الشمس السوداء..صور مذهلة تبرز أسراب طيور الزرزور المهاجرة
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كأنها قطرات من الحبر على قطعة من القماش، هكذا تحلق طيور الزرزور فوق حقول القصب والأراضي الرطبة في جنوب الدنمارك.
ويبدو سرب الطيور وكأنه متناثرا عبر سماء داكنة يغوص ويدور في تناغم تام. وتلتف الطيور مثل الأمواج على الشاطئ، وتتلوّى في تشكيلات مجرّدة تلوح في الأفق عبر المستنقعات.
وتستمر هذه الظاهرة، المعروفة باسم "starling murmuration" (دمدمة الزرزور) باللغة الإنجليزية أو "الشمس السوداء" باللغة الدنماركية، لعدة دقائق فقط، أو حتى ثوانٍ.
شهد المصور الدنماركي سورين سولكير لأول مرة ظاهرة دمدمة الزرزور عندما كان طفلاً، وكان مفتونًا بهذه الظاهرة لمدة أربعة عقودتصوير: Søren Solkærوقد ترك المشهد انطباعًا خاصا لدى المصور الدنماركي سورين سولكير، الذي شهده أول مرة، عندما كان في العاشرة من عمره.
ويتذكّر سولكير قائلاً: "في ذلك الوقت، كان هذا أكثر مشهد حالم رأيته على الإطلاق".
وعلى مدار الأربعين عامًا التالية، بنى سولكير مسيرته المهنية كمصور فوتوغرافي، حيث سافر حول العالم لالتقاط صور مميزة لأكبر نجوم موسيقى الروك في العالم، أمثال إيمي واينهاوس، وبول مكارتني. ولكن خلال استرجاع مسيرته المهنية في عام 2017، وجد سولكير الإلهام لخوض تجربة جديدة.
وقال لـ CNN: "أول ما يتبادر إلى ذهني هو دمدمة الزرزور.. هذه اللوحة الفنية في السماء".
تتجمع طيور الزرزور بالمئات، والآلاف، والملايين، وتتحرك كأنها كائن حي واحدتصوير: Søren Solkærوشرع سولكير في تصوير الطيور بالقرب من موطن طفولته في جنوب الدنمارك، قبل أن يتتبع أسرابًا مختلفة عبر أوروبا، من أيرلندا إلى إيطاليا، في طريق هجرتها.
ويوثّق أحدث كتاب مُصوّر لسولكير، بعنوان "Starling" (الزرزور)، والذي نُشر الشهر الماضي، رحلة هجرة هذا الطائر، ويأمل من خلاله أن يلهم علاقة أكثر توطيدا مع الطبيعة.
وقال سولكير: "أحد الأسباب التي تجعل الظاهرة آسرة، أنه في كل مرة تحدث، تكون مختلفة وفريدة من نوعها".
وأضاف أن الأشكال التي تظهر في السماء تحدث مرة واحدة فقط في تاريخ العالم، موضحًا: "أعتقد أن هذا سبب وجيه للغاية لتصويرها ومحاولة التقاطها ومشاركتها مع الآخرين".
مشهد غروب الشمس بدأ سولكير في تصوير طيور الزرزور في عام 2017 بالقرب من منزل طفولته في مستنقعات جنوب الدنمارك وسرعان ما أصبح مهووسًا.تصوير: Søren Solkærونشر سولكير لأول مرة صورًا لطيور الزرزور في كتابه المصور لعام 2020 بعنوان "Black Sun" (الشمس السوداء)، واصفًا إياها بأنها استكشاف للمكان الذي أتى منه، واسترجاع ذكريات الطفولة.
وبعد عدة مواسم من تصوير الطيور بالقرب من بحر وادن في الدنمارك والدول المجاورة، قرر سولكير توسيع نطاق المشروع وملاحقة الطيور أثناء هجرتها عبر القارة.
وبإمكان طيور الزرزور الأوروبي الهجرة شمالا حتى الدائرة القطبية الشمالية في الصيف، وفي الشتاء إلى أقصى الجنوب حتى شمال إفريقيا. وخلال هذه الهجرات تكون الدمدمة أكثر شيوعًا، رغم أن السبب الدقيق وراءها لا يزال لغزًا.
وتتمثل النظرية المقبولة على نطاق واسع بأن طيور الزرزور تتجمّع في هذه التكوينات الكثيفة قبل غروب الشمس لتبدو أكبر حجمًا للحيوانات المفترسة، ولكن، يعتقد العلماء أيضًا أن السبب قد يكون لجذب طيور الزرزور الأخرى للانضمام من أجل توليد الدفء خلال فصول الشتاء الباردة.
في عام 2020، نشر سولكير أول كتاب مصور له عن ظاهرة دمدمة الزرزور، بعنوان "الشمس السوداء"، وهو المصطلح الذي يشير إلى هذه الظاهرة باللغة الدنماركية.تصوير: Søren Solkærوباستخدام علامات التصنيف على منصة "انستغرام" لتحديد مكان حدوث الظاهرة، اختار سولكير وجهاته بناءً على حجم الأسراب ووجود الحيوانات المفترسة، مثل صقور الشاهين، حيث تشكّل طيور الزرزور "تكوينات جميلة" عندما تتعرض للهجوم. ولكن حتى مع التخطيط الدقيق، فإن الطبيعة لا يمكن التنبؤ بها.
