لجريدة عمان:
2024-10-05@02:43:47 GMT

شعب فلسطين الحُر

تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT

لا بد من أن نعترف أننا كشعوب عربية قد تفرقت لحمتنا، ولم نعد نعرف بعضنا بعضًا حق المعرفة، أصبحنا شعوبًا لا يربط بيننا سوى اللغة؛ وبالتالي فإننا نلتقي بعضنا ببعض كما لو كنا أجانب لا تربطنا هوية عميقة مشتركة. بل إن صورة أقرب الشعوب إلينا قد تكون صورة مشوهة هي أبعد ما تكون عن الحقيقة، وهذا يصدق بوجه خاص على الصورة الذهنية التي راجت عن شعب فلسطين باعتباره شعبًا يحوي جماعات دينية متطرفة تُسمى حماس وسرايا القدس والجهاد الإسلامي.

وفي مقابل هؤلاء هناك جماعات أخرى من الفلسطينيين يتم الترويج لها واحتضانها في إسرائيل وتلقى رضا في العالم الغربي، معظم هؤلاء ينتمون إلى عرب 48 (أو ما يسمون عرب إسرائيل) ممن ارتضوا التعايش مع الكيان الصهيوني وحصل بعضهم على جنسيته، وأصبحوا متعاطفين أو متوافقين مع هذا الكيان الذي منه يرتزقون. بل إن بعض هؤلاء تروج لهم أجهزة الإعلام الإسرائيلية والغربية باعتبارهم الطبقة العربية المستنيرة في إسرائيل التي تمارس فتياتها الرقص شبه عاريات متحررات من هويتهن ودينهن! وذلك باعتبار أن هذا هو النموذج الذي ينبغي أن يكون عليه الفلسطيني. تروج أجهزة الإعلام الغربية لهؤلاء، ومنها على سبيل المثال برامج عديدة في BBC الموجهة إلى القارئ العربي! ويمكن لمن شاء أن يرجع إلى برامج تلك القناة في هذا الشأن؛ إذ تخصص هذه القناة برامج لعروض فتيات فلسطينيات يمارسن ألعاب الرقص والأكروبات في إسرائيل، وتحتفي بهن باعتبارهن المثال الذي ينبغي أن تكون عليه المرأة الفلسطينية. يحدث هذا بطريقة ماكرة خبيثة؛ ولكن النساء والرجال الذين يتم الترويج لهم في هذه البرامج لا علاقة لهم بالنساء والرجال في فلسطين، وهذا ما سوف نتطرق إليه فيما بعد.

إن الصورة الذهنية السلبية التي تشكلت لدى الكثيرين فيما مضى عن الفلسطيني باعتباره إما متطرفًا أو متصهينًا، هي نوع من الأخطاء الكبرى التي تنتج عن التعميم. ولكن بمرور الوقت، وبظهور المقاومة الفلسطينية على الساحة منذ عقود، خاصةً في هذه الآونة الأخيرة التي أصبحت على مرأى ومسمع من العالم بفضل الإعلام، وبفضل ما يُنقل إلينا من خلال إعلام المقاومة نفسه الذي تطور كثيرًا- بفضل ذلك كله وغيره بدأت النظرة تتغير إزاء هذا الشعب الذي ينبغي أن نضعه تاجًا فوق رؤوسنا جميعًا، وكأنه الشعب الوحيد الذي يجعلنا ندرك أن العروبة لا تزال تنبض بقوة في دمائنا. لقد بدا واضحًا بمرور الوقت أن حماس وغيرها من المنظمات ليست منظمات إرهابية كما تحب إسرائيل وأعوانها من الغرب تسميتها بهذا الاسم، وإنما هي منظمات مقاومة تدافع عن حقوقها في الأرض المكفولة بقرارات أممية، ولكن هيهات؛ فالعدوان الإسرائيلي لا يعتد بهذه القرارات الدولية ويمارس استبداده واقتطاع المزيد من أراضي فلسطين على الدوام، بل يمارس الآن نوعًا من الإبادة الجماعية لهذا الشعب بوحشية لم يسبق مثلها في التاريخ.

