صادفت نهاية الأسبوع الفائت مرور مائة يوم على الحرب الإسرائيلية على غزة. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، تحولت الحدود الجنوبية للبنان إلى منطقة حرب بين حزب الله وإسرائيل منذ 8 تشرين الأول.        وبحسب موقع "Middle East Eye" البريطاني، "لقد شكلت التطورات الأخيرة التي سبقت مرور 100 يوم تصعيدًا كبيرًا في الصراع الطويل الأمد.

وتشمل أبرز الحوادث اغتيالات إسرائيل هذا الشهر لقادة رئيسيين من حماس وحزب الله على الأراضي اللبنانية، بما في ذلك نائب حماس صالح العاروري والقائد الكبير في حزب الله وسام الطويل. وفي خطوة انتقامية، رد حزب الله بهجوم بمسيّرة على القيادة الشمالية لإسرائيل، بعد أيام فقط من استهداف قاعدة جوية إسرائيلية في جبل الجرمق. وتشير هذه الأحداث الحاسمة إلى تحول ملحوظ في ديناميكيات الجبهة الشمالية، مما يسلط الضوء على حرب مكثفة للرسائل الاستراتيجية وسياسة حافة الهاوية".
وتابع الموقع، "شكّل اغتيال العاروري منعطفاً حاسماً. تم تنفيذ عملية الاغتيال خلال ساعة الذروة في الضاحية الجنوبية المكتظة بالسكان في بيروت، والتي تعتبر منطقة أمنية لحزب الله. وعلى الرغم من مخاطر العمل في مثل هذا الموقع المزدحم والحساس، أطلقت إسرائيل ستة صواريخ عالية الدقة باتجاه مبنى كان العاروري يجتمع فيه مع زملائه. وجاء هذا الإجراء الحاسم وسط جهود حرب المدن الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث كافحت لتحقيق أهدافها المتمثلة في استهداف القيادة العليا لحركة حماس. إن عملية بيروت، والتي أعقبها سريعاً مقتل الطويل في جنوب لبنان، قد يُنظَر إليها باعتبارها محاولة من جانب الحكومة الإسرائيلية لاستعراض قدراتها العملياتية ومعالجة أوجه القصور المتصورة في غزة".   وأضاف الموقع، "كانت لهذه الاغتيالات رسائل متعددة. بالنسبة لحزب الله، فقد أظهرت تلك الهجمات براعة إسرائيل العسكرية وقدراتها الاستخباراتية، والتي تجلت في القضاء على أهداف بارزة. وعلى المستوى المجتمعي اللبناني الأوسع، لم تُظهر الغارة في الضاحية الدقة العسكرية الإسرائيلية فحسب، بل أعادت أيضًا ذكريات حرب العام 2006. ومن المرجح أن هذا العمل يهدف إلى زرع شعور بالخوف بين المدنيين، الذين يشكلون قاعدة دعم حاسمة لحركات المقاومة. ويحمل موقع وطبيعة اغتيال العاروري أيضًا آثارًا مهمة على السياسة الداخلية اللبنانية، مما يعيد إشعال جدل مثير للجدل حول وجود عناصر عسكرية فلسطينية على الأراضي اللبنانية، والتعقيدات الناشئة عن حمايتهم ودعمهم من قبل الفصائل اللبنانية. ومع ذلك، فمن الجدير بالذكر أن تركيز إسرائيل الأخير على ضرب أهداف عسكرية على الأراضي اللبنانية، مع تقليل الخسائر في صفوف المدنيين على نطاق أوسع، يتجنب حدوث تصعيد واسع النطاق، كما ويشير هذا إلى نهج مدروس في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية".
نهج مدروس
وبحسب الموقع، "بالنسبة لحزب الله، في حين أن إلحاق الخسائر بالجيش الإسرائيلي يمكن اعتباره مكسبًا تكتيكيًا، فإن تصرفات الجماعة الأخيرة تشير إلى هدف أساسي مختلف. ومن الجدير بالذكر أنه من خلال ضرب القيادة الشمالية لإسرائيل على بعد حوالي 10 كيلومترات من الحدود، والتي يُنظر إليها على أنها واحدة من أعمق اختراقات حزب الله في شمال إسرائيل، أشارت المجموعة إلى تحول في التركيز. كما أن الضربة على قاعدة ميرون الجوية الإسرائيلية لها أهمية كبيرة في هذا الصدد. وتتمتع القاعدة، المعروفة باسم "عين إسرائيل"، بنطاق مراقبة واسع يغطي أجزاء من لبنان وسوريا وفلسطين والأردن، وتُعرف بأنها واحدة من أهم القواعد العسكرية في الشرق الأوسط".   