الأسباب الستة التي تجعل الولايات المتحدة تخسر معركتها ضد الحوثيين
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرا استعرضت فيه الأسباب التي تفسر هزيمة الولايات المتحدة في الحرب ضد الحوثيين في اليمن، إذ لن تتمكن الهجمات الأمريكية من ترهيب المسلحين والمتمرسين لأنهم قاتلوا لسنوات ضد السعودية والإمارات.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس جو بايدن كرّر مرارًا أنه يجب منع حرب غزة من التوسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لكنه هو الذي اتخذ قرار تمديدها في الساعات الأولى من يوم الجمعة الثاني عشر من كانون الثاني/يناير، من خلال سفنهم الحربية وتلك التابعة لحلفائهم حيث أطلقوا صواريخ وقصفوا بالطائرات العشرات من مواقع ميليشيا الحوثي الشيعية القريبة من إيران، والتي تسيطر منذ تسع سنوات على جزء كبير من اليمن، بما في ذلك عاصمتها صنعاء.
منذ تشرين الثاني/ نوفمبر هاجم الحوثيون بعض السفن التجارية في البحر الأحمر، التي من المفترض أنها تلك التي لها علاقات مع إسرائيل لأنها مملوكة لإسرائيليين أو لأنها ببساطة قد مرت عبر الموانئ الإسرائيلية، مؤكدين أنهم يفعلون ذلك تضامنًا مع الفلسطينيين في قطاع غزة الذي غزاه الجيش الإسرائيلي.
وبينت الصحيفة أن هجماتهم، واختطاف سفينة الشحن "غالاكسي ليدر" في التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، تشكل تهديدًا للملاحة في المياه التي يمر من خلالها جزء مهم من التجارة العالمية. لكن يوم الثلاثاء الماضي لم تعد أهدافهم سفن الشحن، بل السفن الأمريكية والبريطانية التي تقوم بدوريات في المنطقة، في إطار العملية البحرية "حارس الازدهار"، في محاولة للحفاظ على حرية الملاحة.
وكان هذا الحدث هو ما دفع هاتين القوتين إلى التحول من العمل الدفاعي البحت، ووقف الصواريخ والطائرات دون طيار التي أطلقها الحوثيون، إلى ضرب الميليشيا في أراضيهم. كما شاركت أيضًا سفن من أستراليا وكندا وهولندا والبحرين في هذه الأعمال الانتقامية. على ما يبدو أن تدخل الولايات المتحدة في البحر الأحمر لا يمت بصلة إلى حد بعيد بنطاق وتدخلاتها السابقة الطويلة في المنطقة (العراق) ووسط آسيا (أفغانستان).
من حيث المبدأ تقوم الولايات المتحدة بذلك لمساعدة السفن التجارية التي تعبر تلك المياه، والتي أصبح عددها الآن أقل لأنها تحاول تجنب المخاطر وتفضل الإبحار حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح. في المقابل، تقوم بذلك أيضا بشكل غير مباشر لدعم إسرائيل، لأنه كلما قلّت الآثار الجانبية لغزو غزة، وهجمات الحوثيين واحدة منها، قل الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في القطاع.
وأكدت الصحيفة أن جو بايدن خسر الحرب قبل أن يبدأها، لستة أسباب على الأقل، وهي كالآتي:
1. في التحالف البحري الذي تم إنشاؤه تحت اسم "حارس الازدهار"، لا توجد سوى دولة عربية واحدة، وهي البحرين، وهي الأصغر في الخليج. لم تحظ هذه العملية بالدعم، حتى لفظيًّا، من السعودية أو الإمارات، أعداء الحوثيين الذين كانوا في حالة حرب معهم. كما لم تشمل مصر أيضًا على الرغم من الأضرار الاقتصادية الهائلة الناجمة عن الانخفاض الوحشي في حركة الملاحة البحرية عبر قناة السويس.
