“محور الشر التكنولوجي”.. شريك الكيان الصهيوني في مذبحة غزة
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
الثورة / أنور سلامة
لم تكن قد مضت أيام قليلة على معركة «طوفان الأقصى»، عندما فتحت «فيسبوك» صفحاتها أمام حملة إسرائيلية منظّمة لترويج كذبة قطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء وقتل كبار السن في مستوطنات غلاف غزة.
حرب رقمية
لم يكن ذلك حدثاً عابراً بالنسبة لشركة «ميتا» الأمريكية المالكة لمنصة «فيسبوك»، بل سياسة نشر مدروسة قرّرت الشركة انتهاجها في كل تطبيقاتها لترويج الأخبار الكاذبة، في حربها على المقاومة والقضية الفلسطينية.
مراقبة وتضييق وتجسس
لكن على الرغم من أن منصة مارك زوكربرغ كانت تبدو وكأنها تقود حرب الإعلام الرقمي ضد فلسطين بسبب حضورها الإعلامي الرقمي الواسع، إلا أن «محور الشرّ» التكنولوجي الحقيقي الأكبر، كان يشنُّ الحرب ضد غزة من مكان آخر كلياً وبأساليب مختلفة ومعقدة. هذا المحور مُكوّن من مجموعة شركات التكنولوجيا الأمريكية المتورّطة في مشاريع أجهزة الأمن والجيش الإسرائيلي منذ زمن، سواء في الضفة الغربية لمراقبة وملاحقة أفراد المقاومة وعائلاتهم، أو في القدس للتضييق على السكان الفلسطينيين ودفعهم لترك منازلهم، أو في غزة للتجسّس على حركة «حماس» وباقي الفصائل الفلسطينية المقاومة.
شركة «إنتل» الأمريكية على سبيل المثال لا الحصر، هي واحدة من كُبرى الشركات الداعمة لإسرائيل في حربها على غزة. لقد وقّعت هذه الشركة المتخصّصة في صناعة أشباه الموصلات والمعالجات الرقمية في يونيو الماضي، اتفاقية مع حكومة الاحتلال بقيمة 25 مليار دولار، تحضيراً لتطوير مصنعها المتخصّص في أشباه الموصلات. ويقع المصنع في مدينة كريات غات المبنية على أنقاض قرية عراق المنشية الفلسطينية قرب غزة. أشباه الموصلات التي تصنعها هذه الشركة تُشكّل أحد أهم مصادر المكوّنات المُستخدمة في بعض الأسلحة التي تعتمدها إسرائيل منذ زمن بعيد، خصوصاً أن الشراكة بين «إنتل» وحكومة الاحتلال تعود إلى العام 1974م.
ويمكن القول إنه من دون شرائح «إنتل» لا يمكن الحصول على صواريخ وقنابل ذكية، ويُرجّح خبراء استخدام شرائح «إنتل» في دبابات «الميركافا» (ميركافا – 4 باراك) التي تُصنّعها إسرائيل، وبالتالي تُوفّر لها مجموعة من الميزات القتالية. ويُستخدم هذا النوع من الشرائح في دبابات «الميركافا» ضمن نظام الكتروني مُكرّس للحماية من الصواريخ خصوصاً منها المُوجّه، والصواريخ التقليدية المضادة للدبابات. كذلك يُستخدم هذا النوع من الشرائح لتوفير نظام حماية يعمل على رصد التهديدات وإطلاق الإنذارات، بالإضافة إلى نظام حماية من الصواريخ التي تُطلق من الجو.
نظام »نيمبوس«
كذلك يُمكن تصنيف «ألفابت» المالكة لشركة «غوغل»، كواحدة من صقور «محور الشرّ التكنولوجي» الأمريكي الداعم لدولة الاحتلال. لقد نفّذت هذه الشركة عام 2021م بالشراكة مع شركة «أمازون» مشروعاً بالغ الخطورة لمصلحة إسرائيل، جيشاً وحكومة. يتمثّل المشروع في منظومة ذكاء اصطناعي ونظام رقمي لإدارة أبراج المراقبة المخصّصة لمراقبة وقمع وقتل الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، ويُرجّح البعض استخدامه أيضاً على طول الحدود مع لبنان لكن بالشراكة مع شركة «سيسكو». المشروع الذي بلغت قيمته 1.2 مليار دولار، ونفّذته الشركتان يدعى «نيمبوس»، وهو يُقدّم لحكومة العدو وجيشها نظاماً للحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلّم الآلي.
