هآرتس: حرب غزة تشعل التوتر بين السود واليهود بأميركا
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
قالت "هآرتس" إن سقوط رئيسة جامعة هارفارد "كلودين غاي" في وقت سابق من هذا الشهر، عقب جلسة استماع في الكونغرس حول معاداة السامية، هو الحادث الأكثر وضوحا في نمط مثير للقلق منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وبداية حرب غزة، الذي أشعل نار التوتر بين المجتمعات السوداء واليهودية في الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية -في تقرير بقلم جودي مالتز- إلى أن غاي لم تلم صراحة المانحين اليهود الأثرياء على رحيلها، ولكنهم لعبوا دورا رئيسيا في سقوطها، ومن المرجح أنهم كانوا في ذهنها عندما كتبت "أولئك الذين قاموا بحملة لا هوادة فيها حتى الإطاحة بي غالبا ما يتاجرون بالأكاذيب والشتائم الشخصية.
وبالفعل كان بيل أكمان، ملياردير صندوق التحوط اليهودي وخريج جامعة هارفارد، يلاحق غاي بلا هوادة منذ عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول الفلسطينية -كما تقول الكاتبة- وقد طالب منذ البداية بالإطاحة بها بسبب ردها الضعيف على هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي. وعندما لم ينجح ذلك، استخدم وسائل التواصل لتضخيم الادعاءات بأنها ما فتئت تستخدم السرقة الأدبية في كتبها.
محزن ومتوقع
وفي مرحلة لاحقة، ادعى أكمان أن لديه معلومات داخلية تفيد بأنه تم تعيينها بسبب عرقها لا مؤهلاتها المهنية، وقال "لقد علمت من شخص لديه معرفة بالموضوع، أن اللجنة لن تنظر في مرشح لا يستوفي معايير مكتب (التنوع والإنصاف والشمول)" في إشارة إلى المبادرة التي أثارت غضب العديد من المحافظين وتعرضت لانتقادات لاستبعادها اليهود.
ومع ذلك، لم يكن أكمان اليهودي الثري الوحيد الذي انقلب على أول رئيسة سوداء لجامعة هارفارد بسبب تعاملها مع أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، بل إن مجموعة كبيرة من الخريجين اليهود أعلنت وقف جميع التبرعات للجامعة، باستثناء مبلغ رمزي قدره دولار واحد سنويا.
وربما فضلت غاي عدم اعتبار ما حدث لها مواجهة بين اليهود والسود، خاصة أن من بين المدافعين الرئيسيين عنها يهودا، ولكن كورنيل ويست الأستاذ اليساري السابق الجامعة -حسب تقرير هآرتس- ليست لديه مشكلة في ذلك، حيث كتب "كم هو محزن ومتوقع في نفس الوقت أن الشخصيات والقوى التي تدعم التطهير العرقي، وهجمات الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة، طردوا أول امرأة سوداء رئيسة لجامعة هارفارد".
ويست: عندما تملي الأموال الكبيرة سياسة الجامعة وتملي القوة الغاشمة السياسة الخارجية، فإن الإفلاس الأخلاقي للتعليم والديمقراطية الأميركية يلوح في الأفق
وأضاف ويست "هذه العنصرية ضد الفلسطينيين والسود على حد سواء أمر حقير لا يمكن إنكاره. لقد واجهت هجمات مماثلة من نفس القوى في الأوساط الأكاديمية. عندما تملي الأموال الكبيرة سياسة الجامعة وتملي القوة الغاشمة السياسة الخارجية، فإن الإفلاس الأخلاقي للتعليم والديمقراطية الأميركية يلوح في الأفق".
ونبهت الكاتبة إلى أن النظر إلى اليهود وكأنهم ينظمون حملة لإقالة أول رئيسة سوداء لإحدى أفضل الجامعات الأميركية، من وظيفتها، لا يبشر بالخير بالنسبة للعلاقات بين السود واليهود، حتى ولو لم تكن رئيسة الجامعة الوحيدة التي تعرضت لضغوط للاستقالة بسبب أدائها في جلسة استماع بالكونغرس تحت عنوان "معاداة السامية في الحرم الجامعي".
