يعد وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، هو أكثر الشخصيات التى زارت الشرق الأوسط منذ بدء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، فى السابع من أكتوبر الماضي، حيث دأب على حشد الدعم للاحتلال وتبرير جرائمه ضد الشعب الفلسطيني.

الجولة الرابعة

وكانت جولة بلينكن الأخيرة التى بدأت فى تركيا وانتهت فى مصر، هى الرابعة منذ أكتوبر الماضي، وكان هدفها الرئيسى هو منع توسع الحرب من غزة إلى باقى إقليم الشرق الأوسط، وهو الأمر الذى سيورط الولايات المتحدة قبل شهور قليلة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع إجراؤها فى نوفمبر المقبل.

منطقة مشتعلة

وتزامن ختام جولة بلينكن فى الشرق الأوسط، مع اندلاع شرارة المواجهات فى البحر الأحمر بين القوات الأمريكية البريطانية، وقوات الحوثى فى اليمن، ما يشى بفشل الجولة الرابعة لوزير الخارجية الأمريكي، حيث وجهت القوات البريطانية والأمريكية ضربات ضد مواقع ميليشيات الحوثى فى اليمن، مساء الخميس ١١ يناير ٢٠٢٤ ما يشى بتوسع رقعة الصراع، وارتفاع مستوى تهديد القوات الأمريكية فى الشرق الأوسط والموجودة فى البحر الأحمر، وسوريا والعراق إلى جانب تزايد الاشتباكات بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلى خاصة بعد موجة الاغتيالات التى نفذتها إسرائيل على مدار الأسابيع الأولى من العام الجاري.

تصعيد إسرائيلى

مع بداية العام الجاري، صعدت إسرائيل من عملياتها ضد حزب الله وبدأت باغتيال صالح العارورى القيادى فى حركة حماس، بالإضافة إلى ستة من قيادات الحركة فى الضاحية الجنوبية ببيروت، ما دعا حزب الله للرد على هذا الاغتيال بقصف قاعدة ميرون الإسرائيلية للمراقبة الجوية، ما استدعى تدخلا أمريكيا سريعا، فكانت جولة بلينكن.

نتنياهو يقفز إلى لبنان

وفى تقدير الإدارة الأمريكية، أن قفز نتنياهو إلى لبنان يأتى خدمة لحساباته السياسية حيث يضمن بذلك استمراره فى الحكم طالما الحرب مستمرة، وقالت المخابرات التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أن فتح إسرائيل جبهة حرب ثانية فى جنوب لبنان، هو أمر يستنزف جيش الاحتلال، بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست فى السابع من يناير الجاري.

ولكن إصرار نتنياهو على توسيع الحرب إلى لبنان دعا الإدارة الأمريكية إلى إعادة حاملة طائرات "يو إس إس جيرالد آر فورد"، فى الأسبوع الأول من العام الجاري، إلى الولايات المتحدة، وبعد أيام قليلة من اغتيال العاروري، ربما تكون رسالةً ضمنيةً إلى إسرائيل حتى لا تراهن على وجود عسكرى أمريكي.

وخالف نتنياهو الهوى الأمريكى بإعلانه عن "اللاءات الثلاثة" حيث أصر رئيس حكومة الاحتلال على أنه ملتزم بتغيير جوهرى على حدودها مع لبنان، ورفض حل الدولتين، وأى دور للسلطة الفلسطينية فى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.

حكومة الاحتلال تتحدى بلينكن

وخلال وجود بلينكن فى تل أبيب فى التاسع من يناير الجاري، خاطبه سموتيرتش بقوله "مرحبا بوزير الخارجية الأمريكى بلينكن فى إسرائيل، نحن نقدر بشدة الدعم الأمريكى لإسرائيل، ولكن فيما يتعلق بوجودنا فى بلادنا، فسنتصرف دائما وفقا للمصالح الإسرائيلية، لذلك سنواصل القتال بكل قوة".

وأضاف: "نستطيع تدمير حماس، ولن نحول شيكلا واحدا إلى السلطة الفلسطينية ليذهب إلى عائلات النازيين فى غزة" وتابع الوزير المتطرف: "وسنعمل على فتح أبواب غزة أمام الهجرة الطوعية للاجئين، كما فعل المجتمع الدولى مع اللاجئين من سوريا وأوكرانيا".

