منير أديب يكتب: هزيمة إسرائيل في غزة
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
الحديث عن المكسب والخسارة يعني انتهاء المعركة، وإسرائيل ما زالت مستمرة في قصف قطاع غزة وتنفيذ عمليات نوعية في الضفة الغربية؛ وبالتالي تقدير المعركة مرتبط بما تم تحقيقه من مكاسب وخسائر على الأقل بعد مائة يوم من المعركة التي ما زالت تُدور رحاها على الأراضي الفلسطينية.
حركات المقاومة أحرزت انتصارًا استراتيجيًا فشلت إسرائيل بعد 100 يوم من المعركة في تفكيكه، ولكن أضيف لهذا الانتصار انتصار آخر حققه الشعب الفلسطيني بصموده أمام آلة الحرب الإسرائيلية أكثر من ثلاثة شهور متواصلة.
ولعل الانتصار الأكبر في الالتفاف العربي حول القضية الفلسطينية؛ من خلال الدعم المتواصل من كل دول المنطقة، وهنا أحرز العرب أهدافا جديدة في شباك إسرائيل، والتي تتعامل بعداء شديد مع الحقوق العربية والحق الفلسطيني على وجه الخصوص، وهذا مكسب يُضاف لعدد من المكاسب الفلسطينية.
إسرائيل هزمت نفسها في المعركة الحالية عندما أصرت على استمرار المعركة حتى الآن وعندما خاضت حربًا ضد الفلسطينيين أنفسهم، فضلًا عن فشلهم في تفكيك حركة حماس، هدف غير منطقي ولم يتحقق، فضلًا عن العداء والحرب الكلامية التي خاضتها ضد القاهرة والأردن، وهو ما جعل كلا الدولتين يدافعان عن أمنهما القومي، وهو ما رجح ميزان كفة حماس في هذه الحرب.
خسارة إسرائيل ليست فقط على المستوى العسكري، ولكن تعدت إلى الخسارة السياسية والدبلوماسية، ويكفي أنها تقف أمام المحكمة الجنائية الدولية لتدافع عن نفسها، فتحولت في نظر داعميها من مجرد ضحية إلى جانٍ ومجرم، تُدافع عن نفسها بينما وقف العالم كله ينظر بعين على حجم الجرائم وبالعين الأخرى حجم الكذب الإسرائيلي في حرب أقل ما تُوصف به أنها بربرية.
إسرائيل لن تستطيع أنّ تُحقق أكثر مما حققته خلال المائة يوم الماضية، ولكن ما نستطيع تأكيده أنها سوف تُهزم لو استمرت في معركتها الحالية، سوف تخسر عسكريًا ودبلوماسيًا واستراتيجيًا وسوف تُصبح عبئًا على الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك كل الخيارات المتاحة أمام إسرائيل أن تنحسب من القطاع وتعترف بالهزيمة على أن تدخل في جولة جديدة أو أن تستعد لها، ولن يُفيد ذلك إلا بعودة الحق الفلسطيني.
إذا أرادت إسرائيل أنّ تلملم جراحها فعليها ألا تقف عقبة أمام إقامة الدولة الفلسطينية؛ الموقف العدائي من كل الفصائل الفلسطينية لن يؤدي إلى شيء، بل سوف يصب في مصلحة فصائل المقاومة العسكرية، والموقف من العرب سوف يؤدي إلى هزيمة إسرائيل على المدى البعيد.
إسرائيل حقيقة لا تؤمن بالسلام ولا تًريده وهذا ما يُفسر أسباب هزيمتها بعيدًا عن تفاصيل ما جرى في 7 أكتوبر من العام الماضي؛ أي مواجهة شاملة سوف تخسر فيها إسرائيل، والأفضل لها أن تُحافظ على أمنها ولو بشكل مؤقت من خلال سلام قد يكون مؤقتًا هو الآخر.
قارب عدد القتلى الإسرائيليين في الحرب الحالية نصف ما قُتل في 6 أكتوبر قبل خمسين عامًا، كما وصل عدد الجرحى نصف العدد أيضًا والمعركة ما زالت مستمرة، رغم اختلاف تفاصيل ما حدث في 7 أكتوبر 2023 عما حدث في 6 أكتوبر 1973؛ لكن معادل الانتصار واحد متمثل في هزيمة الجيش الذي لا يُقهر.
