ashuily.com
انحسار موجة الورقي المقروء ساهم وبشكل رئيس في تفاقم أزمة القراءة الصحفية؛ لكنها رفعت وأعلت من شأن فنون صحفية أخرى لم تكن لها ذات المكانة الرفيعة من قبل القراء الورقيين مثل المقالة والعمود الصحفي بكافة أشكاله وألوانه ابتداء من مقالات وأعمدة الرأي وانتهاء بالمقالات والأعمدة المتخصصة في كافة العلوم ومناحي الحياة المختلفة.
أرباب الصحف أنفسهم باتوا يولون أهمية كبرى للأعمدة والمقالات الصحفية المنشورة في صفحات جرائدهم بشكلها الورقي والإلكتروني وصاروا يتسابقون في استقطاب الكتّاب من كل الفئات الإعلامية والأكاديمية والسياسية والاقتصادية والطبية وغيرها المتخصصة في شتى أنواع المعارف والعلوم، وأصبح الاحتفاء بكاتب المقال والعمود كبيرا لدرجة أن القراء لا يبحثون في الأعداد الصباحية للجريدة سوى عن كتاب المقالات والأعمدة ممن اعتادوا على قراءة كتاباتهم في زواياهم الخاصة بهم كل أسبوع، وأمست الأخبار والتحليلات والتقارير أمرا ثانويا في الجريدة يقرأ عقب قراءة كتابات الزوايا الصحفية.
مع انبلاج الفجر السيبراني لم يقتصر أمر الأعمدة والمقالات الصحفية على الصحف الورقية أو الإلكترونية وحدها فقط بعد أن كان حكرا عليها، بل برز الكثير من المواقع الإلكترونية المتخصصة في نشر الكتابات الصحفية والمقالات وتبارت الكثير من المنصات الإعلامية في استقطاب الكتّاب والأدباء والمتخصصين في شتى العلوم للكتابة في تلك المنابر الإعلامية الرقمية، حتى منصات التواصل الاجتماعي التي يوحي اسمها بالتواصل الاجتماعي بين الأفراد انخرطت هي الأخرى في الاهتمام بموضوع الكتابات الصحفية المتخصصة وتنوعت أشكال الكتابات الصحفية وأحجامها وصورها وطرق التقديم لها بما يتناسب مع الوسائل الرقمية الحديثة وتسابق الكتاب والصحفيين أنفسهم والأدباء والعلماء وكل من يمتلك مهارة الكتابة والتدوين إلى نشر مقالاته وتدويناته عبر تلك الوسائل استسهالا لأمر الوصول إلى الجمهور وهروبا من ما يمكن أن يسميه البعض بمقص الرقيب المؤسسي ممن يمتلك السلطة المهنية للتدخل فيما يمكن نشره أو اختزاله أو حذفه وشطبه فضلا عن سهولة الاحتفاظ به أو اختزاله وإعادة نشره في مختلف المواقع والتطبيقات والمنتديات.
تاريخيا فن المقالة يعتبر من الفنون القديمة التي بدأت عند اختراع الكتابة حين بدأ الإنسان القديم تدوين ما يجيش بخاطره وقد يكون التدوين عن طريق الرسم والحفر في الصخر من الوسائل الأولى المستخدمة في ما يمكن اعتباره بتدوين اليوميات أو نشر اليوميات وهي عبارة عن عمود صغير يختصر به الكاتب ما يمر به في يومه من أحداث تطور بعد ذلك حتى وصل إلى التدوين الحديث وتبلور في صورته النهائية باختراع الطباعة وبداية طباعة الجريدة في بدايات القرن الثامن عشر وزادت أهميته بازدياد أعداد الكتاب ممن ينشرون آراءهم وأفكارهم عبر وسائل الإعلام المختلفة لا سيما في الصحف اليومية ورغبة القراء في الاستماع إلى الآراء المختلفة للكتاب في شتى القضايا، واليوم وفي ظل تراجع الطلب على القراءة الصحفية اليومية للجريدة الصباحية قفزت إلى السطح أهمية المقال الصحفي المنشور الذي يعبر عن شتى القضايا، غير أن السؤال الذي يمكن إثارته يتعلق بجودة ما ينشر من مقالات وتحليلات وأعمدة صحفية ومدى تعبيرها عن الواقع المعاش للحياة اليومية للناس وارتباط ما ينشر في تلك الفنون الصحفية بالمقاييس والأعراف الصحفية المتعارف عليها وجودة ما يقدم في تلك الفنون من كتابات رصينة تعبر عن واقع الحياة.
