بعد ضربات إيرانية في إقليم كردستان وسوريا.. العراق يستدعي سفيره في طهران لـ «التشاور»
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
استدعت بغداد أمس سفيرها في طهران للتشاور وندّدت بضربات إيرانية بصواريخ بالستية في إقليم كردستان العراق وسوريا المجاورة وضعتها الجمهورية الإسلامية في إطار «الحق المشروع» في الدفاع عن أمنها بعد هجمات طالتها في الآونة الأخيرة. وتأتي هذه الضربات التي ادانتها الولايات المتحدة وأطراف دولية، في سياق توتر متصاعد في الشرق الأوسط ومخاوف من نزاع إقليمي شامل على خلفية الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
واستدعت وزارة الخارجية العراقية سفيرها في طهران للتشاور «على خلفية الاعتداءات الإيرانية الأخيرة على أربيل، التي أدت إلى سقوط عدد من الشهداء والمصابين».
وأفادت سلطات الإقليم بمقتل «أربعة مدنيين» على الأقلّ وإصابة ستة آخرين. ومن بين القتلى رجل الأعمال البارز في مجال العقارات بشراو دزيي وزوجته. وأفاد مراسل لوكالة فرانس برس أنّ الصواريخ أصابت منطقة سكنية راقية في الضاحية الشمالية الشرقية لأربيل. وأظهرت صور من المكان مبنى على الأقل من طبقتين مدمّرا بشكل شبه كامل.
واعتبرت بغداد أن الضربات «عدوان على سيادة العراق وأمن الشعب العراقي»، مؤكدة أنها ستتخذ إجراءات منها «تقديم شكوى إلى مجلس الأمن» الدولي. وندّد رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني بـ»هذه الجريمة ضد الشعب الكردي». ودعا الحكومة الاتحادية إلى اتّخاذ «موقف صارم ضدّ هذا الانتهاك للسيادة العراقية».
والتقى بارزاني وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية الثلاثاء. وأكد المسؤول الكردي أن «هذه الهجمات غير مبرّرة وغير مشروعة، وعلى المجتمع الدولي ألّا يظل يلتزم الصمت» تجاهها، بحسب بيان لحكومة الإقليم.
- «العقاب العادل» -في طهران، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن الجمهورية الإسلامية «لن تتردد في استخدام حقها المشروع للتعامل الرادع مع مصادر تهديد الأمن القومي والدفاع عن أمن مواطنيها».
وأوضح أن القصف «جزء من ردّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أولئك الذين يتخذون إجراءات ضد الأمن القومي الإيراني وأمن المواطنين»، ويأتي في إطار «العقاب العادل» ضد «المعتدين على أمن البلاد». وسبق للحرس الثوري أن قصف أربيل بصواريخ بالستية في مارس 2022، وأشار في حينه الى استهداف «مقر» لجهاز الموساد. ونفت سلطات الإقليم يومها تواجد الاستخبارات الإسرائيلية.
وفي بيانه ليل الإثنين الثلاثاء، أكد الحرس الثوري تدمير مقر للموساد أيضا، وذلك في إطار الرد «على الأعمال الشريرة الأخيرة للكيان الصهيوني والتي أدّت إلى استشهاد قادة من الحرس الثوري ومحور المقاومة».
وقتل خلال الأسابيع الماضية القيادي في الحرس الثوري رضي موسوي قرب دمشق، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، والقيادي العسكري في حزب الله وسام الطويل في جنوب لبنان، في عمليات نسبت الى الدولة العبرية.
وبحسب بيان الحرس الثوري، فإنّ المقرّ المستهدف «كان مركزاً لتوسيع العمليات التجسّسية والتخطيط للعمليات الإرهابية بالمنطقة وداخل إيران على وجه الخصوص». لكن مسؤولا عراقيا بارزا اعتبر أن وجود مقر للموساد هو ادعاء «باطل».
وقال مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي بعد تفقده المكان «تجولنا في كل زاوية من هذا البيت وكل شي يدل على أنه بيت عائلي للسيد رجل الأعمال العراقي من أهالي أربيل، وبالتالي هذا الادعاء باطل وغير صحيح».
