بصفته المتحدث باسم محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا، ظهر أندري توز البالغ من العمر 33 عاما على شاشات التلفزيون المحلي ووسائل الإعلام الغربية وفي مقاطع على الإنترنت ليصف المشاهد المخيفة لسقوط القذائف وإطلاق النار في مارس 2022، بعد استهداف روسي للمحطة الأكبر على الإطلاق في أوروبا.

كان توز ينشر مقاطع فيديو للحرائق التي تندلع بسبب القصف الروسي على حساب المحطة على تطبيق تلغرام، مما أثار صدمة لدى خبراء السلامة النووية وقلق المجتمع الدولي.

 

" #goodupdate "The threat of radiation spread has not been recorded, Andriy Tuz, a spokesman for the nuclear power plant,said on the air of the #Ukraine-24 TV channel.The head of the regional military administration Alexander Starukh said that firefighters managed to get there???? pic.twitter.com/WXWupyw8cR

— UkraineNews (@UkrainePicture) March 4, 2022

يحمل توز  3 درجات ماجستير. وعندما غزت روسيا بلاده في فبراير 2022، اعتقد أن زابوريجيا ستكون الأكثر أمانا لأنه لم يتصور أبدا أنه سيتم استهدافها بالنظر إلى وضعها النووي. 

لكن خلال أشهر، كانت القوات الروسية قد استولت على زابوريجيا. وخلال محاولته الفرار مع والدته للوصول إلى غرب البلاد، تم القبض عليه في نقطة تفتيش عسكرية روسية.

وقال توز إنه تم تقييده، وتغطية رأسه، وضربه، ونقله إلى سجن سوتشي في روسيا واحتجازه ليومين، حيث كان الحراس يضربونه على مؤخرة رأسه، بينما كانوا يضحكون.

وأضاف، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أنه تم احتجازه في زنزانة مظلمة مليئة بالقاذورات، مساحتها حوالي مترين في مترين، مع رجل آخر أصيب بالجنون من التجربة ويقرع الباب دون توقف.

قيل لتوز إنه إذا قام بتصوير مقطع فيديو حدد له ما سيقوله خلاله، فقد يتمكن من رؤية والدته مرة أخرى، بحسب ما تنقل عنه الصحيفة، مشيرا إلى إلى أنه رفض في البداية.

لكنه وافق بعدما جرى ابتزازه بوالدته، على تصوير مقطع الفيديو لينكر فيه تصريحاته السابقة بأن المحطة النووية ليست آمنة. 

وقال توز في الفيديو "تحت التهديد" إنه كان في إجازة في سوتشي، وهي منتجع على البحر الأسود، وإن كل شيء على ما يرام في المحطة النووية.

أعاد الروس له جواز سفره، لكنهم حذروه من الحديث مجددا عن حالة المحطة النووية، وهددوه بأنهم يمكنهم فعل أي شيء له في أي مكان في العالم. 

وبعد إطلاق سراحه من قبل الروس، علم توز من زملائه أنه قيل لهم إنه خائن، ولا ينبغي عليهم التحدث معه مرة أخرى، وتم فصله من عمله.

لكن توز يشير إلى أنه وافق على تصوير المقطع لأنه لم يعتقد أن أحدا سيأخذ تصريحاته تلك على محمل الجد.

جانب من محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

وخوفا من أن يتم القبض عليه مرة أخرى، انطلق هو ووالدته في رحلة طويلة، كانوا غالبا ما يخرجون فيها عن الطريق لتجنب نقاط التفتيش العسكرية، وناما في السيارة أو على الطريق أو في الغابة وخافا من التحدث مع المسافرين الآخرين. وفي نهاية المطاف نجحا في الوصول إلى سويسرا. 

وفي الولايات المتحدة، كان أستاذ الهندسة النووية ومدير العلوم والتكنولوجيا في مفاعل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، جاكوبو بونجيورنو، يبحث عن موظف سابق في زابوريجيا ويقول: "كنا نعلم أن هناك موهبة هناك وتساءلنا عما إذا كان بإمكاننا تقديم عرض لأحدهم".  

