إعداد: عثمان طايبي | هادي العجمي |

.

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: كأس الأمم الأفريقية 2024 الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج للمزيد ساحل العاج كأس الأمم الأفريقية 2024 كرة القدم منتخب موريتانيا منتخب تونس كرة القدم كأس الأمم الأفريقية 2024 للمزيد ساحل العاج روسيا الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا

إقرأ أيضاً:

الهجوم الإيراني.. ضربة موجعة لإسرائيل أم ردع في الوقت الضائع؟

من الأخطاء الكبيرة التي يُمكن أن يرتكبها طرف مُنخرط في حرب لا يُريدها، ويسعى للحد من أضرارها عليه إظهار التردد عندما يكون الطرف الخصم مُندفعًا بقوة؛ لأن التردد يُشجعه على الإفراط في استعراض القوة؛ لاعتقاده بأن تكاليفه محدودة عليه.

تنطبق هذه الحالة على المواجهة الإيرانية الإسرائيلية في حرب السابع من أكتوبر/تشرين الأوّل. لقد أفرطت إيران منذ الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق في أبريل/ نيسان الماضي في التردد بإظهار الردع القوي، وهو ما شجّع إسرائيل على مواصلة تصعيد المواجهة من خلال اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران نهاية يوليو/ تموز الماضي، ثم تصعيد الحرب على حزب الله باغتيال فؤاد شُكر أحد قادته الكبار، وصولًا إلى اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله الأسبوع الماضي، وتوسيع نطاق الحرب على لبنان.

إن نجاح إسرائيل في فرض إيقاعها على الحرب في الأسابيع الأخيرة، ورفع تكاليفها الكبيرة على حزب الله عقّدا من المأزق الإستراتيجي الذي تواجهه إيران. فقد أصبحت تكاليف مواصلة إظهار التردد آخذة في الارتفاع على إيران، وحليفها حزب الله. فمن جانب، لم يردع التردد إسرائيل عن مواصلة تصعيد الحرب. ومن جانب آخر، عمّق من الانكشاف الإستراتيجي الذي يواجهه حزب الله.

وفي ضوء ذلك، لم يكن أمام طهران خيار سوى التخلي عن هذا التردد بشن هجوم صاروخي مباشر على إسرائيل الثلاثاء. لكنّ الهجوم لا يزال مُتسقًا مع إستراتيجية إيران الرئيسية التي تُركز على ردع الحرب الإقليمية. وحقيقة أن الهجوم الصاروخي الأول في أبريل/ نيسان الماضي لم يُظهر الردع الكافي أمام إسرائيل، فإن الهجوم الجديد جاء مُختلفًا عن السابق من حيث الشكل والمضمون.

في الشكل، فإن إيران تعمّدت أن يكون الهجوم أوسع نطاقًا من هجوم أبريل/نيسان، وأن يُحدث أضرارًا واضحة على عكس الهجوم الأول. وفي المضمون، فإن تزامن الهجوم الجديد مع تصعيد الحرب على الجبهة الأولوية، مُصمم لتحذير إسرائيل من أن مواصلة اندفاعتها ضد حزب الله ستؤدي إلى حرب إقليمية.

لا تزال إيران تُظهر رغبتها الصريحة بتجنب التورط المباشر في الحرب. وهذا مفهوم؛ لأن مثل هذا التورط سيجلب تكاليف باهظة على طهران نفسها، وقد يُشكل تهديدًا وجوديًا لنظامها. لكنّ المخاطر الكبيرة التي يواجهها حزب الله في الوقت الراهن تجعل الفوائد المتصورة لتجنب التورط المباشر في الحرب أقل أهمية بالنسبة لإيران من عواقب الانخراط فيها إذا أصبحت أمرًا واقعًا.

فحزب الله ليس مُجرد حليف لبناني لطهران أو وكيل إقليمي قوي لها فحسب، بل جزء من العقيدة الدفاعية الإيرانية. وأي تهديد وجودي له سيؤدي إلى إضعاف هذه العقيدة، وإلى تقويض قوة وكيل يُمثل بحكم الجغرافيا خطَ دفاعٍ إيرانيٍ على الجبهة مع إسرائيل. علاوة على ذلك، فإن أي نجاح إسرائيلي في إضعاف قوة حزب الله، سيُحفز تل أبيب في المدى المنظور على تصعيد عملياتها العسكرية ضد الوجود الإيراني في سوريا، في إطار إستراتيجيتها الرامية إلى إضعاف اعتماد إيران على وجودها الإقليمي، وعلى شبكة حلفائها في المنطقة كجزء من عقيدة الدفاع لديها.