2. في التحالف البحري الذي أنشأته الولايات المتحدة، غاب بعض حلفائها الأوروبيين، مثل إسبانيا، التي أكدت وزيرة دفاعها مارغريتا روبليس يوم الجمعة الثاني عشر من الشهر الجاري أنها لن تشارك. بالإضافة إلى ذلك لدى دول أخرى، مثل فرنسا وإيطاليا، سفن في المنطقة لكنها لم توافق على وضعها تحت قيادة البنتاغون حفاظًا على استقلالها. ولم تشارك سوى دولة واحدة من دول الاتحاد الأوروبي، وهي هولندا، في الهجوم على مواقع الحوثيين على الأراضي اليمنية.
3. أدى هجوم يوم الجمعة إلى زيادة التوتر في المنطقة، ولا شك أنه سيؤدي إلى تدمير بعض العتاد الحربي للحوثيين، لكن لن يكون لديهم نقص في الأسلحة. كما أن الميليشيا التي قاتلت لأكثر من خمس سنوات ضد السعودية والإمارات لن تستسلم بعد الهجوم الأول ولديها خبرة حربية وهي مجهزة بشكل أفضل الآن، بل إنها تمتلك صواريخ باليستية مضادة للسفن، حيث زودتها إيران بنفس المادة التي تصدرها إلى روسيا. وربما، للانتصار عليها عسكريا، سيضطر البنتاغون إلى تنفيذ عمليات قوات خاصة في اليمن.
4. في نظر الأمم المتحدة والرأي العام العربي والغربي، أثبت هجوم يوم الجمعة، وموافقة مجلس الأمن الدولي، يوم الأربعاء، بناء على طلب الولايات المتحدة، على قرار يطالب الجماعة اليمنية بوقف هجماتها في البحر الأحمر، ازدواجية معايير إدارة بايدن. وعلى ما يبدو، في هجمات الحوثيين لم يمت سوى بعض منفذيها.
وفي غزة، توفي 23.708 فلسطينيًّا حتى يوم الجمعة 12 من الشهر الجاري، وأصيب ما يقارب 60 ألفًا آخرين، وذلك وفقًا للسلطات الصحية في القطاع. ولم تشكك الدبلوماسية الأمريكية في عدد القتلى هذا. ومع ذلك، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد العديد من القرارات في مجلس الأمن التي أمرت بوقف إطلاق النار، ولو تم إعلانه ربما كان الحوثيون قد وضعوا حدًّا لاعتداءاتهم.
5.من جهتها، تستغل إيران سياسيًّا الحرب في غزة والتوتر السائد في البحر الأحمر. كما يشكل الحوثيون جزءًا مما يسمى بمحور المقاومة الذي تشجعه طهران. إنهم حلفاؤها، على الرغم من أنها ربما لم تُمْل عليهم جدول الأعمال أو تعطيهم الأوامر. كل هذا الضجيج في المنطقة يصرف الأنظار عن البرنامج النووي الذي تطوره إيران، نظريًّا للأغراض السلمية، مع أنه في واشنطن ولندن وباريس وبرلين - العواصم الأربع التي وقّعت بيانًا مشتركًا في كانون الأول/ ديسمبر - هناك شك في أن يكون الأمر كذلك.
