الثلاثاء, 16 يناير 2024 8:58 م

المركز الخبري الوطني/ خاص

بين يوم وآخر، تتعرّض السيادة العراقية إلى الاختراق والاعتداء من قبل دول مجاورة، وأخرى صديقة ترى في النظام السياسي حليفاً لها بالمنطقة. وعلى الرغم من تواصل خطوط السياسة العراقية مع طهران، وأنقرة، وواشنطن، إلا أن ذلك لم يمنع البلدان الثلاثة من ممارسة الاعتداء المتكرر، بحجة إيواء العراق لعناصر تهدد الأمن القومي لها.

وكان أمس الاثنين، قد شهد أحدث اعتداء طال العراق وسيادته، بعدما قصف طيران إيراني منزلاً في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، بحجة أنه وكراً للموساد الإسرائيلي، فيما أعلنت الحكومة الاتحادية أن المنزل يعود لسكان مدنيين في تلك المدينة.

وبالتزامن مع خرق السيادة العراقية من قبل إيران، واصلَ الطيران الحربي التركي قصفه لمواقع عسكرية تركية معارضة داخل إقليم كردستان، وذلك في أحدث خرق تتعرّض السيادة في العراق. حيث أصاب الطيران التركي 23 هدفاً تابعاً لحزب العمّال الكردستاني المعارض، والمُقيم في مناطق الإقليم الكردي من العراق.

وقبل هذين الاعتداءين، عاشت بغداد قلقاً أمنياً، وارتباكاً سياسياً غير متوقع، بعدما قصفت طائرة أميركية مسيرة، موقعاً أمنياً تابعاً للحشد الشعبي، وتمكنت من قبل قياديٍّ فيه، وآخرين يرافقونه. وهذا ما استدعى الحكومة العراقية إلى مطالبة واشنطن بضرورة جدولة انسحاب التحالف الدولي من البلاد.

تطورات أربيل

وبعيد استهداف الطيران الإيراني، تبنى الحرس الثوري العملية التي استهداف مدينة أربيل في إقليم كردستان، عازياً ذلك، إلى استهدافه لمواقع تجسسية تابعة للموساد الإسرائيلي، مؤكداً أن طهران من حقها الدفاع عن أمنها القومي.

وقال في بيان له، إن الضربة جاءت “ردًا على جرائم النظام الصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية، والتي كانت آخرها مقتل عدد من قادة الحرس بنيران صهيونية تم استهداف مقر تجسسي رئيسي للموساد في إقليم كردستان العراق، وتم تدميره بالصواريخ الباليستية”.

الرواية الإيرانية، نفتها اللجنة التحقيقية المشكلة من قبل الحكومة العراقية، التي زارت موقع الاعتداء في مدينة أربيل، وأكدت أن الموقع المستهدف من قبل الجانب الإيراني، كان موقعاً مدنياً يعود لإحدى العائلات الكردية.

وأسفر الاعتداء الإيراني، أمس الاثنين، عن مقتل مواطنٍ مدنيّ، وإصابة آخرين، فضلاً عن دمار البنى التحتية للموقع المستهدف في أربيل.

وقال رئيس اللجنة التحقيقية العليا، مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، :”أطلعنا ميدانياً مع أعضاء اللجنة التحقيقية، على منزل رجل الأعمال المستهدف ليلة أمس في مدينة أربيل، وتبين أن الادعاءات التي تتحدث عن استهداف مقر للموساد لا أساس لها من الصحة”، مؤكداً “تواصل الاجتماعات مع الأجهزة الأمنية في الاقليم”.

الانتهاكات التركية أشد فتكاً

وبالتزامن مع الاعتداء الإيراني على إقليم كردستان، شنّ الطيران الحربي التركي، هجوماً على موقع حزب العمال الكردستاني المعارض، داخل الإقليم، وهو الاعتداء التركي الثاني خلال الشهر الحالي.

