الانتخابات المحلية —- أفول ديمقراطيتنا وكرة الثلج المتدحرجة
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
آخر تحديث: 17 يناير 2024 - 10:34 صبقلم: نهاد الحديثي ثمة شعور عارم عند العراقيين بأن الديمقراطية عاجزة عن حل مشكلاتهم، وأن اغلبية الناخبين وحسب استطلاع للرأي، يفضلون ازاحة الطبقة السياسية القديمة وازاحة الاحزاب الاسلاميةالفاشلة, ويتمنون صعود الشباب الاكاديميين,واليوم تظهر بقوة صراع جيلين من السياسيين، الجيل القديم الذي شارك في بداية العملية السياسية 2003، والذي اختفى عن المشهد أغلب زعاماته2014 ، بسبب محاولة إبعادهم أو بسبب عدم قدرتهم على التنافس مع القوى السياسية الصاعدة للمشهد بعد وجيل الدماء الجديدة الاكاديميين والعلمانيين الذين عاشوا معاناة الوطن وشربوا واكلوا من خيراته طوال عقود اعمارهم نقولها بصراحة , انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة , كرست اعلاميا لتحسين الواقع الخدمي في المحافظات , ولكن الفاجعة الحقيقية لها انها صراع نفوذ ومناصب , وصراع زعامات ومرتسم واقعي لانتخابات مجلس النواب القادم, الاحزابالشيعية لم تبرز خلافاتهم للعلن, شرعت الأحزاب الشيعية في تولي مؤسسات الدولة بأدق تفاصيلها ومفاصلها بشكل جماعي كالبنيان المرصوص, لا أحد يتعدى الخطوط الحمراء,, السنة متفرقون أحزابا وجماعات، كل واحدة منها تشرب دم الأخرى، ورغم تعرضهم لأبشع أنواع الحرب الطائفية، وقتل عدد لا يحصى منهم، فإنهم مازالوا متشرذمينمتناحرين لا يجمعهم جامع.
وحدّث عن الكرد ولا حرج، فهم مختلفون في كل شيء وعلى كل شيء. يختلفون حتى في مفهومهم للوطنية، كل واحد من الحزبين الرئيسيين “الديمقراطي” و”الوطني” الكردستانيين اللذين يديران إقليم كردستان له رؤية خاصة للوطن وعلاقته مع العراق الاطار التنسيقي هو الاسرع في تشكيل مجالس المحافظات ورسم معالم اختيار المحافظين سيكون حسب معادلة النصف زاد واحد وسيكون مختلف من محافظة لاخرى, المتصدرون انتخابيا في محافظتهم سيكونون بيضة القبان باختيار المحافظين،وتصطدم نقاشات تشكيل الحكومات المحلية الان بقضية “مناصب الصدريين”، والتعامل مع المحافظين الحاصلين على أعلى النتائج بالانتخابات. ويسود رأيان داخل الاطار التنسيقيحول اجراء تغيير شامل لكل المحافظين، او اعطاءاستثناءات لبعض الاسماء. ويحاول ا”لاطار” استنساخ تجربة تشكيل الحكومة في مجالس المحافظات بإنشاء “تحالف الفائزين” لتوزيع المناصب المحلية, وقد تشعل حصة “الاطار” من مناصب المحافظين، فتيل ازمة مع الصدريين في اكثر من محافظة، أبرزها محافظتي ميسانوالنجف, اشتد الخلاف على ما يبدو داخل الإطار التنسيقي بسبب منصب محافظ البصرة، فيما قد يصل الصراع على المناصب ذروته مع حسم الطعون بنتائج الانتخابات, نتائج الانتخابات النهائية لمجالس المحافظات، لن تحتاج الى مصادقة المحكمة الاتحادية، وإنما بانتهاء حسم الطعون في الهيئة القضائية تصادق المفوضية على النتائج, وحسب تواتر الاخبار , تتوقع أطراف في الاطار التنسيقيحدوث مفاجأة قريبة تغير مسار الازمة في البصرة بسبب المحافظ اسعد العيداني، الذي يعيق اتفاق التحالف الشيعي في تشكيل الحكومات المحلية,ويبدو الاطار قد حسم امره بالمضي في تغيير جميع المحافظين الحاليين بعد تلقي اشاراتمن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، برفض مشاركة تياره بادارة المحافظات إذن، ستبقى مشكلة القوى السياسية محصورة في التنافس على الزعامة السياسية، وتقاسمها السلطة والنفوذ بين الفرقاء– الشركاء السياسيين. وهذه المعادلة لا تنتج إلا تحالفات هشة، ومصالح ضيقة الأفق, ولحد الآن تفتقد القوى السياسية ، إلى مشروع سياسي يوحدها بدلا من الصراع على الزعامة السياسية. ويبدو