على الأميركيين اليهود أن ينتبهوا
ومن المؤسف، كما يقول كورنيل بروكس الأستاذ بجامعة هارفارد والرئيس السابق للجمعية الوطنية لتقدم الملونين، أن ما سيستخلصه العديد من المراقبين من هذه المحنة أنه لكي يكون اليهود آمنين، يجب كبح جماح السود، وقال إن "الطريقة التي عوملت بها غاي، وإطلاق كلمة (زنجية) عليها، ووصف توظيفها بأنه ليس نتيجة كفاءتها، كانت حملة من الترهيب والإذلال".
وفي هذا السياق، وصف جيريمي بيرتون الرئيس التنفيذي لمجلس علاقات المجتمع اليهودي في بوسطن الكبرى، بروكس، بأنه "حليف قوي" للجالية اليهودية و"البوصلة الأخلاقية في كل شيء". وقال "عندما يقوم شخص من عياره، وهو شخصية وطنية محترمة في حركة الحقوق المدنية، بإلقاء اللوم في الإطاحة بغاي على العنصرية، يجب على الأميركيين اليهود أن ينتبهوا".
وتشعر إيمي سبيتالنيك الرئيسة التنفيذية للمجلس اليهودي، للشؤون العامة، بالقلق من أن الإسفين الذي دق بين السود واليهود في أميركا بسبب أحداث جامعة هارفارد يخدم أجندة المتطرفين اليمينيين.
وتقول "هناك أمران يمكن أن يكونا صحيحين في نفس الوقت، أحدهما أن جامعة هارفارد ورئيسها أخطآ في الانتباه لمؤشرات معاداة السامية، والآخر هو أن المتطرفين اليمينيين استخدموا الألم اليهودي والخوف سلاحا لتحقيق أجندتهم الخاصة".
أما بالنسبة ليهودية سوداء مثل إيلانا كوفمان الرئيسة التنفيذية لمبادرة اليهود الملونين، فقد شكل الأمر تحديات غير مسبوقة، "ليست لدي أي فكرة عما يعنيه أن تكون رئيسا لجامعة هارفارد، ولكن عندما شاهدت غاي شعرت بالتعاطف الكامل معها كامرأة سوداء، وفي الوقت نفسه شعرت بخيبة أمل كبيرة من ردودها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: جامعة هارفارد
إقرأ أيضاً:
هآرتس: وقف إطلاق النار الكردي قد يغير ديناميات القوة بسوريا
قالت صحيفة هآرتس إن تركيا حولت سوريا إلى محمية لها بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، وهي تسعى لجعلها مجال نفوذ إستراتيجي، مما يعني إغلاق المجال الجوي السوري في وجه إسرائيل إذا تولت تركيا رقابته بدل الروس.
وأوضحت الصحيفة -في مقال بقلم زفي بارئيل- أن إعلان زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان التاريخي الذي دعا فيه حزبه إلى إلقاء السلاح وحل نفسه، قد يكون بداية لتغيير دراماتيكي في ميزان القوى في سوريا والتأثير على مكانة تركيا الإقليمية، فضلا عن تعزيز انسحاب القوات الأميركية من الأراضي السورية، مما يشكل تحديا للوجود الإسرائيلي في جنوب سوريا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست: أوروبا تتعهد بالدفاع عن أوكرانيا ولكنها تستجدي دعم ترامبlist 2 of 2موقع إسرائيلي: هل يمكن إسقاط طائرة إف-16 ببندقية كلاشينكوف؟end of listومع أن هذه ليست المرة الأولى التي يستجيب فيها أوجلان لمبادرة تركية لفتح المفاوضات والمضي في عملية مصالحة تاريخية بين تركيا والحركة الانفصالية، فإن الدعوة هذه المرة كانت أكثر تطرفا، لأنها تطالب المنظمة بإلقاء أسلحتها والتوقف عن الوجود.
غير أن القرار الذي اتخذته قيادة الجماعة يوم السبت الماضي بتبني إعلان أوجلان جزئيا، ووقف إطلاق النار الفوري، لا يكفي لإظهار الاستعداد لتفكيك إطارها التنظيمي الذي يعمل منذ أكثر من 4 عقود، ولا يدل على نزع السلاح -حسب الصحيفة- ولكنه خطوة أولى ضرورية للدخول في مفاوضات سياسية مليئة بالعقبات ولا يعرف هل ستنجح.
