«إسلام»: «الدنيا نورت لما أنقذوني»
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
مع كل إشراقة جديدة يقف «إسلام إبراهيم»، أحد نزلاء مراكز الإيواء، ليشاهد الصباح وهو يتنفّس، ويحن لتلك الأيام التى كان يقف فى نفس الوقت بالصباح، ولكن فى محافظة البحر الأحمر، حيث كان يعمل هناك فى أحد الفنادق الشهيرة، قبل أن يترك العمل، ليجد نفسه مشرداً فى الشارع.
سنوات الغربة التى عاشها «إسلام» منذ نعومة أظافره جعلته لا يفكر سوى فى نفسه فقط، لم يكن يهتم بشئون والده أو شقيقه، كان شغله الشاغل فى تلك الفترة التى يعتبرها الستينى «مرحلة الذهب والثراء» هو جمع الأموال والعيش بحرية دون التواصل مع عائلته، وهنا يكمن سر مكوثه فى مؤسسة الإيواء، رغم أن والده على قيد الحياة.
عن تلك الفترة يقول «إسلام»، إنه كان يعمل فى مجال السياحة وكانت أموره المادية مستقرة إلى حد كبير، لدرجة أنه كان كثيراً ما يفكر فى الهجرة إلى إحدى الدول الأوروبية: «كنت سخى ومعايا قرش، وكنت على درجة مدير فندق، ولما سيبت الفندق اللى كنت شغال فيه، دورت كتير على شغل، لكن ماكنتش بالاقى علشان البوزيشن اللى وصلت له كان عالى، وماكانش حد محتاجه، الكل كان محتاج عمالة». بدأت رحلة البحث عن عمل ولكن دون جدوى، فلم يتمكن «إسلام» من الحصول على فرصة عمل مناسبة، ولكنه كان ينفق ببذخ شديد، أهدر الرجل جميع مدخراته خلال رحلة البحث عن عمل، ليجد نفسه مشرّداً فى شوارع الغردقة، وهنا بدأت المأساة: «فضلت سنة كاملة قاعد فى شوارع الغردقة، وبعد كده رُحت شرم الشيخ، وهناك كل فلوسى خلصت، وقررت أرجع القاهرة، لكن ماكانش عندى مكان أقعد فيه، رغم أن والدى عايش مع أخويا، وده لأنى ماليش عين بصراحة أروح لهم، لأنى وقت ما كان معايا وغنى ماكنتش باسأل عنهم».
«كنت قاعد تحت كوبرى عين شمس باكل من إيد الناس اللى بيعطفوا عليّا»ورغم فترة الثراء التى عاشها الستينى قبل خسارة كل شىء، إلا أنه لم يتزوج، لكونه كان يخطط للزواج من إحدى الدول الأوروبية ولكن خاب ظنه وخسر: «لاقيت نفسى فى الشارع، كنت قاعد تحت كوبرى فى عين شمس، وبعد كده رُحت مصر الجديدة، وفضلت هناك شهور، باكل من إيد الناس فى الشارع اللى كانوا بيعطفوا عليّا بسبب حالتى، وفجأة اللى ماكنتش عامل حسابه حصل ودار الإيواء عرفت بحالتى».
عن ذلك اليوم، يقول «إسلام»، إنه كان جالساً كعادته فى الشارع ووجد أحد المواطنين يقترب منه ويخبره بأنه سيقوم بمساعدته بالتواصل مع إحدى دور الإيواء، وبالفعل تواصل مع فريق الإنقاذ، الذى بدوره انتقل على الفور إلى المكان الذى يجلس فيه وأنقذوه وكتب له القدر حياة جديدة: «دخلت المؤسسة، ومن وقتها والدنيا نورت، والمؤسسة لما عرفت حكايتى تواصلوا مع أبويا وأخويا وجم فعلاً زارونى كذا مرة هنا، لكن لأنى مرتاح هنا ومش عايز أكون حمل تقيل عليهم قررت أكون هنا».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: التضامن القيادة السياسية حياة كريمة فى الشارع
إقرأ أيضاً:
لا مكان لسنّة لبنان خارج لبنان أولاً
كتب قاسم يوسف في" نداء الوطن": استكمل السنّة في لبنان تأكيد المؤكد بعد عقدَين كاملين من التجارب والكبوات والمنزلقات القاتلة، اختبروا فيهما كل أنواع القهر والمظلوميات والضغوط القصوى، من الداخل ومن الخارج، لكنهم لم ينجرفوا، ولم يسلكوا درب المغامرات. وظلت أكثريتهم الكاثرة في صلب المعادلة الوطنية التي حسمت نهائية الكيان اللبناني وأولويته، باعتباره حصنهم الحصين، بعد أن كان في أدبياتهم جزءاً لا يتجزّأ من بحر سنّي هادر يمتد من سواحل الهند إلى شواطئ المغرب.قبل غزة، كان جرحهم المفتوح في سوريا. تعاطفوا مع ثورتها الهائلة كما لم يتعاطفوا مع قضية في تاريخهم، لكنهم لم ينجرفوا. وظلت حركتهم السياسية والاجتماعية تحت سقف الممكن والمتاح، قبل أن يعودوا ويلفظوا كل أولئك الذين سلكوا درب السلاح أو حرّضوا عليه. السنّة في لبنان، بأكثريتهم الكاثرة، هم أهل دولة، وأبناء الانتظام العام، يريدون أن يعيشوا حياة طبيعية وهادئة، في دولة سيدة وحرة ومستقلة ومزدهرة وعادلة ومحايدة ومتفاهمة مع محيطها، يريدون دولة حقيقية يأخذون فيها حقوقهم ويقدمون واجباتهم كمواطنين طبيعيين، ويرفضون أن تتحول بلادهم إلى ساحة لحروب الآخرين تحت أي عنوان من العناوين، قد يتعاطفون مع هذا أو ذاك، وقد يعبّرون عن تعاطفهم كما تُعبّر كل الشعوب في العالم، لكنهم يرفضون الانجراف إلى الهاوية، ويرفضون أخذ بلادهم إلى الجحيم.
وكتب طارق أبو زينب في" نداء الوطن": حاول المحور الإيراني الالتفاف على الطائفة السنية لاستقطاب المسلمين السنة ودعم بعض الأحزاب والحركات بالمال والسلاح تم تشكيلها في عدة مناطق لبنانية، وعلى رغم أنه أسس "سرايا المقاومة" من الشبّان السنة، فإن الكثيرين لم يتجاوبوا مع دعوته في الشارع السني. وكما تفرد بقرار الحرب عام2006، تفرد بقرار المشاركة في حرب طوفان الأقصى وأسماها حرب الإسناد والمشاغلة. تأثر جزء من الشارع السني بهذه الحرب وفتحت شهية بعض شبان السنة من خلال العمل على التطوع والقتال إلى جانب "حزب الله".
تقول أوساط سنية إن معظم المنتمين للطائفة السنية العروبية لم ينزلقوا إلى المحور الإيراني وينبذون السلاح غير الشرعي، والطائفة السنية مرجعيتها دار الفتوى التي أثبتت أنها جامعة لكل اللبنانيين، أما العمل على عسكرة جزء من الشارع السني في لبنان للقتال إلى جانب "حزب الله"، فإن هذا الأمر يصب في مصلحة الحزب السياسية.