لقد أظهرت عقيدة "الصبر الإستراتيجي" التي انتهجتها إيران منذ بداية حرب السابع من أكتوبر/تشرين الأول نقاط ضعف كبيرة؛ لجهة أنها لم تُحقق الفوائد المرجوة منها على صعيد تجنب تعميق تورطها بالوكالة في الحرب، وتجنب تعميق التورط المباشر لحزب الله فيها.

كما أن عقيدة "التراجع التكتيكي" التي أعلنها المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي بعد اغتيال هنية في طهران، جاءت بنتيجة عكسية؛ لأنها عززت مؤشرات الضعف الإيرانية، وعززت اعتقاد إسرائيل بأن تكاليف تصعيد الحرب على حزب الله ستبقى مُنخفضة. واليوم تنتقل إيران إلى تبني عقيدة جديدة تمزج بين "الصبر الإستراتيجي" و"استعراض إضافي للقوة"؛ بهدف تأكيد الردع الذي يمنع الحرب الإقليمية بالتوازي مع رفع مخاطرها؛ لتحذير تل أبيب وواشنطن من عواقب الذهاب بعيدًا في إضعاف حزب الله.

مع ذلك، فإن هناك حقيقتين سيتعين على إيران التعامل معهما منذ الآن فصاعدًا أكثر من أي وقت مضى من هذه الحرب. الأولى؛ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصبح أكثر جرأة في تصعيد الحرب لاعتبارات مُتعددة؛ أهمها قلق إيران من التورط المباشر فيها. والثانية أن الولايات المتحدة، التي لعبت دورًا مهمًا في الحد من مخاطر الحرب الإقليمية منذ أبريل/ نيسان الماضي، لم تعد قادرة على مواصلة لعب هذا الدور، إما لأنها تعتقد أن إيران لن تتورط بالحرب بأي حال، أو لأنها لم تعد قادرة على التأثير في سلوك نتنياهو في الحرب، أو كلا الأمرين معًا. وفي المحصلة، فإن هذا الوضع يوجد المزيد من المخاطر الكبيرة على إيران وحزب الله.

في حين أن طهران صممت إستراتيجيتها في الحرب منذ البداية للحد من تكاليفها عليها وعلى حليفها حزب الله، فإن نتنياهو لا يُدير الحرب من منظور الحد من التكاليف واستعادة الردع الذي كان قائمًا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بل من منظور الفرص التي أوجدتها إسرائيل لنفسها من أجل إعادة تشكيل التهديدات المحيطة بها من حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، وإعادة تشكيل التهديد الإيراني من خلال إضعاف عقيدة الدفاع الإيرانية، وهذا ما قلل في الواقع من تأثير رسائل الردع الإيراني، وعظم تأثير الاندفاعة الإسرائيلية في الحرب.

ومن غير المُرجح أن يُحقق الهجوم الإيراني على إسرائيل الثلاثاء هدف إظهار الردع أو الضغط على إستراتيجية إسرائيل الجديدة في لبنان. وقد تُصبح الخيارات، التي سعت إيران جاهدةً لتجنبها منذ بداية الحرب، أمرًا لا مفر منه في نهاية المطاف. لقد وعد نتنياهو في بداية الحرب بتغيير الشرق الأوسط. وأي تأخير إضافي إيراني في التكيّف مع الأهداف الحقيقة لإسرائيل في الحرب، سيرفع التكاليف الباهظة عليها، وعلى حلفائها ودورها الإقليمي.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • زاناردي.. «الفرصة الأخيرة» مع دبا الحصن!
  • الهجوم الإيراني.. ضربة موجعة لإسرائيل أم ردع في الوقت الضائع؟
  • بخماسية نظيفة..هزيمة قاسية للشرطة العراقي امام الهلال السعودي
  • ريال مدريد لإيجاد أفضل نسخة.. وبايرن للثأر من هزيمة 1982
  • جامعة الشارقة تستقبل وفداً من سفارة بوركينا فاسو
  • الذهب يتراجع عالميا والأوقية تخسر 30 دولارا في 24 ساعة.. هل يستمر الانخفاض؟
  • تعرف على موعد مباراتي الفراعنة وموريتانيا
  • يايسله و"الرقصة الأخيرة" أمام الوصل الإماراتي الليلة
  • مصر تخسر 6 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس جراء تداعيات حرب غزة
  • مصر تخسر مبالغ "ضخمة" بسبب التوترات الجيوسياسية