وكان وزير الخارجية الأمريكى طالب فى مؤتمر صحفى من تل أبيب، حكومة الاحتلال الإسرائيلية بالتوقف عن احتجاز أموال المقاصة المخصصة للميزانية الفلسطينية، مشيرا إلى أن نتنياهو أكد له أن إسرائيل ليس لديها أى نية لإبعاد الفلسطينيين بالقوة من قطاع غزة.

وكان السجال بين الخارجية الأمريكية وحكومة الاحتلال بدأ مبكرا قبل جولة بلينكن، حيث أعلنت واشنطن رفضها لتصريحات وزير الأمن الداخلى إيتمار بن غفير ووزير المالية سموتيريتش بشأن دعوتيهما لتهجير الشعب الفلسطينى من قطاع غزة.

وبدأ السجال فى الثالث من يناير الجاري، حينما قال بن غفير عبر منصة "إكس": " أقدرحقا الولايات المتحدة، لكن مع كل الاحترام الواجب فإن إسرائيل ليست نجمة أخرى على العلم الأمريكي"، مضيفا أن: "الولايات المتحدة هى أفضل صديق لنا، لكن قبل كل شيء سنفعل ما هو الأفضل لدولة إسرائيل".

واعتبر بن غفير أن "هجرة مئات الآلاف من القطاع، ستسمح لسكان غلاف غزة بالعودة إلى ديارهم والعيش فى أمان، وحماية جنود الجيش الإسرائيلي".

بينما أكد وزير المالية فى حكومة الاحتلال الإسرائيلية بتسلئيل سموتريتش، أن ٧٠٪ من الشعب الإسرائيلى يؤيد "الهجرة الطوعية" من قطاع غزة، والتى يسميها الحل الإنساني، وجدد دعمه لتشجيع "الهجرة الطوعية" لسكان غزة إلى دول أخرى كجزء من رؤيته لما بعد الحرب، فى رفض صريح لإدانة وزارة الخارجية الأمريكية لدعوات إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة.

وزعم الوزير الإسرائيلى المتطرف أن سياسة إعادة التوطين ضرورية، لأن "بلدًا صغيرًا مثل إسرائيل لا يمكنه أن يتحمل واقعًا حيث يوجد على بعد أربع دقائق منه بؤرة للكراهية "وفق زعمه"، حيث يستيقظ مليونا شخص كل صباح مع طموحهم بتدمير وطنهم".

وجاءت تصريحات بن غفير وسموتريتش، ردا على المتحدث بإسم الخارجية الأمريكية أرثر ميللر، الذى أكد فيها رفض الولايات المتحدة لدعوات التهجير واصفا إياها بأنها "تحريضية وغير مسئولة"، موضحا "لقد قيل لنا مرارا وتكرارا من قبل حكومة إسرائيل، بما فى ذلك رئيس الوزراء، أن مثل هذه التصريحات لا تعكس سياسة الحكومة الإسرائيلية، وعليهم أن يتوقفوا على الفور".

الدعم الأمريكى لإسرائيل

يأتى ذلك على الرغم من أن وزير الخارجية الأمريكى أغدق على إسرائيل بالمساعدات العسكرية، حيث وافق فى مناسبتين على إرسال الأسلحة دون انتظار موافقة الكونجرس الأمريكي، وكانت الأولى فى الثامن من ديسمبر الماضى وأرسلت واشنطن ١٣ ألف قذيفة دبابات بقيمة تزيد على ١٠٦ مليون دولار.

والمرة الثانية التى كانت فى ٢٩ من الشهر نفسه حين وافق على إرسال ما قيمته ١٤٧.٥ مليون دولار من قذائف المدفعية عيار ١٥٥ ملم، إلى جانب معدات أخرى، واتكأ بلينكن فى المرتين على بند الطوارئ لتمرير القرار دون الرجوع إلى الكونجرس.

