قطر واليوم التالي في غزة.. سيناريوهان يحددان مستقبل دور الدوحة بالصراع
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
تهيمن النقاشات حول سيناريوهات "اليوم التالي" لغزة حالياً على الأوساط الدبلوماسية، بالتزامن مع استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع.
ويرى سعود الإسحاق، الباحث المقيم في قطر والذي يركز على السياسة الخارجية لقطر والسياسة الإيرانية والتفاعل بين الاستخبارات والدبلوماسية في الشرق الأوسط، أنه اعتماداً على الحقائق النهائية على الأرض، قد يكون هناك تحول في دور قطر في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بحسب ما نشره موقع "أمواج ميديا".
ويضيف أنه على الأقل في الوقت الحالي، من المرجح أن تستمر قطر في لعب دور مهم في غزة، حيث لا توجد علامات على انتهاء القتال في أي وقت قريب.
وتستعد إسرائيل لتمديد الصراع من خلال التركيز على عمليات أكثر استهدافاً ضد "حماس"، التي تظل متحدية وتستمر في شن مقاومة راسخة.
وفي هذا السياق، من المرجح أن تسعى قطر إلى التوسط في المزيد من عمليات وقف إطلاق النار المؤقتة وتبادل الرهائن، فضلاً عن تقديم المساعدات الإنسانية بالتعاون مع الدول العربية الأخرى، يقول الكاتب.
اقرأ أيضاً
قطر: يجب نزع فتيل الصراع في غزة والتصعيد في البحر الأحمر هو الأخطر
ويخلص الكاتب إلى أنه على المدى الطويل، سيعتمد نفوذ قطر في غزة إلى حد كبير على مصير حكم "حماس".
ووفقا للإسحاق، يجب على الدوحة أن تناور بمهارة في المشهد السياسي، وأن تلعب دور وساطة لا يقدر بثمن إذا ظلت "حماس" في السلطة - مع إدارة أي رد فعل سياسي عنيف أيضًا.
وإذا تمت إزالة حماس كقوة سياسية في غزة، فإن نفوذ قطر على القطاع سوف يتضاءل، مما يوفر للدول العربية الأخرى فرصة للتدخل وملء الفراغ.
سيناريوهان لـ"اليوم التالي"ويرى الكاتب أن دور قطر في الحرب بين "حماس" وإسرائيل قد يتغير اعتمادًا على السيناريوهين المحتملين في غزة.
السيناريو الأول: بقاء سلطة "حماس" بعد الحرب
ورغم أن القصف الإسرائيلي والتوغلات ألحقت أضرارا ببنية "حماس" التحتية في غزة، وكذلك فعلت سياسة الاغتيالات ضد قيادات بالجهاز العسكري والسياسي بالحركة، كما يقول الكاتب، فإن الحركة الفلسطينية لا تزال، حتى الآن، قادرة على أن تظل قوة سياسية كبيرة، وإن كانت ضعيفة، في القطاع الساحلي الذي يرفض الاستسلام.
وفي هذا السيناريو، فإن "حماس" الضعيفة سوف تستمر فعلياً في إدارة غزة، وهذا من شأنه أن يوفر لقطر استمرارية في دورها كميسر لإطلاق سراح الرهائن، وربما إعادة إشراك "حماس" في محادثات السلام المستقبلية.
اقرأ أيضاً
هافينجتون بوست: مستشار بايدن وضع خطة اليوم التالي لغزة..وهذا دور السعودية
السيناريو الثاني: إزالة "حماس"
وفي السيناريو الثاني، فإن إزاحة إسرائيل لـ"حماس" من السلطة من شأنه أن يجعل علاقات قطر مع الحركة الفلسطينية، وغزة بشكل عام، أقل بروزا، مما يفتح الباب أمام ظهور لاعبين جدد، بحسب الكاتب.
من هي الجهات الفاعلة الجديدة المحتملة؟يقول الإسحاق إن أولى الجهات الفاعلة المحتملة الجديدة في غزة، في حال زوال سلطة "حماس"، ستكون دولة الإمارات – إحدى الدول المؤسسة الموقعة على "اتفاقيات أبراهام" لعام 2020 التي طبعت العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية.
ونظراً لإضفاء الطابع الرسمي على علاقاتها مع تل أبيب، يمكن لأبوظبي أن تساعد في إنشاء هيكل حكم جديد في غزة، بحكم علاقاتها الجيدة مع الاحتلال، يضيف الكاتب.
الإمارات ودحلانويرى أنه من خلال دعم عودة السلطة الفلسطينية إلى السلطة في القطاع الساحلي، يمكن لأبو ظبي الاستفادة من علاقتها الطويلة الأمد مع محمد دحلان المقيم في الإمارات - وهو زعيم حركة "فتح" السابق في غزة - لترسيخ نفوذها في المنطقة.