ومن الواضح أن وصف هذه المنظمات بأنها إرهابية هي فرية، ليس فقط لأن من يدافع عن أرضه لا يمكن وصفه بأنه إرهابي، وإنما أيضًا لأن الشعب الفلسطيني في مجمله يقف وراء هذه المنظمات التي يسميها عن حق بالمقاومة، وهو يدعم هذه المقاومة بدمائه. وهذه الحالة الأخيرة تستحق أن نتوقف عندها:

تعرض الشعب الفلسطيني لعدوان وحشي إسرائيلي يفوق وحشية النازية وكل الحروب الوحشية السابقة في التاريخ: عدوان وحشي يستهدف المدنيين ويدمر المباني التي يسكنونها لتكون قبورًا لهم: شيوخًا ورجالًا ونساءً وأطفالًا ورضَّعًا، حتى إن عدد الأطفال الذين قُتلوا في هذا العدوان الوحشي يفوق العشرة آلاف حتى الآن! ومع ذلك فإننا لم نسمع واحدًا ممن فقد ذويه- سواء كانوا آباءه أو إخوته أو أبناءه- يُلقِي باللائمة على رجال المقاومة الذين خاضوا هذه المعركة، بل إننا نجد كل واحد منهم يقول إن هؤلاء شهداء المقاومة، وكأنَّ كل فرد منهم يريد أن يدعم المقاومة ويشكل ظهيرًا قويًّا لها ولو ببذل دماء الأحباب.

الأمثلة على ذلك عديدة، بل إنها تطالعنا كل لحظة على شاشات التليفزيون، فنحن نشاهد الرجال والنساء والأطفال لا يذرفون الدموع، ولا يهابون الموت، وينظر كل واحد إلى نفسه بوصفه مشروع شهيد؛ وهم بذلك يبرهنون لنا على أن شعب فلسطين الحقيقي لا يمكن اختزاله في جماعات المقاومة؛ لأن الشعب بأسره -رجالًا ونساءً وأطفالًا- هم شعب مقاومة يدعم ويحتضن تلك الجماعات التي تمارس المقاومة العسكرية نيابة عن الشعب كله. وهذه هي المعضلة الكبرى التي تواجهها إسرائيل ولن تستطيع الفكاك منها، وهي أنها بإزاء شعب كامل لا يعرف سبيلًا آخر سوى المقاومة دفاعًا عن أرضه المغتصبة. ومن المدهش أن تجد أن روح هذه المقاومة لا توجد فحسب بين رجال المقاومة الذين يحملون السلاح، بل بين النساء اللاتي يحتفين بمقتل أزواجهن باعتبارهم شهداء يُزَّفون إلى الجنة، وبين الأطفال أنفسهم الذين فقدوا ذويهم ولكنهم يصرون -على حداثة سنهم- على مواصلة كفاح شهدائهم والسير في إثرهم من أجل إحياء ذكراهم وتحقيق حلمهم في النهاية بالانتصار على أعدائهم. ومن المدهش أن تجد هؤلاء الأطفال يتحدثون وكأنهم رجالًا كبارًا قد صهرتهم وأنضجتهم مآسي الحياة. هذه القوة والصلابة هي ما يجب أن نتعلمه جميعًا من الفلسطينيين؛ ولذلك فإننا يجب أن نضعهم تاجًا على رؤوسنا جميعًا، باعتبارهم تجسيدًا حقيقيًّا لمعنى الحرية، حتى وهم تحت الاحتلال: فالحرية ببساطة هي القدرة على أن نقول «لا»، وعلى رفض الظلم والعدوان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: رجال ا

إقرأ أيضاً:

تظاهرات يمنية تضامنا مع فلسطين ولبنان وإحياءً لذكرى طوفان الأقصى

تظاهر آلاف اليمنيين، اليوم الجمعة، في عدد من المحافظات، تنديدا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وتضامنا مع الشعب الفلسطيني.

 

وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لليوم الـ 364 على التوالي، عبر شن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، والأحزمة النارية مع ارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 90 % من السكان.

