من كتلة المتمة يوليو 1897م … إلى كتلة الجزيرة ديسمبر 2023م … صدمة التباين الثقافي.
أولا : الكسابة أو الغنامة … ومحاولة التنصل:

الملفات الصوتية المنتشرة بلسان بعض من يزعم أنهم من ضباط الدعم السريع ويظهرون فيها أسفهم وأساهم لممارسات المتفلتين ، هذه الملفات الصوتية مجرد محاولة للتنصل من هذه الممارسة والثقافة الدارفورية القبيحة في الحروب بعد أن فوجئوا بردة الفعل في مجتمعات الضحايا في الخرطوم والجزيرة وردات الفعل الإستباقية في ولايات الشمال ونهر النيل والشرق.


هؤلاء ليسوا متفلتين بل كسابة أو غنامة في رواية أخرى ويأتون من فرقان وقرى المكونات المجتمعية للدعم السريع في دارفور وما إلى الغرب من دارفور طمعا في الغنائم وما هي حسب ثقافتنا في الوسط والشمال بغنائم ولا مكاسب ولكنها منهوبات وإفساد في الأرض ، إذ ماذا بإمكانك أن تصف نهب البذور المحسنة من مراكز الأبحاث وتحطيمها ونهب آليات مصانع السكر و ما لا يمكن تعداده وحصره وتجريف الجامعات من الكمبيوترات بما حوت من بيانات وأثاثات مكتبية ومنزلية ؟ هل يمكنك أن تصف ذلك بأنه نهب عادي أم هو إفساد في الأرض وتدمير لمقومات الحياة ؟!

أدخل خانة البحث في هذا الفيسبوك وأكتب كسابة أو غنامة ستجد فيه شهادات وتوثيقات لا تحصى تكشف قبل هذه الحرب بسنوات وجود الكسابة أو الغنامة وهم كانوا يرافقون جيوش الأطراف المتحاربة من الزرقة والعرب في دارفور ثم يقومون بنهب الطرف الخاسر.
كذلك هناك صحافيين من تلك المناطق الدارفورية وثقوا في حرب 2023م مغادرة مجموعات من شباب الكسابة من بعض قرى دارفور للذهاب للعاصمة للحاق مولد الغنائم في العاصمة والجزيرة فيالبؤس مفهوم المواطنة في مجتمع يغادر أفراده مئات الكيلومترات لنهب إخوتهم في الوطن الذين أخرجوا من بيوتهم وهم عزل بفضل إرهاب بندقية المقاتلين من مناطقهم !
ثانيا : المتمة 1897م والجزيرة 2023م :

لا توجد ولن توجد مقارنة بين الكتلة الأولى في المتمة والكتلة الثانية في الجزيرة وسط السودان الطيب المتسامح المتعايش.

كتلة المتمة 1897م كانت على الأقل لها مقدمات وحيثيات ، فقد بدأت بخلاف بين رئيس الدولة الخليفة عبد الله ورئيس الإدارة الأهلية المك عبد الله وسعد ولمنطقة جغرافية محدودة هي المتمة.

تفاقم الخلاف وتتطور وأدى لصدام غير متكافئ بين جيش الخليفة بقيادة محمود ود أحمد وكانوا حوالي 12000 مقاتل وجيش عبد الله ود سعد وكانوا حوالي 300 مقاتل فقط مع نجدات قادمة إليهم في الطريق لم يسعفها الوقت.

وجيش الخليفة عبد الله لم يستهدف أهل المتمة فقط لأنهم جعليين أو جلابة ولكن لأن عدم تجاوب عبد الله ود سعد مع خطة الخليفة عبد الله القاضية بترحيل سكان المتمة للبر الشرقي حتى لا يعرقل وجودهم إرتكاز جيش محمود ود أحمد في المتمة استعدادا لمواجهة الجيش البريطاني الذي كان متوقعا قدومه من كورتي عبر صحراء بيوضة في سيناريو مشابه لما حدث سنة 1884م حين إرتكزت حملة إنقاذ غردون في كورتي وإنطلق منها طابور الصحراء عبر صحراء بيوضة نحو المتمة.

والجدير بالذكر أن قبائل الجعليين كانت في مقدمة الذين تصدوا لطابور الصحراء 1884م وهو يتقدم من كورتي عبر بيوضة نحو المتمة في معارك أبوطليح وغيرها.