أوصى أحد العاملين في الجمعية النووية الأوكرانية بتوز وأكد قصته، ومن ثم تقابل بونجيورنو وتوز عندما كان الأول يتحدث في جامعة زيورخ في فبراير الماضي.

كان انطباع بونجيورنو الأول عن توز أنه كان جادا ورابط الجأش، "ومن الواضح أنه مر بالكثير من الألم والتحديات".

وبالفعل عرض معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وظيفة على توز وجلبه إلى بوسطن من خلال برنامج الحكومة الأميركية "الاتحاد من أجل أوكرانيا"، الذي يوفر وسيلة للمواطنين الأوكرانيين الذين فروا من الحرب للبقاء مؤقتا في الولايات المتحدة. 

وقد وفد حوالي 174 ألف أوكراني إلى الولايات المتحدة من خلال هذا البرنامج. 

وكان على توز، مثل جميع الموظفين بالمفاعلات النووية في الولايات المتحدة، اجتياز الفحص الأمني.

وفي يوليو الماضي، انضم توز إلى طاقم مختبر المفاعلات النووية التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، حيث يعمل مهندسا لمرافق التشعيع، ويساعد على تصميم وبناء وتشغيل التجارب في مفاعل الأبحاث، لكن والدته ظلت في أوروبا.

ورغم اعتقاده أنه محظوظ لوجوده في مكان آمن وفي وظيفة يحبها، لكنه يريد العودة إلى بلاده، كما أنه لا يعلم ماذا سيفعل بعد انتهاء تأشيرته الصالحة لمدة عامين.

ويؤكد أنه يريد أن تنتصر أوكرانيا، حتى يتمكن هو والآخرون من العودة إلى بلدهم، وذلك رغم أنه لا يعرف ما إذا كانت بلاده ستكون آمنة له بعد اتهامه بالتعاون مع الروس.

وتم تكليف جهاز الأمن الأوكراني بالتحقيق في الآلاف من المزاعم التي تتمحور حول التعاون مع الروس، ولكن ليس من السهل دائما التمييز بين أولئك الذين تعاونوا مع الروس لمصلحتهم الخاصة، وأولئك الذين كانوا يسعون فقط إلى البقاء على قيد الحياة.

وفرّ نحو 6.3 مليون شخص من أوكرانيا، وصل منهم 480 ألفا إلى الولايات المتحدة. 

وأشارت الأمم المتحدة، الاثنين، إلى أنّ 14.6 مليون شخص سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية في أوكرانيا هذه السنة، أي 40% من السكان. ومن بين هؤلاء الأشخاص، ثمة 8.5 مليون يُفترض إعطاؤهم الأولوية.

وأضافت أنه لم يتمكّن سوى 40 إلى 60% منهم من العثور على وظيفة، لا تتناسب في غالب الأحيان مع مؤهلاتهم.

وبعدما احتلت روسيا زابوريجيا، تم إغلاق المفاعلات التي عمل فيها فيها توز لنحو عشر سنوات.

وفي بعض الأحيان، عندما يتصل بأصدقائه من أوكرانيا، يسمع أصاوت قنابل، مشيرا إلى أنهم يخشون من أن يكون أحد يتصنت على المكالمات "إنهم يدعمون أوكرانيا من داخلهم لكنهم لا يستطيعون قول الحقيقة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة إلى أن

إقرأ أيضاً:

يوم أجبر السوريون بلفور على الهروب من دمشق متخفيا قبل 100 عام

في صباح الثامن من أبريل/نيسان 1925، كان على السياسي البريطاني اللورد آرثر جيمس بلفور أن يصل باكراً إلى محطة حيفا، ليلتحق بالقطار المسافر إلى سوريا، بعد أن أمضى عدة أيام صاخبة في فلسطين حيث أقام له اليهود حفلات لطالما تلقى فيها عبارة إطراء جرى اقتطاعها من مزامير العهد القديم "مبارك أيها القادم باسم الرب".