مهما حققت إسرائيل في الأيام القادمة فلن تُحقق أكثر مما حققته سابقًا ولن تُغير كثيرًا من موازين المعركة، التي باتت لصالح الفلسطينيين بكل تأكيد رغم حجم الشهداء الذين سقطوا وما زالوا في القصف العشوائي الدائم والمستمر.
هزيمة إسرائيل لن تستطيع أن تتخلص منها، لأن تل أبيب هي من هزمت نفسها مع التأكيد على التضحيات التي قدمها الفلسطينيون وما زالوا، لأن الغطرسة الإسرائيلية وراء الهزيمة الاستراتيجية التي نتحدث عنها الآن.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إقامة الدولة الفلسطينية حماس فلسطين الدولة الفلسطينية منير أديب
إقرأ أيضاً:
صحف: إسرائيل فشلت بمحو أهوال 7 أكتوبر رغم تدمير غزة
ركزت صحف إسرائيلية وعالمية اهتمامها على التطورات الميدانية والإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة مع استمرار الحرب الإسرائيلية غير المسبوقة، إضافة إلى آخر تطورات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط.
وقالت صحيفة يسرائيل هيوم الإسرائيلية في تحليل إن "خطة الجنرالات" تكتسب زخما في شمال غزة، إذ وقع 8 أعضاء من لجنة الخارجية والدفاع في الكنيست على رسالة تطالب وزير الدفاع باستبدال الخطة العملياتية في غزة على الفور.
وتتضمن الإستراتيجية المقترحة خطوات عدة، الأولى منها تطويق المنطقة وإجلاء السكان، ثم تدمير جميع مصادر الطاقة عن بعد، وقطع إمدادات الغذاء. كذلك تدعو الخطة إلى القضاء على أي شخص يتحرك في المنطقة، ولا يستسلم وهو يحمل راية بيضاء أثناء الحصار.
في سياق متصل، رأت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في مقال أن ما يحدث في غزة يثبت أن اليمين المتطرف في إسرائيل حقق نصرا كاملا، مشيرة إلى أن ما يفعله الجيش الإسرائيلي في شمال القطاع مرتبط بأيديولوجية متشددة هدفها إعادة التوطين ومنع عودة الفلسطينيين.
لكن الصحيفة شددت في الوقت نفسه على أن "إسرائيل لم تتمكن من محو أهوال السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولا تزال قضية الأسرى من دون حل"، رغم الدمار والقتل الذي أطلقت له العنان في غزة.
إعلان
من جهتها، نقلت مجلة نيويوركر الأميركية عن خبيرة في الرأي العام الإسرائيلي قولها إنه أصبح واضحا للإسرائيليين أن حكومتهم لم تعط الأولوية للأسرى المحتجزين في غزة.
ووفق الخبيرة، فإن حكومة بنيامين نتنياهو كانت دائما تجد طريقة لعدم إتمام صفقة غزة، مشيرة إلى أن هناك أشخاصا يريدون استمرار الحرب حتى يتم احتلال غزة، وأن نحو ثلث الإسرائيليين يؤيدون الجزء الأكثر تطرفا في الحكومة.
وفي الشأن الإنساني الفلسطيني، قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن قطاع غزة ضحية لتخريب المساعدات الإنسانية، إذ لم تتمكن المنظمات الدولية من إدخال سوى 70 شاحنة يوميا من الإمدادات للقطاع خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي، مقارنة بـ500 شاحنة يوميا قبل الحرب.
ونجم هذا الوضع -وفق الصحيفة- عن العقبات البيروقراطية والأمنية التي تفرضها إسرائيل، وتقاعسها عن مواجهة عصابات اللصوص، مؤكدة في الوقت نفسه أنه مع بداية فصل الشتاء يستمر تدهور الوضع المأساوي في غزة.
وفي الشأن السوري، ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن ظل تنظيم الدولة الإسلامية سوف يخيم على فترة رئاسة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب كان قد أعلن في ولايته الرئاسية الأولى النصر على التنظيم، لكن مجموعة من الهجمات المرتبطة بالتنظيم أو المستوحاة منه ضربت مدنا رئيسية في العالم خلال العام الماضي.
وخلصت الصحيفة إلى أن القوات الأميركية التي لا تزال تعمل في سوريا، وذلك كجزء من المهمة المستمرة للقضاء على التنظيم، "قد تبقى هناك مع بدء ترامب ولايته الثانية هذا الشهر".