وتابع الموقع، "منذ بداية الحرب، تعكس هذه الخيارات الاستراتيجية لحزب الله نهجاً محسوباً. بدلاً من أن تهدف في المقام الأول إلى التسبب في وقوع إصابات، يبدو أن الهدف منها هو إظهار قدرة الجماعة على استهداف المنشآت العسكرية الإسرائيلية المحصنة جيداً وذات الأهمية الاستراتيجية. وهذا يبعث برسالة تتحدى الأمن المتصور لهذه المواقع وتعرض مدى نفوذ حزب الله وتطوره العسكري. ويعكس نمط الانتقام بعد اغتيال العاروري والطويل ما وصفه المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بـ"الصبر الاستراتيجي". ويشير هذا النهج، الذي أقره حزب الله، إلى تجنب متعمد للردود الفورية غير المحسوبة".   وأضاف الموقع، "أكد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في أكثر من مناسبة، استعداد الحزب لخوض حرب شاملة مع إسرائيل، مؤكدا أن مثل هذا الصراع لن تكون له خطوط حمراء، موضحاً في خطابه الأخير أن الحزب مستعد للحرب منذ 99 يوما. لكن تصرفات حزب الله الحالية تشير إلى التزامه بقدرات الحزب الفعلية، وفهم واضح لموقعه الاستراتيجي. إنهم يوازنون بعناية بين ما يمكنهم تحقيقه بشكل واقعي وأهدافهم الأوسع. هناك حجة مفادها أن العمليات الإسرائيلية المستهدفة على الأراضي اللبنانية تهدف إلى استفزاز حزب الله وإدخاله في صراع أوسع، مما قد يحرج الجماعة أمام مؤيديها. ولكن يبدو أن حزب الله يدرك أن إسرائيل قد تستفيد من جرها إلى حرب واسعة النطاق. ومن خلال التزام حزب الله باستراتيجيته الحالية، يبدو أنه يتجنب عمداً منح إسرائيل الفرصة لمثل هذا التصعيد. ويشير هذا إلى ضبط النفس الاستراتيجي من جانب حزب الله، وفهم التداعيات الجيوسياسية الأكبر المترتبة على المواجهة الموسعة".   التقييم الرصين
وبحسب الموقع، "في غضون ذلك، يمكن النظر إلى الوضع المتصاعد في جنوب لبنان على أنه نابع إلى حد كبير من عدم التوصل إلى تسوية سياسية قابلة للحياة في المنطقة. وفي خطابه الأخير، عرض نصر الله ما يعتبره حلاً محتملاً، مقترحاً أن التوترات الحالية يمكن أن توفر فرصة لتحرير الأراضي اللبنانية المتنازع عليها، مثل مزارع شبعا وقرية الغجر، لكنه أكد على أن مثل هذه المفاوضات لا يمكن أن تبدأ دون وقف كامل للأعمال العدائية في قطاع غزة. ويكتسب هذا التأكيد أهمية إضافية بالنظر إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها كبير مستشاري البيت الأبيض آموس هوكشتاين إلى بيروت، على خلفية التوترات الإقليمية المتصاعدة، ومن الممكن أن تلعب مثل هذه الزيارات دورا محوريا في تشكيل المسار المستقبلي لأي مفاوضات".   وتابع الموقع، "في حين يعلن الجانبان أن الطرف الآخر متردد في التصعيد إلى حرب واسعة النطاق، فإنهما يؤكدان استعدادهما للانخراط في الصراع إذا تم استفزازهما. وترجع جذور هذه المشاعر إلى تقييم واقعي للوضع. فمن ناحية، يدرك حزب الله تمام الإدراك قدرة إسرائيل على إلحاق أضرار جسيمة بالشعب اللبناني والبنية التحتية اللبنانية، وهو ما يشبه الأحداث الأخيرة في غزة، حيث يبدو أن إسرائيل تعمل مع هامش دولي كبير. ومن ناحية أخرى، تبدو إسرائيل، على الرغم من إعلانها استعدادها لحرب شاملة على الجبهة الشمالية، أقل رغبة في هذا التصعيد، ومن المرجح أن ينبع هذا التردد من التزاماتها العسكرية الحالية في غزة والتقييم الرصين لموقعها الاستراتيجي. ويعزز هذا الموقف تقرير أميركي سري صدر مؤخراً، والذي يشير إلى أنه من غير المرجح أن تحقق إسرائيل نصراً حاسماً ضد حزب الله على جبهة ثانية".     وختم الموقع، "في جوهر الأمر، في حين يُظهر كلا الطرفين صورة من الاستعداد والقوة، يبدو أن هناك فهماً متبادلاً للمخاطر الكبيرة والخسائر المحتملة التي ينطوي عليها الصراع الشامل، مما يؤدي إلى اتباع نهج حذر من قبل كليهما". المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: على الأراضی اللبنانیة لحزب الله حزب الله یبدو أن

