لماذا إطالة حرب غزة مرهونة بمزاج نتنياهو؟ خبراء ومحللون يجيبون
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
أجمع خبراء ومحللون على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد إطالة الحرب على قطاع غزة لأطول فترة ممكنة، وسط تباين في الآراء بشأن حجم الضغط الذي تمارسه الإدارة الأميركية على تل أبيب لوقفها.
وقال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي -في حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- إن إطالة الحرب رهن قرارات نتنياهو حتى تلجم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الحكومة الإسرائيلية، مؤكدا أن "واشنطن تستطيع إن أرادت، ولكنها لا تريد".
وأشار إلى أن نتنياهو يستخدم دماء الفلسطينيين من أجل بقائه بالحكم ولأهداف انتخابية، مبينا أن إسرائيل في أزمة لأنها فشلت في تحقيق أهداف الحرب، في حين انفجرت التناقضات داخل مجلس الحرب، مؤكدا أن تصريحات بعض أعضاء مجلس الحرب أبرز دليل.
ولفت إلى أن واشنطن لو كانت تريد وقف الحرب "لوافقت على تمرير قرار بمجلس الأمن"، بل أنها لجأت للتصعيد بالبحر الأحمر في توسيع للصراع، واصفا ما يحدث بأنه نفاق للتغطية على عدوان لم يشبه له مثيل خلال القرن الحديث.
وحول رؤية واشنطن لليوم التالي الحرب التي تقوم على التطبيع الإقليمي والأمن لإسرائيل ودولة للفلسطينيين، قال البرغوثي إن الترتيب يظهر كل شيء "فالتطبيع استخدم من قبل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، وكذلك الأمر بالنسبة لنتنياهو وبايدن".
وتساءل البرغوثي "كم ألف طفل جديد يجب أن يموتوا؟، وكم حجم الدمار المطلوب بغزة لكي تضغط واشنطن على تل أبيب؟"، مؤكدا أن نتنياهو يريد قتل جميع الأسرى الإسرائيليين للتخلص من هذا الملف.
وفي مواجهة كل هذا، طالب البرغوثي بضرورة التوافق على قيادة فلسطينية موحدة وتشكيل حكومة وطنية مؤقتة تعد بإجراء انتخابات في طريق إنهاء الاحتلال، الذي يواجه خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، فضلا عن حصار عالمي وتصاعد حركة المقاطعة ضد إسرائيل.
إحباط أميركي
بدوره، يعتقد الدبلوماسي السابق بالخارجية الأميركية تشارلز دان أن نتنياهو يريد استمرار الحرب لأشهر، رغم أن إسرائيل لا تملك مخرجا نهائيا لها.
واختلف الدبلوماسي الأميركي مع البرغوثي، رافضا الرأي القائل بأن واشنطن لا تريد إنهاء الحرب، مستندا إلى أن إدارة بايدن حاولت جاهدة للحيلولة دون اتساع نطاق الحرب، وأرسلت رسائل لإيران وحذرت الحوثيين.
ومع أنه أقر بأن واشنطن اتخذت موقفا مناصرا لإسرائيل، لكنه استدرك بالقول إن "هذا لا يعني أنها لا تريد وقف الحرب"، مبينا أن الولايات المتحدة تبنت موقفا تقليديا داعما لإسرائيل، ومع ذلك طالبت بتخفيف حدة العمليات في غزة، ولكنها لم تنجح في إقناع الإسرائيليين.
وأشار إلى أن بايدن تعرض لكثير من الرفض الإسرائيلي لمقترحاته حول كيفية إنهاء الحرب وأنه "ليس سعيدا بما تلقاه من ردود"، قبل أن يضيف أن واشنطن لم تفرض ضغوطا قوية على لإسرائيل، ملوحا بأن صبر الإدارة الأميركية بدأ ينفد، وأن هناك شعورا بالعجز في صفوفها تجاه موقف تل أبيب.
أسباب إطالة الحرب
من جانبه، عدد الخبير بالشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى أسبابا حول تمسك نتنياهو بإطالة الحرب، منها رغبته في البقاء بالمشهد السياسي، استنادا لقاعدة شعبية إسرائيلية لا تزال تريد استمرار الحرب، علاوة على أن الحكومة اليمينية تربط إطالة الحرب ببقائها، ووقفها يعني تفكيكها.
وإضافة إلى ذلك، ترغب المؤسسة العسكرية بإسرائيل في إطالة الحرب، لأن هيبتها تعد قضية مركزية، كما ترغب في إعادة ترميم حالة الردع أمام الأعداء، وفق مصطفى.