وكانت دمشق المحطة الثالثة في جولة استمرت قرابة أسبوعين، بدأها بلفور بمصر حيث التقى الجنرال إدموند ألنبي ومسؤولين آخرين، ثم تابع سفره إلى القدس ليشارك في حفل افتتاح الجامعة العبرية المستحدثة والذي دعي لحضوره، ويثني في كلمة ألقاها على الجهود التي تبذلها الحركة الصهيونية لإنشاء وطن قومي لليهود.

وقبل انطلاق القطار بساعات قليلة، بدأت أسلاك البرق تنقل عن وسائل إعلام سورية عزم الدمشقيين التجمهر أمام محطة قطار الحجاز، وسط العاصمة حيث من المقرر وصوله احتجاجاً على زيارة سياسي غير مرغوب فيه، عُرف عنه تعلقه الشديد بتعاليم التوراة، وارتباطه الوثيق بحاييم وايزمان أحد زعماء الحركة الصهيونية، علاوة على منحه اليهود (حين كان وزيراً للخارجية 1916 – 1919) حقاً لا يملكونه في الجزء الجنوبي من سوريا الطبيعية، اشتهر تاريخياً بوعد بلفور.

إعلان

ومن المؤكد أن سياسياً مثل بلفور سيظل في نظر السوريين نموذجاً للعقلية الاستعمارية التي سادت عقب انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، وترجمها مؤتمر سان ريمو عام 1920 بمنح لندن وباريس إدارة 3 بلدان عربية (سوريا، فلسطين، العراق) تحت بند الانتداب بزعم حاجة سكانها إلى إعادة تأهيل سياسي وإداري، بعد أن استقلت حديثاً عن الحكم العثماني.

ومن وجهة نظر ميشيل بروفانس أستاذ تاريخ الشرق الأوسط الحديث في جامعة سان دييغو، كان مهندسو الانتداب ينوون بصراحة ​​تدمير الدولة العثمانية، واستبدالها بما اعتبروه أكثر سهولة في الإدارة، وأكثر راحة أيديولوجية من منظور إمبريالي فرنسي بريطاني.

ولا تزال آثار الانتدابات وهياكلها حاضرة -وفق رأيه- في كل مكان، وقد تتبع أثرها، وشعر بالفزع من الطريقة التي صمم بها النظام الدولي بعد الحرب العالمية الأولى ليسمح بأسوأ أنواع الفظائع والتستر عليها.

ونوه في كتابه "تكوين الشرق الأوسط الحديث" إلى أن مساعي القوى المنتصرة -لاستعمار أراضي المهزومين- تطلبت في جزء منها تصنيفاً ضمنياً للمسلمين العثمانيين، كفئات غير أوروبية ناقصة عرقياً، مما استوجب الوصاية الاستعمارية عليها، مشيراً إلى أن السلبيات التي أنتجها النظام الاستعماري ونظام الانتداب الصادر عن عصبة الأمم لا تزال تتكشف بالمنطقة بعد مرور 100 عام.

جولة بلفور في مدينة القدس عام 1925 قبيل زيارته إلى دمشق (غيتي) غضب شعبي وتدابير أمنية

فور الإعلان عن زيارة بلفور بشكل رسمي، تصاعدت ردود فعل السوريين على نحو لافت. ونقلت صحف محلية عاصرت الزيارة تلقي المفوض السامي الفرنسي الجنرال موريس ساراي (حاكم سوريا المنتدب 1924- 1925) برقية من المجلس التمثيلي السوري -الذي يضم ممثلين عن مختلف المناطق السورية- طلب مرسلوها رفع احتجاجهم على الوعد المشؤوم وصاحبه إلى عصبة الأمم في جنيف، على أمل أن تكون مواقفها عادلة، ولإنصاف الشعوب الضعيفة التي ليس لها سلاح تتمسك به للدفاع عن حقوقها غير الحق والعدل.