وبشأن الاعتداءين التركي والإيراني، يرى خبراء أمنيون، أن العراق بات مخترقاً من قبل الدول المجاورة والصديقة معاً، لاسيما تركيا، وإيران، وأميركا. لكن الأكثر فتكاً وضرراً هي الاعتداءات التركية.

ويقول الخبير الأمني صادق عبدالله، إن “قصف أهداف متعددة في اربيل بصواريخ ايرانية ليس مفاجئاً، وهو تكرار لمشهد انتهاك السيادة الوطنية من قبل بعض دول الجوار المستمر منذ سنوات طويلة”.

ولفت إلى أنه “بغض النظر عن كل الذرائع التي ستعلنها طهران لتبرير القصف، لكن في نهاية المطاف ما حدث انتهاك صارخ لمبدأ حسن الجوار، خاصة وإن بغداد تعاونت مع إيران بتأمين الحدود”.

وأشار الى أن “ثلاثة رسائل ايرانية وراء قصف اربيل أبرزها التأكيد بأن طهران لن تتوانى في استخدام القوة ضد أي تهديد يمس أمنها، وأنها لديها التكنولوجيا الصاروخية القادرة على ضرب أهداف على بعد الالاف الكيلومترات، كما أنهُ رسالة لتل ابيب بنفس الوقت”، مبيناً أنه “بغض النظر عن حقيقة وجود شبكات للموساد في اربيل، ولكن في كل الاحوال لا يمكن أن تشكل خلية خطر على أمن نظام مثل طهران”.

وبشأن الاعتداء التركي على الإقليم، يرى عبدالله أن “انقرة تعدّ أكثر فتكًا من ناحية الأعمال العسكرية في اقليم كردستان من طهران، لكنها تعتمد اسلوباً اشبه بالعمليات الجراحية في شن اغتيالات وضربات محددة”، مضيفا “لكنها بالمقابل تتكبد خسائر بشرية”

ولفت الى أن “الاقليم ساحة صراع دولية وبغداد هي الوحيدة القادرة على انقاذ الموقف من خلال خلق ترتيبات أمنية مع أنقرة وطهران تضمن عدم خرق الحدود، وتوجيه المزيد من صواريخ الموت إلى المناطق الآمنة”.

جدولة الانسحاب الأجنبي

وتسعى الحكومة العراقية، إلى حل ملف التواجد الأجنبي المتمثل بالتحالف الدولي لمحاربة داعش، عبر إنهاء التواجد وإخراج ما تبقى من القوات التابعة للتحالف، يتقدمهم المستشارون العسكريون، حيث تطالب الحكومة بضرورة جدولة الانسحاب، لانتفاء الحاجة إلى تلك القوات.

وقال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إن “الحكومة بصدد تحديد موعد بدء عمل اللجنة الثنائية لوضع ترتيبات إنهاء وجود قوات التحالف الدولي في العراق بصورة نهائية، وإنهُ لن يكون هناك تفريط بكلِّ ما من شأنهِ استكمال السيادة الوطنية على أرض العراق وسمائه”.

وأشار إلى أن “العراق تربطهُ مع أمريكا اتفاقية شراكةٍ ستراتيجية، وعلاقات دبلوماسية، وبهذا تمَّ خرقُ المبادئِ الرئيسة للعلاقاتِ الدولية، وما نصَّ عليهِ ميثاقُ الأممِ المتحدةِ من المساواةِ في السيادة بين الدول وحظرِ استخدامِ القوةِ في العلاقاتِ الدولية”.

وفي تصريحٍ للحكومة على لسان وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، أكد أن “حكومة الخدمة الوطنية كانت أولى أولوياتها هو الحفاظ على السيادة والدفاع عنها، فهي أكبر قيمة لابد أن نحتفظ بها ونحميها وندافع عنها”، لافتاً إلى أن “مجلس النواب أصدر قراراً سابقاً، مازلنا نطالب بتنفيذه وتطبيقه والمتعلق بإخراج القوات الأجنبية”.