وحول ملف الأسرى، لفت الخبير بالشأن الإسرائيلي إلى أن عائلات هؤلاء المحتجزين تدرك أن نتنياهو غير جاد في حله "لذلك اتجهوا إلى عضو مجلس الحرب بيني غانتس الأكثر عقلانية"، الذي قال سابقا إن هذا الموضوع لديه يعتبر الأولوية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إطالة الحرب أن نتنیاهو أن واشنطن إلى أن
إقرأ أيضاً:
لماذا توقفت أميركا عن تأييد الدعم السريع؟
في أواخر يوليو/تموز 2024 أبلغ المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيريلو، الحكومة السودانية أنه سيزور السودان في الثامن من شهر أغسطس/آب من نفس العام برفقة مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية السفيرة سامانثا باور، وذلك للتباحث حول سبل إنجاح المبادرة الأميركية الخاصة بإنهاء الحرب في السودان عبر مفاوضات (جنيف) التي حُدد لها يوم الرابع عشر من نفس الشهر.
لكن بيريلو وضع شرطًا غريبًا لإتمام زيارته، وهو أن تتم المباحثات مع الجانب السوداني في مطار بورتسودان، وتحت حراسة مشددة من قبل فريق حراسة أميركي خاص، مبررًا ذلك بعدم استتباب الأوضاع الأمنية بالبلاد، الأمر الذي رفضته حكومة السودان، مما أدى إلى إلغاء الزيارة.
لكن، وبعد مرور قرابة أربعة أشهر على إلغاء تلك الزيارة، عاد المبعوث الأميركي وطلب زيارة السودان، ووافقت الحكومة السودانية على طلبه غير المشروط هذه المرّة، مما يُعتبر إقرارًا ضمنيًا – بمفهوم المخالفة – بشرعية الحكومة، وبأن الوضع الأمني مستتب وليس هناك ما يدعو للخوف والقلق.
وتمت الزيارة يوم الاثنين الماضي، حيث قابل بيريلو رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان بمكتبه بالعاصمة المؤقتة بورتسودان، كما قابل أيضًا نائب رئيس مجلس السيادة الفريق مالك عقار، وأجرى مباحثات مع وزير الخارجية السوداني علي يوسف، وقابل السلطان بحر الدين سلطان (دار مساليت)، وهي إحدى إثنيات إقليم دارفور ذات الأصول الأفريقية وحاضرتهم مدينة (الجنينة) التي تقع في أقصى غرب إقليم دارفور ومتاخمة لحدود السودان مع دولة تشاد.
وقد تعرضت هذه الإثنية لعمليات إبادة جماعية على أساس عرقي وعمليات تهجير واغتصاب للنساء، ودفن المئات منهم وهم أحياء على أيدي قوات الدعم السريع التي تحتل المدينة منذ قيام الحرب وحتى الآن، وهي مقابلة لم تتجاوز المواساة وإظهار الأسى والأسف بعد فوات الأوان.
وبحسب السفير محمد عبدالله إدريس، سفير السودان لدى واشنطن، فإن مباحثات المبعوث الأميركي للسودان "تطرقت إلى خارطة طريق لإنهاء الحرب، وكيفية إيصال المساعدات الإنسانية، ورتق النسيج الاجتماعي، فضلًا عن العملية السياسية كمخرج نهائي لما بعد الحرب".
ويصف الكثير من المراقبين للشأن السوداني زيارة بيريلو الأخيرة هذه بأنها زيارة "علاقات عامة"، تأتي في سياق المراجعة الأخيرة للملفات في أضابير مكتب الرئيس بايدن قبل رحيله عن المكتب البيضاوي بلا رجعة.
أرادت إدارة بايدن والحزب الديمقراطي أن تترك أثرًا يُحسب لها في ملف السودان الذي لم تتعاطَ معه بجدية، وسايرت فيه قوى إقليمية صغيرة حديثة الولادة كانت هي السبب في تأجيج الأزمة بالدعم المالي واللوجيستي والعسكري والدعائي لقوات الدعم السريع، ولم تتعاطَ مع الملف بصفتها قوة عظمى ينبغي أن تنظر لساحة السياسة الدولية بمنظار كلي يجعل من حفظ الأمن والسلم الدوليين قيمة عليا وغاية سامية تسعى إلى تحقيقها انطلاقًا من كونها تمتلك كل الموارد والإمكانات اللازمة والضرورية لتحقيقها.
كان في مقدور إدارة بايدن إدارة ملف الأزمة في السودان بصورة أكثر نجاعة وأكثر احترافية بما يفضي إلى حل مُرضٍ يكون أنموذجًا يُحتذى إقليميًا على الأقل. لكنها آثرت أن تحرز هدفًا في مرماها في اللحظة الأخيرة، من حيث أرادت تشتيت الكرة بعيدًا عنه. فقد صرّح بيريلو في لقائه بوزير الخارجية السوداني بأنه لا يرى مستقبلًا سياسيًا أو عسكريًا للدعم السريع في السودان.
فهل اكتشفت إدارة بايدن فجأة وهي تلملم أوراقها ومتعلقاتها لمغادرة البيت الأبيض، وبعد مرور 19 شهرًا من الحرب في السودان وما صاحبها من فظائع وانتهاكات جسيمة ومجازر مروعة ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في حق المدنيين، أن هذه المجموعة المسلحة لا تصلح لأي دور سياسي أو عسكري في مستقبل السودان؟!