إعلان

كما وزعت منشورات تدعو السوريين إلى إظهار تعاطفهم مع إخوانهم الفلسطينيين، والوقوف إلى جانبهم في وجه ما تتعرض له بلادهم من تحديات تستهدف عروبتها وتراثها بشقيه الإسلامي والمسيحي.

ونقلت تقارير ميدانية عن الدمشقيين رغبتهم العارمة للحيلولة دون إتمام الزيارة، والتصدي لها، خاصة بعد أن عقد الزعيم الوطني عبد الرحمن الشهبندر لقاءات شعبية ضخ فيها الحماسة بنفوس العامة والمثقفين، وحثهم على الخروج إلى الشوارع والاحتجاج، واعداً إياهم ألا يبيت بلفور ليلة واحدة داخل البلاد.

وهذا ما دفع الجنرال ساراي إلى أن يطلب من الحكومة اتخاذ تدابير أمنية في العاصمة، وإرسال شرطة سرية برفقة ضباط وإداريين إلى محطة الحمة على الحدود الفلسطينية السورية، لمرافقة الضيف غير المرغوب فيه، والحفاظ على أمنه.

View this post on Instagram

A post shared by الجزيرة الوثائقية (@aljazeeradocumentary)

تغيير برنامج الزيارة

كان من المقرر -وفق الخطة التي أعدها المفوض السامي البريطاني في فلسطين هربرت صموئيل مع نظيره الفرنسي الجنرال ساراي في سوريا- أن يتوقف القطار الذي يقل بلفور والوفد المرافق في محطة قطار الحجاز (وسط العاصمة) واستقبال الضيف وفق ما تقتضيه الأعراف الدبلوماسية.

ولكن صدمة غير محسوبة فاجأت بلفور، عندما عبر القطار الحدود السورية، حيث تلقاه أهالي القرى التي مر عليها بلافتات احتجاج وشارات سوداء وهتافات تؤكد عروبة فلسطين. ثم سرعان ما تطور المشهد إلى رمي الحجارة على العربة التي يجلس فيها مما أدى إلى تحطيم نوافذها.

وقد أقلق التصدي الشعبي الذي تعرض له الموكب السلطاتِ البريطانية في فلسطين، فأجرت -حسب وثائق صحفية غطت تلك الفترة- اتصالات عاجلة مع سلطات الانتداب الفرنسي في سوريا لاحتواء الموقف، ووضع خطة مشتركة لحماية الضيف أثناء وصوله دمشق، لا سيما أن معلومات وصلت إلى حكومة الانتداب في القدس -أعلن عنها فيما بعد- أفادت بأن خطة جرى إعدادها لاغتيال بلفور أثناء زيارته للعاصمة السورية.

إعلان

ويذكر الباحث عبد الهادي البكار -في كتابه "صفحات مجهولة من تاريخ سوريا الحديث"- أن استشعار السلطات الفرنسية لحالة الغليان التي كانت تسري في شوارع دمشق، والمعلومات الاستخبارية التي وصلتها بهذا الخصوص، دفعتها إلى تعديل خطة وصول بلفور حفاظاً على حياته، فقررت إنزاله في محطة القدم بإحدى ضواحي دمشق الجنوبية، بدلاً من محطة الحجاز وسط المدينة. وأعدت سيارة خاصة بمساعدة القنصل البريطاني لتنقله سراً لفندق فيكتوريا مقر إقامته.

وتقول وثيقة قنصلية محفوظة بأرشيف الخارجية البريطانية إن الجمهور الغاضب بقي يحاصر محطة الحجاز، وكان أغلبه من طلبة الحقوق والطب، بعد أن أوهمه وجود أفراد الشرطة ومفتشيها -إلى جانب معاون مندوب المفوض السامي وبعض موظفي القنصلية البريطانية- أن بلفور لا يزال في طريقه نحو المحطة.