وعلى الرغم من أنه من غير المرجح تشكيل حكومة بقيادة دحلان بسبب افتقار "فتح" إلى المصداقية في غزة، إلا أن علاقاته داخل السلطة الفلسطينية قد تفيد الإمارات في سيناريو تنتهي فيه سيطرة "حماس".
اقرأ أيضاً
قطر تنفي تقديم مقترحا لطرد قادة حماس من غزة مقابل وقف إطلاق النار
السعودية ومقاربة مختلفةوبحسب الكاتب، قد تتولى السعودية أيضًا دورًا أكبر في غزة، رغم أن الملكة تعتمد حتى الآن استراتيجية "القيادة من الخلف" حتى ظهور حل سياسي واضح.
ومع ذلك، قد تجعل الرياض دعمها لإعادة إعمار غزة مشروطًا بتقديم تنازلات إسرائيلية للسلطة الفلسطينية، وهو ما سيسمح للسعودية بإظهار أنها لا تتخلى عن الفلسطينيين - خاصة إذا، ومتى، تشرع في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، كما يقول الكاتب.
تقلص نفوذ قطر قد يفيدهاويمضي الإسحاق لتبني وجهة نظر مختلفة قليلا، حيث يرى أن فقدان النفوذ في غزة إذا انتهى حكم "حماس" يمكن أن يخدم مصالح قطر على المدى الطويل.
وفي غياب حل سياسي واضح للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن العودة إلى المحادثات السياسية ستتطلب بالتأكيد قدراً كبيراً من رأس المال الدبلوماسي والمالي الذي يمكن للدوحة أن تتجنب إنفاقه، كما يقول.
وبغض النظر عمن يحكم غزة، فإن مرحلة ما بعد الصراع سوف تستفيد من دعم الجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية مثل مصر والسعودية والإمارات، وسيكون تأثيرهم على المسؤولين الفلسطينيين الرئيسيين وخطوط الاتصال مع إسرائيل عاملاً أساسيًا في التوصل إلى حل سياسي دائم.
اقرأ أيضاً
"اليوم التالي" في غزة.. تقرير عبري: أمريكا ومصر تمتلكان خطتين وإسرائيل تائهة
ومع ذلك، فقد رفضت أبوظبي والرياض بالفعل هذا الدور الافتراضي ووصفته بأنه غير ناجح.
ونظراً لتحفظاتها الأوسع حول الجماعات الإسلامية مثل "حماس"، فإن السعودية والإمارات لن تتشجع على الانخراط في سيناريو تستمر فيه الحركة الفلسطينية في إدارة غزة، كما يقول الكاتب.
المصدر | سعود الإسحاق / أمواج ميديا - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: قطر غزة حماس دور قطر اليوم التالي ما بعد حماس السعودية الإمارات محمد دحلان الیوم التالی اقرأ أیضا کما یقول فی غزة قطر فی
إقرأ أيضاً:
قديما قالوا: الملافظ سعد.. واليوم نقول: الكلمة أمانة وعهد
"علموا أبناءكم أنّ الباطل باطل ولو كثر أتباعه، وأنّ الحق حقٌّ ولو قلّ أتباعه، وأنّ راية الحقِّ قائمة وإن لم يرفعها أحد، وراية الباطل ساقطة ولو رفعها كلّ أحد".
صاغ الدكتور مصطفى محمود هذه الكلمات المكتنزة بالعبر قبل أن نصل لزمن تُرك فيه الحبل على الغارب وانقلبت المفاهيم، وتجتاح سيول التطبيع والخنوع الفضاء والهواء، ويتسيد أهل الباطل زمام الأمور ويشهروا سيوفهم في وجه كل من يصدح بالحق والحقيقة جاهرا بالقول "اللهم إن هذا منكر".
عبارات المفكر المصري العبقري هذه استبدت بمخيلتي ونحن في مرحلة مفصلية أضحت فيها الكلمة أمانة وعهدا يجب أن يصان ويُحفظ، لا سيما أننا أمام جحافل مجهزة بأعتى الأسلحة الالكترونية منها والإعلامية، وصولا حتى لمناهج التربية والتعليم التي يتم التلاعب بها نهارا جهارا خدمة لأهداف معلومة معروفة للعيان.
لست من هواة نظرية المؤامرة ولكن المعطيات والدلائل أمامنا في هذه الحالة ماثلة شاخصة، ويمكن استنتاجها بمنتهى السهولة عبر متابعة نشرة أخبار واحدة في القنوات الرسمية العربية؛ التي ورغم حالة الشتات والتشرذم الواضحة الظاهرة في الواجهة حين يتعلق الأمر بقضايا الأمة الرئيسية، إلا أن حبل التواصل وحالة التطابق الغريب المريب وحتى العجيب يظهر لديها عندما يتعلق الأمر بنفث السموم وشيطنة المقاومة؛ طالما أن مصدر التعليمات واحد والغاية أيضا هي ذاتها لوأد كل أصوات الحق ومن يدور في فلكها، وبالتالي ترسيخ خطاب انهزامي استسلامي يصب في واد التطبيع الشامل المنشود.