أن هذا الصراع سيعمل على تشتيت مواقفها السياسية، وسيجعل خصومها يتعاملون معها كأرقام للوصول إلى عتبة التوافق عند تشكيل الحكومة وليس قوى تحمل برنامجا سياسيا، وهذا ما ثبتته تجربة المشاركة في حكومة السوداني,, ويتصور الكثير من الفاعلين السياسيين أن معضلتهم مع اقتراب المواسم الانتخابية هي عناوين وتحالفات جديدة قادرة على تغيير رأي المواطن عن أدائهم وإلغاء فكرة أنهم هم المشكلة, ذلك هو الفرق الشاسع بين قناعتهم والواقع الذي يكتبه فشلهم على الأرض، حتى أصبحت الانتخابات في مفهوم أولئك عبارة عن صفقة تتقاسمها الأطراف السياسية، ظنا منها أنها طريق الخروج من الأزمة الكبيرة في الممارسات الفاشلة التي صنعتها كرة الثلج حتى ظلّت تتدحرج لأكثر من عقدين وكان من نتائجها انهيار الدولة وتأسيس ثقافة الفساد باعتباره بندا مقدسا خاب من تحرش به ولا بد من الاعتراف بأن الانتخابات التي تكررت مناسباتها أثبتت أن لا ديمقراطية في العراق بقدر وجود نظام سياسي يصعب فهمه، فقد اكتشفنا متأخرين أن الديمقراطية بمفهومهم هي التساوي بين الرابحين والخاسرين على حد سواء، وبخلافه سيتعرض النظام السياسي إلى خطر الانهيار كما كانوا يعلنون عنه في أدبياتهم, وإذا كان هناك حرص حقيقي على الديمقراطية والعملية السياسية فليس أقل من الغاء هذه الحلقة الزائدة وتنقية البلاد من فايروسات الانتهازية والسيطرة ونهب المال العام وبيع المناصب .
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
الرؤية الآن.. قولا واحدا، إنها مرحلة أفول شمس اليسار في السودان
الرؤية الآن.
قولا واحدا، إنها مرحلة أفول شمس اليسار في السودان.
بعد أن تستمع الى هذا الفيديو بأدناه و تربط ذلك بغيره من الشواهد الأخرى، الشاخصة، البائنة، والكاشفة. بعدها ستدرك ان هذه الحرب سيؤرخ لها وان السودان بعدها لن يكون كما كان و ألفه الناس في ساحات فضاءاته العامة، قولا واحدا، انها مرحلة أفول اليسار السوداني الذي قرر الانتحار السياسي بمحض ارادته في هذه الحرب.
أفول لا يستثني أحدا، سواء الحزب الشيوعي العجوز او البقية من بعثيين وناصريين ومؤتمر سوداني وحتى حزب الامة لن يبقى بشكله الحالي ولن تكون مقبولة للناس كل قيادته الحالية، سينحسر الى حزب شرعي صغير بقيادة عبد الرحمن الصادق المهدي.
ليس من انتحر هو الحزب الشيوعي ومعه البعثيين والناصريين فقط ، بل الجمهوريين ايضا اندفعوا كفراشات ابو الدقيق نحو النار، قرروا الانتحار والوقوع في البئر مع اليسار السوداني، وظنوا، ويا لبؤس خيالهم، ان حميدتي ” حسب نبؤة نبيهم محمود محمد طه” سيكون هو المخلص لهم من الإسلاميين.
ايضا انتهت هذه الحرب من نخبة المين روود و توزع روادها بين الفنادق ما بين القابل للبيع والشراء علنا وما بين الغشيم والمتواضع القدرات السياسية الذي لا يعني له الوطن شيئا والذي لا يملك التموضع الصحيح وطنيا وسقطوا عند أول اختبار في الوطنية.
الإسلاميين ايضا ما لم يقدموا قيادات معتدلة وناضجة مثل احمد الشرع في سوريا وما لم يقدموا حزب معتدل مثل نظرائهم في تركيا وماليزيا وما لم يقدموا شبابهم المعتدل والمستنير ويفسحوا المجال للقادمين الجدد بدل القدامى ، ايضا سيلحقوا بالآخرين وستبتلعهم بئر هذه الحرب، فهي بئر ليس لها قرار!.
على بؤس موقفه و تصريحه هذا، لا املك الا ان أحيي خالد محي الدين على شجاعته، فقد قال في العلن ما يقوله خالد سلك وجماعة تقدم سرا، وهذه لعمري جسارة لا يقدم عليها الا شخص غريب ومتغرب عن طباع و قيم و شيم هذا الشعب، فكيف تطمعوا ان تكونوا قادته؟؟!!
في المقطع خالد محي الدين يتوعد الجيش والشعب السوداني باستعادة مدني الى ما سماهم بالأشاوس.
طارق عبد الهادي
طارق عبد الهادي إنضم لقناة النيلين على واتساب