سي" مقابلات معهم، وقد اختارت استخدام اسمها الأول فقط.
وأضافت بيسولا عن المقاطع والبرامج الإذاعية التي أشرفت عليها: "ما يراه الناس... ليس حقيقيا. إنه احتيال". واستمرت: "أنا أتحدث الآن كشخص كان داخل هذه العملية".
وأشارت إلى أن "أي شيء لم يرغبوا في أن يراه المشاهدون كان يُقطع"، مؤكدة أن كل شيء كان "منظماً".
وذكرت "بي بي سي" أنها تواصلت مع كنيسة "كنيس كل الأمم" بشأن المزاعم الواردة في التحقيق الصحفي الاستقصائي، لكنها لم تتلق ردا. وكانت الكنيسة قد نفت في وقت سابق مزاعم ترددت ضد جوشوا.
وقالت الكنيسة: "ليس جديدا أن تتردد المزاعم التي ليس لها أساس من الصحة حول (النبي) جوشوا، كما لم تثبت صحة أي من هذه الادعاءات على الإطلاق".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية نيجيريا نيجيريا قس سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التوقف عن تناول قسم الطوارئ بی بی سی کانوا ی ما کان إلى أن لم یکن
إقرأ أيضاً:
الاعتماد والرقابة الصحية تحتفل باليوم العالمي للأشعة
استقبلت مستشفيات شفاء الأورمان لعلاج الأورام بالمجان؛ زيارة ميدانية من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية بالأقصر على خلفية الاحتفال باليوم العالمي لعلم الأشعة، من أجل التعريف بأهمية دور الاشعة ،وكذلك تسليط الضوء على الدور الحاسم الذي يلعبه أخصائي الأشعة في تعزيز أنظمة الرعاية الصحية وسلامة المرضى.
واليوم العالمى للأشعة ؛ هو حدث سنوي يوافق الثامن من شهر نوفمبر من كل عام، ويقام بهدف بناء وعي أكبر بالقيمة التي يساهم بها علم الأشعة في توفير رعاية آمنة للمرضى، وتحسين فهم الدور الحيوي الذي يلعبه اختصاصي الأشعة و تقنيي الأشعة في سلسلة الرعاية الصحية، وكذلك يهدف للتوعية بدور الأشعة والتصوير الطبي في تحقيق رعاية آمنة للمرضى في مجالات الرعاية الصحية المختلفة .
وتضمنت الزيارة التعريف بخدمات قسم الاشعة التي يقدمها مستشفى شفاء الأورمان للمرضى، والبرنامج المتكامل للسلامة من الإشعاع و ممارسات العمل الآمنة للمرضى والمجتمع طبقا لمعايير السلامة وأدلة العمل العالمية.
واعرب الوفد خلال زيارته للمستشفى عن سعادتهم الكبيرة لما رأيناه من المستوى المتقدم للرعاية الصحية بمستشفى شفاء الأورمان لعلاج الأورام بالمجان وبجودة الخدمات المقدمة داخل المستشفيات التى تقدم خدمات طبية تضاهي المستشفيات العالمية وسعيدون جداً بتلك الفرصة لنرى مثل هذا المستوى من الخدمات الطبية المميزة في علاج الأمراض السرطانية".
وأكد وفد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية بالأقصر على أن هذا الحدث يهدف إلى إلقاء الضوء على الإمكانات الطبية والعلمية والفنية داخل مستشفيات شفاء الأورمان، والدور الأساسي لأخصائيي الأشعة ومصوري الأشعة في اكتشاف الأورام مبكرا ؛ وبدء مرحلة العلاج للتخفيف عن المرضى ، بالإضافة إلى اتباع المعايير التعليمية والمهنية العالية المطلوبة من جميع العاملين في عمل الأشعة .
ومن جانبه رحب الأستاذ محمود فؤاد الرئيس التنفيذي لمؤسسة شفاء الأورمان، بوفد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية بالأقصر؛ وقال: تعكس هذه الإشادة من وفد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية على جودة الخدمة الطبية داخل مستشفيات شفاء الأورمان لعلاج الأورام بالمجان ، وما حققته من نجاحات كبيرة نالت الثقة العالمية، في علاج المرضى والوصول إلى نسب عالية من الشفاء للمرضى.