في المجمل العام يمكن القول إن جل من يكتب فن المقالة الصحفية والعمود الصحفي هم من غير المختصين بهذه العلوم فالمقال والعمود له شروطه وأساسياته وأسسه المبني عليها، وأغلب ما ينشر في تلك الزوايا إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه وهو ما يندرج تحت الكتابة الشخصية التي تعبر عن وجهة نظر كاتبها والتي تختلف اختلافا كبيرا عن وجهة النظر الموضوعية التي تنظر للموضوع من كافة زواياه مع محاولة استمالة كفة على أخرى. غير أن ما نراه من متابعات يومية للمقالات اليومية التي تلفظها الصحف الورقية والإلكترونية نجد أن البعض منها يؤجج ويؤدلج الكثير من القضايا التي يمكن أن تثير الفتن الطائفية الممقوتة أو إثارتها للعديد من الموضوعات التي لا تخدم شريحة كبرى من القراء أو تطرح أفكار هدامة لا تساهم في البناء بقدر ما تسهم في الهدم ولا يقوم الكثير منها على مبدأ نشر الوعي المجتمعي بقدر ما هي خربشات أعطي صاحبها منبرا لكتابة ما يحلو له.
المسؤولية ملقاة على كاهل القائمين على وسائل الإعلام في التدقيق على ما ينشر من سمين في صحفهم ونبذ كل غث وفاسد منه وأيضا هي ذات المسؤولية ملقاة على عاتق الكتاب في كتابة ما يرتقي بعقول الناس لا ما يهدم قيمهم وقناعتهم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکثیر من ما ینشر فی تلک
إقرأ أيضاً:
الصحف الكتالونية: «كأس السعادة» تمحو آثار «لُعبة بيريز»!
عمرو عبيد (القاهرة)
كانت أفراح الصحف الكتالونية عارمة بعد التتويج باللقب الثاني هذا الموسم على حساب «الريال»، وعنونت «موندو ديبورتيفو» غلافها بـ «كأس السعادة»، بينما قالت «سبورت» إن لاعبي «البارسا» أكبر من كونهم أبطال، في حين كتبت «لي سبورتيو» أن هذا الجيل من اللاعبين أعاد إلى الأذهان ذكريات «الكتيبة الذهبية»، إذ أنهم يسيرون على درب السيطرة المُطلقة في إسبانيا، والقوة والمتعة والتفوق الكامل على الغريم الأزلي، ريال مدريد.
«موندو ديبورتيفو» احتفت بالمدرب هانسي فليك، وقالت إنه حصد لقبين على حساب ريال مدريد مُباشرة، بنسبة نجاح 100%، ويأمل في استكمال «الثُلاثية المحلية» بتأمين لقب الدوري أيضاً، وتحدثت عن «روعة» أداء الفريق وقتاله حتى النهاية، بينما وجهت بعض العبارات القاسية لما وصفته بـ «لُعبة بيريز المُشينة»، في محاولة للضغط على الحكام قبل المباراة، وهو ما تراه تحقق خلال أحداثها، إذ نشرت تقريراً مُفصلاّ حول 3 حالات تحكيمية، ترى أنها ركلات جزاء صحيحة لـ «البارسا»، بداية من لمسة يد فالفيردي داخل منطقة الجزاء، مروراً بجذب سيبايوس لكوبارسي في ركلة ركنية، نهاية بالضربة المُباشرة من روديجر لقدم توريس.
أخبار ذات صلة
ونقلت «سبورت» و«لي سبورتيو» تصريحات لامين يامال، التي قال فيها، إن ريال مدريد لن يتمكن من الفوز على برشلونة أبداً هذا الموسم، كما ذكرت ما كتبه النجم السابق، جيرارد بيكيه، عقب المباراة عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، بأن «الخير دائماً يفوز في النهاية».
وبعيداً عن الصحف الإسبانية، اهتمت نظيرتها الإيطالية بتلك المباراة، خاصة أنها تأتي قبل المواجهة المرتقبة لفريقها، إنتر ميلان، مع برشلونة في نصف نهائي دوري الأبطال، ونشرت «لا جازيتا» تقريراً تفصيلياً عنونته بقولها «إنتر.. هل شاهدت برشلونة جيداً»، وكتبت: إن الفريق «الكتالوني» قد يأتي مُرهقاً بعد تلك الليلة، لكنه مفعم بالسعادة والنجاح وحيوية «مجموعة من الأطفال» قادرين على القتال والفوز في أي وقت.