إعلان مصلحة للأكراد وتركياولا شك أن إنهاء الصراع الطويل الذي تسبب في مقتل أكثر من 40 ألف شخص، يصب في مصلحة الأكراد وتركيا برئاسة رجب طيب أردوغان، وقد أدت التطورات الإقليمية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لإظهار الحاجة إلى التوصل لترتيب بين الطرفين مع فرص أكبر للنجاح.
وبالفعل ترى تركيا التي سارعت إلى وضع نفسها كدولة راعية لسوريا بعد سقوط الأسد، أن دورها لا يتوقف عند كونها شريكا رائدا في المشروع الضخم لإعادة بناء سوريا، بل يعتقد الرئيس أردوغان أن جاره الجنوبي جزء لا يتجزأ من نطاق نفوذه الإستراتيجي الإقليمي، بعد انسحاب إيران منه.
غير أن جني المكاسب الدبلوماسية والعسكرية في سوريا -كما ترى الصحيفة- يتطلب من تركيا مساعدة الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في إنشاء دولة موحدة، مع جيش وطني يحل محل العشرات من المليشيات التي لا تزال تعمل في البلد، وخاصة قوات سوريا الديمقراطية في الشمال، والقوات الدرزية في الجنوب، لأنهما تهددان عملية الاندماج السياسي والعسكري.
وفي كلتا المنطقتين -كما تذكر الصحيفة- توجد أيضا قوات أجنبية، تركية في الشمال، وإسرائيلية استولت على عدة مناطق في الجنوب، مما يعني أن تركيا مطالبة بسحب قواتها من سوريا حتى لا تعتبر دولة محتلة، وفي الوقت نفسه عليها إحباط أي احتمال لإقامة دولة كردية مستقلة يمكنها مواصلة كفاحها المسلح ضدها.
ومع أن القوات الكردية أعلنت استعدادها للاندماج في الجيش السوري، فإن الشرع لا يوافق على الطريقة التي تريدها، وبالتالي لن تسحب تركيا قواتها ما لم يتم التوصل إلى حل للقوات الكردية، ومن هنا تكمن الأهمية الكبرى للمصالحة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني.
وضع صعب لإسرائيلوإذا نجحت هذه المصالحة، فإنها سوف تعمل على تفكيك شبكة العلاقات المعقدة بين النظام السوري وأكراد سوريا، ويبقى أن نعرف الآن كيف ستؤثر إذا تم تنفيذها، على القتال بين تركيا والقوات الكردية في سوريا، خاصة أن زعيم تلك القوات مظلوم عبدي صرح بأنه لا صلة بين إعلان أوجلان وقرار حزب العمال الكردستاني وسلوك قواته، وأن قرار حزب العمال الكردستاني لا يلزمه.
إعلانغير أن القوات الكردية في سوريا تعتمد عسكريا وماليا على الدعم الأميركي ووجود 2000 جندي ومدرب أميركي في شمال سوريا، وليس من المستبعد أن يقتنع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي سعى عام 2019 إلى سحب قوات بلاده من سوريا، بأن صديقه أردوغان قادر على الحلول محل الأكراد في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وبالتالي إنهاء تدخل بلاده هناك.
ونتيجة لهذا، سوف يجد الأكراد أنفسهم في مواجهة عسكرية مع تركيا وسوريا دون دعم أميركي، في الوقت الذي تخوض فيه تركيا عملية مصالحة مع حزب العمال الكردستاني، الذي قد ينزع سلاحه في وقت لاحق.
وحسب هذا السيناريو الذي تروج له تركيا، لن يكون لدى الأكراد السوريين أي مجال للمناورة العسكرية أو الدبلوماسية، وسيضطرون إلى قبول إملاءات الشرع التي هي في الواقع إملاءات أردوغان -حسب الصحيفة- والموافقة على الحكم السوري لجميع المناطق الكردية، مما يمكن تركيا من الانسحاب من سوريا.
وعلى هذا الأساس ستواجه إسرائيل وضعا جديدا تكون فيه القوة المحتلة الأجنبية الوحيدة في سوريا، وستضطر إلى مواجهة الضغوط التركية والسورية، ولكن أيضا ضغوط الإدارة الأميركية التي قد تمنح أردوغان بسهولة هدية كونه "مالكا" لسوريا، نيابة عن الولايات المتحدة.