أما "ألف باء" (أبرز الصحف السورية آنذاك) فقد رصدت لحظة وصول القطار ودوي صفيره إلى محطة الحجاز قائلة "سرعان ما اشرأبت الجماهير بأعناقها، ومنع رجال الشرطة الناس من دخول الصالة، ولما نزل الركاب سرى خبر نزول اللورد في محطة القدم ووصوله إلى فندق فكتوريا، فانكفأت الجماهير نحو الفندق سائرة تنادي بسقوط وعد بلفور، وتهتف لفلسطين وعروبتها.

فندق فيكتوريا بدمشق شيد عام 1980 لاستقبال ملكة بريطانيا ألكساندرينا فيكتوريا (مواقع التواصل) حصار الفندق

على الضفة اليمنى لنهر بردى (وسط دمشق) يقع فندق فيكتوريا الشهير الذي اختير مقراً لإقامة اللورد بلفور مثل غيره من الشخصيات المهمة. وحمل الفندق اسم ملكة بريطانيا ألكساندرينا فيكتوريا بعد أن قررت زيارة دمشق، حيث أطلقت السلطات المحلية اسمها على عدد من الأماكن البارزة بالعاصمة تكريماً لها.

ومع أن الزيارة الملكية أرجئت بسب مرض الملكة ثم وفاتها، فإن الفندق بقي يحمل اسمها حتى عام 1955 الذي تم فيه هدمه وتشييد مبنى آخر مكانه.

إعلان

وتصف الموسوعة الدمشقية فندق فيكتوريا الذي بني في الفترة ما بين عامي 1879- 1890 كأحد أهم أبنية دمشق التاريخية والتراثية، فقد تميز بطراز أوروبي ومزيج من العمارة الشرقية. وكان يتألف من 3 طوابق، مع سقف هرمي قرميدي، وتم تجهيزه بأحدث المعدات المتوفرة في ذلك الوقت.

وقد استقبل الفندق خلال فترات مختلفة -إضافة إلى بلفور- شخصيات بارزة، بعضهم كان يقيم فيه أو يعقد اجتماعات في أجنحته. من بينهم جمال باشا قائد الجيش العثماني الرابع الذي اتخذ منه مقراً زمن الحرب العالمية الأولى، وخليفته جمال باشا (الصغير). كما أقام فيه الجنرال ألنبي قائد الجيش البريطاني بالشرق الأوسط.

ومن المفارقات اللافتة أن الراحة التي كان يستمتع الزوار بها أثناء إقامتهم فيه، لوجوده ضمن منطقة هادئة تحيط بها البساتين والمساحات الخضراء على امتداد النظر، لم يشعر بلفور بها فقد بقي سجيناً داخل غرفته، قلقاً يتابع من وراء ستائر نوافذها المغلقة غضب السوريين ومظاهراتهم خارج الأسوار. وكثيراً ما كان يصل مسامعه هتافهم بسقوطه وسقوط وعده.

واستندت جريدة فلسطين الفلسطينية في تغطيتها لحصار الفندق على تقرير لوكالة رويترز من دمشق، يشرح ما يجري بالقول "وقع شغب خطير، عندما استطاع المحتجون اختراق النطاق الذي ضربه البوليس، وهم يحاولون الوصول إلى فندق فيكتوريا حيث نزل اللورد بلفور، وكادوا يصلون، لكن البوليس والجندرمة ردوهم إلى الوراء غير مرة، وآخرها بإطلاق النار في الهواء، وجيء بالفرسان الأفريقيين و8 مصفحات مدرعة لإعادة النظام إلى نصابه".

تهريب بلفور بغطاء فرنسي

تابعت لندن الموقف باهتمام بالغ. فقد كانت برقيات صحفية تصف الاحتجاجات على أنها أعمال شغب مقلقة للغاية. ودفع تطور الأحداث جريدة ديلي نيوز لتبرق إلى اللورد بلفور لتطمئن على سلامته، وتبلغه -بحسب صحيفة الشورى القاهرية- تضامن إنجلترا بأسرها التي باتت ليلة كاملة قلقة عليه.

