ليس بالضرورة أن يكون الأديب أو الشاعر والمفكر الموهوب مغمورًا ليتم سرقة أعماله الأدبية، فكونه مغمورًا لن يدع أحدًا يشعر به ولا بكتاباته المسروقة لعدم وصول أعماله لأضواء الإعلام، وكذا عدم وصول صوته لفضح لصوص الأدب الذين سرقوا أعماله، بل الغريب فى الأمر أنه من المشاهير أيضاً فى عالم الأدب والفكر من تعرضت أعمالهم للسرقات بكل بجاحة ووقاحة، وهذا ما سأعرض له لاحقًا.
وعود على ذى بدء، فقد فوجئت أيضاً بفيلم «هاللو أمريكا» يسطو على بضع أفكار مما وردت فى روايتى الأولى «مملكة العبيد»، وهى أفكار لم يسبق أن تناولها كاتب فى صحيفة ولا أديب فى كتاب قبلى، منها زواج البزنس للحصول على الإقامة، وهو ما وجدناه فى الفيلم حيث تزوج البطل عادل إمام زواجًأ صوريًا على ورق من سيدة ذات أصول أفريقية، وتقمصت الممثلة تقريبًا نفس التفاصيل التى وردت بروايتى، بجانب فكرة قبول مغترب مصرى لأفكار الزوجة أو الحبيبة الأجنبية وفشله فى تربية أبنائه وقبوله بوجود صديق لابنته يزورها فى البيت ويمارس معها العلاقة كزوجين برعاية الأب المصرى والأم الأجنبية، وحزن الأم أن ابنتها لا تزال عذراء فى هذه السن، ولم يمسها رجل حتى بدون زواج.
وهو ما ورد أيضاً فى روايتى مملكة العبيد، وأتحدى أن يثبت أحد أن تلك الأفكار والتى استقيتها من واقع معايشتى للمهاجرين العرب والمصريين فى هولندا وفى عدد من الدول الأوروبية الأخرى، سبق وأن كتبها غيرى فى تلك الفترة من بداية التسعينيات، وسيقول المتحذلقون أن الحكاية مجرد توارد أفكار، ولكن توارد الأفكار لا يحدث عندما يكون اصل الفكرة متداولًا ومطروحًا، لا يكون عندما تسبق فكرة شبيهتها، يا سادة عندما تتشابه الأفكار مع فوارق زمنية، فهذا ليس توارد فكر بل سرقة فكر، وسيقولون اقتباسًا أدبيًا، على رأسى وعينى، ولكن عندما نقتبس من أصل عمل أدبى، فمن الأدب واللياقة والأمانة الأدبية أن نشير إلى أصل العمل، لا أن تسرق الفكرة وتتلاعب بهوامشها وتنسبها لنفسك، وتحصد نجاحها هنيئًا مريئًا.
لا أعرف لمَ تثور أحزانى بين وقت وآخر لما تعرضت له روايتى الأولى فى تاريخى الأدبى من هتك بل واغتصاب لما ورد بها من أفكار وأحداث، وقد تلاها 14 عشر عمل أدبى آخر لى، لعل السبب أنها غالية جدًا عندى فقد كانت مولودى الأدبى الأول عام 96 9 1، وكشفت بها مبكرًا المجتمعات المصرية الغربية فى هولندا وأوروبا عامة، خاصة وانى توقفت بعدها عن الكتابة الأدبية مدة تصل إلى 18 عاما، تفرغت فيها للعمل الصحفى فقط من أجل لقمة العيش وأيضاً لرعاية أولادى، حيث لم أجد رفاهية الوقت خلال تلك السنوات لأكتب، حتى جاء مولودى الأدبى الثانى عام 2014 فى مجموعة قصصية هى قلوب فى طواحين الهواء وهى أيضاً قصص أغلبها من الواقع للمهاجرين المصريين والعرب فى أوروبا.
انشغال الأديب عن الساحة الفنية، أو تغربه فى الخارج، يعطى فرصة ومساحة أكبر لسرقة أعماله، ومع مرور الوقت يسقط حقه القانونى فى إثبات هذا الحق، ولعل شعورى بالألم والغصة يتزايد لمخاوفى من تعرض أعمال أخرى لى للسرقة والتشويه، فقد لجأ لى أكثر من سيناريست من النصف مشهورين وطلبوا أن أرسل لهم بعض أعمالى الأدبية مثل محاكمة الحجر الأسود، تعاويذ عاشق الدم، جثة ستيفان محمد، الملكة والأفاعى وغيرها، مع وعد أنهم سيعدون سيناريوهات حول هذه الأعمال لعرضها على جهات إنتاج ومخرجين ما على صلة بهم.
ولأن أكثر ما يطمح له روائى، أن يرى أعماله الأدبية تتحول لأعمال فنية على الشاشة الكبيرة فى فيلم سينمائى أو الشاشة الصغيرة «التليفزيون» فقد سلمتهم الروايات، وبالطبع متاح لهم الحصول عليها من منافذ بيعها، ولكن لأن السيناريست يتمتع بمهارة التلاعب فى أصول العمل الأدبى، والإضافة والحذف، أو حتى التشويه، فهذا يتيح الفرصة لمعدومى الضمير بأن يسرقوا العمل الأدبى بأريحية ثم يزعمون أن ما حدث توارد أفكار، وللحديث بقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فكرية أحمد
إقرأ أيضاً:
إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»
البلاد – الرياض
أطلقت هيئة الأدب والنشر والترجمة بشراكة إستراتيجية مع مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة”، النسخة الثانية من البرنامج الإثرائي في مجال الكتابة الإبداعية للطلبة الموهوبين” جيل الأدب”.
وينفذ البرنامج الذي يضم 182 طالبًا وطالبة من مختلف مناطق المملكة حضوريًا في 3 مدن رئيسة، هي الرياض وجدة والخبر على مدى 9 أسابيع، كما ينفذ بنمط التعليم -عن بعد- لإتاحة الفرصة لجميع الطلبة في مناطق المملكة المختلفة؛ لتنمية مهاراتهم وقدراتهم الإبداعية وتطويرها، وصقلها، وتدريبهم على الممارسة الفعلية للكتابة الأدبية.
ويركز برنامج جيل الأدب على توسيع مدارك طلبة المرحلة المتوسطة في الكتابات الإبداعية المتعلقة بالأجناس الأدبية؛ مثل: قصص الخيال العلمي، والقصص البوليسية، وقصص الأطفال، والقصص القصيرة، والمقالة، إضافة إلى المهارات اللغوية المتعلقة بالاستدلال اللغوي، ومهارة تطويع اللغة، وصناعة المشهد الفني.
ويهدف البرنامج إلى تنمية قدرة الطلبة على التعبير والكتابة الأدبية، وتنمية مهارات الاستقصاء والبحث كالملاحظة والمقارنة والقياس والتواصل والتصنيف والتحليل والتعميم والتقييم، وتنمية مهارات حل المشكلات والتفكير الناقد والإبداعي، ومهارات التفكير العليا.