وقد كتبنا سابقا منشورا في ذكرى كتلة المتمة ستجد رابطه في التعليقات بالأسفل.
بل أن هناك من الجعليين في بعض القرى القريبة من المتمة حتى اليوم يرون أن عبد الله ود سعد لم يكن محقا في معاندته ومعارضته للخليفة عبد الله والذي كان رئيسا لدولة أمر واقع في جغرافيا سوداننا الحالي وإن لم تعترف بها دول العالم وقتها وعاملتها كمنطقة مارقة متمردة على السيادة العثمانية المصرية.

ولكن الذاكرة الشعبية لم تكن تهمها كل الحيثيات السياسية والتبريرات الأكاديمية عن كتلة المتمة 1897م فقد ظلت تختزن ما عايشته من آلام وأهوال عبر الأجيال من خلال من ظللن أحياء من الأمهات والحبوبات.

وكثير جدا من أحفاد أمهات وحبوبات كتلة المتمة إنتشروا في قرى الجزيرة ما بين النيلين الأبيض والأزرق.

أما كتلات واستباحات مدني وقرى الجزيرة ديسمبر 2023م فلم تسبقها حيثيات سياسية تبررها ولا كانت توجد مواجهة قتالية بين المواطن الأعزل المغلوب على أمره في قرى الجزيرة وحملة البنادق الدعامية وكسابتهم ونهابتهم ، وما يقال عن ملاحقة الفلول والكيزان ودولة 56 وغيرها من الهرطقات إن هي إلا تبريرات لا تجد لها آذانا صاغية إلا من السذج أو المتواطئين.
كتلات الجزيرة 2023 – 2024 أفظع وأسوأ من كتلة المتمة لأنها حدثت وتحدث ضد أناس غير محاربين وغير مسلحين وينتمون إلى مجتمعات عرفت بالطيبة والتسامح وقبول الآخر وهل تصدق عزيزي القارئ أنهم حكوا لي في إحدى قرى الجزيرة أن مجموعة شباب دخلوا القرية باعتبارهم نازحين من الخرطوم وظلوا بعدها أسابيع وسكان القرية الطيبين يطعمونهم ويذبحوا لهم ذبيحة كل عدة أيام كوجبة خاصة ثم اتضح لهم أنهم كانوا يستضيفون دعامة ، فياللطيبة ويا لضعف الحس الأمني !

قلت لمحدثي ، كيف لم يلاحظوا أنهم شباب فقط وليس برفقتهم نساء أو أطفال ؟!
كتلة المتمة 1897م حدثت في عصر ليس فيه توثيق إلا ذاكرة المجتمع ، وكتلات الجزيرة وثقتها ذاكرة الآلاف من الشهود والضحايا وعدد لا يحصى من الصور والفيديوهات والملفات الصوتية وهذه الملفات والصور لا عمر لها تظل مخزنة ربما لمئات السنين ما بقيت الدنيا تشاهدها الأجيال القادمة ويتشكل منها وعيها وقناعاتها.

وبينما ظل بعض الجعليين يرون أن عبد الله ود سعد كان مخطئا فمن يا ترى من أهل الجزيرة في 2023م سيجد بعض العذر للدعم السريع وحواضنهم وامتداداتهم المجتمعية بما في ذلك من كان من أهل الجزيرة يؤيد سياسيا الدعم في حربه مع الجيش ويختلق له الأعذار ؟!
ثم ما هي الخلفيات العدائية أو الحروب السابقة التي حدثت بين مقاتلي الدعم السريع والكسابة المرافقين لهم من جهة وسكان قرى الجزيرة ؟ في الحقيقة لم يوجد أصلا جوار جغرافي ولا صراعات حواكير ولا … ولا … ولا !

والأسوأ من كل ما سبق أن تبدأ بعض المجموعات التي لطالما احتضنتها أرض المحنة بالتعايش والتنافع وتبادل المصالح في الجحود والتنكر وانتهاز الفرصة لاقتناص مكاسب يظنون أنها ستدوم.

هذه الصدمات والفواجع الموثقة هي التي لن تنمحي من ذاكرة الأجيال في مجتمعات الوسط والشمال لعقود ، والله وحده يعلم كيف ستكون تفاعلاتها المجتمعية مستقبلا.
#كمال_حامد ????

