قال المؤرخ الفرنسي إيمانويل تود إن هزيمة حلف "الناتو" في أوكرانيا ستقرب ما بين روسيا وألمانيا، ومحاولات واشنطن لإبعاد برلين عن موسكو ستنتهي بالفشل.

جاء ذلك في حوار لتود مع صحيفة Journal du Dimanche، حيث قال: "إن محاولات واشنطن لإبعاد برلين عن موسكو، والأمريكيون مهووسون بهذا الفكر الاستراتيجي منذ عام 2004، ستنتهي بالفشل.

وإذا نظرت إلى خريطة أوروبا، ستلفت انتباهك قوتان رئيسيتان هما ألمانيا وروسيا". وبحسبه، فلم يعد من الممكن أن تكون موسكو وبرلين في مواجهة، فاقتصادهما مصمم لكمل كل منهما الآخر، وهو ما أظهره مشروع "السيل الشمالي" بوضوح.

إقرأ المزيد نائب أوروبي: السلافيون أخوة قد يتحدون ويدمرون أوروبا الغربية

وتابع المؤرخ الفرنسي: "سوف تبدأ روسيا وألمانيا عاجلا أم آجلا في التعاون، وهزيمة الولايات المتحدة وأوكرانيا ستمهد الطريق للتقارب بينهما، ولن تتمكن الولايات المتحدة من كبح جمح قوة هذه الجاذبية، بالمعنى المجازي، التي تجذب البلدين لبعضهما البعض إلى أجل غير مسمى".

وخلص تود إلى أنه إذا غادرت الولايات المتحدة أوروبا، فسنفاجأ "برؤية شروق الشمس فوق كوكب مسالم".

وقد وقعت انفجارات في خطي أنابيب "السيل الشمالي"، سبتمبر 2022، اللذان يتدفق عبرهما الغاز الروسي إلى أوروبا. ووفقا للصحفي الأمريكي الحائز لجائزة "بوليتزر"، فقد وقع هذا التخريب من قبل الولايات المتحدة بمساعدة حلفاء "الناتو": حيث قام غواصون أمريكيون أثناء مناورات Baltops بتلغيم خطوط الأنابيب، وبعد 3 أشهر قام النرويجيون بتفجير عبوات ناسفة.

من جانبها تنفي الولايات المتحدة تورطها في عملية التخريب، بينما تواصل سلطات عدة دول أوروبية التحقيق الذي لم يسفر بعد عن أية نتائج. ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تفجير الأنابيب بالهجوم الإرهابي الواضح.

وإيمانويل تود هو عالم أنثروبولوجيا ومؤرخ وكاتب مقالات ومؤلف لعدد من الكتب، وقد أصبحت بعض أعماله مثل "الوهم الاقتصادي" و "ما بعد الإمبراطورية" أساسية في دراسة العلوم الاجتماعية. وفي عام 1976، تنبأ بانهيار الاتحاد السوفيتي في كتابه "الفشل النهائي".

المصدر: Journal du Dimanche

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: برلين موسكو أوروبا ألمانيا السيل الشمالي الأزمة الأوكرانية الإرهاب الاتحاد الأوروبي الجيش الروسي السيل الشمالي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حلف الناتو وزارة الدفاع الروسية الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