ردّ على هجوم كرمان
كما تتبنى هذه الفصائل توجيه ضربات عبر الحدود نحو قواعد في سوريا. وطالت الصواريخ الإيرانية سوريا كذلك.
وأكد الحرس أنه استهدف «أماكن تجمّع القادة والعناصر الرئيسية للإرهابيين (...) وخصوصا تنظيم داعش، في الأراضي المحتلّة في سوريا».
وقال إنّ قصفه هذا أتى «ردّاً على الفظائع الأخيرة للجماعات الإرهابية التي أدّت إلى استشهاد مجموعة من مواطنينا الأعزاء في كرمان وراسك».
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: العراق إقليم كردستان إيران الحرس الثوری فی طهران
إقرأ أيضاً:
هل يتأخر تشكيل حكومة لـإقليم كردستان لما بعد انتخابات العراق؟
ما زالت الأحزاب الكردية الرئيسة عاجزة عن تشكيل حكومة جديدة لإقليم كردستان العراق، وذلك بعد الانتخابات البرلمانية التي شهدها الإقليم الكردي في 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، وتصدّر فيها الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني.
وأظهرت النتائج في وقتها، تقدّم "الديمقراطي الكردستاني"، بـ39 مقعدا، يليه الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل الطالباني بـ23 مقعدا، ثم حركة الجيل الجديد، برئاسة شاسوار عبد الواحد بـ15 مقعدا، وحاز الاتحاد الإسلامي، بقيادة صلاح الدين بهاء الدين على 7 مقاعد.
سيناريو محتمل
لكن واحدا من الأسباب التي تحول دون تشكيل حكومة كردستان العراق، هو دفع بعض الأحزاب إلى تأجيلها لما بعد الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، حسبما كشف زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني.
ورفض البارزاني خلال مقابلة تلفزيونية، الجمعة، أي تأجيل لتشكيل حكومة إقليم كردستان، بالقول: "إننا لن نسمح بأن تؤجل إلى ما بعد إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية، وهذا الأمر غير مقبول نهائيا"، مؤكدا في الوقت نفسه وجود خلافات على توزيع المناصب الحكومية.
وعن طرح هذا السيناريو ومدى واقعيته تطبيقه، أكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبوار بابكي، لـ"عربي21" أن "قوى سياسية طرحت بالفعل هذا السيناريو علينا، لكننا رفضنا هذا الأمر جملة وتفصيلا".
وأوضح مسؤول الفرع العاشر للحزب، أن "سبب رفضنا يأتي من أن المواطنين في كردستان العراق شاركوا في الانتخابات التي كانت حرة وشفافة، وحقق فيها الحزب الديمقراطي على أكثرية المقاعد البرلمانية، وهذا يؤهله إلى تشكيل الحكومة الإقليم".
وأوضح بابكي، أنه "ثمة أكثر من سبب يدفع بعض القوى السياسية لطرح سيناريو تأجيل تشكيل الحكومة إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية العراقية، منها التدخلات الخارجية سواء من دولة معنية في الشرط الأوسط، أو جهات سياسية في بغداد تضغط من أجل عرقلة تشكيلها".
وتابع: "إضافة إلى وجود أسباب سياسية لها علاقة بالشأن الداخلي لأحزاب ادعت أنها قبل انتخابات الإقليم بأنها ستسقط حكومة كردستان وتقزّم دور الحزب الديمقراطي، لكنها فشلت، بالتالي تخشى أن تشارك في تشكيل الحكومة الجديدة لأن انعكاسها سيكون سلبيا على حجمها فيها".
وأشار بابكي إلى أن "تحاول هذه الأطراف ذاتها المماطلة وعرقلة تشكيل الحكومة الجديدة، لكنها هي ذاتها تعلم يقينا أنها لا يمكن أن تلعب دور المعارضة وتكون خارج دائرة الحكم في إقليم كردستان".
وأضاف بابكي، أنه "من منطلق حرصنا على أن تكون هناك وحدة كردية وتوحيد الصف الكردي في كردستان العراق، أكدنا ضرورة أن تكون التشكيلة المقبلة للحكومة على أساس المشاركة الواسعة، بمعنى تشارك فيها كل الأطراف الفائزة بالانتخابات البرلمانية للإقليم".