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قرى الجزیرة

إقرأ أيضاً:

اقتحام إسرائيل لمكتب الجزيرة في رام الله

ترجمة: بدر بن خميس الظفري

إن قرار إغلاق مكتب الجزيرة في رام الله، وحظر عملياتها في إسرائيل، وتقييد التغطية الإعلامية الدولية من غزة يشكل تحذيرا خطيرا لكل الصحفيين المستقلين في مختلف أنحاء العالم. ولن تقبل أي مؤسسة إعلامية في أي مكان من العالم أن يقتحم رجال أمن مسلحون وملثمون مكاتبها.

في الساعات الأولى من صباح الثاني والعشرين من سبتمبر، اقتحم جنود المشاة المسلحون التابعون للنظام اليميني المتطرف في إسرائيل مدخل المكتب، وصادروا المعدات وعطلوا البث المباشر وأخرجوا ورقة موقعة فيها أمر بإغلاق العمليات الفلسطينية للشبكة. كما حاصروا المدخل بألواح معدنية.

وقد جاء هذا الاعتداء الصارخ على حرية الصحافة، والذي أجبر السلطات الإسرائيلية على إغلاق مكتب شبكة الجزيرة الإعلامية في الضفة الغربية المحتلة على الفور، بعد القرار الذي اتخذته حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مايو بوقف عمليات الجزيرة في إسرائيل. وأمرت السلطات بإغلاق مكتب رام الله لمدة 45 يوما بتهمة «التحريض على الإرهاب ودعمه»، استنادا إلى قانون تم وضعه في ظل الانتداب البريطاني في عام 1945.

لقد استهدفت السلطات الإسرائيلية قناة الجزيرة وصحافييها بلا هوادة، لأننا نبقى الشبكة الإعلامية الدولية الوحيدة التي تقدم تقاريرها من غزة والأراضي المحتلة. ويبدو أن جريمة الشبكة هي تسليط الضوء على التأثير المدمر لحرب إسرائيل على غزة، والغارات والاقتحامات المستمرة في الضفة الغربية المحتلة.

إن التهديدات المستمرة التي تواجهها الجزيرة، بما في ذلك الترهيب والعرقلة والإصابات والاعتقالات والقتل، غير مقبولة. وسنستعمل كل القنوات القانونية المتاحة لحماية حقوقنا وصحفيينا.

للأسف، فإن هذه التصرفات ليست جديدة، فإسرائيل لديها تاريخ طويل في استهداف الجزيرة. وفي السنوات الأخيرة، أصبحت الهجمات أكثر وضوحا وجرأة. في عام 2017، هدد نتنياهو بإغلاق مكتبنا في القدس. وفي عام 2021، دمر صاروخ إسرائيلي المبنى الذي يضم مكاتبنا في غزة. وفي عام 2022، قُتلت صحفيتنا شيرين أبو عاقلة برصاص قناص إسرائيلي في مخيم جنين للاجئين.

منذ أكتوبر 2023، تزايدت عمليات الاستهداف والمضايقات بشكل كبير. ففي يوليو، كان اغتيال زملائنا الشجعان، الصحفي إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي، على يد القوات الإسرائيلية، محاولة أخرى لإسكات الصحفيين الذين يغطون الحرب وتأثيرها الإنساني على ملايين البشر.

ونحن نعتقد أن هذه الأفعال الشنيعة تشكل جزءا من حملة ممنهجة ضد صحفيي الجزيرة، كما يتضح من عمليات القتل المستهدفة بطائرات بدون طيار لصحفيينا سامر أبو دقة وحمزة الدحدوح، وقتل أفراد عائلات زملائنا، منذ أكتوبر الماضي.

لقد واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ممارساتها القاسية والهجمات المخزية ضد شيرين أبو عاقلة حتى بعد وفاتها، حيث اقتحمت الشرطة موكب جنازتها، مما تسبب في سقوط نعشها على الأرض.

وبعد اقتحام يوم الأحد، مزقت قوات الاحتلال الصورة التذكارية لشيرين في مكتب الجزيرة في رام الله. إن عداء نظام نتنياهو العميق تجاه الصحفيين وعملهم، حتى في الموت، هو تجسيد صارخ لسياسة تمارسُ منذ سنوات.

ويشكل هذا سابقة خطيرة بالنسبة للصحفيين والمؤسسات الإعلامية، ويشكل تهديدا خطيرا لحرية الصحافة وحق الجمهور في معرفة ليس فقط ما يحدث على الأرض في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، ولكن أيضا داخل إسرائيل.

إن هذا التشريع الصارم يهدف إلى إسكات قناة الجزيرة وجميع وسائل الإعلام المستقلة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، من أجل إخفاء هذه الحرب اللاإنسانية والفظائع التي تحقق فيها أعلى محكمة في العالم.

إن اتهام قناة الجزيرة بانتهاك المعايير المهنية أمر سخيف، كما أن تصوير مصوريها ومراسليها على أنهم يشكلون تهديدا لأمن إسرائيل أمر مثير للسخرية. إن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة، وهي تشكل تهديدا خطيرا لسلامة وأمن زملائنا.

بعد فشل الحكومة الإسرائيلية المتكرر في إسكات الجزيرة، فإن تقديمها لقانون جديد بدعوى حالة الطوارئ لحظر الجزيرة، والتحايل على الإجراءات القضائية الواجبة لديها، يوضح المدى الذي يستعد رئيس الوزراء وحكومته اليمينية المتطرفة للذهاب إليه لإسكات وسائل الإعلام الدولية.

وعلى الرغم من هذه الهجمات المتواصلة، تظل الجزيرة ملتزمة بالتمسك بالقيم المنصوص عليها في ميثاق أخلاقياتنا وتقديم تقارير محايدة ودقيقة وجريئة. وستؤدي هذه الهجمات إلى عكس ما تريده السلطات الإسرائيلية. فهي لا تؤدي إلا إلى تعزيز عزمنا على أن نكون صوت من لا صوت لهم وأن نقول الحقيقة. إن الاعتراف العالمي الذي تحظى به الجزيرة بين مئات الملايين من المشاهدين، والجوائز والتقديرات التي نالتها لتغطيتنا الشجاعة للحرب على غزة، هي شهادة أخرى على تقارير الشبكة المحايدة والموضوعية.

ومن الضروري أن تسمح إسرائيل لقناة الجزيرة وجميع وسائل الإعلام الدولية الأخرى بالعمل بحرية؛ وأن تسمح لفرق إعلامية دولية مستقلة بدخول غزة؛ وأن تمتنع عن الترهيب والمضايقة ومحاولات الحد من حرية المعلومات. ولابد من محاسبة إسرائيل على أفعالها ضد الصحافة، ويجب وضع حد للإفلات من العقاب.

لقد حان الوقت لقادة العالم الحر للدفاع عن حرية الصحافة الأساسية. ولم يفت الأوان بعد لاتخاذ إجراءات فورية صارمة وحاسمة ضد الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها العسكرية بسبب انتهاكاتها المستمرة لحرية الصحافة والقانون الإنساني الدولي. والمؤسسات القانونية في العالم ملزمة بمحاسبة إسرائيل على هذه الجرائم.

لقد اختارت الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل تحطيم المرآة التي تعكس واقعا مؤلما. والآن، إذا لم يستطع العالم ضمان حماية الصحفيين في مناطق الصراع، وسلامتهم، والتدفق الحر للمعلومات، فسوف يشكل ذلك سابقة خطيرة ومظلمة. فالتاريخ لا يرحم أحدا.

مقالات مشابهة

  • بالفيديو … زينب إبنة الشهيد نصر الله: لن أنساك في كل حياتي
  • اقتحام إسرائيل لمكتب الجزيرة في رام الله
  • وزارة التّربية والتّعليم السودانية تحدد موعد بداية امتحانات الشهادة الثانوية للدفعة المؤجلة – 28 ديسمبر
  • غارات جديدة على الضاحية ومحاولة إغتيال.. هذه آخر المعلومات
  • افتتاح مركز لغسيل الكلي وقسم للطوارئ بمستشفى المتمة شمالي السودان
  • كتلة نينوى المستقبل:مجلس المحافظة معطل منذ (3) أشهر
  • «معلومات الوزراء»: تحرير 8793 محضرًا لمخالفات وحدات الإسكان المدعومة حتى يوليو 2024
  • بالورد والفراشات.. مسرح 23 يوليو بالمحلة يختم فعاليات «ثقافتنا في إجازتنا»
  • إعادة صياغة ألعاب Legacy of Kain: Soul Reaver وستصل في 10 ديسمبر
  • «كتلة الحوار»: حديث مدبولي عن عدم قطع الكهرباء يعكس حرص الدولة على مصلحة المواطن