بلينكن: العرب ليسوا حريصين على إعادة إعمار غزة إذا كانت “ستُسوّى بالأرض” مجددا
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الثلاثاء 16 جانفي، إن الدول العربية ليست حريصة على المشاركة في إعادة إعمار غزة إذا كان القطاع الفلسطيني “سيُسوى بالأرض”، مجددا خلال سنوات قليلة.
وأضاف بلينكن في تصريح لشبكة “سي.إن.بي.سي” الإخبارية، على هامش مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس: “الدول العربية تقول انظروا، لن نتدخل في أمور، منها على سبيل المثال، إعادة إعمار قطاع غزة إذا كان سيسوى بالأرض مجددا خلال عام أو خمسة أعوام ثم يُطلب منا إعادة إعماره من جديد”.
ونادى وزير الخارجية الأمريكي خلال حديثه بضرورة التطرق إلى قضية إقامة الدولة الفلسطينية بشكل كامل قائلا: “عليكم حل القضية الفلسطينية”.
وسبق لبلينكن أن أكد في مناسبة سابقة، أن “إتاحة الطريق لإقامة دولة فلسطينية هي أفضل وسيلة لتحقيق الاستقرار في المنطقة على نطاق أوسع وعزل إيران ووكلائها”.
وفي لقاء سابق مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال بلينكن إن “الولايات المتحدة تدعم الخطوات الملموسة نحو إنشاء دولة فلسطينية، إلى جانب دولة إسرائيل، يعيش فيها الطرفان بسلام وأمن”.
وبعد محادثاته مع مسؤولين في كيان الاحتلال، أشار بلينكن إلى أن “عدة دول في المنطقة مستعدة للاستثمار في جهود إعادة الإعمار ودعم الفلسطينيين في حكم وطنهم”.
وكانت تقارير صحفية قد كشفت في نوفمبر الماضي نقلا “عن تحقيق أجراه مسؤولون دوليون”، استعداد دول الخليج لاستثمار مبالغ كبيرة في إعادة إعمار قطاع غزة، لكن بشروط”.
ومن بين تلك الشروط التي وضعتها دول الخليج، لتقديم مساعدات اقتصادية إلى قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب، “إجراء تغييرات كبيرة في السلطة الفلسطينية”، وفق ما نقله المسؤولون الدوليون
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: إعادة إعمار
إقرأ أيضاً:
عيب.. ليسوا أولاد كلب!
صُدم الفلسطينيون وجميع المتابعين لما يجري في غزة بقول رئيس السلطة محمود عباس في شأن المقاومة ومقاتليها عندما وصفهم بـ"أولاد الكلب". هكذا دون تردد ولا حذر، ودون مراعاة لصمودهم وما يتعرضون له من قتل وفتك على أيدي الصهاينة. حدث ذلك علنا في خطابه الافتتاحي في المجلس المركزي الفلسطيني، وعلى الهواء مباشرة. ومهما حاول أنصاره التخفيف من وطأة الكلمة النابية ووقعها السيئ على السامعين، فإن الطامة وقعت، والرسالة وصلت لجميع الأطراف بمن في ذلك قادة العدو، الذين يعملون ليلا نهارا من أجل تصفية القضية وابتلاع الأرض وتهجير سكانها.
للقيادة خصائص وضوابط وأخلاق، والقائد الحقيقي يحترم أبناء شعبه، ويحافظ على كرامتهم، خاصة أمام عدوهم؛ لا يحقّرهم، ولا يهينهم، ولا يقلل من أهميتهم التاريخية حتى وإن اختلف معهم، أو مع جزء منهم؛ لأن في ذلك تصغيرا من شأنه، ودفعهم بالضرورة إلى احتقاره ومعاداته. لا يعني ذلك مجاراتهم وتأييدهم في كل ما يفعلونه ويقولونه، وإنما يخالفهم فيما يعتبره خطأ صريحا، ويواجههم بمواقفه دون تهور أو ابتذال. العنف اللفظي لا يختلف عن رفع السلاح واستعماله ضد المخالفين والخصوم.
لست من المداحين لياسر عرفات، ولكن فيما أعلم كان كثيرا الحرص على رفع معنويات الشعب الفلسطيني، ووصفه في مناسبات كثيرة بكونه "شعب الجبارين"، خاصة خلال المحن الكبرى التي تعرض لها. ولا أعلم أن الفلسطينيين عاشوا محنة أقسى من هذه التي يعيشونها اليوم، وكان يفترض أن يلقوا الدعم المعنوي والسياسي على الأقل من قادتهم، وليس السب واللعن من قبل رمز السلطة.
