كمبالا- تستكمل الاجتماعات التحضيرية لدول حركة عدم الانحياز عملها في أوغندا بلجان سياسية واقتصادية وجلسات لوزراء خارجية الدول الأعضاء تحضيرا لقمة القادة في 19 و20 يناير/كانون الثاني الحالي، وتنعقد القمة في خضم تحديات سياسية واقتصادية وتساؤلات عن جدوى وتأثير الحركة في عالم مشتعل بالأزمات.

وتأتي دول حركة عدم الانحياز إلى القمة محملة كل بأولوياتها وبما قد تقبل به أو ترفضه وما تريده وتحاول تمريره، ووفق هذه القواعد تسير الاجتماعات التحضيرية لقمة الحركة في العاصمة الأوغندية كمبالا في اتساق مع نهج رافقها منذ التأسيس.

لم يحدث أن صدرت عن حركة عدم الانحياز قرارات مفاجئة أو صادمة جدا، لكن سبق أن تخطت بعض المآزق السياسية، كالدعوة إلى "انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان وكمبوديا" عام 1981، في وقت كان يُنظر فيه إلى بعض الدول الأعضاء على أنها تدور في فلك موسكو.

مندوب أوغندا الدائم بالأمم المتحدة أدونيا أيباري يتحدث خلال جلسات القمة الـ19 لحركة عدم الانحياز في كمبالا (رويترز) "منظمة مهمة"

مرت تلك العقدة السياسية ولم ينفرط بقاؤها حينذاك، ولم تزدد قوة أيضا بمرور أكثر من 4 عقود على ذلك الموقف، بل وترى أن العالم بحاجة إلى أن يتذكر الأسس التي استندت إليها لحظة التأسيس.

ويقول وزير خارجية أوغندا أودنغو جيجي أبو بكر إن "حركة عدم الانحياز لا تزال منظمة مهمة، وبالنظر إلى الحالة الدولية متزايدة التعقيد فإن مبادئ مؤتمر باندونغ العشرة لا تزال ذات صلة اليوم".

وتعلم أوغندا -التي تتسلم الرئاسة الدورية للحركة ومعها 93 دولة من أصل 120 تشارك في الاجتماعات- أنها تعاصر واقعا معقدا من حيث التوترات السياسية المتصاعدة، ابتداء من المحيط الإقليمي لأوغندا المستضيفة لقمة عدم الانحياز إلى انقلابات تطيح بنفوذ فرنسا، ويشتعل السودان في أزمة داخلية.

كما تبدأ بوادر خطر نزاع جديد في شرق أفريقيا بين إثيوبيا والصومال على خلفية اتفاق يتيح لأديس أبابا منفذا بحريا في أرض الصومال.

ونظريا، لا يمكن لدول عدم الانحياز التغاضي عن ملفات أفريقيا، إذ تستضيف كمبالا أيضا -وبالتوازي مع انعقاد قمة قادة دول حركة عدم الانحياز- اجتماعا لمنظمة شرق أفريقيا (إيغاد)، والسودان والصومال وإثيوبيا هي جدول أعمال الاجتماع.

وفي شرق أوروبا يتنافس الغرب وروسيا في ملف أوكرانيا، وسط صراع صيني أميركي على النفوذ في طرق التجارة بأفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، حيث الأزمة الأخطر والتحدي الأكبر للحركة، كما تشكل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لحظة مفصلية في تأثيراتها وتداعياتها على التطورات الجيوسياسية عالميا.

ولهذا، برزت الحرب على غزة ملفا أول في الاجتماعات التمهيدية، وطالبت المجموعة العربية والوفد الفلسطيني بإدراج القضية ضمن "وثيقة كمبالا" انسجاما مع قرارات دول عدم الانحياز في قمة أذربيجان عام 2019 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة.

المبعوث الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور يحضر اجتماعات القمة الـ19 لحركة عدم الانحياز في كمبالا (رويترز) تحدي الموقف

بدوره، دعا مندوب فلسطين الدائم في الأمم المتحدة السفير رياض منصور حركة عدم الانحياز إلى تبني نقاط الوثيقة بدعم الشعب الفلسطيني لإنهاء الاحتلال ونيل حقه في تقرير مصيره وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعودة اللاجئين، كما طالبها بتضمين الوثيقة الختامية للقمة "دعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار".