ومنذ اليوم الأول للعدوان على غزة، حيث يمثل بلينكن رأس الحرب الأمريكية للدعم الدبلوماسى والسياسى لدولة الاحتلال، حيث سخر جهود طوال المائة يوم الماضية لحشد التأييد لإسرائيل ومنع أى انتقادات ضدها، وتزامن ذلك مع دعم عسكرى مفتوح، تجسد فى إرسال حاملتى طائرات نوويتين إلى المنطقة، هما "يو إس إس جيرالد آر فورد" و"يو إس إس دوايت دى أيزنهاور"، وبعد ذلك أرسل الجيش الأمريكى غواصة نووية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: وزير الخارجية الامريكي جولة بلينكن الانتخابات الرئاسية الامريكية وزیر الخارجیة الأمریکى الخارجیة الأمریکی الولایات المتحدة حکومة الاحتلال الشرق الأوسط جولة بلینکن بلینکن فى بن غفیر

إقرأ أيضاً:

معهد إسرائيلي: الهجمات من اليمن ستستمر ما دامت “إسرائيل” ماضية في عدوانها على غزة

الجديد برس|

في تحليل موسع نشره معهد الأمن القومي الإسرائيلي، تم التأكيد على أن التهديد الذي تمثله قوات صنعاء ضد “إسرائيل” ليس مجرد انعكاس للحرب في غزة، بل هو عنصر متداخل معها بشكل مباشر.

وأشار التقرير إلى أن الهجمات الصاروخية من اليمن ستستمر ما دامت “إسرائيل” ماضية في عدوانها على قطاع غزة، وهو ما يضع تحديات جديدة على المستوى الأمني والاستراتيجي في المنطقة.

كما لفت المعهد إلى أن صنعاء تتمتع بقدرة كبيرة على المناورة والاستقلالية العسكرية، ما يجعلها قوة صاعدة يصعب ردعها أو إيقاف تصعيدها بالوسائل التقليدية.

ـ صنعاء: قوة غير قابلة للتوجيه أو الاحتواء:

وفقًا للتقرير، تبرز صنعاء كقوة إقليمية تتمتع بقدرة عالية على الاستقلال في اتخاذ القرارات العسكرية، مما يصعب على إيران أو أي قوى أخرى، حتى الحليفة لها، فرض سيطرتها أو توجيه سياساتها بشكل كامل.

وذكر التقرير أن هذه الاستقلالية هي ما يجعل محاولات إسرائيل وحلفائها للتصدي لأنشطة قوات صنعاء العسكرية في البحر الأحمر والمضائق المجاورة أكثر تعقيدًا.

فبينما كانت إسرائيل تأمل في تقليص نفوذ صنعاء من خلال استهدافها في أماكن معينة، كانت هناك محاولات لتطويق الأنشطة البحرية للحوثيين، إلا أن قوات صنعاء تمكنت من التصعيد بفعالية، لتظهر قدرتها على إزعاج العمليات العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر وتغيير مسارات السفن التجارية، بما في ذلك السفن الإسرائيلية.

هذا الوضع بات يشكل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل في وقت حساس بالنسبة لها، حيث ترى أن الحصار البحري الذي فرضته صنعاء على السفن الإسرائيلية يهدد ممرات التجارة الحيوية التي تمر عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي.

كما أن التهديدات الصاروخية الحوثية قد تستمر في التأثير على حركة السفن الإسرائيلية، مما يضع ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية، في وقت يعاني فيه من تبعات الحرب في غزة.

ـ “إسرائيل” أمام معضلة استراتيجية مع صنعاء:

تعامل إسرائيل مع تهديد صنعاء يعكس مأزقًا استراتيجيًا كبيرًا، فهي تجد نفسها أمام معركة مزدوجة بين التصعيد العسكري أو الرضوخ لمطالب صنعاء. من جهة، تبقى إسرائيل على قناعة بأنها لا يمكن أن تتحمل تعطيل حركة التجارة البحرية في البحر الأحمر، وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا لاقتصادها.

لكن من جهة أخرى، فإن زيادة التدخل العسكري ضد قوات صنعاء قد يعرضها لفتح جبهة جديدة يصعب احتواؤها في وقت حساس بالنسبة لتل أبيب، خاصة في ظل التحديات العسكرية التي تواجهها في غزة ولبنان.