جاءت نتيجة أعمال "المجلس المركزي" هزيلة ودون تطلعات الفلسطينيين وآلامهم، هذا بشهادة معظم الفصائل التي قاطعت الاجتماع أو لم تُدع إليه. وبدل أن يكون انعقاد المجلس، الذي تأخر كثيرا، فرصة لرص الصفوف وتوحيدها تحت راية واحدة هي راية منظمة التحرير، حصل العكس تماما، حيث ازدادت الفرقة بين مكوناتها، وتعمقت الفجوة بين السلطة من جهة، ومختلف الأطراف الفاعلة، بما في ذلك جزء هام من الفتحاويين الغاضبين على الأسلوب الذي تدار به شؤون السلطة. وبدل أن يحصل تقدم نحو تعميق الحوار وبناء المصالحة الوطنية، تعمق الشك الداخلي، وانسحب المزيد من التنظيمات ذات الوزن، وكان آخر المنسحبين من اجتماع المجلس وفد الجبهة الديمقراطية؛ بحجة "غياب الحد الأدنى من قواعد الحوار حتى قبل انعقاد المجلس" على حد تعبير نائبة رئيس الجبهة.
السياق الراهن سياق خطير جدا يتعلق بمصير شعب مهدد في وجوده، ويتعرض للإبادة بطريقة فجة ومنهجية وعلى المباشر، وكان يُنتظر أن تكون منظمة التحرير الهيكل المناسب للتجميع والتعبئة والتوجيه والضغط، أما أن تتحول المنظمة إلى ساحة للصراع وتعميق والانقسام، وأن تصبح مجرد آلية للتحكم والتسلط، فهذا أمر مشين لا يليق بشعب مكافح وصامد
الفلسطينيون أعلم بشؤونهم، ولكن بما أن قضيتهم هي قضيتنا، وأن مصيرا مشتركا يجمعنا، فإن ما قيل خلال هذا الاجتماع الأخير استفز الكثيرين بشكل واسع.
كان من المهم إحداث منصب نائب لرئيس منظمة التحرير، خاصة وأن أبا مازن تقدم به السن بعد رئاسة للمنظمة استمرت حتى الآن ثلاثين عاما، لكن الاقتصار على هذا القرار اليتيم الذي انعقد من أجله المجلس المركزي بعد انتظار طويل، أمر لافت للنظر، فالظرف الحالي ليس عاديا حتى تتم مناقشة مسألة تنظيمية كان بالإمكان حسمها في سياق آخر، أو على الأقل لا يخصص لها كل وقت الاجتماع.
السياق الراهن سياق خطير جدا يتعلق بمصير شعب مهدد في وجوده، ويتعرض للإبادة بطريقة فجة ومنهجية وعلى المباشر، وكان يُنتظر أن تكون منظمة التحرير الهيكل المناسب للتجميع والتعبئة والتوجيه والضغط، أما أن تتحول المنظمة إلى ساحة للصراع وتعميق والانقسام، وأن تصبح مجرد آلية للتحكم والتسلط، فهذا أمر مشين لا يليق بشعب مكافح وصامد.
بهذه الطريقة وبهذا السلوك لا يمكن الاستجابة لأي طلب يقدم لحركة حماس ولجميع فصائل المقاومة، لقد طلب منها أبو مازن تسليم الرهائن الإسرائيليين دفعة واحدة بدون مفاوضات وبدون مقابل، كما طلب منها تسليم سلاحها بلا قيد ولا شرط، وطلب منها أن تنسحب من غزة وتسلمها له دون نقاش، وأن تتحمل نتائج الحرب وحدها. هل هناك قائد سياسي يمكن أن يجرؤ على عرض مثل هذه المطالب وغيرها في لحظة فارقة من تاريخ بلده، ودون أن يشعر بالحرج، ولا يفكر حتى فيما ستسجله كتب التاريخ؟
رجاء، لا تجعلوا قصة آخر ملوك الأندلس تتكرر، فقد قيل أن أبا عبد الله محمد الثاني عشر باع لملك القشتاليين أملاكه في الأندلس ثم غادرها، وذلك في 7 آب/ أغسطس 1493م، فقالت له أمه "ابكِ مثل النساء ملكا مضاعا، لم تحافظ عليه مثل الرجال".