وقال سولكير إنها "ظاهرة سريعة الزوال: يمكنك الحصول على خمس صور جيدة خلال نصف دقيقة، ولكن بعد ذلك لن تحصل على أي لقطة خلال الأسابيع المقبلة".
وأكد: "هذه ظاهرة لا تتكرر كل ليلة. عادةً ما تحدث التشكيلات المذهلة حقًا مرة أو مرتين خلال فصل الشتاء".
وتستقر واحدة من أكبر أسراب طيور الزرزور خلال الشتاء في العاصمة الإيطالية روما، حيث تقدّم المناظر الطبيعية الحضرية، وكذلك ضوء المساء الجنوبي، تناقضًا حادًا مع أعمال سولكير في المستنقعات الدنماركية.
في روما، أدرج سولكير العمارة في صورة.تصوير: Søren Solkærوقدمت روما أيضًا الخلفية المثالية لسولكير لاستكشاف العلاقة بين البيئتين البرية والحضرية، من خلال علاقة المدينة مع طيور الزرزور.
وبعد نجاح سلسلة "الشمس السوداء"، تواصل العديد من علماء الأحياء وعلماء الطيور مع سولكير، وألهموه ليس فقط بالنظر إلى طيور الزرزور من مسافة بعيدة، بل عن قرب أيضًا.
وبالتعاون مع جامعة كوبنهاغن، أنتج سلسلتين من الصور الملتقطة بالمجاهر.
وقال سولكير: "لديه ريش معدني اللون مميّز حقًا عندما تنظر إليه عن قرب. وقد حاولت الانتقال من العالم الذي أشاهده في السماء، إلى معرفة ما إذا كان بإمكاني العثور على بعض الأنماط ذاتها إذا كان الطائر أكثر قربا".
المصدر: CNN Arabic
إقرأ أيضاً:
بـاسـتـخـدام سحر النجـوم يمكنك أنت أيضًا تعلم إمــكانية «السفر عبر الزمن»
هل كنت تعلم أننا عندما ننظر إلى النجوم، لا نراها كما هي الآن، بل كما كانت في الماضي؟
تخيل أنك ترسل رسالة إلى صديقك في بلد بعيد، تستغرق الرسالة بعض الوقت لتصل إليه، أليس كذلك؟ الأمر نفسه يحدث مع ضوء النجوم؛ فالضوء يسافر بسرعة كبيرة جدًا، لكن المسافات بين النجوم والكرة الأرضية شاسعة جدًا، لذا يستغرق الضوء وقتًا طويلًا جدًا ليصل إلينا.
فعندما ننظر إلى نجم بعيد، نرى الضوء الذي انطلق من ذلك النجم قبل سنوات عديدة، تخيل أنك تنظر إلى صورة قديمة لجدك؛ هذه الصورة تُظهر لك كيف كان جدك يبدو في الماضي، أليس كذلك؟ بالطريقة نفسها، عندما ننظر إلى نجم، نرى كيف كان يبدو في الماضي.
«وتُعرف السنة الضوئية بأنها المسافة التي يقطعها الضوء في سنة أرضية واحدة، وتساوي 9 تريليونات كيلومتر، أي 9 و 12 صفرًا!»
مثلًا، الضوء الذي نراه من الشمس الآن كان قد انطلق منها قبل حوالي 8 دقائق، هذا يعني أننا نرى الشمس كما كانت قبل 8 دقائق! وهناك نجوم أخرى تبعد عنا مسافات أكبر بكثير من الشمس، وبعض هذه النجوم يبعد عنا آلاف السنين الضوئية! هذا يعني أننا عندما ننظر إلى هذه النجوم، نراها كما كانت قبل آلاف السنين.
لماذا هذا مهم؟
من خلال دراسة الضوء القادم من النجوم، يمكن للعلماء معرفة الكثير عن الكون، يمكنهم معرفة عمر النجوم، ومدى حرارتها، والمواد التي تتكون منها.
عندما تنظر إلى السماء في ليلة صافية في المرة القادمة، تذكر أنك تسافر عبر الزمن! وكل نجم ترصده يحكي قصة عن الماضي البعيد للكون.
كم سنة ضوئية تبعد عنا؟
الأرض تبعد تقريبًا ... 4.3 سنة ضوئية عن «بروكسيما سنتوري»، أقرب نجم مجاور لنا
26000 سنة ضوئية عن مركز مجرتنا «درب التبانة»
13.4 مليار سنة ضوئية عن واحدة من أقدم المجرات المكتشفة، وتسمىGN- z11
8.3 دقيقة ضوئية عن الشمس
320 سنة ضوئية عن النجم القطبي
2.5 مليون سنة عن مجرة «أندروميدا» أقرب مجرة كبيرة لنا