مساعٍ أمريكية.. أوراق موسكو وكييف على طاولة المفاوضات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أثارت إدارة البيت الأبيض الجديدة فى الولايات المتحدة تكهنات حول المفاوضات مع روسيا بشأن الصراع الأوكراني. 
فقد صرح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بأن تسوية الصراع تشكل مهمة ذات أولوية عالية للسلطات الجديدة. 
وأعربت روسيا عن انفتاحها على المفاوضات على أساس اتفاقيات إسطنبول لعام ٢٠٢٢. وبعد تنصيب ترامب، قد تنفتح فرصة للمفاوضات بالفعل. 
ومع ذلك، فإن المتطلبات الأساسية للحوار تتضاءل أكثر من اللازم بسبب عدد من العوامل السلبية، حيث إن نجاح المفاوضات واستدامة الاتفاقيات المحتملة أمران مشكوك فيهما، وفقا لتحليل نادى فالداى للحوار.
وأشار التقرير الصادر عن النادى الروسى، إلى أن هناك عدة شروط مسبقة محتملة لبدء الولايات المتحدة اتصالات مع موسكو. 
الأول هو توقع حدوث أزمة على الجبهة الأوكرانية، والمزيد من الخسائر الإقليمية لكييف والنجاحات العسكرية لروسيا، موضحا إن تجميد الصراع من شأنه أن يمنح أوكرانيا المساحة اللازمة للتنفس.
السبب الثانى هو محدودية الموارد. فدعم كييف يتطلب عشرات المليارات من الدولارات. 
وهذا الإنفاق مبرر بمهام احتواء روسيا واستنزاف إمكاناتها. وواشنطن قادرة على تحمل مثل هذه النفقات لفترة طويلة. 
ولكن الافتقار إلى النتائج والآفاق السياسية الواضحة يثير المزيد والمزيد من التساؤلات، وخاصة فى ضوء الاحتياجات المالية الأمريكية فى مجالات أخرى.
السبب الثالث هو الطموحات السياسية لدونالد ترامب، الذى قد يحاول إنهاء الصراع المكلف بشروط مقبولة للولايات المتحدة، وتحقيق نصر دبلوماسى أو ظهوره كأصل.
رابعا، الخوف من التصعيد المفرط للصراع والصدام العسكرى المباشر مع روسيا، وهو ما من شأنه أن يؤدى حتما إلى إضعاف الولايات المتحدة فى منافستها مع الصين.
خامساً، تعزيز قوة خصوم الولايات المتحدة، بما فى ذلك جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وإيران، بفضل دعم موسكو.
سادسا، لقد تسبب النفوذ المحدود الذى يتمتع به الغرب على روسيا، بما فى ذلك العقوبات الاقتصادية وغيرها من التدابير التقييدية، فى أضرار جسيمة، لكنه لم يؤثر على تصميم موسكو على تحقيق أهداف سياستها الخارجية فى أوروبا.
وعلى الجانب الروسي، فإن الشروط المسبقة للمفاوضات أقل وضوحا، فعلى الرغم من الإنفاق الدفاعى المرتفع والضغوط الاقتصادية، تحتفظ موسكو بقدرتها على إجراء العمليات العسكرية دون تعبئة مفرطة. 
والجيش الروسى يزيد من الضغوط على العدو، وإن كان ببطء. والخطوات التصعيدية المحتملة، بما فى ذلك توجيه ضربات للأراضى الروسية بصواريخ غربية، يتم الرد عليها بضربات أكبر، بما فى ذلك باستخدام أنظمة جديدة. 
ولا يعنى انفتاح موسكو المعلن على المفاوضات بالضرورة استعدادها لتقديم التنازلات. 
ومن المرجح أن تكون المسافة بين مواقف المطالب للولايات المتحدة وروسيا كبيرة، وهو ما يجعل احتمال التقارب بينهما موضع شك فى البداية؛ وهناك عوامل أخرى أيضا.
وتابع التقرير إن السبب الأول هو انعدام الثقة بين الأطراف، والدرس الرئيسى الذى تعلمته موسكو من اتفاقيات مينسك الأخيرة هو أن الاتفاقيات الجديدة قد لا يتم تنفيذها ببساطة؛ وسوف يتم تفسير شروطها على نطاق واسع للغاية، مما يسمح بالتلاعب بها. 
فالقرارات لا تتخذها الآلات، بل يتخذها البشر. وإدراكهم للماضى القريب مهم. ويتفاقم هذا الأمر أيضًا بسبب قضايا الثقة الأعمق المتعلقة بهيكل الأمن الأوروبى بعد الحرب الباردة. 
ولقد أوضحت القيادة الروسية مرارًا وتكرارًا أنها تنظر إلى السياسة الغربية على مدى العقود الثلاثة الماضية على أنها محاولة لاستغلال نتائج الحرب الباردة، على عكس مبدأ الأمن المتساوى وغير القابل للتجزئة.