 

وشهدت مدينة صنعاء، خروج الآلاف في تظاهرة حاشدة تحت عنوان "وفاء لشهيد المسلمين.. مع غزة ولبنان معركة واحدة حتى النصر"، دعما لصمود ومقاومة غزة ولبنان في مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي.

 

ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية ولافتات منددة باستمرار "العدوان" الإسرائيلي على غزة وتواصل الضربات الأمريكية البريطانية على اليمن.

 

وردد المحتجون، هتافات معبرة عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني واللبناني، وتنديدا بجرائم الكيان الصهيوني، معبرين عن إدانتهم الشديدة لاستمرار التخاذل العربي والإسلامي إزاء ما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني من مجازر وحشية وحرب إبادة وتجويع وتعذيب وقتل جماعي من قبل كيان العدو الصهيوني بمشاركة أمريكية ودعم غربي.

 

وقال بيان التظاهرة، إن "العدو الصهيوني ما يزال يواصل جريمة القرن في غزة بوحشية غير مسبوقة وجريمة إبادة جماعية لا مثيل لها في هذا العصر، وحصار خانق مميت، بمشاركة أمريكية ودعم من بعض الدول الأوروبية والغربية، في ظل صمت عالمي معيب، وتخاذل عربي واسلامي مخز ومهين، بل وامتدت جرائمه الوحشية لتطال الضفة الغربية".

 

وأشادت الحشود، بالصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، واستبسال وشجاعة أبناء غزة وفلسطين في مواجهة التوحش والإرهاب الصهيوني والأمريكي الذي يستمر في ارتكاب مجازر وجرائم الإبادة ضد الفلسطينيين.

 

واستنكر بيان التظاهرة، مواصلة العدو الصهيوني لحرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة لليوم الـ364 أمام مرأى ومسمع العالم، بدعم أمريكي وغربي غير مسبوق، وتواطؤ وتخاذل عربي وإسلامي مخزي.

 

ورفعت الحشود في التظاهرة، الأعلام اليمنية والفلسطينية واللبنانية، وحزب الله والشعارات المؤكدة على الوفاء لأمين حزب الله حسن نصر الله، وللشعبين الفلسطيني واللبناني والمجاهدين في غزة وفلسطين المحتلة ولبنان.

 

وحملت الجماهير صور أمين حزب الله حسن نصرالله وشهداء المقاومة الذين ارتقوا على طريق القدس نصرة للأقصى وغزة والتصدي للعدوان الصهيوني الأمريكي ومؤامراته التي تستهدف الأمة العربية والإسلامية ومقدساتها.

 

وباركت التظاهرة، الرد الإيراني الذي استهدف قواعد ومعسكرات ومطارات العدو الصهيوني، ردا على جرائمه الوحشية بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني واستهداف قادة المقاومة.

 

وشهدت مدينة تعز اليوم الجمعة، وقفة احتجاجية حاشدة دعمًا للمقاومة الفلسطينية وتنديدا بالعدوان الصهيوني المتواصل على غزة منذ عام.

 

واحتشد المئات من المواطنين في ساحة الحرية وسط مدينة تعز استجابة لدعوة الهيئة الشعبية لنصرة فلسطين.

 

ورفع المحتجون الأعلام الوطنية والفلسطينية ولافتات كتب على بعضها: "طوفان الأقصى عنوانا لإرادة المقاومة وحتمية التحرير"، "العدوان الصهيوني على فلسطين ولبنان جريمة ضد الانسانية".

 

وردد المتظاهرون هتافات منها: "غزة يا أم الاحرار.. أعلنيها انتصار" "اكتوبر شهر الطوفان.. ضد المحتل الجبان" "يا سرايا يا قسام.. دكوا أوكار الإجرام".

 

وأكد المتظاهرون بانه لولا الدعم الامريكي والغربي اللامحدود للكيان الصهيوني لما تمادى في جرائمه مؤكدين بان غرة عرت المجتمع الدولي واكذوبة القانون الدولي الذي يتم تفعيله في اماكن دون اخرى.