6. من غير المرجح أن تؤدي هجمات يوم الجمعة، التي قد تتكرر قريبًا في الأيام المقبلة، إلى نشر الحرب في جميع أنحاء المنطقة. في المقابل سوف تشعل بعض الجبهات الثانوية تلك التي توجد فيها قوات أمريكية. لقد تعرضت هذه القوات بالفعل للمضايقات منذ الخريف الماضي في شمال سوريا، وقبل كل شيء في العراق، حيث لا يزال لدى البنتاغون حوالي 2500 جندي.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في المؤتمر الصحفي الذي عقده في نهاية كانون الأول/ديسمبر مع الرئيس بيدرو سانشيز، ألمح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالفعل إلى أنه يتعين على القوات الأجنبية مغادرة البلاد تدريجيًا. كما أكد أن رحيلها ضروري، لأن وجودها يزعزع الاستقرار وسط التداعيات الإقليمية لحرب غزة، أي التوتر في البحر الأحمر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الحوثيين اليمن امريكا اليمن البحر الاحمر الحوثي أنصار الله صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی البحر الأحمر یوم الجمعة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
ما الذي يحدث في المنطقة؟
يمانيون ـ بقلم ـ عبدالرحمن مراد
على مدى فترة زمنية وجيزة لا تتجاوز عشرة أَيَّـام، تسقط دولة بكل مقدراتها ويغادر رئيسها، ويحدث أن تتحَرّك المعارضة إلى المدن ولا يتجاوز الحدث دور التسليم والاستلام، وكأن الأمر قد دبر بليل والصورة الظاهرة لا تتجاوز الشكل الظاهر للناس، فما الذي يحاك للأُمَّـة؟
تتسع دائرة الأهداف للعدو الصهيوني فيحتل جزءاً كَبيرًا من الأراضي السورية بعد أن دخلت المعارضة السورية إلى دمشق، وتنشط الماكنة العسكرية لتضرب أهدافاً عسكرية ومعامل كيميائية وتشل حركة القدرات والمقدرات التي تراكمت عبر العقود الطويلة، وتتجاوز المعارضة فكرة الفوضى الخلاقة وتمنع المساس بمؤسّسات الدولة، وتتجاوز هيئة تحرير الشام فكرة الغنيمة التي كانت فكرة أصيلة في معتقدها، وتذهب إلى النظام، وحفظ المقدرات، وتعلن إجراءات احترازية لضمان الأمن والاستقرار، ثم تبادر “إسرائيل” لضرب المعامل ومخازن الأسلحة بحجّـة تأمين أمن “إسرائيل”، وضمان عدم وصول الأسلحة للجماعات العقائدية التي استلمت السلطة في سوريا، وتذهب قوات سوريا الديمقراطية المتعددة الأعراق والأهداف إلى خيار التسليم لبعض المدن مع احتفاظها بقرى متاخمة، وعدد كبير من جيش النظام السوري السابق يدخل العراق بكل عتاده، ثم يأتي مستشار الأمن القومي الأمريكي ليزور المنطقة، ويعلن أن ضمان أمن “إسرائيل” فرض ضرورة القيام بعمليات عسكرية احترازية، ويعلن صراحة أن “إسرائيل” أصبحت أقوى من أي وقت مضى.
أخذت الناس نشوة الانتصار ولم يدركوا أبعاد ما يحدث في المنطقة، التي تتعرض لعملية تهجين، وصراع لن يهدأ في المدى القريب المنظور؛ فالسيناريو الذي نشاهد اليوم بعض تفاصيله لا يهدف إلى استقرار المنطقة العربية، ولكنه يمهد الطريق لـ”إسرائيل” كي تكون هي الدولة المهيمنة على مقدرات الأُمَّــة، وعلى أمنها وعلى نشاطها الاقتصادي، والعسكري، وهو المشروع الذي يقف ضده محور المقاومة منذ انطلاق ثورات الربيع العربي إلى اليوم.
