#أميركا_غارقة هنا – د. #منذر_الحوارات
قيل الكثير بأن شراهة الولايات المتحدة للنفط والهيمنة الأممية هما من قادها لمنطقة متخمة بالصراعات والضغائن، لكن هذه الشراهة الأميركية تراجعت كثيراً في المرحلة الأخيرة بسبب تزايد التهديدات عليها من قوى صاعدة عديدة اهمها الصين وربما روسيا، والتي باتت تشكل خطراً يهدد هيمنتها على العالم، لذلك اصبحت رغبتها جارفة في التخلص من عوالقها في المنطقة والذهاب حيث تلك الأخطار الاستراتيجية، وهي لأجل ذلك حاولت تقليص عدد قواتها وحجم إنفاقها العسكري ونسبة تداخلها في الصراعات الإقليمية والمحلية، وحاولت أن تعتمد على وكلاء محليين يقومون بالدور نيابة عنها، لكن هذا الأمر قاد المنطقة الى صراعات إقليمية لدول طامحة وبالتالي مزيد من التأزم والصراعات البينية التي استدعت دائماً تدخل منها بالإضافة الى الأطراف الدولية التي اعتقدت أنها مهيأة لملء الفراغ.
بسبب ذلك تراجعت الثقة بالولايات المتحدة خصوصاً عندما أحجمت عن الرد على الهجمات الحوثية على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية، أما الآن فهي تجد نفسها مضطرة للعودة للدفاع عن حليف ليس ككل الحلفاء بعد ان مرغت ضربات المقاومة انفه بالتراب، وكادت أن تسقطه ارضاً في السابع من أكتوبر وانهت أسطورة تفوقه المزعومة في عدة ساعات ليس إلا، وجدت الولايات المتحدة نفسها بعد هذا الحدث عالقة في وحل المنطقة المعقد، بل ووجدت كل طاقاتها اللوجستية في مواجهة لاعب محترف طالما تمكن من النجاح في التفوق التكتيكي على الولايات المتحدة، ابتداء من أزمة الرهائن وليس انتهاء بالبرنامج النووي، أعني هنا ايران التي تدرك كيف تشاغل الولايات المتحدة عند حافة الهاوية فهي ترفع وتيرة تصعيدها عندما تعلم ان الامريكان غير قادرين على الرد وتخفضها عندما تكون متأكدة ان لديها النية الجادة للتصرف، وهذه كانت في مرات نادرة إذ اعتبر الاميركان دوماً ان ايران طائر ضال يجب ان يعود الى قفصه الذي غادره لذلك هم لا يشدون الحبل معها لغاية الانقطاع.
والحرب الأخيرة في غزة تثبت ذلك فعندما تأكدت إيران ان الولايات المتحدة جادة في توجيه ضربة قاسية لكل حليف للمقاومة انسحبت بهدوء وأنهت في لحظة تحالفاً أسست عليه تواجدها في المنطقة لعقود حيث بنته على مقولة واحدة تحرير الأقصى، لكن ذلك الشعار تداعى في لحظة الحسم واستبدل مكانه اللحظة الفلسطينية التي يجب ألا يشوبها احد آخر، واكتفت بدل المشاركة الفعلية بمشاغلات جانبية لم تكن بأي حال من الأحوال كافية لتخفيف ضغط قوات الاحتلال عن الغزيين، لكنها بعد ان تأكدت من نية دولة الاحتلال اقحام حزب الله حليف ايران وجوهرة تاجها في المنطقة في حرب كبرى، قررت ان تفتح جبهة أخرى في العراق سرعان ما استطاعت الولايات المتحدة استيعابها بتوجيه رسالة قوية للعراقيين، لم تيأس ايران من محاولات اغراق الولايات المتحدة في ساحة ليس من السهل الخروج منها، فكان الحوثيون واليمن وباب المندب الذي كان مفتاح ايران لإبعاد أميركا عن دعم إسرائيل في حربها المتوقعة ضد حزب الله، ربما لم تأخذ اميركا هذا الأمر على محمل الجد في البداية، لكنها عندما تأكدت ان ايران ذاهبة الى الحدود القصوى في التأزيم ومع بداية تأثر التجارة العالمية سارعت للحصول على قرار من مجلس الأمن ضمنته فقرة تعطي اصحاب السفن المُعتدى عليها الحق في الدفاع عنها، ادركت ايران بسرعة ان الامور دخلت لحظة حسم، فسارعت الى التنصل من افعال الحوثين وقالت ان ذلك كان قرارهم المستقل.