لكن الحركة بحاجة إلى موقف أعلى سقفا وأشد تأثيرا من مجرد الدعوة إلى وقف الحرب، فعدم اتخاذ موقف أو الاكتفاء بآخر منخفض السقف سيكون بمثابة إقرار بانعدام الوزن السياسي والثقل الدبلوماسي للحركة والتوقيع على شهادة وفاتها.

لكن موقفا يرتقي إلى مستوى ما يتعرض له القطاع منذ أكثر من 100 يوم قد لا يكون متاحا قبل قمة القادة والرؤساء.

وقال الأمين العام للخارجية الأوغندية فينسينت باجيريا إن "قضية فلسطين والموقف مما يجري في غزة لم يطرحا للتصويت في اجتماعات كبار المسؤولين، وإن آلية عمل الحركة تستند إلى اتخاذ قرارات بالإجماع".

تحديات اقتصادية

وعلى المستوى الاقتصادي، ثمة مفاصل أفلتت من يد دول عدم الانحياز بوصفها كتلة وتفرعت دول فيها لتحالفات سياسية اقتصادية، ويقر أعضاء في الحركة بأنها تواجه تحديات "انعدام الأمن الغذائي، والهجرة، والبطالة، والأوبئة الصحية، وتغير المناخ، والإرهاب، وتمويل التنمية وعبء الديون"، بحسب وزير الخارجية الأوغندي أودنغو جيجي أبو بكر.

ويعزز تقرير صادر عن الأمم المتحدة هذه التحديات، حيث تعاني 40% من الدول النامية من ارتفاع أساس وتكلفة ديونها التي تصل إلى نحو 4 أضعاف تكلفة استدانة الولايات المتحدة.

ولا يغفل رئيس الوفد الأذربيجاني يالشين رافييف عن هذا التحدي، ويرى أن بقاء حركة عدم الانحياز موحدة "يمكن أن يحرز تقدما نحو نظام عالمي عادل ومنصف".

وبينما تستخدم واشنطن سلاح العقوبات والشطب من الاتفاقيات التجارية كما فعلت مع أوغندا تتمدد الصين في أفريقيا حيث يمر "طريق الحرير" الجديد، وتنتظر بكين انتهاء أعمال قمة عدم الانحياز لتترأس بدورها "قمة الجنوب" أو "مجموعة 77 "+ الصين في المكان نفسه حيث تجتمع الحركة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حرکة عدم الانحیاز

إقرأ أيضاً:

الإمارات: نتبنى نهجاً سياسياً قائماً على عدم الانحياز واحترام سيادة الدول

طشقند (وام)

أخبار ذات صلة مساعدات الإمارات للسودان تضامن إنساني مع الشعوب رئيس أوزبكستان يستقبل علي النعيمي