وأوضح أن “الحكومة ووفق ما اكده رئيس مجلس الوزراء حريصة على السيادة الوطنية وتطبيق القانون”، مؤكداً أن “المفاوضات والحوارات بدأت مع قوات التحالف الدولي بتطبيق هذا القرار لكي يكون العراق خالياً من أيِّ وجودٍ أجنبي بعد أن تكاملت قواتنا العراقية المسلحة بكافة صنوفها، والتي نفخر بها اليوم جميعاً ونعتقد أنها قادرة ومستعدة للدفاع عن هذا الوطن وحفظ سيادته وكرامة أبنائه”.

الأمن النيابية تنفي

وكانت وسائل إعلام امريكية، قد تداولت تقاريراً تتحدث عن إرسال 1500 جندي امريكي في الحرس الوطني الى العراق وسوريا لتعزيز القوات الامريكية التي هي الان بحوالي 4000 جندي موزعين بين البلدين.

من جهتها علقت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، على التقارير الصحفية الامريكية التي تتحدث عن نية الولايات المتحدة الامريكية إرسال قوات جديدة إلى العراق خلال المرحلة المقبلة.

وقال عضو اللجنة كريم المحمداوي، في تصريح صحافي، إن “التقارير الصحفية الامريكية، التي تتحدث عن نية الولايات المتحدة الامريكية إرسال قوات جديدة لها إلى العراق، لا صحة لها والحكومة العراقية لن توافق على هكذا خطوة مهما كانت الأسباب والحجج، ولا يوجد هكذا طرح على بغداد لأخذ موافقتها.”

وبين المحمداوي أن “الهدف من بث هكذا تقارير هي محاولة لخلط الأوراق مع وجود السعي الحكومي العراقي لإخراج القوات الأمريكية بشكل كامل من كافة الأراضي العراقية، وهذا القرار عازم عليه السوداني وهو مدعوم سياسياً وبرلمانياً”.

المصدر: المركز الخبري الوطني

كلمات دلالية: الحکومة العراقیة إقلیم کردستان مدینة أربیل تتحدث عن من قبل

إقرأ أيضاً:

هل ينهي حل حزب العمال الوجود التركي في العراق؟

بغداد اليوم- متابعة

هدير الطائرات التركية وأزيزها ما يزال يسمع بين فترة وأخرى فوق بعض نواحي وقرى محافظة دهوك شمال العراق، رغم إعلان رئيس حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، حل الحزب وإنهاء عملياته العسكرية.

ويتحدث نجيب خالد، المواطن الذي يسكن قرية بلافه التابعة إلى ناحية ديرلوك في قضاء العمادية بمحافظة دهوك، ثم يصمت فجأة عند اقتراب الطائرات التي تُسيّرها أنقرة لملاحقة عناصر حزب العمال.

ويعبر عن استيائه من عدم تأثير خطاب أوجلان على الأوضاع الأمنية في منطقته الحدودية، مشيراً إلى أن الصراع المسلح "ما يزال مستمراً".

ويضيف نجيب قائلاً "أرجو أن تستمعوا إلى أصوات الطائرات التي تحلق حالياً فوق قريتنا بينما أتحدث إليكم".

ويقول إن الطائرات التركية "ما زالت تقوم بطلعات شبه يومية بحثاً عن المطلوبين من الحزب.

كما يطالب نجيب باتخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف هذه المعارك، لتمكين الأهالي من العودة إلى قراهم واستئناف أعمالهم الزراعية التي توقفت منذ فترة طويلة.

ويردف "لا أحد يمكنه التنبؤ بمستقبل الأحداث، ونتمنى نحن المتضررين من هذه الحرب أن تتحقق عملية السلام بين تركيا وحزب العمال".

تطورات متسارعة

ويشهد ملف الوجود العسكري التركي في العراق تطورات متسارعة، خاصة بعد إعلان حزب العمال الكردستاني تحوله من العمليات العسكرية إلى النشاط السياسي.