مقالات ذات صلة بخصوص دعوى الابادة الجماعية 2024/01/16هكذا اذاً اخذت لعبة شد الحبل بين اميركيا وإيران منحنى خطير ليس من المتوقع أن يدخل مرحلة المواجهة المباشرة لمقدرة إيران الفائقة على التملص، وأيضاً غياب الرغبة والحافز لدى الولايات المتحدة للدخول في صراع يدوم ولا يُعرف مداه، لكن بدون شك ان ايران تُغرق أميركا رويداً رويداً في وحل المنطقة برغم أنها ابقت دائماً مفاتيح العبور بيدها وحدها، فهي الوحيدة القادرة على السيطرة على كل هذه الفوضى في المنطقة لأنها هي من صنعتها، لذلك تبقى ايران هي الرابح الأكبر حتى الآن ما لم تنشب حرب كبرى، بينما خسر العرب كما دائماً وأميركا التي تصارع كي لا تتورط، لكن هيهات فشحنات الأسلحة إلى مطار بن غوريون ومعارضة وقف الحرب في مجلس الأمن يجعلها متورطة حتى النخاع في جرائم الحرب والابادة الجماعية بحق الفلسطينيين، فمحكمة العدل الدولية لا تحاكم إسرائيل وحدها بل المتهم الأول في القفص هي أميركا وقوتها وانحيازها وتعالي قادتها على كل من هو ليس إسرائيلي في المنطقة، لذلك ستبقى اميركا غارقة هنا إلى أن تختنق بظلمها وجبروتها وعدوانها علينا.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
أميركا تشن هجوما جوبا وبحريا على الحوثيين
سرايا - ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة بدأت، السبت، تنفيذ ضربات عسكرية واسعة النطاق ضد عشرات الأهداف في اليمن في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وفقًا لتقارير إخبارية محلية ومسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، وذلك في بداية ما وصفه المسؤولون الأمريكيون بأنه هجوم جديد ضد المسلحين.
وأصابت الضربات الجوية والبحرية التي أمر بها الرئيس ترامب، رادارات ودفاعات جوية وأنظمة صواريخ وطائرات بدون طيار، في محاولة لفتح ممرات الشحن الدولية في البحر الأحمر التي عطلها الحوثيون لأشهر بهجماتهم الخاصة.
وكانت إدارة بايدن قد نفذت عدة ضربات مماثلة ضد الحوثيين، لكنها فشلت إلى حد كبير في استعادة الردع في المنطقة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن القصف، وهو أهم عمل عسكري في ولاية السيد ترامب الثانية، يهدف أيضًا إلى إرسال إشارة تحذير إلى إيران.
وتقول الصحيفة إن ترامب يريد التوصل إلى اتفاق مع إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي، لكنه ترك احتمال العمل العسكري مفتوحًا إذا رفض الإيرانيون المفاوضات.
وأوضح المسؤولون الأمريكيون أن الغارات الجوية ضد ترسانة الحوثيين، المدفون جزء كبير منها عميقًا تحت الأرض، قد تستمر لعدة أيام، وستزداد شدتها ونطاقها تبعًا لرد فعل المسلحين.
وقد واجهت وكالات الاستخبارات الأمريكية صعوبات في الماضي في تحديد مواقع أنظمة أسلحة الحوثيين، التي ينتجها المسلحون في مصانع تحت الأرض وتلك التي تصل من إيران.
وكان الحوثيون قد أعلنوا، الثلاثاء، استئناف حظر عبور السفن الإسرائيلية، وذلك عقب انتهاء المهلة التي منحتها لإسرائيل لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
جاء ذلك في بيان مصور مساء الثلاثاء، للمتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، نشره على حسابه بمنصة إكس، قائلا إن قواتهم "تؤكد استئناف حظر عبور كافة السفن الإسرائيلية في منطقة العمليات المحددة بالبحرين الأحمر والعربي وباب المندب وخليج عدن".
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #ترامب#إيران#المنطقة#نيويورك#أمريكا#العمل#بايدن#الدفاع#غزة#الورد#الرئيس#اليمن
طباعة المشاهدات: 1275
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 15-03-2025 09:38 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...