ألم تكن إدارة بايدن بما أوتيت من قوة ومن مؤسسات استشارية وأدوات استشعار مبكر وما تملكه من وسائل صنع القرار ومستودعات الفكر التي ترفدها بالمعلومات الموثقة، أن تصل إلى حقيقة ألّا مستقبل للدعم السريع في السودان فلا ترمي بثقلها خلف "الاتفاق الإطاري" الذي كان السبب الأساسي في إشعال نار الحرب؟!
ألم تكن إدارة بايدن عشية 15 أبريل/ نيسان 2023 تدرك أن العواقب ستكون وخيمة، وهي تبارك خطة الدعم السريع وجناحها السياسي (قوى الحرية والتغيير) للاستيلاء على السلطة بالقوة صبيحة اليوم التالي؟!
هل من أحد يمكن أن يصدق أن الدولة العظمى (الوحيدة) كانت ترى الأمور من نفس الزاوية الضيقة التي كانت تنظر منها قوات الدعم السريع وجناحها السياسي المهيض "قحت/تقدم"، على أن الأمر مجرد نزهة، وأن العملية لن تستغرق سوى ساعة من نهار؟! أم أنها كانت تدرك فداحة العواقب، وأنها مغامرة غير محسوبة، لكنها أرادت ذلك رعايةً لمصالح بعض صغار أصدقائها الإقليميين فأعطت الضوء الأخضر لإنفاذها ترضية لهم؟
لا أحد يستطيع الجزم بحقيقة المرامي والأهداف التي جعلت إدارة بايدن تنساق خلف أحلام وأوهام مجموعة مسلحة همجية، وأحلام أغرار دخلوا مضمار السياسة بلا دراية ولا خبرة ولا رؤية، يظنون أن الديمقراطية يمكن أن تُجلب عبر صناديق الذخيرة، لا عن طريق صناديق الاقتراع.
تقف خلفهم قوى تعاني متلازمة تضخم الذات ومصابة بجنون العظمة، وتؤمن بأن المال يمكن أن يحول المستحيل إلى واقع، والحلم إلى حقيقة، وأن البندقية هي الوسيلة الوحيدة للحفاظ على المصالح، وأن علاقات التعاون وحسن الجوار واحترام سيادة الدول ما هي إلا أساطير الأولين اكتتبتها الأمم المتحدة لا تُسمن ولا تُغني من جوع.
أضاعت إدارة بايدن فرصة ظلت سانحة ومتاحة لها طيلة أشهر الحرب في السودان بأن تقود عربة الأزمة للخروج بها بسلام إلى بر الأمان بلا كلفة كبيرة، ومن ثم تكتب في لوحها هذا الإنجاز أنها حقنت الدماء وجنبت السودانيين تلك المجازر المروعة والتشريد والتهجير والنزوح واللجوء، وفوق ذلك السخط عليها وتحميلها جزءًا كبيرًا من المسؤولية جنبًا إلى جنب مع مليشيا الدعم السريع.
لكنها اختارت أن تكون (مجرورة) بعربة المليشيا وجناحها السياسي، فكان حصادها الفشل. إنها العربة التي قادت الأحصنة!
ورغم أنه من المبكر الآن تحديد الاتجاه الذي سيسلكه الرئيس المنتخب دونالد ترامب بشأن الملف السوداني بعد تنصيبه رسميًا رئيسًا للولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني من العام القادم، فإنه يمكن القول إجمالًا إنه لن يسير على ذات الطريق الخطأ الذي سلكه سلفه، وأفضى به إلى الفشل.
والراجح أن إدارة ترامب القادمة ستسلك طريقًا آخر أقل كلفة وأقصر مسافة، وذلك لعدة أسباب؛ أهمها أن الجمهوريين عُرف عنهم البراغماتية في السياسة الخارجية وليس الأيديولوجية. فالأولى واقعية والثانية قد تلامس الخيال في أحيان كثيرة.
كذلك فإن علاقة ترامب بروسيا جيدة، والسودان يحتفظ بعلاقات ممتازة مع روسيا، آخر شواهدها كان بالأمس، حيث استخدمت روسيا الفيتو بمجلس الأمن الدولي لصالح السودان ضد المشروع البريطاني الذي يدعو إلى "وقف فوري للأعمال العدائية بالسودان وحماية المدنيين".
وهو مشروع يرفضه السودان ويرى أنه مفخخ ويفتح الباب لتدخل قوات أممية في السودان، مما يعد انتقاصًا من سيادة الدولة وشرعية الحكومة، وإعادة مليشيا الدعم السريع وجناحها السياسي إلى المشهد مرة أخرى.
وقد وجد الفيتو الروسي ترحيبًا كبيرًا لدى الحكومة السودانية والرأي العام السوداني. لذلك فإن تعاطي ترامب مع الملف السوداني سيكون بتفاهم ناعم ومحسوب مع روسيا كغيره من الملفات التي فيها تقاطعات أميركية روسية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية