من كتلة المتمة يوليو 1897م .. إلى كتلة الجزيرة ديسمبر 2023م ..الكسابة أو الغنامة … ومحاولة التنصل
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
من كتلة المتمة يوليو 1897م … إلى كتلة الجزيرة ديسمبر 2023م … صدمة التباين الثقافي.
أولا : الكسابة أو الغنامة … ومحاولة التنصل:
الملفات الصوتية المنتشرة بلسان بعض من يزعم أنهم من ضباط الدعم السريع ويظهرون فيها أسفهم وأساهم لممارسات المتفلتين ، هذه الملفات الصوتية مجرد محاولة للتنصل من هذه الممارسة والثقافة الدارفورية القبيحة في الحروب بعد أن فوجئوا بردة الفعل في مجتمعات الضحايا في الخرطوم والجزيرة وردات الفعل الإستباقية في ولايات الشمال ونهر النيل والشرق.
هؤلاء ليسوا متفلتين بل كسابة أو غنامة في رواية أخرى ويأتون من فرقان وقرى المكونات المجتمعية للدعم السريع في دارفور وما إلى الغرب من دارفور طمعا في الغنائم وما هي حسب ثقافتنا في الوسط والشمال بغنائم ولا مكاسب ولكنها منهوبات وإفساد في الأرض ، إذ ماذا بإمكانك أن تصف نهب البذور المحسنة من مراكز الأبحاث وتحطيمها ونهب آليات مصانع السكر و ما لا يمكن تعداده وحصره وتجريف الجامعات من الكمبيوترات بما حوت من بيانات وأثاثات مكتبية ومنزلية ؟ هل يمكنك أن تصف ذلك بأنه نهب عادي أم هو إفساد في الأرض وتدمير لمقومات الحياة ؟!
أدخل خانة البحث في هذا الفيسبوك وأكتب كسابة أو غنامة ستجد فيه شهادات وتوثيقات لا تحصى تكشف قبل هذه الحرب بسنوات وجود الكسابة أو الغنامة وهم كانوا يرافقون جيوش الأطراف المتحاربة من الزرقة والعرب في دارفور ثم يقومون بنهب الطرف الخاسر.
كذلك هناك صحافيين من تلك المناطق الدارفورية وثقوا في حرب 2023م مغادرة مجموعات من شباب الكسابة من بعض قرى دارفور للذهاب للعاصمة للحاق مولد الغنائم في العاصمة والجزيرة فيالبؤس مفهوم المواطنة في مجتمع يغادر أفراده مئات الكيلومترات لنهب إخوتهم في الوطن الذين أخرجوا من بيوتهم وهم عزل بفضل إرهاب بندقية المقاتلين من مناطقهم !
ثانيا : المتمة 1897م والجزيرة 2023م :
لا توجد ولن توجد مقارنة بين الكتلة الأولى في المتمة والكتلة الثانية في الجزيرة وسط السودان الطيب المتسامح المتعايش.
كتلة المتمة 1897م كانت على الأقل لها مقدمات وحيثيات ، فقد بدأت بخلاف بين رئيس الدولة الخليفة عبد الله ورئيس الإدارة الأهلية المك عبد الله وسعد ولمنطقة جغرافية محدودة هي المتمة.
تفاقم الخلاف وتتطور وأدى لصدام غير متكافئ بين جيش الخليفة بقيادة محمود ود أحمد وكانوا حوالي 12000 مقاتل وجيش عبد الله ود سعد وكانوا حوالي 300 مقاتل فقط مع نجدات قادمة إليهم في الطريق لم يسعفها الوقت.
وجيش الخليفة عبد الله لم يستهدف أهل المتمة فقط لأنهم جعليين أو جلابة ولكن لأن عدم تجاوب عبد الله ود سعد مع خطة الخليفة عبد الله القاضية بترحيل سكان المتمة للبر الشرقي حتى لا يعرقل وجودهم إرتكاز جيش محمود ود أحمد في المتمة استعدادا لمواجهة الجيش البريطاني الذي كان متوقعا قدومه من كورتي عبر صحراء بيوضة في سيناريو مشابه لما حدث سنة 1884م حين إرتكزت حملة إنقاذ غردون في كورتي وإنطلق منها طابور الصحراء عبر صحراء بيوضة نحو المتمة.
والجدير بالذكر أن قبائل الجعليين كانت في مقدمة الذين تصدوا لطابور الصحراء 1884م وهو يتقدم من كورتي عبر بيوضة نحو المتمة في معارك أبوطليح وغيرها.
وقد كتبنا سابقا منشورا في ذكرى كتلة المتمة ستجد رابطه في التعليقات بالأسفل.
بل أن هناك من الجعليين في بعض القرى القريبة من المتمة حتى اليوم يرون أن عبد الله ود سعد لم يكن محقا في معاندته ومعارضته للخليفة عبد الله والذي كان رئيسا لدولة أمر واقع في جغرافيا سوداننا الحالي وإن لم تعترف بها دول العالم وقتها وعاملتها كمنطقة مارقة متمردة على السيادة العثمانية المصرية.