وشدد على أن الحزب الديمقراطي يرغب في مشاركة جميع القوى الفائزة بانتخابات الإقليم في تشكيل الحكومة الجديدة، وأن تحصل على المناصب حسب الاستحقاق الانتخابي لديها، وبالتالي يشارك الجميع في تحمّل المسؤولية، لكن بعض الأطراف أعلنت أنها ستكون في المعارضة.
ولفت إلى أن "كل الأحزاب ترغب في تحقيق جميع ما تريده من مطالب بشأن تشكيل الحكومة، لكن في النهاية سيقف الجميع عند حدود معينة مقابل تشكيلها، لذلك نأمل أن تضم جميع من فازوا في الانتخابات البرلمانية".
وخلص بابكي إلى أن "المحادثات بشأن تشكيل الحكومة قطعت أشواطا كبيرة، وحصلت تفاهمات مع الاتحاد الوطني الكردستاني بهذا الخصوص، ونحن متفائلون بأن ترى الحكومة الجديدة النور في القريب العاجل".
غياب الأغلبية
وفي المقابل، قال المحلل السياسي من إقليم كردستان العراق، طارق جوهر، إن "السبب الرئيس في تأخر تشكيل حكومة الإقليم يعود إلى عدم وجود أغلبية برلمانية لدى أي كتلة سياسية خلافا للدورة السابقة، وهذا سبب مشكلة كبيرة جعل الحزبين الكرديين".
وأوضح جوهر في حديث لـ"عربي21" أن "الحزبين (الديمقراطي، والاتحاد الوطني)، يصعب عليهما جمع 50 زائد واحد من الأصوات بدون التوافق بينهما أولا، أو الاتفاق مع أطراف صغيرة أخرى، لإكمال نصاب انتخاب رئاسة البرلمان، ورئيس للإقليم، ثم تكليف مرشح لتشكيل الحكومة".
وأكد الخبير الكردي أن "المشكلة الأساسية أيضا، هي استمرار الخلافات بين الحزبين الرئيسين وتباين وجهات النظر فيما يتعلق بإدارة الإقليم والقضاء على الفساد، والشفافية وتقديم الخدمات مع المواطنين، وكيفية التعامل مع الملفات العالقة مع بغداد".
وأوضح جوهر أن "أساس المشكلة هو مبدأ الشراكة والتوافق بين الحزبين، الذي كانت عليه بعد تغيير النظام في العراق عام 2003، واستمرت مدة 10 سنوات، وكان من نتائجها الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، والازدهار في كل المجالات بالإقليم، وتقوية الكيان الفيدرالي لكردستان".
وأردف، قائلا: "الخلافات وغياب التوافق بين الحزبين وضع الإقليم في موقف أضعف تجاه بغداد، لذلك عليهما أن يضعا مصلحة الإقليم فوق الاعتبارات الحزبية، والاتفاق مجددا على الأساسيات الثلاثة، وهي (الشراكة، التوافق، التوازن)، لأنه بدونها لن تُشكل حكومة قوية".
وعن مدى تدخل دول إقليمية في عملية تشكيل الحكومة، قال جوهر إن "إيران وتركيا لها علاقات مع الأحزاب الكردية، لكن من مصلحة الإقليم أن يكون قرار تشكيل حكومته نابع من داخل كردستان العراق، لأن تدخل الدول لن يصب في مصلحة الوحدة الكردية، وتشكيل حكومة قوية".
وخلص جوهر إلى أنه "ليس من مصلحة أي طرف تأجيل تشكيل حكومة الإقليم إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية العراقية، لأن ذلك سيؤدي إلى إضعاف أكثر لموقع حكومة كردستان، والكيان الفيدرالي للإقليم أمام بغداد، وحيال التطورات التي ربما تشهدها المنطقة قريبا".
وفي 23 من الشهر الجاري، التقى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، رئيس حركة "الجيل الجديد" شاسوار عبد الواحد، وأكد أهمية دعم الحوار بين القوى السياسية في إقليم كردستان لتشكيل الحكومة الجديدة، بعد إنجاز الانتخابات بنجاح.