 

وطالب المشاركون بإيقاف مسلسل الحرب الصهيونية التي خلفت 138.314 شهيدًا وجريحًا معظمهم من النساء والاطفال وايقاف حرب التجويع الممنهج وادخال المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية لإنقاذ السكان.

 

وتتزامن الوقفة مع الذكرى الأولى ليوم السابع من أكتوبر الخالدة في تاريخ فلسطين والامة العربية والاسلامية الذي تحدت فيه المقاومة الفلسطينية ترسانة الاحتلال والحقت به هزيمة يحاول طمسها حتى اليوم.

 

وشهدت مدينة مأرب شمال شرق صنعاء، تظاهرة منددة باستمرار جرائم الكيان الصهيوني بحق سكان قطاع غزة منذ قرابة العام.

 

ورفع المحتشدون العلمين اليمني والفلسطيني ورددوا هتافات تؤكد موقف اليمن الثابت في الوقوف والتضامن مع الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

 

كما رددوا هتافات تستنكر حملة القمع والاعتقالات الواسعة التي تنفذها جماعة الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرتها بحق المحتفلين بالعيد الوطني بذكرى ثورة سبتمبر المجيدة.

 

وحيا المحتشدون الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، وجددوا دعوتهم للمجتمع الدولي للوقوف مع أبناء غزة والعمل على وقف العدوان الصهيوني وتفعيل القرارات الأممية وقرارات المحكمة الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلي وقادته.

 

واستنكر المحتجون استمرار مسلسل التجويع للشعب الفلسطيني، وطالبوا الدول العربية والإسلامية بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة والوقوف ضد جرائم الاحتلال، مؤكدين استمرار الشعب اليمني في تضامنه ودعمه ومساندته لأبناء فلسطين.

 

وجدد المتظاهرون دعوتهم للمجتمع الدولي والضمير الإنساني العالمي، بتحمل مسؤولياتهم تجاه هذا العدوان الغاشم المستمر منذ قرابة العام.

 

وثمن المتظاهرون التضحيات الجسيمة التي يقدمها الفلسطينيون في سبيل الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم من الكيان الصهيوني الغاصب.

 

واستنكر المتظاهرون، الصمت الدولي تجاه الوضع الإنساني الذي يعيشه أكثر من 1.9 مليون نازح فلسطيني بالتزامن مع نقص شاحنات المساعدات الى 15 شاحنة فقط في سبتمبر.

 

وفي ذمار وإب والحديدة وعمران وصعدة، وبقية المحافظات، تظاهر آلاف المواطنين تضامنا مع أبناء غزة، مشددين المحتجون على ضرورة وقف الحرب المتواصلة على قطاع غزة ووقف جرائم الاحتلال، مطالبين بمحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم في القطاع والتي استهدفت كل شرائح الشعب الفلسطيني.

 

وحمل المشاركون في الإحتجاجات، الإدارة الأمريكية كامل المسؤولية القانونية والحقوقية عن سقوطها الأخلاقي والقيمي، وانخراطها في جرائم الإبادة الجماعية من خلال استمرار مدّ العدو الصهيوني بالأسلحة الفتاكة.


مقالات مشابهة

  • تظاهرات يمنية تضامنا مع فلسطين ولبنان وإحياءً لذكرى طوفان الأقصى
  • لجان المقاومة في فلسطين تشيد بخطاب قائد الثورة الإسلامية
  • مقررة أممية تطالب الجامعات بـ مراجعة السياسات القمعية التي تستهدف التضامن مع فلسطين
  • 13 مسيرة بتعز وفاء لشهيد المسلمين وتضامناً مع فلسطين ولبنان
  • المقاومة العراقية تضرب 3 أهداف للعدو الصهيوني في شمال فلسطين المحتلة
  • بالفيديو.. إيران تعرض الصواريخ التي قصفت إسرائيل وخامنئي: ما قمنا به الحدّ الأدنى من العقاب
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • سفير فلسطين يستعرض مع النائب عيسى الشريف مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة
  • نبارك الرد الإيراني الذي طال بضربة قاصِمة على رؤوس الاحتلال المُجرم