إقرأ أيضاً:

حزب الله يحاذر الرد على الخروقات الإسرائيلية وانتشال جثث الشهداء متواصل

بحث وزير الخارجيّة والمغتربين عبد الله بو حبيب مع عدد من المسؤولين الأوروبيين التطورات على صعيد تطبيق اتفاق وقف النار، وشدد على أنّ «استمرار الخروقات الإسرائيليّة لا يساعد على خفض التّصعيد، وإنّما يقوّض الجهود الجارية لتثبيت وقف إطلاق النّار، وإرساء التّهدئة على الحدود»، داعياً الدّول الغربيّة إلى «المساهمة السّريعة في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب».
من جهته، أشار عضو كتلة «حزب الله» النيابية علي فياض إلى أن «المقاومة لا تنجر إلى مواجهة الخروقات والتعديات الإسرائيلية عسكرياً؛ لأن أولويتها الانسحاب الإسرائيلي من أرضنا دون إعطائه أي ذرائع لتجاوز مهلة الستين يوماً، ولأننا نراعي وضع أهلنا الذين يحتاجون إلى إيواء وإعادة إعمار ولملمة آثار الحرب، ولأننا نريد أن تأخذ الحكومة والجيش اللبناني دورهما في حماية الأرض وصون السيادة، بالاستناد إلى ورقة الإجراءات التنفيذية للقرار 1701، قائلاً: «نحن فعلاً نريد لهما أن ينجحا في ذلك، وهذه تجربة جديرة بالاختبار وطنياً كي نقيِّم نتائجها، كما كان يطالب كثير من القوى السياسية؛ لأن ما يهمنا هو حماية السيادة الوطنية براً وبحراً وجواً، لأننا ما زلنا نؤمن بأن أدوات حماية السيادة هي الشعب والجيش والمقاومة، وما يهمنا هو النتيجة، وهذا ما ستظهره الفترة المقبلة، لأن لبنان ليس لقمة سائغة ولا أرضاً سائبة، وإن كل عدوان يتعرض له يجب أن يواجَه بكل الوسائل الكفيلة بحمايته من دولته وكل مكوناته». وأضاف فياض: «هذه المرحلة تستدعي الترقب، وإنا لمترقبون»، لافتاً إلى أن «جوهر القرار 1701 هو حماية السيادة اللبنانية وبسط سلطة الدولة، وإن جوهر ورقة الإجراءات التنفيذية هو الانسحاب الإسرائيلي، واحترام سيادة الدولة اللبنانية، وفي المرحلة الماضية لم يلتزم العدو القرار 1701، ولغاية اللحظة لم يلتزم العدو ورقة الإجراءات التنفيذية، وهذا الأمر يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وهي مسؤوليات جسيمة لا تحتمل التهاون».
وكتبت بولا اسطيح في" الشرق الاوسط": رغم مرور أكثر من 3 أسابيع على دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل حيز التنفيذ، فإن عمليات البحث عن مفقودين تحت الأنقاض لا تزال مستمرة سواء في الضاحية الجنوبية لبيروت أو في الجنوب اللبناني، بحيث أفيد، يوم الجمعة، بانتشال 3 جثامين من الضاحية وجثمان مواطنة سورية من الخيام الجنوبية.

وواصلت إسرائيل خروقاتها للاتفاق بإطلاق النار وتفجير المنازل في القرى الحدودية.
ويرى رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري- أنيجما» رياض قهوجي أن ما يجعل «حزب الله» يتجنب راهناً الرد على الخروقات الإسرائيلية هو أنه «يدرك العواقب وأنه يعطي بذلك الحجة لإسرائيل للقيام بعمليات أوسع»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحزب يأمل بعد مرور الـ60 يوماً أن يكون الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب تولى مهامه، وأن يكون الجيش الإسرائيلي باتت لديه اهتمامات أخرى، فيكرس بقاء سلاحه في شمال الليطاني أمراً واقعاً، فيبقي له ما يملكه من سلاح بعض فائض القوة لاستثماره سياسياً على الساحة اللبنانية، ويواصل تصوير نفسه قوة عسكرية لم تُهزم». ويضيف قهوجي: «كل رهان (حزب الله) هو على عامل الوقت. ولا أتوقع أن يسلم حتى سلاحه جنوب الليطاني للجيش اللبناني؛ لأنه يفضل أن يعود الجيش الإسرائيلي لتدميره على أساس أنه إذا سلم هذا السلاح طوعاً جنوب النهر فلن يكون لديه مبرر لعدم تسليمه شمال النهر».

مقالات مشابهة

  • عضو مركز الأزهر العالمي: الله أقرب إلينا من أنفسنا.. ولا يغضب علينا بسهولة
  • بسبب إسرائيل وعصابات محلية..الأمم المتحدة: ظروف المعيشة في غزة لا يمكن تحملها
  • حصاد 2024| لبنان يزداد أوجاعه مع اتساع الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. الاحتلال يضرب بقوة الضاحية الجنوبية لبيروت.. وتفجيرات أجهزة بيجر واغتيال حسن نصر الله أبرز الأحداث المؤلمة
  • ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
  • صمود المقاومة الأسطوري ونصرها الاستراتيجي
  • معهد واشنطن: هذه مصالح إسرائيل في سوريا وهكذا يمكن أن تتحقق
  • أستاذ قانون دولي: المعارضة الإسرائيلية ضعيفة أمام حكومة نتنياهو
  • هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع إسرائيل للوضع لسلب الأراضي السورية
  • أستاذ قانون دولي: المعارضة الإسرائيلية تعاني تشرذما أمام حكومة نتنياهو
  • حزب الله يحاذر الرد على الخروقات الإسرائيلية وانتشال جثث الشهداء متواصل