وبحسب مبادرة «لا تكنولوجيا لنظام الفصل العنصري» (NoTechforApartheid) يمكن استخدام “نيمبوس” لمراقبة واستهداف الفلسطينيين، وتسهيل عملية توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية اعتماداً على بيانات ما يُعرف باسم “إدارة الأراضي الإسرائيلية” (ILA).
وفي سبتمبر من العام 2022م نظّم ناشطون أميركيون احتجاجات في ثلاث مدن أميركية ضد “ألفابت” و”أمازون” للضغط عليهما بهدف إلغاء مشروع “نيمبوس”، الذي وصفوه بأنه عبارة عن أداة مخصّصة لتعميق سياسات الفصل العنصري ضد الفلسطينيين.
لكن قصة “نيمبوس” لا تنتهي هنا، إذ يتهم ناشطون شركتي “ألفابت” و”أمازون” بتنفيذ فصل غير معلن في الاتفاقية الموقعة مع حكومة الاحتلال، يتعلق بتطوير نظام ذكاء اصطناعي للمساعدة على تحديد أهداف برية للطائرات والسفن. وسرت شائعات أن نظام الذكاء الاصطناعي “حبسورا” (Gospel) الذي أعلن عنه الجيش الإسرائيلي أوائل الشهر الحالي، ليس سوى جزءاً من نظام “نيمبوس” أو على الأقل يستفيد منه بشكل كبير. سبب هذا الاتهام الذي وجّهه الناشطون هو أن مشروع “نيمبوس” يتضمن مركزاً للبيانات وأدوات لتحليل البيانات الكبيرة.
توليد الأهداف
ومن المعروف أن الذكاء الاصطناعي في عالم الجيوش يحتاج كما هو الحال في عالم الشركات التجارية، إلى مركز بيانات في الدرجة الأولى، وإلى خدمات الحوسبة السحابية بالدرجة الثانية. وعندما تتوفر هذه الخدمات، يُمكن إضافة طبقة إلى هذا النظام المُعقّد تتضمّن تطبيقات أو أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستطيع تحليل آلاف المعطيات بسرعة وإصدار توصيات حول الأهداف أو ما يُعرف بـ»توليد الأهداف». والأهداف في هذه الحال، قد تكون عناصر ومراكز المقاومة الفلسطينية أو حتى تحركات المقاومة على الحدود مع لبنان. ويستخدم هذا النوع من الذكاء العسكري، البيانات والتحليل الذكي لتحسين عمليات التخطيط العسكرية، وتحسين نظم الأمان والرصد، وتطوير تقنيات الاستشعار والتعرف على الصور، والتفاعل الذكي خلال الحروب الإلكترونية. كما تستفيد منه الروبوتات والطائرات من دون طيار.
لائحة «محور الشرّ التكنولوجي» الأميركي لا تنتهي عند «أمازون» و»ألفابت» و»إنتل»، بل تبدأ عندهم وتشمل شركات مثل «سيسكو»، «اتش بي»، «ديل»، «أوراكل»، «مايكروسوفت»، «إس أيه بي» وغيرها الكثير. والقاسم المشترك بين كل هذه الشركات خلال حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة هو دعمها التكنولوجي غير المشروط لدولة الاحتلال والمستوطنين.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
“نزع سلاح المقاومة”
منير شحادة
نزع سلاح المقاومة أو تسليم سلاح المقاومة، مقولتان انتشرتا مؤخرًا عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، على لسان مسؤولين وإعلاميين. كما جرى التطاول على المقدسات والرموز الدينية بشكل تخطّى الخطوط الحمراء بطريقة أدت إلى بلبلة وإلى احتقان في الشارع اللبناني وإلى التأثير على معنويات جمهور المقاومة.
فخامة رئيس الجمهورية يعرف تعقيدات وحساسية هذا الموضوع، وقال إن حل موضوع السلاح لا يمكن أن يكون إلا بالتروي وبالحوار وغير ذلك سيؤدي إلى خطر على السلم الأهلي، وإنه ضنين على هذا الموضوع ويعتبره خطًا أحمر. واكد أن قرار حصر السلاح وقرار السلم والحرب بيد الدولة قد اتخذ ويبقى آلية التنفيذ التي ستكون من ضمن إستراتيجية أمن وطني وأن التوقيت سيكون في الوقت المناسب.
فريق واحد في لبنان يسعى إلى زعزعة الاستقرار وإلى توتير الأجواء بتصريحات وعنتريات مستخدمًا قوة العدوّ الصهيوني كعصا تهديدية، هذه العصا التي طالما استعان بها خلال الحرب الأهلية، والتي يبدو أنه لا يزال يراهن عليها وكأنه لم يتعلم من التاريخ الذي بسبب هذه العصا تم تدمير لبنان وتقسيمه وتفتيته.