ولكن الذاكرة الشعبية لم تكن تهمها كل الحيثيات السياسية والتبريرات الأكاديمية عن كتلة المتمة 1897م فقد ظلت تختزن ما عايشته من آلام وأهوال عبر الأجيال من خلال من ظللن أحياء من الأمهات والحبوبات.
وكثير جدا من أحفاد أمهات وحبوبات كتلة المتمة إنتشروا في قرى الجزيرة ما بين النيلين الأبيض والأزرق.
أما كتلات واستباحات مدني وقرى الجزيرة ديسمبر 2023م فلم تسبقها حيثيات سياسية تبررها ولا كانت توجد مواجهة قتالية بين المواطن الأعزل المغلوب على أمره في قرى الجزيرة وحملة البنادق الدعامية وكسابتهم ونهابتهم ، وما يقال عن ملاحقة الفلول والكيزان ودولة 56 وغيرها من الهرطقات إن هي إلا تبريرات لا تجد لها آذانا صاغية إلا من السذج أو المتواطئين.
كتلات الجزيرة 2023 – 2024 أفظع وأسوأ من كتلة المتمة لأنها حدثت وتحدث ضد أناس غير محاربين وغير مسلحين وينتمون إلى مجتمعات عرفت بالطيبة والتسامح وقبول الآخر وهل تصدق عزيزي القارئ أنهم حكوا لي في إحدى قرى الجزيرة أن مجموعة شباب دخلوا القرية باعتبارهم نازحين من الخرطوم وظلوا بعدها أسابيع وسكان القرية الطيبين يطعمونهم ويذبحوا لهم ذبيحة كل عدة أيام كوجبة خاصة ثم اتضح لهم أنهم كانوا يستضيفون دعامة ، فياللطيبة ويا لضعف الحس الأمني !
قلت لمحدثي ، كيف لم يلاحظوا أنهم شباب فقط وليس برفقتهم نساء أو أطفال ؟!
كتلة المتمة 1897م حدثت في عصر ليس فيه توثيق إلا ذاكرة المجتمع ، وكتلات الجزيرة وثقتها ذاكرة الآلاف من الشهود والضحايا وعدد لا يحصى من الصور والفيديوهات والملفات الصوتية وهذه الملفات والصور لا عمر لها تظل مخزنة ربما لمئات السنين ما بقيت الدنيا تشاهدها الأجيال القادمة ويتشكل منها وعيها وقناعاتها.
وبينما ظل بعض الجعليين يرون أن عبد الله ود سعد كان مخطئا فمن يا ترى من أهل الجزيرة في 2023م سيجد بعض العذر للدعم السريع وحواضنهم وامتداداتهم المجتمعية بما في ذلك من كان من أهل الجزيرة يؤيد سياسيا الدعم في حربه مع الجيش ويختلق له الأعذار ؟!
ثم ما هي الخلفيات العدائية أو الحروب السابقة التي حدثت بين مقاتلي الدعم السريع والكسابة المرافقين لهم من جهة وسكان قرى الجزيرة ؟ في الحقيقة لم يوجد أصلا جوار جغرافي ولا صراعات حواكير ولا … ولا … ولا !
والأسوأ من كل ما سبق أن تبدأ بعض المجموعات التي لطالما احتضنتها أرض المحنة بالتعايش والتنافع وتبادل المصالح في الجحود والتنكر وانتهاز الفرصة لاقتناص مكاسب يظنون أنها ستدوم.
هذه الصدمات والفواجع الموثقة هي التي لن تنمحي من ذاكرة الأجيال في مجتمعات الوسط والشمال لعقود ، والله وحده يعلم كيف ستكون تفاعلاتها المجتمعية مستقبلا.
#كمال_حامد ????
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قرى الجزیرة
إقرأ أيضاً:
انطلاق "قمة الهيدروجين الأخضر" أول ديسمبر لتعزيز التصنيع المحلي وجذب الاستثمارات
الرؤية- ريم الحامدية
تصوير/ راشد الكندي
تنطلق أعمال النسخة الرابعة من قمة عمان للهيدروجين الأخضر (GHSO 2025) خلال الفترة من 1 – 3 ديسمبر 2025م، والتي تُعد أحد أبرز الأحداث الإقليمية في قطاع الطاقة النظيفة، وذلك تحت رعاية وزارة الطاقة والمعادن، وبشراكة استراتيجية من شركة هيدروجين عمان (هايدروم)، الجهة الوطنية المعنية بتنمية قطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، وتنظيم من شركة بيربا لخدمات الطاقة، وسط مشاركة واسعة من الجهات الحكومية والخاصة والمؤسسات الدولية المعنية بالطاقة المتجددة.
وجرى الإعلان عن تفاصيل القمة خلال مؤتمر صحفي عُقد، الأربعاء، بمشاركة الدكتور فراس بن علي العبدواني مدير عام الطاقة المتجددة والهيدروجين بوزارة الطاقة والمعادن، والمهندس عبد العزيز الشيذاني المدير العام لشركة هايدروم.