الدعوة التي وجهها زعيم "العمال الكردستاني"، عبد الله أوجلان، لحزبه لم تكن الأولى من نوعها على هذا الصعيد، لكن سطور البيان الخاص بها والتي تليت من مدينة إسطنبول، يوم الخميس، حملت "نفسا استثنائيا".

فقد بدأ الحراك النيابي داخل العراق استعداداته للضغط بغية إخراج القوات التركية من البلاد وإغلاق قواعدها العسكرية، ليس فقط في إقليم كردستان، بل في المناطق الأخرى، بما في ذلك قاعدة زليكان العسكرية الواقعة على أطراف مدينة الموصل.

ورغم ذلك، تسعى أنقرة إلى الإبقاء على قواعدها العسكرية في العراق، مما يعكس تعقيد المشهد ويطرح تساؤلات حول مستقبل هذا الوجود وتداعياته على الجوانب السياسية والأمنية في العراق، وهل سيؤثر حل حزب العمال الكردستاني على دوافع تركيا للبقاء في العراق، أم أن هناك عوامل أخرى تدفعها للاستمرار في وجودها العسكري داخل الأراضي العراقية.

مطالب بـ"إنهاء الاحتلال"

أوضح رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، كريم المحمداوي في تصريح صحفي، أن اللجنة "تمتلك رؤية واضحة" بشأن ضرورة اتخاذ قرار يقضي بخروج القوات التركية وعناصر حزب العمال الكردستاني من جميع الأراضي العراقية.

وبيّن أن اللجنة "ماضية في هذا الحراك لعقد جلسة للتصويت على هذا القرار في قادم الأيام".

وأضاف المحمداوي أن وجود القوات التركية في العراق "لم يعد مبرراً"، خاصة بعد دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني لوقف العمليات العسكرية والانتقال إلى المسار السياسي.

بناءً على ذلك، فإن لجنة الأمن والدفاع، وفق المتحدث، "تصر على مطالبها بضرورة إنهاء التواجد العسكري التركي، وإخراج عناصر حزب العمال من العراق".

رغم إعلان أوجلان.. لماذا يستمر القتال بين تركيا و"الكردستاني"؟

تجددت الاشتباكات بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني المحظور في سلسلة جبال متين في محافظة دهوك، شمال العراق.

وأكد رئيس اللجنة أن "استمرار التواجد العسكري التركي في العراق يشكل تعدياً على السيادة العراقية، سيما أن هذا الوجود لم يتم بموجب اتفاقيات رسمية مما يجعله بمثابة احتلال للأراضي العراقية"، بحسب تعبيره.

عوامل حاسمة

من جانبه، بيّن المحلل السياسي المقرب من الحكومة التركية، مهند حافظ أوغلو، في تصريح صحفي، أن هناك فارقاً كبيراً بين إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه وقبول دعوة زعيمه عبد الله أوجلان، وما بين تطبيق هذا الأمر ميدانياً، بما في ذلك إلقاء السلاح.

وأكد أن أنقرة لن توقف عملياتها العسكرية طالما لم يتم نزع سلاح الحزب بشكل فعلي، حيث تمكنت القوات التركية قبل عدة أيام، من "تحييد تحركات إرهابية" على حد وصفه، وقتلت نحو 10 من عناصر حزب العمال.

وأضاف أوغلو أن تركيا "لا يمكنها حتى إذا عقد حزب العمال مؤتمره وأعلن عن حل نفسه وإلقاء سلاحه، أن تسحب قواتها من الجغرافية العراقية بشكل عاجل، لسببين رئيسيين الأول، هو رغبة تركيا في إبقاء قواتها في العراق لمراقبة الوضع الميداني بعد أن ينزع الحزب سلاحه، لضمان عدم وجود تحركات إرهابية أو أسلحة متفلتة قد تستخدم في دعم تحركات عناصر الحزب، وهو أمر قد يستغرق شهوراً".

أما السبب الثاني فيتمثل بوجود تفاهمات بين أنقرة وبغداد وإقليم كردستان، بالإضافة إلى دمشق وعمان، لتشكيل قوة إقليمية رباعية لمكافحة الإرهاب، بدءًا من داعش ثم حزب العمال، وصولًا إلى أذرعه.

وبالتالي "لا يمكن سحب القوات العسكرية التركية من العراق وسوريا في الوقت الحالي إلا وفق ترتيبات محددة"، حسب قوله.

ما ان تعبر مدينة العمادية فان الخروج عن الشارع الرئيسي يصبح بمثابة التوجه نحو المجهول، قد تنفجر بك عبوة ناسفة! تم زراعتها على مقربة من الشارع أو تأتيك طائرة مسيرة تقصفك، بهذه الكلمات وصف عبدالله سليم الطريق الى قريتهم، وهو من أهالي قرية (مزي) القريبة من ناحية ديرالوك في قضاء العمادية (470 كلم شمال بغداد).

كما أبدت بغداد استعدادها للتعاون مع أنقرة في هذا الإطار، خاصة أنها تعتبر حزب العمال الكردستاني ليس مجرد منظمة محظورة، بل منظمة إرهابية، وفقًا للتصنيف العراقي، كما جاء ذلك في تصريح لوزير الدفاع العراقي، بحسب حديث أوغلو.

وفي ما يتعلق ببدء أنقرة بتقديم تطمينات للجانب العراقي بشأن سحب جزء من قواتها من العراق مبدئيًا، يرى المحلل السياسي أن هذا الأمر مرتبط بتوقيتات مؤتمر حزب العمال المنتظر لإلقاء السلاح بشكل فعلي.

كما يرتبط أيضًا بتعاون العراق في متابعة الوضع الأمني الميداني لضمان إنهاء أي نشاط مسلح للحزب، وبعد انعقاد المؤتمر، ستكون بغداد وأنقرة أمام عام كامل لتحديد ما إذا كان هناك جدول زمني لسحب القوات التركية وإغلاق قواعدها العسكرية في العراق أم لا.

وفي الوقت نفسه يؤكد أوغلو أن أنقرة ستناقش بشكل مفصل مع بغداد مسألة القواعد العسكرية التركية على الأراضي العراقية، وبعد نزع سلاح حزب العمال ترى تركيا ضرورة وجود قوة ردع لمنع ظهور أي عناصر متخفية أو ذئاب منفردة.

كما سيتم، وفق المتحدث، التنسيق مع الجانب العراقي في هذا الشأن "لضمان عدم وجود ذريعة لاحقًا للعراق بأن تركيا تنتهك سيادتها، حيث أن أنقرة ترفض بشكل قاطع التعدي على سيادة أي دولة".

ويضيف "لن يكون هناك انسحاب للقوات التركية وإغلاق قواعدها العسكرية في العراق ما لم تطمئن أنقرة بشكل كامل إلى أمنها القومي، بعدم وجود أي تهديدات، وضمان إنهاء هذا الملف بشكل نهائي، ويرتبط هذا بما سيحدث في المستقبل، حيث قد تغيّر تركيا في شكل قواعدها ومواقع انتشارها، وربما يكون ذلك بإنشاء قاعدة عسكرية حتى في جبال قنديل".

وأشار أوغلو إلى أن عدد القواعد العسكرية التركية المتكاملة بتشكيلاتها الحالية في العراق لا يتجاوز 20 قاعدة، بحسب قوله.

كما أضاف أن هناك العشرات من نقاط الانتشار لعناصر القوات التركية على الأراضي العراقية، مشيراً إلى أن هذا التواجد "لم يتم بموجب اتفاق رسمي مع الجانب العراقي، بل بناءً على تفاهمات وقبول عراقي لوجود القوات التركية بهدف مكافحة الإرهاب"، حسب قوله.

ولفت المحلل السياسي إلى أن حزب العمال يتألف من تيارين رئيسيين؛ أحدهما غربي والآخر إيراني، حيث "يتمتع التيار الإيراني بهيمنة كبيرة على الحزب، وبناءً على ذلك، فإن تحركات قادة الحزب ستكون وفق الأجندة الإيرانية في العراق".

أول تعليق لبارزاني على دعوة أوجلان لإلقاء السلاح

رحب رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، الخميس، برسالة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان التي دعا خلالها حزبه لنزع السلاح وحل نفسه.

وأضاف أن من غير المحتمل أن تدخل أنقرة في أي مفاوضات مع منظمة إرهابية، حسب وصفه، ولن توافق على أي تسوية لحل القضية الكردية سياسياً إلا بشرط حل الحزب وإلقاء سلاحه بشكل نهائي ، لضمان تحقيق عملية السلام في المنطقة.

اقتلاع "شجرة حديدية"

يقول الخبير الأمني، ماجد القيسي، في تصريح صحفي إن قيادات حزب العمال العسكرية التي تعمل في الميدان لن تتماشى في المرحلة الحالية مع دعوة رئيس الحزب أوجلان وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بنزع السلاح بشكل متكامل، لأنها تعتقد أن هذا النداء جاء نتيجة ضغوط من حكومة أنقرة على أوجلان وهو في المعتقل.

والدليل على ذلك، بحسب القيسي، أن العمليات العسكرية ما تزال قائمة والطيران التركي يواصل طلعاته وملاحقة أهدافه.

ويوضح أن عبد الله أوجلان معتقل منذ عام 1999، ولم يتواصل مع حزبه وقادته منذ سنوات طويلة، ما يعزز فكرة أن مثل تلك القرارات الحاسمة ترجع للقيادات العسكرية.

بالإضافة إلى هذا الحزب يتضمن تيارات عديدة قد لا تتوافق ودعوة أوجلان لإنهاء النشاط المسلح ودخول مفاوضات قد لا تتحقق المكاسب التي حلم بها الحزب.

وأضاف أن حزب العمال بدأ معارضته للحكومة التركية وحمل السلاح ضدها منذ 4 عقود وتحديداً منذ عام 1980.

وترى قيادات حزب العمال أن هذا القتال لن ينتهي دون تحصيل حقوق الكرد في تركيا، و"المؤشرات تؤكد أن الحزب غير مستعد لنزح سلاحه والدخول في مفاوضات وقد يقوم بتجميد عملياته العسكرية لكن مسألة نزع السلاح مستبعدة سيما في ظل وجود مفاوضات"، حسب قول القيسي.

ويؤكد أن ما بين عامي 2013 إلى 2015، كانت هناك عملية سلام بين أنقرة وحزب العمال لكنها انهارت بعد نشوب معارك عنيفة في الجيش التركي وعناصر الحزب في مدينة ديار بكر وشرناق، لأسباب تركية داخية وأسباب أخرى تتعلق بالحزب نفسه.

وبرغم وجود مذكرة تفاهم بين أنقرة وبغداد في عدة مجالات، أبرزها الجانب الأمني، والتي تم توقيعها في أغسطس 2024، إلا أن الخبير الأمني يرى أن وجود القوات التركية داخل الأراضي العراقية يعد خرقًا للسيادة الوطنية، وفقاً لتعبيره.

وتنص بنود هذا التفاهم على إنهاء الوجود العسكري التركي ويكون هناك تعاون أمني لمكافحة الإرهاب، والاحترام المتبادل لسيادة البلدين، والقضاء على التهديدات الأمنية كافة، وإنشاء مركز أمني مشترك على الحدود، وأن تستلم القوات العراقية قاعدة زليكان أطراف الموصل.

لكن لحد الأن لا توجد مسارات لتنفيذ بنود مذكرة التفاهم الأمني من كلا الطرفين، إذ يرجع القيسي هذا الأمر إلى وجود فجوات متعددة بين بغداد وأنقرة أهمها الجانب الأمني وأزمة المياه على حد وصفه.