فريقٌ يدعي السيادة وهو بعيد كلّ البعد عنها تعوَّد العيش تحت الوصاية، وفي كثير من الأحيان العمالة، لتماهيه الدائم مع العدوّ الصهيوني.
فريقٌ لا مشكلة لديه إذا دخلت “إسرائيل” إلى وسط العاصمة بيروت، المهم أن يشفي غليله وحقده على المقاومة وسلاحها، مما دعا الأمين العام لحزب الله إلى الخروج بكلمة ليضع النقاط على الحروف والتأكيد أن لا شيء اسمه نزع أو تسليم سلاح المقاومة، واضعًا شروطًا أساسية أولها انسحاب “إسرائيل” من الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها وخروقاتها وتسليم الأسرى والشروع الجدي بإعادة الإعمار، ومن بعدها تصبح المقاومة جاهزة للجلوس على الطاولة لمناقشة الإستراتيجية الدفاعية.
سبق تصريح الأمين العام تصريحٌ للحاج وفيق صفا متحدثًا بنفس الأسلوب، الأمر الذي أدى إلى ارتياح عارم لدى جمهور المقاومة وإلى عودة معنوياتهم التي أصيبت بالإحباط خلال الفترة السابقة.
وقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بمؤيدين ومنتقدين لتصريح الأمين العام لحزب الله واشتعلت حرب تصريحات وتصريحات مضادة.
السلم الأهلي عمود أساسي من أعمدة الوطن، ومن يستسهل زعزعته، يسعَ إلى (خراب البصرة) غير آبه لنتائج هذه المخاطرة التي لدينا تجربة مريرة فيها في الحرب الأهلية عام ١٩٧٥ التي كانت نقطة سوداء في تاريخ لبنان يصر فريق في لبنان على استذكارها والاحتفال والإشادة بها وأنها بطولة من بطولاته بدلًا من إظهار ندمه عليها.
على فرض أننا استفقنا غدًا صباحًا وبسحر ساحر رأينا أن المقاومة قررت تسليم سلاحها للدولة، وقام الجيش اللبناني باستلام هذه الترسانة، وطبعًا قام بتلفها خلال فترة شهر لأنه ممنوعٌ على جيشنا امتلاك أسلحة كاسرة للتوازن. ومن ثمّ استفقنا في صباحٍ آخر لنرى أن المقاومة اتّخذت قرارًا بحل نفسها.
سؤال لكل المطبلين لتسليم السلاح:
– هل هناك ضمانة لانسحاب “إسرائيل” من أرضنا ووقف الاعتداءات؟
أعرف إجابتكم سلفًا:
– فلتسلم المقاومة سلاحها ولكل حادث حديث.
– أو الإجابة المدفونة في أعماقكم: (مش مهم المهم يسلمو سلاحن ونخلص من سماهن)
يريدون وضع العربة أمام الخيل وأن يعطوا مبررًا للإسرائيلي لاستمرار اعتداءاته وخروقاته رابطين ذلك بتسليم سلاح المقاومة.
أي عاقلٍ في هذا العالم يمكن أن يرضى بأن يصبح أعزل عاريًا أمام عدو صهيوني أثبت التاريخ القديم والحديث أنه لا أمان له وأنه لا يلتزم لا بقرارات ولا قوانين ولا اتفاقات دولية وأنه لا ضمانات من دول عظمى لردع هذا العدوّ عن الاعتداء وعن التوسع في احتلاله.
لا أحد في هذا العالم لا يتمنى أن يعيش في بلد يتمتع بسيادة وكرامة ولديه جيش قوي قادر على حماية أراضيه ويكون السلاح محصورًا بيده. لكن كيف ذلك وممنوعٌ على الجيش اللبناني أن يمتلك أسلحة نوعية رادعة لأي عدوانٍ خارجي أم داخلي؟ كيف ذلك ونحن نرى على المقلب الآخر عدوًا جزارًا مدعومًا من طغاة العالم ومحميًّا في المحافل والمحاكم الدولية ويرتكب مجازر دون أي رادع، ويتوسع في أراضي الدول المحيطة به بشعار حق الدفاع عن النفس وهو يعتدي على كلّ المحرمات؟
نحن أصبحنا في عالم تحكمه شريعة الغاب وعميت فيه البصيرة. عالم يحكمه مجانين متفلتون من كلّ الضوابط. عالم ينتشر فيه الخانعون المتزلفون متلطين خلف حبّ العيش ونبذ العنف بينما هم أزلام عند أسياد متسلطين لا رحمة فيهم.
الكرامة والعزة ثمنهما دماء وتضحيات لا يفقهها من لا يمتلكها.