أما السيناريو الثانى فهو احتمال اندلاع أعمال عدائية جديدة بعد أن تحصل أوكرانيا على هدنة، وهى فرصة لإعادة تجميع قواتها وتدريبها بشكل أكثر شمولاً وتسليحها وتجهيزها. 
وفى انتظار مثل هذا السيناريو، سوف تضطر روسيا إلى الاحتفاظ بقوات وموارد كبيرة على الحدود مع أوكرانيا. وسوف تكون عملية تسليح أوكرانيا والغرب وروسيا نفسها على قدم وساق. ولهذا السبب قد لا ترضى موسكو بسيناريو تجميد الصراع، فى حين قد لا تكون واشنطن نفسها وحلفاؤها مستعدين لالتزامات وتنازلات أكثر صرامة.
العامل الثالث هو المحاولات المحتملة لتعزيز المواقف التفاوضية من خلال التصعيد العسكرى وغير العسكري. وسوف يكون لهذه المحاولات تأثير معاكس. 
وتشمل هذه المحاولات تبادل الضربات الصاروخية الجديدة وتزويد كييف بأنظمة أكثر حداثة وأبعد مدى. 
وقد تكون الخطوة المنفصلة فى سلم التصعيد نشر وحدات من دول حلف شمال الأطلسى الفردية على الأراضى الأوكرانية. 
وقد تلعب هذه الوحدات دوراً داعماً ولا تظهر على خط التماس القتالي، ولكن احتمالات التوصل إلى أى اتفاقات فى ظل هذه الظروف تصبح وهمية تماماً.
ومع ذلك، فى ظل الظروف الحالية، من غير المرجح أن تتلقى كييف مثل هذه الدعوة على أى حال. علاوة على ذلك، فإن مستوى التعاون العسكرى التقنى والسياسى بين أوكرانيا والغرب مرتفع بالفعل لدرجة أنه لا يتطلب العضوية الرسمية فى الناتو. 
وتظل الضمانات الأمنية لأوكرانيا مفتوحة، ولكن من غير المرجح أيضًا أن يتمكن أى شخص من تقديمها فى ظل الظروف الحالية. 
رابعا، المشاكل الأساسية التى لم تحل بعد فى مجال الأمن الأوروبى والتى أدت إلى نشوء أزمة أوكرانيا، ولقد أعلن ترامب أنه من المرغوب فيه إنهاء الصراع فى أوكرانيا، لكنه من غير المرجح أن يرغب فى التوصل إلى اتفاقيات أوسع مع موسكو فيما يتصل بالأمن الأوروبي. 
وعلى النقيض من الاتحاد السوفييتي، لا ينظر إلى روسيا ببساطة باعتبارها طرفا يمكن معه إرساء مبادئ جديدة على قدم المساواة أو يمكن معه أخذ مطالب موسكو بشأن هذه القضية فى نهاية عام ٢٠٢١ بعين الاعتبار على محمل الجد.
من المرجح أن تحاول الدبلوماسية الأمريكية وقف الصراع من خلال تقديم تبادلات وتنازلات متبادلة. 
وحتى لو تمكنت الأطراف من التوصل إلى مثل هذه الاتفاقات، على الرغم من العوامل المذكورة أعلاه، فسوف ينظر إليها جميع المشاركين على أنها فترة راحة مؤقتة ولن تحل بشكل منهجى التناقضات التى أدت إلى الأزمة. 
ومن غير المرجح أن يؤدى وقف الأعمال العدائية فى أوكرانيا إلى إنهاء المواجهة بين روسيا والغرب. فالتاريخ يعرف أمثلة عندما سكتت المدافع لفترة طويلة بعد أكثر الصراعات وحشية، على الرغم من العقود اللاحقة من الاغتراب السياسي.
 

مقالات مشابهة

  • موسكو: الاتحاد الأوربي يلحق الضرر بنفسه اقتصادياً ويدمر الاتحاد بيديه
  • أوروبا تحت تهديد الولايات المتحدة الامريكية
  • برلماني بولندي يؤكد حتمية إعادة ترتيب العلاقات بين موسكو ووارسو
  • ترامب: الاتحاد الأوروبي يعامل الولايات المتحدة بشكل سيئ للغاية
  • بعد تهديد ترامب لروسيا.. الكرملين: مستعدون لحوار قائم على المساواة مع واشنطن
  • الرئاسة الروسية : موسكو مستعدة لحوار متكافئ مع الولايات المتحدة
  • فيلسوف روسي يتوقع تحسن العلاقات بين موسكو وواشنطن
  • موسكو تبحث مستقبل قواعدها العسكرية مع السلطات السورية الجديدة
  • مساعٍ أمريكية.. أوراق موسكو وكييف على طاولة المفاوضات
  • لمواجهة الولايات المتحدة.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى «أوروبا قوية وموحدة»