ويعتقد القيسي أن من أبرز التداعيات الأمنية الناتجة عن وجود القوات التركية داخل العراق واستمرار عملياتها العسكرية هو التأثير المباشر على أمن المواطنين وحياتهم اليومية.

وقد أدى ذلك إلى نزوح سكان مئات القرى في شمال العراق، وبالتحديد في محافظة دهوك، مما أسهم في تدهور أوضاعهم المعيشية وتهديد مصادر رزقهم.

في ما يشير إلى أن عدد القواعد والمواقع العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية وفقاً لما نشرته وزارة الدفاع التركية، يصل إلى 37 موقع عسكري في عام 2020، أما الآن فعدد المواقع العسكرية التركية يقدر بنحو 85 موقع وقاعدة عسكرية في العراق.

كما قال القيسي إن مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي صرح بوجود نحو 100 قاعدة وموقع عسكري تركي في العراق، حسب قوله.

رجل كردي يسير وسط الأنقاض في مدرسة عقب الهجمات الإيرانية عبر الحدود في بلدة كوي (كويسنجاق)، على بعد 100 كيلومتر شرقي أربيل، عاصمة المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال العراق في 1 أكتوبر 2022.

في قلب النزاعات.. مثلث تحديات متداخلة يهدد كردستان العراق

لم تكن برين طاهر، الموظفة في محافظة دهوك، إحدى المدن الرئيسية في إقليم كردستان، تتوقع أن تهاجم إسرائيل مواقع عسكرية إيرانية في تلك الليلة.

ويدعو الخبير الأمني إلى ضرورة الإسراع في بدء مفاوضات "عالية المستوى" بين بغداد وأنقرة بهدف إنهاء التواجد العسكري التركي في العراق وتداعياته السلبية، سيما وأن هناك إشارات واعدة لإزالة مبررات تركيا بشأن محاربة حزب العمال، خصوصاً بعد دعوة أوجلان لحل الحزب، بحسبه.

كما يوصي بتشكيل لجان تنسيقية مسؤولة عن تنفيذ المفاوضات، معتقداً أن أنقرة ستستجيب للمطالبات العراقية وتسحب قواتها من العراق لكن بشكل تدريجي وربما يأخذ وقتاً محدداً، لاسيما في ظل وجود رغبة تركية حقيقية لإنهاء هذا الملف نهائياً على حد تعبيره.

ثورة "مسمومة" بين "جدران المساومات"

يرى أستاذ العلاقات الدولية، عصام الفيلي، أن دعوة اوجلان بحل حزب العمال لن تُطبق بالكامل، ولن تتمكن من إقناع قيادات الحزب بالانخراط في مفاوضات سلمية، حسب قوله.

ويعود السبب في ذلك إلى أن أوجلان تعرض لجملة من "المساومات"، بالإضافة إلى أن نشأته بنيت على "أفكار ثورية"، إذ أنه "يؤمن تماماً أن حقوق الأكراد لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الكفاح المسلح".

ويعتقد الفيلي أن القراءة السياسية لنداء أوجلان تدل على أنه أراد أن يخلق معالجة لأزمة مستدامة، لكنه في الوقت ذاته قدم إشارات ضمنية تفيد بأن القرار سيكون بيد قيادات حزب العمال الميدانية.

ويرى أن تركيا لن تخرج من الأراضي العراقية مهما كانت الظروف، حيث ترى أن وجودها هناك جزء من حق تاريخي يتعلق بمطالبتها بولاية الموصل، كما أن أنقرة تعتبر وجودها أيضاً جزءاً من استراتيجيتها لملئ الفراغ أمام منافس قوي لها، وهو الوجود الإيراني في العراق.

فضلاً عن ذلك، ترى تركيا أن تواجدها العسكري في العراق يمثل توازن قوى في المنطقة، وأنقرة تعتبر نفسها إحدى القوى الإقليمية التي يجب أن يكون لها حضور مؤثر، وتعد وجودها بمثابة حماية لاقتصادها، خاصة أن هناك العديد من الشركات الاقتصادية الكبرى التركية التي تعمل في العراق، وكذلك لكي تفتح المجال أمام المزيد من العلاقات في مجال الطاقة والأعمار، على حد قول الفيلي.