اعتبرت دولة الإمارات العربية المتحدة أن استقلال الدول لا يقتصر على السياسة فقط، بل يمتد إلى الاقتصاد والتكنولوجيا، مشيرةً إلى أنها تبنت نهجاً سياسياً قائماً على عدم الانحياز، واحترام سيادة الدول، والدبلوماسية الفاعلة، وذلك ترجمة لنهج الدولة.
وشارك أحمد مير هاشم خوري، عضو مجموعة الشعبة البرلمانية للمجلس الوطني الاتحادي في الاتحاد البرلماني الدولي، في المؤتمر الرابع للشبكة البرلمانية لحركة عدم الانحياز، الذي عقد ضمن اجتماعات الجمعية 150 للاتحاد في طشقند بأوزبكستان.
كما شارك في المؤتمر كل من الدكتورة موزة محمد الشحي، والدكتورة سدرة راشد المنصوري، عضوتي المجلس الوطني الاتحادي، حيث عقد المؤتمر تحت عنوان «إحياء الذكرى السبعين لمؤتمر باندونغ»، الذي انعقد عام 1955 وكان أحد مخرجاته تأسيس حركة عدم الانحياز، والذي تم فيه وضع المبادئ العشرة التي أرست أسس التعاون والتضامن بين الدول الساعية إلى الاستقلال، والعدالة، والتنمية المستدامة.
وأكدت الشعبة البرلمانية الإماراتية في مداخلة تقدم بها أحمد خوري، أن دولة الإمارات تبنت نهجاً سياسياً قائماً على عدم الانحياز، واحترام سيادة الدول، والدبلوماسية الفاعلة، وذلك ترجمة لنهج الدولة بأن استقلال الدول لا يقتصر على السياسة فقط، بل يمتد إلى الاقتصاد والتكنولوجيا.
وأطلقت دولة الإمارات استراتيجيات لتمكين الدول الصديقة من الوصول إلى التكنولوجيا، مثل دعم مشاريع الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي في أفريقيا وآسيا، كما تدعم الإمارات مشاريع اقتصادية عبر مبادرات مثل ممرات التجارة والاستثمار في آسيا وأفريقيا، التي تحقق التنمية المستدامة. وأشار إلى أن دولة الإمارات تعد من أكبر المساهمين في المساعدات الإنمائية للدول النامية، حيث تجاوزت مساعداتها الخارجية 320 مليار درهم منذ عام 1970 وحتى 2024، موضحاً أن هذه المساعدات تغطي البنية التحتية، والتعليم، والصحة، والقضاء على الفقر، وتمكين الشباب والمرأة، ما يعكس التزام الإمارات بدعم التنمية المستدامة عالمياً، كما أن الإمارات تعد نموذجاً عالمياً في التعايش السلمي والتنوع الثقافي.
وأكدت الشعبة البرلمانية الإماراتية أنه في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة استضافت دولة الإمارات، مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» في عام 2023، وفيها تم إقرار «اتفاق الإمارات» التاريخي، الذي أسهم في التزام الدول بتدشين مرحلة جديدة في العمل المناخي.
كما استضاف المجلس الوطني الاتحادي الاجتماع البرلماني على هامش «COP28» بالتعاون مع الاتحاد البرلماني الدولي، الذي اعتمد وثيقة برلمانية تعزز دور البرلمانات في تشجيع الحكومات على تعزيز مبادرات الاقتصاد الأخضر، التكنولوجيا النظيفة، والممارسات المستدامة تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة.
وأضاف خوري أن البرلمانات تلعب دوراً أساسياً في تعزيز هذه المبادئ من خلال إقرار التشريعات الداعمة للتنمية المستدامة، وتعزيز التعاون البرلماني الدولي، وتفعيل الدبلوماسية البرلمانية كوسيلة لتعزيز الأمن والاستقرار، كما أن تعزيز الحوار بين البرلمانات، وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة، يسهم في بناء استراتيجيات أكثر فاعلية لمواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق تطلعات شعوبنا نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستقلالية.
وفي السياق، شارك الدكتور مروان عبيد المهيري، عضو مجموعة الشعبة البرلمانية للمجلس الوطني الاتحادي في الاتحاد البرلماني الدولي، في منتدى البرلمانيين الشباب، المنعقد ضمن أعمال اجتماعات الجمعية 150 للاتحاد في طشقند، حيث جرى مناقشة دور البرلمانيين الشباب في التخفيف من آثار النزاعات، وتحقيق التنمية المستدامة.
وأكد المهيري، أهمية تمكين الشباب وإشراكهم الفاعل في صناعة القرار، وصياغة الخطط والاستراتيجيات المستقبلية، وتعزيز قدراتهم على الابتكار، إذ يمثلون الفئة الأكثر تأثيراً وقدرة على نشر الوعي بالقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وقال إن «الشعبة البرلمانية الإماراتية تشدد على ضرورة إضافة فقرة على مشروع القرار الذي ستتم مناقشته في اللجنة الدائمة للتنمية المستدامة، لتؤكد الدور الحاسم الذي يلعبه البرلمانيون الشباب في مواجهة التحديات العالمية، وتحقيق التنمية المستدامة».

مقالات مشابهة

  • إزالة الحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة التي وضعها النظام البائد أمام “فرع فلسطين” بدمشق وتسهيل حركة الآليات والمركبات أمام السائقين
  • الإمارات: نتبنى نهجاً سياسياً قائماً على عدم الانحياز واحترام سيادة الدول
  • زوجتي ترفض الإنجاب بسبب الخوف من زيادة وزنها؟.. الأزهر للفتوى يوضح حكم الشرع
  • إلى أين تمضي السياسة بالعالم؟
  • غدا.. كمبالا تستضيف محادثات لصياغة أجندة المناخ الإفريقية قبل COP30
  • لتسهيل حركة المركبات.. استحداث منفذ مروري جديد أمام شارع الشيخ موسى بالأقصر
  • دراسة حديثة تكشف علاقة المكملات الطبيعية وتأثيرها على صحة العين
  • نيللي كريم تتحدث عن صداقتها لكندة علوش وسبب زيادة وزنها – فيديو
  • موعد مباراة المغرب ضد تنزانيا في كأس أمم أفريقيا للناشئين والقنوات الناقلة
  • نكرة .. ندى رحمي تروي مأساتها بسبب الارتباط