سوريا التي فرح الغالب من الناس بثورتها، وهللوا وصفقوا، لن تصبح دولة موحدة ومستقرة في قابل الأيّام، ومؤشرات ذلك قائمة، وتعلن عن وجودها في الأرض التي تحكمها؛ فقوات سوريا الديمقراطية خليط غير متجانس من جماعات متعددة العرقيات، وهي مدعومة بشكل كلي ومباشر من أمريكا، وهيئة تحرير الشام فصائل متجانسة لكنها تنطلق من عقائد غير موحدة وإن كان يجمعها الإطار السني، لكن تختلف العقائد والمنطلقات وكلّ فصيل له منظوره الذي قد لا يتسق مع ظاهرة الاعتدال التي بدا عليها قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع في الكثير من بياناته والكثير من تعليماته التي صاحبت دخول دمشق بعد تسليم نظام بشار الأسد لها، وفق صفقة وتوافقات تمت بين النظام وبعض الحلفاء كما تقول الكثير من التداولات التي لم يتم تأكيدها، لكن حركة الواقع دلت عليها؛ إذ ليس معقولاً أن يسقط النظام بكل تلك السلاسة والهدوء ودون أية ممانعة أَو مقاومة بأي شكل من الأشكال مهما كانت المبرّرات؛ فبشار الأسد لم يكن ضعيفاً ولكنه يملك مقومات البقاء أَو الصراع على أقل تقدير لزمن محدود لكنه اختزل المقدمات في نتائجها، فرأى التسليم خياراً لا بُـدَّ منه، وقد كان التسليم خياراً قديماً لبشار لولا حزب الله الذي قلب المعادلة في اضطرابات الربيع العربي قبل عقد ونيف من الزمان، ويبدو أن خيار الضغط على بشار قد بلغ غايته مع انشغال حزب الله بحربه مع العدوّ الصهيوني، فكان استغلال الفرصة في سقوط سوريا لأهداف متعددة، وفي المجمل هي أهداف تخدم الوجود الإسرائيلي ولن تمس حياة المواطنين بسوريا بخير ولا تعدهم برخاء ولا برفاه؛ فالمؤشرات التي صاحبت تسليم واستلام السلطة تقول إن “إسرائيل” تريد من سوريا بلدًا منزوع السلاح لا يشكل خطراً على أمنها، كما أن الخيار الدولي يذهب إلى مبدأ التقسيم؛ إذ أننا لن نشهد بلدًا موحدًا كما كان في سالف عهده، بل سوف نشهد بلداً مقسماً تتنازعه القوميات والعرقيات والعصبيات المتعددة وقد يتحول إلى دويلات صغيرة قابلة للتهجين حتى تحقّق “إسرائيل” غايتها في تحقيق دولة “إسرائيل” الكبرى.
السياسة الأمريكية اليوم تحدها موضوعياً أربعة سيناريوهات معلنة وهي:
– السيناريو الأول عدم الاستقرار على نطاق واسع.
– السيناريو الثاني عدم الاستقرار المحلي.
– السيناريو الثالث الحرب الباردة.
– السيناريو الرابع العالم البارد، وهو نتيجة منطقية للسيناريوهات الثلاثة أي الوصول إلى الاستقرار في المستقبل من خلال ثنائية الخضوع والهيمنة للشعوب التي تنهكها الصراعات والفقر.
ومن خلال سياسة عدم الاستقرار الواسعة والمحلية ومن خلال ما يصاحب ذلك من حرب باردة يصل العالم إلى حالة من تهجين الهويات التي سوف تقبل التعايش مع الواقع الذي يفرضه النظام الدولي الرأسمالي، وتعزيز قيم جديدة للمجتمع الحداثي الجديد حتى يكون عنصراً كونيًّا رافضاً الهوية الجزئية، التي تصبح فكرة غير مقبولة في مجتمع الحريات الفردية المطلقة لمجتمع ما بعد الحداثة، الذي يشتغل عليه اليوم النظام الدولي الرأسمالي، وبسبب ذلك سارعت بعض الدول مثل روسيا إلى إعلان فكرة الأمن الثقافي القومي الذي بات مهدّداً من خلال الحرب الباردة التي تنتهجها السياسة الأمريكية في مستويات متعددة منها مجال الآداب وشبكات التواصل الاجتماعي والدراما ذات الأثر الكبير في محتواها الرقمي، فمصطلح “الهجنة ” مصلح جديد يدخل المجال الثقافي ويهدف إلى تحديد نقاط الالتقاء بين الثقافات؛ بهَدفِ تذويب الفوارق لينشأ مجتمع كوني يقفز على فكرة الهويات القومية.
خلاصة الفكرة أن ربيعاً جديدًا قادماً يتجاوز فكرة الفوضى الخلاقة يقوم على تنمية الصراعات ويتخذ من الحرب الباردة سبيلاً للوصول إلى غاياته ومؤشراته بدأت من سوريا.