إعلان

وخلال مواجهات اليوم التالي، استخدمت القوات الفرنسية فرق الخيالة والمدرعات لتفريق آلاف المتظاهرين في الشوارع والساحات. فسقط عشرات الجرحى، استشهد اثنان منهم. وبدا من الواضح -أمام إصرار الجموع على طرد بلفور من الفندق- أن الأمور قد تتجه لما هو أسوأ من ذلك.

ومع تفاقم الأوضاع، كان على الجنرال الفرنسي ساراي والقنصل البريطاني في دمشق وضع خطة لتهريب بلفور من الفندق بعيداً عن أعين المتظاهرين، قد كشفت صحيفة ألف باء تفاصيلها.

وبحسب الصحيفة، فقد "أمرت الحكومة قبل 3 ساعات من سفره، ألا تدخل دمشق أو تخرج منها سيارة حتى تكون الطريق خالية تماماً".

وتابعت "الساعة الثالثة بعد الظهر زار المندوب السامي الفرنسي الجنرال ساراي اللورد بلفور في الفندق ولم يمكث معه إلا بضع دقائق، وبعد ساعة عاد الجنرال ساراي ووقف بسيارته على الجسر المقابل للفندق، فتحولت الأنظار إليه، وتزامن وقوفه مع تحليق طائرات حربية فرنسية فوق المكان، انشغل بهديرها الحضور، وبذلك سنحت الفرصة ليغادر بلفور الفندق خلسة من الأبواب الخلفية، من غير أن يشعر به أحد، واستقل برفقة الضابط البريطاني لاسل سيارة أقلتهما إلى بيروت، تحت حراسة 12 شرطياً سرياً و45 جندياً".

وفي لحظة فارقة، غادر بلفور سوريا يحمل لدمشق صورة لم يخبره بها رجاله، ونفى لمراسل صحيفة نيويورك تايمز وجود أي فكرة لديه عن مشاكل محتملة قد يواجهها أثناء وجوده في سوريا، مضيفاً "لو تم تحذيري مسبقاً لكنت ألغيت الزيارة".

غير أن تساؤلاً ملحاً كان عليه أن يطرحه قبل أن يرحل "لو قام الناس في فلسطين بمثل هذا لم استغرب، أما أن يقوم بهذه المظاهرات أهل سوريا، فهذا عجيب. أي صلة بين سوريا وفلسطين؟".

وأمسك كريستوفر سايكس في كتابه "مفترق طرق إلى إسرائيل" رأس الخيط، وتابع معلقاً "إن بلفور الذي أبدى انزعاجه مما حصل، لم يفهم لماذا يجب أن تكون سوريا مهتمة للغاية بإعلانه التاريخي، ومن الواضح أنه لم يدرك أن الأرض التي تمتد من سفح جبل طوروس إلى حافة صحراء سيناء هي دولة واحدة جسدياً وعرقياً وعاطفياً واقتصادياً، على الرغم من أنها قسمت بسبب مقتضيات السياسة العالمية".

إعلان

مقالات مشابهة

  • “أكسيوس” يكشف تطورات وتفاصيل المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة
  • الكرملين: حل الصراع الأوكراني دون استعادة العلاقات بين موسكو وواشنطن أمر مستحيل
  • الكرملين: حل الصراع الأوكراني دون استعادة العلاقات الطبيعية بين موسكو وواشنطن أمر مستحيل
  • الصين تدعم المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة
  • الصين: ندعم المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة
  • خطة أمريكية من سبع نقاط.. هل تضع حدّاً للصراع الأوكراني؟
  • الرئيس الأوكراني: أوكرانيا تصر على وقف فوري وشامل وغير مشروط لإطلاق النار
  • اشتغلت دكتور وبقيت ممثل.. كريم فهمي يحكي عن صداقته مع ياسمين عبدالعزيز
  • يوم أجبر السوريون بلفور على الهروب من دمشق متخفيا قبل 100 عام
  • مقترح ترامب .. إدارة أمريكية لمحطة زابوريجيا مع تزويد الكهرباء لأوكرانيا وروسيا