اللافت وأنا منشغل بهذا التوجه استوقفتني مداخلة النائب العماني الحر "حميد العصري" في ما يسمى بجلسة "البرلمان العربي" حين سار على نفس النهج وخاطب الحضور بكلمات مميزة واضحة وضوح الشمس، رافضا تداول كلمة "إسرائيل" في الخطابات الرسمية وفي كل وسائل الإعلام العربية، وموضحا أن "إسرائيل هو يعقوب عبد الله ونبي الله عليه السلام، وهو بريء منهم ومن أفعالهم"، قبل أن يضع النقط على الحروف ويحتج على تجاهل التطرق لفصائل المقاومة مثل حماس والجهاد الإسلامي وأيضا ذِكْر كلمة المقاومة على استحياء في البيان الختامي.
الرائع في خطاب النائب العماني هو دحر كل العبارات المعلبة التي لطالما رُددت في المحافل الرسمية العربية بشكل فج ومثير للاشمئزاز، حيث وصف "حل الدولتين" بأكذوبة العصر، واستهزأ بمفردات مثل "مبادرة السلام وخريطة الطريق" وغيرها من العناوين المضللة لثني أهلنا في فلسطين على المضي في طريق الحرية؛ وذلك ما أشار إليه بالقول إن المقاومة والجهاد هما الحل للنصر القادم.
طبعا هذه العبارات لن تنزل بردا وسلاما على الحاضرين، ولكنها الحقيقة التي يجب أن تقال وتردد في كل المحافل حتى التي تعودنا أنها مجرد مسرحيات رديئة الإخراج والتأليف.
أيضا جاءت مداخلة وزير الخارجية الإندونيسي فيما عرف بـ"القمة العربية الإسلامية غير العادية" (شر البلية ما يضحك حقا)، فالأخير خاطب الحضور بلغة عربية فصحى متقنة تفوقت على الحاضرين جميعا، مبديا رفضه الخروج بتوصيات روتينية مملة على غرار الشجب والاستنكار، والتنديد بذلك "السلاح الفتاك" الذي تستحضره الأنظمة العربية في هكذا مناسبات.
هذان النموذجان يمثلان صرخة رسمية ضد التوجه المقصود للتلاعب بالمصطلحات بغية خلق خطاب جديد لضرب القيم والمبادئ الأصلية في مقتل. انظروا كيف يتم استخدام عبارات الكيان الصهيوني لدى العديد من المنابر العربية على غرار "الرهائن الاسرائيليين" و"الحرب في غزة ولبنان" و"مقتل فلسطينيين"، وشاهدنا قبل أيام بعد أحداث أمستردام وصفها بـ"اعتداءات على اسرائيليين".
بإمكاننا استحضار المئات من المصطلحات الدخيلة والمنتقاة بعناية فائقة قصد اللعب على الوتر الحساس ومحو وتزييف الحقائق، لهذا أشرنا إلى أننا أمام حرب ممنهجة ودقيقة تستخدم فيها جيوش إعلامية ومناهج دراسية ولجان الكترونية تغزو مواقع التواصل الاجتماعي؛ لترسيخ معطيات مغلوطة وحذف السردية الأصلية استنادا للنفوذ الهائل الذي يحاط به هؤلاء، وملاحقة الصادحين بالحقيقة بتهم جاهزة سلفا على غرار "معاداة السامية" وغيرها.
لكننا رغم كل هذه المخططات محكومون بالأمل، والارتباط الوثيق للأجيال الجديدة بالقضية المركزية للعرب والمسلمين يبدو مبشرا للغاية، والدليل الأصوات الحرة التي تضحي في أوروبا وأمريكا بمستقبلها وتناضل لإيصال صوتها هناك. وكل هذا مدعاة للفخر ويحيلنا مجددا على الكلمات التي بدأنا بها المقال للدكتور مصطفى محمود حول التربية السليمة للأبناء وغرس القيم والمبادئ لديهم. ومن هذا المنطلق يجب أن نوجه التحية للأسر العربية والمسلمة المقيمة في الغرب؛ والتي لم يثنها الحفر في الصخر ومقارعة الغربة عن ربط فلذات أكبادها بالأوطان الأصلية وقضايا الأمة على رأسها فلسطين طبعا..
قديما كانوا يرددون "الملافظ سعد" باللهجة العامية؛ ولكننا اليوم نقول ونشدد بأن الكلمة أمانة وعهد.. فكونوا على قدر المسؤولية..