التحليل الذي قدمه معهد الأمن القومي الإسرائيلي لم يغفل المأزق الذي تواجهه “إسرائيل” في هذا الصدد.

ففي أعقاب فشل محاولات البحرية الأمريكية في توفير حماية فعالة للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، بدأت تل أبيب في البحث عن حلول بديلة من خلال التنسيق مع الدول الخليجية التي تشاركها مخاوف من تصاعد تهديدات صنعاء.

كما أوصى المعهد بتوسيع نطاق التنسيق الإقليمي لمواجهة هذا التهديد المتزايد، وهو ما قد يتطلب استراتيجيات جديدة قد تشمل تحالفات متعددة وتعاون أمني موسع.

ـ تحولات استراتيجية: هل تجد “إسرائيل” الحل؟:

يبدو أن التهديد الذي تمثله صنعاء لا يقتصر على كونه تهديدًا عسكريًا فقط، بل يشمل أيضًا تداعياته الاقتصادية والسياسية. فالتأثير المباشر الذي فرضته الهجمات الصاروخية الحوثية على السفن الإسرائيلية، سواء عبر تعطيل التجارة أو من خلال محاولات الحد من حرية الملاحة في البحر الأحمر، قد يعيد التفكير في خيارات الرد الإسرائيلية.

وإذا كانت إسرائيل قد فشلت في ردع القوات الحوثية بالوسائل العسكرية التقليدية خلال الأشهر الماضية، فإنها قد تكون أمام خيارات محدودة في المستقبل.

ويشدد معهد الأمن القومي على أن أي تدخل عسكري ضد صنعاء قد يؤدي إلى تصعيد واسع في المنطقة.

فالحرب في غزة قد تكون قد أظهرت ضعفًا في الردع العسكري الإسرائيلي، في حين أن التصعيد ضد قوات صنعاء قد يُفضي إلى فتح جبهات متعددة تكون إسرائيل في غنى عنها، خاصة مع التوترات القائمة في جبهات أخرى مثل لبنان.

ومع ذلك، فإن إسرائيل لا يمكنها تجاهل تأثير الحصار البحري على اقتصادها، وهو ما يجعلها تبحث عن استراتيجية جديدة للحد من هذا التهديد، سواء عبر تكثيف التنسيق الإقليمي أو من خلال حلول عسكرية أكثر شمولًا.

ـ ماذا ينتظر “إسرائيل” في المستقبل؟:

في خضم هذا الواقع المعقد، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن إسرائيل من إيجاد استراتيجية فعالة لمواجهة تهديدات صنعاء، أم أن المنطقة ستشهد تصعيدًا أكبر يؤدي إلى توسيع دائرة الصراع؟. التحديات العسكرية والدبلوماسية في هذا السياق قد تكون أكبر من أي وقت مضى، خاصة إذا استمرت صنعاء في التصعيد والتمسك بمواقفها العسكرية.

ومع غياب ردع أمريكي فعال، وتزايد دعم القوى الإقليمية مثل إيران، قد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة خيارات صعبة قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة على الصعيدين العسكري والسياسي في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • الحوثيون: الضربات الأمريكية لن تمنعنا من استهداف السفن الإسرائيلية
  • واشنطن تتوعد الحوثيين بعد تكبدها خسائر فادحة جراء الهجمات على سفنها
  • الضربات الأمريكية على الحوثيين في اليمن: رسائل متعددة وسيناريوهات مفتوحة
  • الحوثيون يتوعدون: الهجمات الأمريكية لن تردعنا وسنواصل دعم غزة
  • مصرع 9 مدنيين وإصابة آخرين في الغارات الأمريكية على صنعاء
  • جحيم لم يروا مثله.. ترامب يعلن بدء الضربات الأمريكية على الحوثييـن
  • ترامب يعلن بدء الضربات الأمريكية على الحوثيين في اليمن
  • قرار مفاجئ.. وزير الخارجية الأمريكي يعلن طرد سفير جنوب أفريقيا
  • معهد إسرائيلي: الهجمات من اليمن ستستمر ما دامت “إسرائيل” ماضية في عدوانها على غزة
  • وزير خارجية الاحتلال: حظر ‎اليمنيين لسفننا يشكل خطراً كبيراً على إسرائيل