ويشير الفيلي إلى أن البرلمان العراقي، حتى وإن صوت على إخراج القوات التركية من العراق، سيشكل ذلك ورقة ضاغطة على أنقرة، لكن من الصعب تنفيذ هذا القرار لأن بغداد لا تمتلك القدرات العسكرية مقارنة بالإمكانيات التركية أو ما يعادلها، وأن الحل الأمثل لهذه القضية لن يكون إلا من خلال تدويلها، وإصدار قرار أممي يطالب بانسحاب القوات التركية من العراق، وفقاً لرأيه.

وعن التواجد العسكري التركي، يقول أستاذ العلاقات الدولية إن أول قاعدة عسكرية تركية تم إنشاؤها داخل العراق كانت عام 1992، حيث استغلت أنقرة غياب السلطة العراقية عن الأراضي الكردية في إقليم كردستان لتثبت معالم وجودها هناك، ومنذ ذلك الحين، بدأت تركيا في تعزيز حضورها العسكري في المنطقة، مما شكل نقطة انطلاق لتواجدها العسكري الطويل الأمد وفقاً لقوله.

بعد عام 2003 وتغير النظام السياسي في العراق، لم يسعى صناع القرار إلى معالجة مسألة التواجد العسكري التركي بجدية، برغم أن هذه القضية تعد من أبرز التحديات في تاريخ العراق السياسي، كما أن هذا التواجد عدّه الفيلي غير رسمي، إذ لم تُوقع أي اتفاقية رسمية بشأنه، بينما تجدد تركيا الاتفاقية الموقعة بعد عام 1991 من جانبها فقط، حسب قوله.

فيما يعتقد، أن دعوة عبدالله أوجلان بإيقاف النشاط المسلح لن تلقى استجابة من جميع أجنحة حزب العمال الكردستاني، خصوصاً من جماعة "البككة"، التي تضم فصائل تخضع للتأثيرات الإيرانية، ومن أبرز تلك الفصائل وأقواها تلك الموجودة في جبال قنديل تحت قيادة جميل باياك، التي لا تزال تستخدمها إيران كأداة ضغط ضد تركيا في مختلف مراحل التهدئة أو التصعيد.

هذا التوجه يعزز من احتمال استمرار العمليات العسكرية لحزب العمال الكردستاني، لفترة طويلة، في ظل تأثر الحزب بالتوجهات الإيرانية التي تسعى لاستغلال هذه الورقة لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في مواجهة تركيا التي لا تؤمن بحقوق الكرد وتحديداً على يد اليمين التركي المتطرف، على حد تعبيره.

المصدر: موقع الحرة

مقالات مشابهة

  • الداخلية عن حادثة الاعتداء على السوريين: الجميع في العراق تحت سقف و طائلة القانون
  • سوريا ترفض الاعتداء على مواطنيها في العراق
  • الحكومة العراقية تتحمل فوائد قرض اتحاد الكرة وتطفي ديونه المصرفية
  • الحكومة العراقية تعلن تأسيس الوطنية للهاتف النقال بالشراكة مع فودافون
  • بعد قطع شريان الكهرباء الإيراني.. العراق يتأهب وخبراء يطرحون حلولا بديلة
  • مستشفيات أربيل قبلة للباحثين عن علاج من مرض السرطان في العراق (صور)
  • الحكومة العراقية تعزز خططها لتأمين الكهرباء الصيف المقبل
  • الحكومة العراقية تعزز خطط تأمين الكهرباء الصيف المقبل
  • هل ينهي حل حزب العمال الوجود التركي في العراق؟
  • أربيل.. الشرطة تعتقل 4 أشخاص بتهمة الاعتداء والتخريب (فيديو)