وتهدف النسخة الرابعة من القمة إلى دعم الجهود الوطنية الرامية لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر من خلال تعزيز التعاون الدولي، وجذب الاستثمارات النوعية، وتسريع وتيرة بناء منظومة مستدامة لهذا القطاع الواعد.
وأكد الدكتور فراس بن علي العبدواني مدير عام الطاقة المتجددة والهيدروجين بوزارة الطاقة والمعادن، أن تنظيم القمة يعكس إيمان السلطنة بأهمية الحياد الصفري الكربوني والدور المحوري الذي سيلعبه الهيدروجين قليل الانبعاثات وخاصة الهيدروجين الأخضر في هذا الملف، موضحًا أن سلطنة عُمان تمتلك موارد طبيعية تمكنها من النجاح، ومساحات واسعة مخصصة للهيدروجين تصل إلى 50,000 كيلومتر مربع، إلى جانب بنية أساسية متكاملة تشمل الموانئ، وموقع جغرافي استراتيجي يربط بين الأسواق العالمية.
وأضاف الدكتور أنَّ التعاون الدولي والمشاركة في مواجهة التحديات وتحويلها إلى فرص بناءة من أهداف المؤتمر الأساسية ومنها تفعيل الشراكات المحلية والدولية، بما يسهم في توطين الصناعات المرتبطة وفتح فرص اقتصادية واعدة.
وأشار العبدواني إلى أن سلطنة عمان تمضي قدمًا في تنفيذ خارطة طريق طموحة لبناء اقتصاد متكامل للهيدروجين الأخضر، تقوم على 5 أهداف رئيسية تشمل: الإسهام في أمن إمدادات الطاقة محليًا وعالميًا، وتنويع الاقتصاد وتوسيع سلاسل التوريد والصناعات المصاحبة، وخفض الانبعاثات الكربونية، وخلق قطاع تنافسي بتكلفة فعالة، ودعم الابتكار وبناء القدرات الوطنية، وأضاف أن سلطنة عُمان أرست حتى الآن ثمانية مشاريع للهيدروجين الأخضر في الدقم وظفار.
من جانبه، قال المهندس عبد العزيز الشيذاني: "تمثل قمة عُمان للهيدروجين الأخضر منصة مهمة لدعم تطور القطاع وتعزيز الحوار الدولي حول مستقبل الطاقة، ومن هذا المنطلق، تأتي شراكة هايدروم لهذا العام كشراكة استراتيجية طويلة المدى، تهدف إلى تمكين هذا الحدث من أن يكون رافدًا للمعرفة، ومسرّعًا للتكامل، ومساهمًا مباشرًا في تحقيق الأهداف الوطنية لهذا القطاع الحيوي".
وبيّن: "نحن لا نتعامل مع هذه القمة كفعالية مستقلة، بل كجزء من منظومة أوسع تُسهم في تعزيز جاهزيتنا، وتوسيع نطاق شراكاتنا العالمية، وتوفير بيئة داعمة للاستثمار والابتكار، وحرصا منا على أن تواصل سلطنة عُمان ريادتها، ليس فقط في تطوير المشاريع، بل في رسم ملامح مستقبل قطاع الهيدروجين الأخضر على المستوى الدولي."
ومن المتوقع أن تستقطب القمة أكثر من 3000 مشارك من مختلف دول العالم، من صناع القرار، والمطورين، والمستثمرين، والمؤسسات البحثية، ما يعكس مدى الاهتمام العالمي المتزايد بقطاع الهيدروجين، بما يعزز من مكانة السلطنة كمركز إقليمي لتصدير الطاقة النظيفة.
وتنعقد القمة هذا العام تحت شعار "إدارة الهيدروجين: سد الفجوات، ودفع عجلة العمل"، في دلالة على توجه السلطنة إلى الانتقال من مرحلة المبادرات إلى التنفيذ، حيث يأتي هذا الشعار ليُجسد أولويات المرحلة القادمة، والتي تشمل التغلب على التحديات التنظيمية، وتحفيز التمويل، ومعالجة تحديات الشراء، وتعزيز جاهزية البنية التحتية، وذلك من خلال حلول واقعية وشراكات فاعلة.
كما ستركز أعمال القمة على عدد من المحاور الحيوية، تشمل التصنيع المحلي، وتوطين المكونات الاستراتيجية، وتنمية المحتوى المحلي، وتطوير الكفاءات الوطنية، وتعزيز القيمة المحلية المضافة، في إطار جهود بناء اقتصاد هيدروجيني شامل ومرن قادر على تحقيق القيمة الاجتماعية والاقتصادية لعمان على المديين القريب والبعيد.
وتحظى قمة عمان للهيدروجين الأخضر 2025 بدعم واسع من الجهات الحكومية والمؤسسات القطاعية، في خطوة تعكس التزام سلطنة عمان بتحقيق أهدافها التنموية، وتعزيز موقعها الريادي على خارطة الطاقة النظيفة العالمية.